بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . اسأل الله ان يفيدني ويفيد الأعضاء بهذا الموضوع اللذي انقله لكم من كتاب (معجم أنساب الأسر المتحضرة من عشيرة الأساعدة) لناصر بن حمد بن حمين الفهد يقول الفهد :
اعلم – وفقك الله- أن الناس في الأنساب طرفان ووسط :
فالطرف الأول: من جعله شغله الشاغل فلا هم له غيره ولا عمل عنده سواه ، أو جعله أساساً لتصنيف الناس طبقات بعضها فوق بعض ، وعامل الناس على هذا الأساس فقدم هذا و أخر ذاك .
فهذا والله هو المذموم ، وهو الذي أتى الإسلام بهدمه وقلعه من جذوره :
فقال تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) ، وقال صلى الله عليه وسلم كما في السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ( إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية ، وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي ، أو فاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام – إنما هم فحم من فحم جهنم- أو ليكونن أهون عند الله من الجعلان) . وما نفع أبا لهب شرف نسبه ، وما ضر بلالا رضي الله عنه كونه حبشياً ، فالكرم بالعمل الصالح ، والزينة بالتقوى ، ولن يسأل المرء يوم الحساب إلا عن عمله دون نسبه.
والطرف الثاني : من أهمل النسب حتى ضيع أصله، فلو سألته عن أصله القريب ما عقله بله البعيد ، ولو سألته عن أقاربه ما ميز إلا الذين حوله دون غيرهم ، ولعلهم لو بعدوا عنه جهلهم، وهذا ما حدث في كثير من القبائل التي هاجرت خارج الجزيرة، حيث أهمل كثير منهم العناية بأنسابهم فضاعت واندثرت مع الزمن.
والوسط في ذلك :
هو أن يعلم الرجل نسبه ، ويعلم أولي القربى منه وصلته بهم ، ثم إن ازداد علماً بتفاصيل الأنساب فهو خير إلى خير ما لم يخرج به عن الحد المشروع .
واعلم أن البحث في الأنساب على وجهين :
الوجه الأول : ما نهى عنه الشارع :
فمن ذلك النهي عن التفاخر في الأنساب ، والتباهي بها ، والتطاول على الناس بسببها ، وكل هذه الأمور من أمور الجاهلية التي ذمها الشارع كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : (أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب..الحديث) . وقال صلى الله عليه وسلم كما في السنن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه- وقد سبق ذكره- ( إن الله قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية ، وفخرها بالآباء ، إنما هو مؤمن تقي ، أو فاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام – إنما هم فحم من فحم جهنم- أو ليكونن أهون عند الله من الجعلان) ومن ذلك النهي عن الطعن في أنساب الآخرين أو تعييرهم بها، كما ورد في الصحيح لما عيّر أبو ذرِ رضي الله عنه رجلاً بأمه فقال له صلى الله عليه وسلم ( أعيرته بأمه؟ إنك أمرؤ فيك جاهلية) ، وكما في الحديث السابق
(أربع في أمتي من أمر الجاهلية لا يتركونهن : الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب..الحديث).
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن التفاخر في الأنساب والتباهي بها، أو الطعن في أنساب الآخرين وتعييرهم بها أنها كلها من أمور الجاهلية المحرمة المذمومة.
ومن ذلك التعزي بعزاء الجاهلية والتعصب للأنساب بغير حق ، كما ورد في الحديث الذي رواه أحمد وصححه ابن حبان عن أبي بن كعب رضي الله عنهأن رسول اللهصلى الله عليه وسلم قال (من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه و لا تكنوا) .
ومن ذلك انتساب الشخص إلى غير أبيه أو ادعاؤه نسبا غير نسبه، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (لا ترغبوا عن آبائكم ، فمن رغب عن أبيه فهو كفر) ، وفي الحديث الآخر الصحيح (من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام) ، وورد في حديثٍ آخر بلفظ (كفر بالله من انتفى من نسب وإن دق) .
الوجه الثاني :
وأعني به المشروع من النظر في الأنساب :
فقد دل الكتاب والسنة وعمل المسلمين على مشروعية النظر فيها –إذا خلت من المحاذير السابقة التي ذكرتها في النوع الأول-:
وقد تأملت في الأدلة الشرعية فرأيت أن دلالتها على ذلك تأتي على أربعة أقسام (الأمر و الاعتبار والإقرار والإخبار) :
القسم الأول :
الأمر بتعلم النسب الذي تحصل به صلة الرحم :
فمن ذلك قوله تعالى: (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) ، ومعنى الآية –على الراجح- (اتقوا الله واتقوا الأرحام أن تقطعوها) ، وقد ذكر البخاري رحمه الله تعالى هذه الآية في أول باب المناقب وقال الحافظ رحمه الله تعالى في شرحه: (والمراد بذكر هذه الآية الإشارة إلى الاحتياج إلى معرفة النسب أيضاً لأنه يعرف به ذوو الأرحام المأمور بصلتهم) ، وقل مثل هذا في الآيات التي فيها ذكر صلة الرحم.
ومن ذلك الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
(تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم ، فإن صلة الرحم محبة في الأهل ، مثراة في المال، منسأة في الأجل، مرضاة للرب) وروي عن عمر رضي الله عنه نحو ذلك.