"دقات قلب المرء قائلة له: إن الحياةَ دقائقٌ وثوانٍ، فارفع لنفسك بعد موتك ذِكرها، الذِكرُ للإنسان.. عُمرٌ ثانِ". و"اللى أبدع ما متش".. هذا ما أكده العديد من الكتاب والصحفيين فى إحيائهم الذكرى الأولى لرحيل الشاعر والمؤرخ والصحفى بشير عياد، التي أقيمت بنقابة الصحفيين مساء أمس الخميس.شارك في الاحتفالية عدد من الكتاب والصحفيين والرسامين والمبدعين، منهم المفكر السياسي د.مصطفى الفقى والشاعر أحمد سويلم والفنان محيى إسماعيل.
فى البداية، تحدث الشاعر أحمد سويلم عن معرفته ببشير عياد؛ حيث جمعهما الشعر، فكان عياد يكتب عن الشعراء العرب، الذين أخلصوا للشعر وألبسوه تاج الريادة. وأشار سويلم إلى أن بشير عياد كان يتميز بطاقة الوفاء التي أخرجها للحديث عن أصدقائه فى كتبه، منهم الشاعر الغنائي عبدالوهاب محمد، وجميل بثينة الذى دعاه ليطلعه على أسرار عشقه المجنون، وهو "بشير" قبل ذلك يبحث فى قلب القلب، ومهموم بوطنه، عاشق لشعبه، كاره لكل متكبر عن هذا الحب، رافض للأقنعة والأكاذيب.
وأشار سويلم إلى أنه وبشير كانا يدخلان فى سجال شعرى فيكتب عياد بيتاً فيتمه سويلم، مضيفًا أن عياد لم يبدل موقفه قط، فقد شخص أوجاع الوطن وجسد قيمة نادرة فى حياتنا المعاصرة.
أما الكاتب عصام كامل رئيس تحرير جريدة فيتو، فتحدث عن علاقة بشير عياد الذي كان يكتب مقالًا سياسيا ساخرًا بالجريدة، والذى كان حين يأتي للصحيفة يلتف حوله المحررون الذين يحرصون على الالتفاف حوله وهم متأكدون أنهم سينهلون من علمه بدرس في الأدب واللغة العربية والنحو والصرف. واختتم كامل كلمته بالقول: "لا أستطيع أن أوفى من أثروا في حياتى حقهم وأولهم بشير عياد"، ودعا له بالرحمة."من قال إن الموت غيب صاحبى "أغنية للشاعر الإعلامي أحمد مبدى غناها مطرب الأوبرا عبد الغنى حوا قال فيها مبدي":
"من قال إن الموت غيب صاحبي.. هذا هراء وافتراء كاذب
من قال إن الشمس يمنعها السحاب.. أو أن بوح الطير يقتله الغياب
ما غاب ضوء الشمس.. إلا كي يعود ببلاغة الإشراق"
أما الدكتور عيد بلبع أستاذ النقد الأدبي بجامعة المنوفية والذي شارك بشير عياد السكن أثناء تركهما قريتهما بالبحيرة ومجيئهما للقاهرة بحثًا عن العلم فقد تحدث عن صداقته ببشير عياد وحياة الريف التى جمعتهما معا وأوقعتهما في كثير من المآزق وساعدهم التحدي في تخطيها. كما أضاف بلبع أن بشير يمثل الإنسان النموذج فالموت لم يغبه فقد انتقل لعالم أفضل وهديتنا له فى ذكراه الأولى أن نصدر موسوعته عن أم كلثوم التي رحل قبل أن يراها وأفنى فيها عمره وماله لترى النور قريبًا.
وألقى المفكر السياسي الدكتور مصطفى الفقى كلمة مؤثرة ذكر فيها أنه لم تكن تربطه صلة شخصية ببشير عياد، ولكن بمجرد أن اتصلت به زوجة بشير ووجهت له الدعوة للحضور لم يتأخر. وتحدثالفقى عن دور الصحفى فى تغيير المجتمع وإن مصر لابد أن تدرك أنها فى معركة مع الفكر، كما هى الآن تحارب الإرهاب والفكر الظلامي والظلم والقهر.
وأشار إلى أنه لبى دعوة زوجة بشير عياد لإحياء ذكراه الأولى رغم أنه لم تجمعه صداقة شخصية قوية كما هو الحال مع أصدقائه الحضور، لكنه سعيد بذلك الحشد الذي أكد أن بشير عياد بكتاباته رجل لم يمت وأن رحيله لا يعنى سوى أنه انتقل من مكان إلى آخر، مضيفًا أن بشير كان نموذجا للمثقف الثوري ويسعى للعدالة الاجتماعية ينقد المجتمع بصورة إيجابية صاحب عقل مستنير وقلم جميل.
أما زوجته السيدة أميمة الشناوي رفيقة درب بشير التى كانت دائما محور حديثه فى كل جلسة تجمعه بأصدقائه فقد غلبتها دموعها وهى تتحدث عن فراقه وعن وفائها له، وسردت قدرته الفائقة على مواجهة مرض الكبد وحرصه على الوفاء بكتاباته للصحف والمجلات التى التزم بالكتابة إليها، ووصفت بشير عياد بـ"الغالى"، وهو اللقب الذى تذكره دائمًا فى الحديث عنه، فهو إنسان راضٍ، كان يحمد الله دوما على مرضه الذي اعتبره حافزًا للإبداع وكان يسخر منه حتى فى كتاباته.
واستطاع الإعلامي أحمد مبدي أن يبعد أميمة عن دموعها قليلا، بالحديث عن هوايات واهتمامات أبناء بشير عياد، فأشارت أميمة إلى أن كلا منهم يمتلك موهبة اكتسبها كجينات من بشير عياد، فابنه الأصغر محمد لديه حس ساخر وسلوان تكتب ونوران ترسم.
أما الطبيب المعالج لبشير عياد من مرض الكبد الدكتور محمد إبراهيم أستاذ الجهاز الهضمى بقصر العينى فقد تحدث عن علاقة بشير عياد بالمرض، إذ كان يفاجئ الدكتور إبراهيم دومًا بقدرته على الانتصار عليه ويخرجه من دور الطبيب إلى الحديث عن الأدب والشعر والفن.
وأضاف الدكتور إبراهيم أن بشير عياد أحد الساخرين الكبار حتى من مرضه العضال وأكثر ما جذبه للراحل هو تمسكه بجذوره وأصوله وأصالته.
كما تحدث عن بشير العديد من الأصدقاء من الإعلاميين والصحفيين، وعما قدمه بشير لهم من مساعدة واحتواء، ومكانة بشير الصحفية وقدره كشاعر ومؤرخ قادر على أن يوقف أنصاف المثقفين عند حدهم على حسب ما أكد الإعلاميون: هشام علوان وهيثم أبو زيد وأشرف أبو اليزيد ومحمد الشافعي فى كلماتهم عن بشير عياد المعتز بنفسه وكرامته ومعرفته العميقة.
قدم الاحتفالية الإذاعي الشاعر أحمد مبدي من أسرة صوت العرب، وتخللت الحفل فقرات غنائية من أشعار بشير عياد ومن تراث الغناء العربي قدمها مطرب الأوبرا إبراهيم راشد والمطرب محمد فوزى.
ate.ahram.org