استرعى نظري عنوان جانبي في ملحق لأحدى الصحف الأجنبية, بجانبه صورة لرهبان هندوس
جالسين على الارض أمام البرلمان الهندي يقول العنوان..الهندوس يطالبون بوقف مذابح
البشر" (فسرت لأول نظرة وقلت حسنا أنهم يعلنون عن آرائهم تجاه المذابح البشرية التي
تحدث في العراق وفلسطين وغيرها..
وتابعت التعليق على الصورة فإذا أنا في واد
والحقيقة في واد.. وإذا بالسبب في هذا خطا مطبعي كتب البشر مكان البقر إذ أنهم
يعربون عن احتجاجهم على استمرار المسلمين في ذبح البقر واتخاذ لحمها طعاما لهم
)
وهذه المعلومة عرفتها من الصحف والكتب بأن البقر هي أعلى الحيوانات مرتبه في
القداسة عند الهندوس وعلمتُ أيضاُ أن هناك نقاشا دار في البرلمان لغرض معاش للبقر
الذي يتقاعد عن العمل, حتى لا يغرم صاحبة مئونته دون أن يؤدي له عملا فيدفعه ذلك
للتخلص منه, فكل واحد عنده بقرة عجزت عن العمل يأخذ لها معاشا من الدولة يعينه على
المحافظة على حياتها حتى ينقضي اجلها...
وأعود إلى العنوان فأقول هل جاء هذا
الخطأ المطبعي لتصحيح وضع أو فكر..
هنا أعاد إلى ذهني قصة من أجمل ما سمعت
حدثني عنها أحد الأصدقاء.. كان قد قرأ عن بعض تفاصيلها في مجلة عربية.. ولما كانت
تلك الأقصوصة تنطبق على ما يحدث في أيامنا هذه. . فإننا نعيد تفاصيل الإحداث فيها
.. تقول القصة :
في الستينات من القرن الماضي .. ونتيجة للضغط العصبي الذي أصاب
المجتمع الغربي.. انتشرت فيه موجة (الهبية) وهم جماعات يسيرون في الشوارع حفاة
يربون شعورهم ويتخذون من الأرصفة والحدائق مستقرا لهم لا يعرفون الدين والسياسة
والخلق .. همهم التوالد والتكاثر دون زواج والتكسب من أيدي الآخرين ..
وأكثر ما
انتشر هؤلاء في بريطانيا حيث الإمبراطورية العجوز التي تجيز إن تتحدث عنها بالسوء
دون إن تمس المتحدث بالسوء..
واتخذ هؤلاء من ساحة لهايدبارك مستقرا لهم ينامون
فيها ويعلنون قراراتهم الخطيرة منها .
وفي يوم من الأيام اقر زعيم الهبيين في
بريطانيا إن يعمل ( فرتكة) صحفية يهتز لها العالم فاتصل بالصحف المحلية ومحطات
التلفزيون والأجهزة الإعلامية لإلقاء ما يمكن إن يقال على مسامعهم .. غير أن الحضور
كانوا قلة .. وحتى يضمن انتباه أجهزة الإعلام القي خطابا ناريا فيمن حضر وأعلن فيما
أعلن.. انه سيقوم وجماعته بشنق كلب في ساحة لهايدبارك وأعطى لذلك مهلة شهرين لتنفيذ
ذلك محددا يوما معينا وساعة معينة .. فما الذي حدث ؟
أفاق العالم من نومه على
الحدث الخطير الذي سيقع .. وانهالت البرقيات من مختلف أجهزة الإعلام العالمية على
الأجهزة الإعلامية البريطانية مستنكرة ما سيحدث .. ولم يتلق زعيم الهبيين برقية
واحدة منها لأنه ببساطة لا يمتلك عنوانا تأتيه الرسائل فيه .. وأخذت أجهزة الإعلام
البريطانية تذيع عبر نشراتها الإخبارية برقيات جمعيات الرفق بالحيوان في إنحاء
مختلفة من العالم.. فاستنكرت ألمانيا ما سيحدث وقامت فرنسا بشجب هذا الحدث (
الإجرامي) بكل وسائل إعلامها وتابعته.. إما ايطاليا فقد أقرت إرسال مندوب عن جمعية
الرفق بالحيوان لإثناء زعيم الهبيين عن عزمه .. وانتشر الخطباء في أمريكا على مساحة
الولايات يجرمون أولئك الهبيين ويصفونهم بأقذع الصفات .. وقال الاتحاد السوفيتي
آنذاك بان ( البروليتاريا ) والشعوب الغربية ( المسحوقة) لن تفعل شيئا كهذا إلا إذا
وصلت مرحلة ( الثورة) إما اليابان فقد ضحكت مما يجري وقال الإمبراطور هيرو هيتو أن
الكلب لا بد وان يكون يابانيا لان الغرب يتلذذ بموت الياباني .. وقال ماو تسي تونغ
في حديث له للصحافة الصينية أن الكلب البريطاني لو قرأ كتابه عن كيفية معاملة
الحيوان للإنسان ما اعدم .. وفي التبت صرح الدلاي لاما انه سيقيم صلاة خاصة على روح
الكلب قبل أن يعدم لكي يضمن له الراحة الأبدية ..
