كيفية معرفة ذراعة جوادك وشدته وجودته الجزء الثاني
يقول إمام أهل الخيل والفرسان(( أبوعبيدة معمر المثنى التميمي))
تعرف ذراعة الفرس ، ببعد خطوته في الأرض ، بأن تنظر إلى ما بين آثار حوافره في الأرض وقت إحضاره ، فإن كان بعد ما بينهما ثـْـِنتي عشرة قدما ً فهو الذريعُ الذي ليس في الخيل أذرعُ منه ، وإن زاد على ذلك فلا يـُقدرْ على مثله ، وإن كان قدرُه في الأرض سبع أقدام ٍ فهو بَطيءٌ، وما بين ذلك فهو وسط ، وبعدد الأقدام تكون المراتِبُ في الذراعة .
وللفرس في حضره أربع مراتب ، فمنها أن يكون ذريعا ًصبورا ً، وأن يكون ذريعا ً لا صبر له، وأن يكون صبورا ً لا ذراعة له ، وأن يكون لا ذريعا ًولا صبورا ً.
فأما الذريع الصبور : فالكامل الخلق الحسن الصفة الشديد النفس الواسع المتنفس وكلما زاد في طول قوائمه وعنقه وذراعيه وعظم فخذيه كان أزيد في ذراعته ، وأولى الأشياء به وأحمدُه منه الصبر فإذا كان صبورا ً ذريعا ً كان الكامل من الخيل الجواد .
تعليق: (( يجب أن لا يكون الطول مبالغ فيه يخرجه من طول العربي الصحيح ويكسب القوائم دقة وضعف وفي الظهر طول وعجزٌ في الكفل ))
وأما الذريع الذي لا صبر له : فالذي يطول عنقه وذراعاه وتعظم فخذاه وتطول قوائمه وتلين بقلة شنج نساه ، ثم لا تساعده بقية خلقه فلا يكون فيه من خلقه ما يستحب أكثر مما وصفت ، فيخذله اضطرابُ خلقه إذا احتاج إلى الصبر وبعد الغاية ، أو يكون شديد الخلق غير شديد النفس فتخذله نفسه فلا يصبر ، أو يكون شديد النفس شديد الخلق ضيق المتنفس فتخله نفسه فلا يصبر ، أو يكون شديد الخلق والنفس واسع المتنفس ليس بشديد النسا ولا شديد الكعب فإذا احتاج إلى الصبر بعد طول الجري استرخت رجلاه فلم تنقبضا له ولم يشتد ضرحه بهما فخذلته ولم تعنه على الصبر .
تعليق : (( يتميز الجهبذ أبو عبيدة في التـْـفـَـرُس بأحوال الخيل وتصنيفها وانـــتــقــاء أفضلها وهذا العلم ينفع أهل السبق وأهل التحمل في تصنيف خيلهم ويوفر لهم الجهد الكبير ))
وأما الصبور الذي لا ذراعة له : فهو الذي لم تفرط عنقه في الطول وليس بالسرح اليدين ولم تطل قوائمه ولا رقت بل فيها من العبالة مع القصر ما يحسن ولا يبلغ به ضعفا ً ولا ذراعة في الطول والعبالة ، والذي لم تعظم فخذاه و لا يكثر لحمها ويجتمع إذا أحضر ولا تنتشر قوائمه وهو شنج النسا شديد النفس ، واسع الجوف والمتنفس ، فذلك يصبر ولا يبلغ قدره في الأرض قدر الذريع ، فإن طالت قوائمه وذراعاه وعنقه وعظمت فخذاه كان أذرع له ، وأملك الأشياء بالخيل الصبر وأفضلها إذا اجتمع مع الصبر الذراعة.
تعليق : (( هنا مربط الفرس لأن الكاتب يطلب طول القوائم والطول هنا على المقاييس القديمة والتي لا تتعدى 1.55 قبضة ويشترط ملائمة جميع أعضائه مع هذه الطول وإلا أصابه العجز والوهن ))
و أما الذي لا صبر له ولا ذراعة : فالمُشَـيـَّأُ الخَلق القبيح الصفةِ الساقِط النفس الضيق المتنفس المنتشر الأنْسَاءِ ولا تكون واحدة من هذه في فرسٍ إلا خذلته عن الصبر فإذا اشتد خلقه وقصرت أنساؤُه وحسنت صفته فلا بد من رحب متنفسه وسعة منخريه ، فإن رحب متنفسه وضاق منخراه فإن الحيلة فيه أن يشق أنفه ، فإن ضاق جوفه ومتنفسه فلا حيلة فيه وتقدم ذكر هذا .
تعليق : (( الخيل في الزمن البعيد أصابها ما يصيبنا من قلة الجودة ورداءة الصفة ولا نستطيع الحكم على جميع خيلنا بالأصالة ولو كانت كلها أصيلة لن نحتاج إلى التحزوبات والهجوم على ما يملكه الغير ))
وهذه الاستدلالات إنما ينظر فيها بعد كمال الصفات الأربع التي لا غنى عنها وتقدم ذكرها ، وبعدم الصفات المذكورة يستدل على رداءة الجواد .
(( المعاني ))
الذريع : هو الجواد السريع في جريه كأنه البرق
شنج نساه: عرق يبداء من أعلى مقدمة الكفل وينتهي عند أخر القدم أي الحافر وهو مثل عرق
النسا عند الإنسان
الغاية : خط النهاية
ضرحه : الدفع بالأرجل في حالة العدو
تفرط : الفرط هو الزيادة والقصد هنا عدم الزيادة
العبالة : أي تفريع العلابي : هي العضلة ما بين الجران و ما بين مْخـرَز الرقبة وأصل المذبح
فالمُشَـيـَّأُ : سيئ الخلق
ودمتم بكل الود والتقدير