تساقط الفرسان عن سروجهم
واعتقل المؤذنون في بيوتهم
وألغي الأذان
جميعهم.. تضخمت أثداؤهم وأصبحوا نسوان
جميعهم قد ذبحوا خيولهم
وارتهنوا سيوفهم
وقدموا نساءهم هدية لقائد الرومان
ما كان يدعي ببلاد الشام يوماً
.. صار في الجغرافيا
يدعي "يهود ستان"
.. الله.. يا زمان
لم يبق في دفاتر التاريخ
لا سيف ولا حصان
جميعهم قد تركوا نعالهم
وهرّبوا أموالهم
وخلفوا وراءهم أطفالهم
وانسحبوا إلي مقاهي الموت والنسيان
جميعهم تخنثوا
.. تكحّلوا
.. تعطروا
تمايلوا أغصان خيزران
حتي تظن خالداً.. سوزان
ومريماً.. مروان
.. الله.. يا زمان
...
جميعهم قد دخلوا جحورهم
واستمتعوا بالمسك والنساء والريحان
جميعهم مدجن. مروض. منافق. مزدوج.. جبان
هل ممكن أن يعقد الإنسان صلحاً دائماً مع الهوان؟
.. الله.. يازمان
هل تعرفون من أنا؟
مواطن يسكن في دولة "قمعستان"
وهذه الدولة ليست نكتة مصرية
أو صورة منقولة عن كتب البديع والبيان
فأرض "قمعستان" جاء ذكرها
في معجم البلدان
وإن من أهم صادراتها
حقائباً جلدية
مصنوعة من جسد الإنسان
.. الله.. يا زمان
...
هل تطلبون نبذة صغيرة عن أرض "قمعستان"
تلك التي تمتد من شمال أفريقيا
إلي بلاد نفطستان
تلك التي تمتد من شواطئ القهر إلي شواطئ القتل
إلي شواطئ السحل. إلي شواطئ الأحزان
وسيفها يمتد بين مدخل الشريان والشريان
ملوكها يقرفصون فوق رقبة الشعوب بالوراثة
ويكرهون الورق الأبيض. والمداد. والأقلام بالوراثة
وأول البنود في دستورها:
يقضي بأن تلغي غريزة الكلام في الإنسان
.. الله.. يا زمان
...
هل تعرفون من أنا؟
مواطن يسكن في دولة "قمعستان"
.. مواطن
يحلم في يوم من الأيام أن يصبح في مرتبة الحيوان
.. مواطن يخاف أن يجلس في المقهي
لكي لا تطلع الدولة من غياهب الفنجان
مواطن أنا.. يخاف أن يقرب زوجته
قبيل أن تراقب المباحث المكان
مواطن أنا.. من شعب قمعستان
أخاف أن أدخل أي مسجد
كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان
كي لا يقول المخبر السري: إني كنت أتلو سورة الرحمن.