التعجب هو انفعال
نفسي يحدث نتيجة الاستغراب والدهشة لأمر ما ، جُهل سببه ، ويكون التعجب لفترة مؤقتة
مرتبطة بجهل السبب ، وقد قيل قديما :
إذا عرف السبب بطل
العجب
ما هي صيغ التعجب ؟
صيغ التعجب نوعان هي :
1- صيغ
سماعية :
وهي ما اعتمدت السمع ، ولم ترجع إلى وزن ما ، فكل كلمة
قالها العرب في تعجبهم ، فهي صيغة سماعية لا نزن عليها ، فمثلا : صيغى سبحان الله !
قيلت في التعجب لأمر ما ، فكلمة سبحان لها وزن فعلان ، ومع ذلك فهذا الوزن لا يدل
على التعجب ، إنما تدل الكملة سبحان الله فقط على التعجب دون غيرها من الأوزان
المشابهة ، كعدوان هي على وزن سبحان إلا انها لا تدل على العجب بتاتا
ومن صيغ
التعجب السماعية نجد قولهم : عجبا .. أواه .. يا لها من ..
عجيب ..
2 - صيغ التعجب
القياسية :
وهي الصيغ التي لها وزن نرجع إليها لنتمكن من
إحداث التعجب في كلامنا ، وهما صيغتان
أ - ما أفعله
! :
نحو : ما أحسن القمر ! ، أو : ما أحسنه
ب - أفعل به ! :
نحو : أكرم بالرجل ! ، أو :
أكرم به !
إعراب صيغة التعجب ما أفعله !
:
المثال : ما أحسن القمر
!
ما : نكرة تامة تعجبية بمعنى شيء ، مبني على السكون في محل رفع
مبتدأ
أحسن : فعل ماض مبني على الفتح للتعجب ، والفاعل ضمير مستتر يعود على
ما ،
والجملة الفعلية (أحسن) في محل رفع خبر المبتدأ (ما)
القمر : مفعول
به منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
فإن قلنا : ما أحسنه ، أعربنا الهاء ضميرا
متصلا مبنيا على الضم في محل نصب مفعول به
ترى لماذا نعرب (ما) نكرة تامة ،
بمعنى شيء ، في محل رفع مبتدأ ؟؟
نعرف أن النكرة هي من الكلمة التي تخلو
من (ال) التعريف مثل (الشمس) ، أو التي ليس فيها إضافة مثل ، ( نور الشمس )
ولكن ؟؟
ما علاقة التعريف والتنكير بالتعجب ؟؟
عرفنا
النكرة ، لكن ما معنى أن تكون النكرة تامة ؟؟
ثم لماذا (ما) التعجبية تكون نكرة
؟؟
لماذا تكون تامة ؟؟
ولماذا تكون بمعنى شيء ؟؟
للإجابة على هذه
الاسئلة نقول :
(ما) : نكرة تامة
لأنها تعجبية ، والتعجب يكون
لأمر نجهله ، فإذا كنا نعرفه ، تلاشى التعجب ، فوجب ان تكون ما نكرة ، وما دام زمن
التعجب قائما ، فإن جهل السبب يبقى قائما ، فهي تامة أي أن النكرة تبقى مستمرة ،
فلا تعريف لها مرتقب ، وإلا بدأنا نبتعد عن العجب إلى معرفة
السبب
(ما) : بمعنى شيء
أولا : نقول بمعنى شيء ،
ولا نقول بمعنى الشيء ، فشيء نكرة ذلك لأننا نجهله ، فإن عرفنا اللفظة وقلنا الشيء
فهذا يعني أننا نعرف ذلك الشيء ، ثانيا قلنا بمعنى شيء ، لأننا نجهله ، وكأننا نريد
القول : شيء ما جعل القمر حسنا
لماذا نقول مثل هذا الكلام
؟
نحن نرى القمر كل يوم ، ونراه مكتملا كل 14 يوما أو 15 ، والقمر هو
القمر نفسه الذي نراه كل ليلة ، فلماذا نتعجب هذه المرة ؟
ذلك لأننا نجهل سبب
استحساننا للقمر ، وكأننا نريد القول ، هناك شيء ما جعل القمر حسنا في عيوننا هذه
المرة ، وليس كالمرات السابقة ، ما هو هذا الشيء ؟ .. لا ندري !
لأننا في عجب
منه
في محل رفع مبتدأ :
عرفنا أن معناها بمعنى الاسم
النكرة (شيء) ، و قد ابتدأنا بها الكلام فهي مبتدأ
مبنية على السكون
:
لأنها الرفع الخاص بالمبتدأ لا يظهر عليها ، إنما يظهر عليها
السكون ، والأصل أن يكون المبتدأ مرفوعا وليس ساكنا ، إذن فهي مبنية على السكون في
محل رفع مبتدأ ، وفي محل تعني أنه مكان ظهور الرفع ظهر السكون (محل = مكان /
local)
مراجعة الإعراب السابق (ما أحسن القمر )
ما : نكرة تامة
تعجبية بمعنى شيء منبية على السكون ، في محل رفع مبتدأ
أحسن : فعل ماض مبني على
الفتح ، والفاعل ضمير مستتر يعود على ما
والجملة الفعلية (أحسن) في محل رفع خبر
المبتدأ (ما)
القمر : مفعول به منصوب ن وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة
إعراب صيغة التعجب : أفعل به
!