وفي الهند خاف الهندوس على
أبقارهم فخبئوها في بيوتهم وغدت تنام على فراشهم واقروا رمي الحجارة على كل هندي لا
يستنكر هذا الحدث ..
أكثر من ذلك فكر زعماء السيخ بان يطلبوا إلى رعاياهم حلق
شعورهم الطويلة حتى لا يتشبهوا بالهبيين .. وفي إسرائيل دعا بن غور يون إلى إرسال
كلب عربي بدل الكلب البريطاني لان الكلاب العربية تجوب المزابل ولا تجد من يبكي
عليها .
في لبنان دعا الرئيس اللبناني شارل حلو إلى إجراء محاكمة عادلة للكلب ..
وطير شكري القوت لي زعيم سوريا رسالة إلى الزعيم عبد الناصر يقول له : أن الوحدة
العربية هي السبيل الوحيد لمجابهة أفعال الغرب المشينة.. وبكى الملك حسين على مصير
الكلب قائلا : أن الغرب متوحش لا يحسن معاملة الكلاب .. إما الملك فيصل فالقي
محاضرة في جامعة الملك عبد العزيز الكبير عدد فيها مناقب المسلمين في معاملة
الكلاب.. ولم ينس أن يذكر الحديث الشريف أن رجلا دخل الجنة لسقايته كلبا
عطشا..
وخلاصة الحديث أن العالم في ذلك الوقت نسي كل ألامه وقسوة الحياة فيه
وسخر أجهزة إعلامه لإنقاذ الكلب المسكين
وخلال اقتراب الموعد النهائي الذي عينه
زعيم الهبيين كان العالم يعيش على أعصابه خاصة وان الزعيم لم يلفق أية تهمة للكب
ولم يعط سببا حقيقيا للإعدام المتوقع .
وقبل اليوم المحدد .. استضافت بريطانيا
رجال إعلام جاءوها من كل بقاع الأرض يحملون أقلامهم وكاميراتهم بحيث ضاقت الفنادق
عن استقبالهم فناموا على الطرقات لكي يصبحوا هبيين بصورة مؤقتة..
إما ما حدث بعد
ذلك.. فقد صعد الزعيم الهبي إلى منصة في لهايدبارك والى جانبه (كلب أجرب) لا يساوي
تعريفة في عملة ذلك الزمان ..
والى جانبيه مستشاريه ولفيف غريب عجيب من مساعديه
والقي خطبة نارية قال فيها:
انظروا ماذا فعل كلب في هذا العالم .. لقد حركه من
أقصاه إلى أقصاه.. فلماذا لا يتحرك العالم عندما يسمع بان الطائرات الأمريكية تصب
ألافا من أطنان القنابل يوميا على رؤوس الفيتناميين ثم يمنح الطيارون الأوسمة
تقديرا لشجاعتهم.. واقترح بان يشكل الهبيون جمعية للرفق بالإنسان..ثم أعلن بعد أن
شد أعصاب الناس عفوه عن الكلب الذي لم يقترف ذنبا..
وهكذا عاد الصحافيون إلى
بلدانهم وقد تجاهلوا كل الكلمات التي تحدث بها عن فيتنام.. وتذكروا فقط عفوه عن
الكلب وعن أخلاق الهبيين الرائعة التي لا تجيز إعدام الكلاب دون ذنب جنته .
منقوووووووووووول