أساتذتي الأفاضل : نقلا من الموسوعة التاريخية للإخوان المسلمين ، إليكم هذا المقال :
هل كان التعذيب في السجون بعلم الرئيس : جمال عبد الناصر؟
من كلام الشيخ القرضاوي
اعتذر بعض الناس عن عبد الناصر، وقالوا: إنه لم يكن يعلم بما يجري داخل السجون الحربية وغيرها من مآسٍ وأهوال، ونقول: إنه راعٍ ، ومسؤول عن رعيته ، ونحن هنا ننشد قول الشاعر العربي:
إذا كنت لا تدري، فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم!
ولو لم يكن حمزة البسيوني يعلم علم اليقين أن ظهره مسنود من عبد الناصر وقادة الثورة، ما أقدم على ما أقدم عليه من مذابح وفظائع بقلب جسور، ولسان عقور، ولو لم يعلموا فيه هذه الضراوة وهذه الوحشية، ما وضعوه في هذا الموضع، ولا كلفوه هذه المهمة.
ومن المعروف من سيرة عبد الناصر: أنه كانت ترفع إليه تقارير وافية عن سياسة مصر في جوانبها المختلفة، وأنه كان يقرأ هذه التقارير. حتى إن السادات بعد لم يكن يقرأ هذه التقارير، قائلا: إنها هي التي قتلت عبد الناصر!
ولهذا لا يتصور أن تحدث هذه الوقائع الهائلة داخل السجون الحربية، ويخر الناس فيها صرعى من التعذيب، ولا ينقل أحد إلى عبد الناصر بعض ما يجري في ملكه. وطبيعة هذا النظام أنه لا يأمن لأحد قط، ولهذا كان بعضهم يشك في بعض، وبعضهم يتجسس على بعض، فكيف يزعم زاعم أن عبد الناصر كان في غيبة أو غفلة عن الوقائع الهائلة التي تقع في السجن الحربي؟
ومن الناس من قال: إن ما حدث من تعذيب للإخوان ولغيرهم في السجن الحربي وغيره، لم يكن بإذن عبد الناصر، ولا بعلمه. إنما هو بفعل مراكز القوى التي أصبحت لها القدرة على أن تفعل ما تريد وإن لم يأتها أمر من عبد الناصر.
وأقول هنا: إن مراكز القوى -التي تحدثوا عنها بعد ذلك- لم تكن قد تكونت بعد، إنما كان تكوينها بعد ذلك بسنوات. أما في سنة 1954 فقد كان عبد الناصر هو المسيطر، وهو الطاغوت الأكبر، ولا سيما بعد انقضاضه على محمد نجيب.
ولقد حكى الثقات أنهم رأوا عبد الناصر وهو يشهد التعذيب بعيني رأسه، ويتلذذ به، كأنما يشاهد فيلما سينمائيا للتسلية والترفيه!
يقول الرائد المجاهد الصادق معروف الحضري: أشهد الله أن جمال عبد الناصر كان يحضر شخصيا إلى السجن الحربي، وكذلك جمال سالم، وعلي صبري، ليتلذذوا بالتعذيب الذي يقع على الإخوان.
ويقول المستشار علي جريشة: إنه شاهد الطاغوت (ناصر) ونائبه (عامر) يشهدان صور التعذيب في غرفة حمزة البسيوني.
على أن القرآن الكريم يحمّل فرعون وهامان وجنودهما المسؤولية جميعا، كما قال تعالى: "إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ" (القصص:
ففرعون يحمل التبعة بما يصدر من أوامر، وما يولي من مناصب، وهامان بما ينفذ من تعليمات الفرعون، والجنود بما يباشرون من الإيذاء والمظالم.
وقال تعالى: "فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ يُنْصَرُونَ" (القصص: 40-41)
فإذا كان جنود فرعون يتحملون المسؤولية؛ فكيف بفرعون نفسه؟