المثال : أكرمْ بالرجل ِ
!
أكرم : فعل ماض جاء على صيغة الأمر لإنشاء التعجب
بـ : حرف
جر زائد
الرجل : اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه فاعل
فك غموض هذا
الإعراب
نعلم أن هذا الرجل الذي نتحدث عنه كريما ، لكننا تعجبنا من
كرمه ، وحتى يحصل التعجب ، وجب أن نجهل سر الإعجاب بنوعية الكرم أو حجمه أو ما شابه
، وكأننا نريد القول لمن يستمع إلينا : الرجل كريم إلى درجة تدهشنا ، فإن سألونا ما
الذي جعلكم تتعجبون ، أجبنا : لا ندري ، هناك أمر ما جعل كرم هذا الرجل يثير دهشتنا
واستغرابنا ،
أما عن الإعراب فقد قلنا إن فعل أكرم هو فعل ماض رفم أن الظاهر
ينبئ أنه أمر
لماذا هو فعل ماض وليس أمر
ذلك أننا
نتعجب من أمر قد وقع ، ولا نتعجب من أمر لم يقع بعد
فلماذا لا
نصوغه بزمن الماضي ، فنقول كَرٌمَ الرجلُ ؟؟
ذلك أن الماضي قد
انتهى ، لكننا لا زلنا في عجب ، فلا بد من صيغة نجعل فيها الماضي يبدو كأنه مستقبل
، للتعبير عن اعجابنا المستمر إلى المستقبل المجهول ، فالتعجب لا يزال قائما بدأ في
الماضي ويستمر إلى المستقبل
وكأننا نود القول للمستمع : إن هذا الرجل كريم وليس
مثله أحد في الكرم ، فنحن متعجبون لكرمه حتى إننا نظن أن لا يكون مثله أحد في الكرم
مستقبلا
الرجلِ : لماذا أعربناه فاعلا رغم كونها اسم مجرورا
؟؟
لأن الفاعل هو الذي يقوم بالفعل ، ومن صاحب الكرم هو الرجل
فهو الفاعل
فلماذا لا نبقيه فاعلا بعلامة الضم ؟؟
لأن
تركيب الجملة سينكسر إن قلنا : أكرمْ الرّجلُ ، علما أننا فهمنا لماذا يجب القول
بفعل أكرمْ .. تذكروا : إنه ماض يدل على المستقبل
لأن صيغة
(أكرمْ الرجلُ ) غير مقبولة على مستوى التركيب النحوي ، فإننا نأتي بحرف جر ليس له
معنى ، أي حرف جر زائد ، من أجل ضبط الجملة ، وإخفاء الرفع في المحل ، فنقول : اسم
مجرور لفظا بحرف الجر الزائدة ، مرفوع محلا على أنه فاعل ، وحركة الضم منع من
ظهورها حركة حرف الجرّ الزائدة
لكن يا ترى كيف
نستطيع صياغة التعجب ، هل يكون ذلك عشوائيا ، أم أن هناك قواعدا وشروطا معينة
؟؟
طبعا هناك شروطا وقواعد لتحقيق صيغتي
التعجب
بناء صيغي التعجب (ما أفعله ! ، أفعل به !)
تبنى صيغتا التعجب إذا كان الفعل :
1- ثلاثيا
مثل : استحسن هو ليس فعلا ثلاثيا فلا يمكن
التعجب معه بقولنا : ما استحسنه ، ولا بقولنا استحسن به .. فهذا غير
جائز
2- تاما
مثل : كان .. هو ليس فعلا
تاما بل هو ناقص ، فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما أكونه ، ولا بقولنا أكون به ..
فهذا غير جائز
3- مثبتا
مثل : ما ساد ،
ما كرم .. هو ليس فعلا مثبتا بل هو منفي ، فيستحيل النطق بصيغة التعجب معه
4- مبنيا للمعلوم
مثل : بُنِيَ .. هو ليس
فعلا مبنيا للمعلوم بل هو مبني للمجهول ، فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما أُبنيه،
ولا بقولنا الثاني الذي يستحيل النطق به على وزن أفعل به ..
5- معناه قابل للتفاضل
فمثلا : الفعل : مات لا يقبل
التفاضل فلا يجوز أن نصوغ منه التعجب ، كأن نقول هذا أَمْوَت من هذا ، فهذا غير
معقول بتاتا ذلك لأن الموت واحدة وليس فيها أي تفضيل
6- ليس وصف المذكر منه على وزن أفعَل الذي مؤنثه
فعلاء
مثلا لا يجوز أن نصوغ التعجب من الألوان كأحمر فهو على وزن
أفعل الذي مؤنثه فعلاء وهنا حمراء ، فلا تقول ما أحمره ، ولا تقول : أحمر
به
7- متصرفا
مثل : نِعْمَ .. هو ليس
فعلا متصرفا بل هو فعل جامد ، فلا يمكن التعجب معه بقولنا : ما أنعمه ، ولا بقولنا
أنعم به .. فهذا غير جائز
مستجمع