غادة على
ساعات طويلة تجلس هند مع خطيبها لحساب ثمن الشبكة، وتظل تطرح الحلول «اشترى صينى، ولا فضة وأقول ده ذهب أبيض». والدتها تعترض على كل الاقتراحات البديلة، فابنتها فى نظرها «مش أقل من بنات العائلة»، ويكتفى خطيب هند بنظرات صامتة تائهة بين حماته وخطيبته.
تقول هند إن جارتها نصحتها بشراء عيارات ذهب أقل من 18، لكن هند ردت «يعنى ايه؟»، فهى لا تعرف غير عيارين 21، و24، وعيار 18 المعروف باسم «الذهب الإيطالى».
لكن الأم رفضت أيضا، وقالت إن هذه العيارات «مش هتكون ذهب من اللى إحنا عارفينه».
ظلت هند تسأل وتبحث على مواقع الانترنت، حتى قررت شراء ذهب أصلى بكمية قليلة لا تتعدى 10 آلاف جنيه، وتضيف عليهم ذهبا صينيا «علشان ماما ترتاح». حصلت هند على هذا الحل من صديقة لها تحتفل بخطبتها فى عيد الأضحى، وطمأنت هند أن كل من شاهد الشبكة الممزوجة بين الذهب الصينى والأصلى لم يكتشفها.
الحل الوحيد لإنقاذ العروس عيارات الذهب الجديدة الأقل من 18، نصيحة أمير هانى صاحب محل ذهب بميدان الجامع. أمير يقول إن هذه العيارات موجودة فى مصر لكن تباع على استحياء، لأن معظم الزبائن ليس عندهم علم بها، كما أنها غير منتشرة لدى التجار.
يشرح أمير أن الوضع الحالى فى سوق الذهب أصبح متأزما جدا، «بالرغم من أن عيد الأضحى يعتبر موسما للأفراح، لكن زغاريد الأمهات قلّت، مع انخفاض المبيعات التى تراجعت بأكثر من 50%».
«الزبون بيدخل يسأل على الذهب وهو خايف»، هكذا يصف أمير أحوال العرسان الذين قلصوا كمية الذهب التى يشترونها، «بحاول أساعدهم وافرجهم على العيارات الأقل»، لكن والدة العروس دائما ترفض، وتقول «شكلها مش قد المقام».
ووصل سعر عيار 14 إلى 209 جنيهات تقريبا، وعيار 12 إلى 180 جنيها، وعيار 10 يصل الجرام فيه إلى 118 جنيها، وهذه الأسعار متغيرة طبقا للأسعار اليومية للذهب.
ويرى إيهاب عادل، صاحب محل ذهب بالصاغة إن الزبائن نفسهم غير مرحبين بالعيارات الجديدة، لأن ثقافة المجتمع المصرى تعترف بعيار 21 فى الشبكة. وهذا جعل إيهاب يتراجع عن عرض هذه العيارات داخل المحل، ولكنه يدرس عرضها على الزبائن أولا، مع أن أوروبا كلها تعمل فى عيارات 9، و12، و14، وأمريكا تضيف عيار 10، كما يقول ايهاب.
وأضاف التاجر أن هذه العيارات كانت موجودة فى مصر «أيام اليهود ما كانوا تجار دهب»، لكنها اختفت بالتدريج بعد رحيلهم. وفى رأيه الثقافة المصرى «لسه مش متقبلها»، بالرغم من انها منتشرة فى كل محال الذهب الموجودة بالمناطق السياحية مثل الغردقة وشرم الشيخ.
ولا يتوقع تجار الذهب تحقيق مكاسب هذا العام، على حد قول إيهاب، مع الخسائر الضخمة التى عصفت بسوق الذهب الذى حقق ارتفاعات غير متوقعة منذ بداية العام الحالى، مسجلا زيادة قدرتها فوركس العالمية بنحو 14% خلال سبعة شهور من بداية العام.
وقد تراجعت حركة البيع بشكل كبير محليا، «حتى الزبون اللى بيدخل المحل بيشترى نص الكمية اللى متعود عليها». وفى رأى إيهاب أن ما يحدث أمر بديهى، لأن مرتبات الشعب المصرى فى حالة ثبات، ولا يمكنها أن تلحق بحصان الذهب المنطلق، خاصة أن الذهب يعتبر رفاهية، و«الناس فى مصر مش لاقيين الضروريات».
ويضطر إيهاب أحيانا أن يتنازل عن مصنعية الذهب، «والبيع بأقل من سعر الجملة»، لتعويض مصاريف المحل من كهرباء وإيجار ومرتبات العمال.
ولا يضع إيهاب الذهب الصينى فى مقارنة الذهب الأصلى، «ما ينفعش يكون بديل»، وفى رأيه أن كل من لجأ لشراء الذهب الصينى كبديل للشبكة، يجب أن يتراجع عن هذه الخطوة، بسبب أضراره على الجلد لأنه خليط من المعادن غير معروفة، مشيرا إلى أن «هذه الضربة هى الأقوى لسوق الذهب بعد حالة الركود التى أصابته عام 1967 بعد النكسة، ومعها اضطر وقتها أكبر صنايعية فى المهنة إلى تركها».