تعريف التدريب الرياضي :
يمكننا أن نعتبر التدريب الرياضي بأنه جميع الأحمال البدنية أو بمعنى آخر كل ما يبذله الجسم من جهد ينتج عنه تكيف سواء من الناحية الوظيفية أو التكوينية يؤثر بالإيجاب على الأعضاء الداخلية للفرد فيرتفع مستواه .
وقد تناول التدريب الرياضي بالدراسة كثير من العلماء فقد عرفه العالم الألماني هارا Harra بأنه " إعداد الرياضيين للوصول إلى المستوى الرياضي العالي فالأعلى " أما ماتفيف Matview الروسي فقد عرفه بأنه " عبارة عن إعداد الفرد الرياضي من الناحية الوظيفية والفنية والخططية والعقلية والنفسية والخلقية عن طريق ممارسة التمرينات البدنية .
ويمكننا أن نقـول أن هذا التعريف محدود حيث ينطبق على تدريب بعض القـدرات كالقوة والتحمل وبطرق تدريب معينة كالتدريب الفتري مثلا كما أنه يختص فقط ما يمارس من تمرينات في أماكن التدريب ، وبما أن التدريب الرياضي كعملية تربوية تشمل علاوة على ذلك أموراً كثيرة أخرى من الجائز أن تكون خارج الملعب أو صالة التدريب أو حمام السباحة كحياة الفرد وعلاقاته الأسرية ومما يتعلق بأسلوب معيشته ونظامه الغذائي ومدى ملائمة مسكنه وملابسه وأدوات وأجهزة تساعده على نمو مستواه الرياضي لهذا كله سنأخذ بالتعريف الآخر لماتفيف والذي تناول فيه التدريب الرياضي بصورة أعم وأشمل وهذا ما نحب أن تأخذ به إذ عرفه على أنه " العملية الكلية المنظمة والمخططة لإعداد الرياضيين للوصول إلى المستوى الرياضي العالي فالأعلى " على هذا يجب أن تعتبر التدريب الرياضي عبارة عن عملية تربوية مخططة وموجهة ومنسقة ومشرف عليها هدفها للوصول بالفرد الرياضي إلى أعلى مستوى ممكن في وقت معين في نشاط رياضي ما وذلك من خلال تنمية كفاءته البدنية واستعداده لأداء الجهد .
كما توجد أمور كثيرة تساهم مساهمة فعالة في عملية التدريب الرياضي الشاملة نذكر منها :
1- النواحي النظرية التي تمد الفرد الرياضي بمعلومات عن النقط الفنيـة والخططية وطرق وأساليب التدريب أو الخاصة بتنمية القدرات العقلية للفرد الرياضي .
2- المباريات والبطولات سواء الداخلية أو الخارجية ( محلية … دولية ) .
3- مشاهدة المنافسات الرياضية ذوى المستوى الرفيع .
4- المناقشات المتعددة والمتنوعة التي تتم بين المدرب والرياضي أو بينه وبين الفريق أو بين أفراد الفريق بعضهم البعض بغرض تقييم – إما خطة التدريب أو إحدى الجرعات التدريبية أو بعض المنافسات .
5- الإطلاع على سجلات أو نشرات أو دوريات أو كتب ذات مواضيع تتعلق بعملية التدريب .
6- المناخ التربوي الذي يمكن أن يؤثر على الرياضي من النواحي الخلقية والتربوية والثقافية كالمنزل والعلاقات الأسرية والمدرسة وهواياته ومجموعة أصدقائه … الخ .
ماهية التدريب الرياضي الحديث
مفهومه وأهدافه :
التدريب الرياضي الحديث " عمليـة تربويـة مخططة مبنية على أسس علمية سليمة تعمل على وصول اللاعب إلى الأداء المثالي خلال المباريات والمنافسات .
ولشرح ذلك نقول من حيث :
- أنها عملية بمعنى أنها تعتمد أساساً على مجموعات مختلفــة من التمرينات الهادفــة ، وأن مجال التدريب الرياضي الحقيقي هو الملاعب وليس الورقة والقلم ، وهذا يعتبر الشطر الأول من التدريب الرياضي .
- أما الشطر الثاني من عملية التدريب فهي الناحية التربوية وهي هامة جداً ، لقد كان التدريب منذ حوالي 25 سنة يعتمد فقط على الأداء البدني ولا يهتم بالناحية التربوية ، أما الآن فيهتم المدربون اهتماماً كبيراً بتنمية الصفات الإرادية للاعبين لما لها من أثر واضح على الأداء الرياضي .
ويمكن أن نلخص أهداف الناحية التربوية في النقاط التالية :
- اتباع الأسلوب العلمي التربوي السليم في تقديم المعلومات للاعب بحيث يستطيع أن يستوعب المعلومات ويهضمها خلال التدريب العملي .
- أن يعتني المدرب بتنمية الصفات الإرادية للاعب فالكفاح والعزيمة والمثابرة والعمل على النصر وعدم اليأس والشجاعة والإقدام ... الخ تلعب دوراً هاماً في نتائج المباريات ، بل لقد أثبت العلماء أن 60 % من نتائج المباريات تتوقف على ارتفاع وثبات الصفات الإرادية للاعبين .
- أن يعتني المدرب بأن يتصف اللاعبون بالخلق الحميد داخل الملعب وخارجه وكم أضاع لاعبون فرصة النصر لفريقهم بسوء خلقهم أثناء المباريات وبالعكس فكم كسب لاعبون النصر الأدبي وحب الجماهير والإداريين نتيجة تصرفاتهم الخلقية الكريمة ، وأقرب مثل لذلك لاعبنا الدولي الكبير محمد رشوان وتصرفه أمام لاعب اليابان في الألعاب الأوليمبية بلوس انجلوس عام 1984م .
- أن يهتم المدرب اهتماماً كبيراً بالحالة النفسية ويعمل على حل مشاكله من جميع الوجوه حتى يمكن أن يكون مستريحاً نفسياً .
- نأتي الآن لنقطة هامة تميز التدريب الرياضي الحديث عن التدريب الرياضي في الماضي وهو أنها حالياً تضع الاتحادات أهدافا لها بعيدة تعمل للوصول غليها وأهدافاً قريبة تعمل لتحقيقها ، ومن هنا اهتمت الدول المتقدمة بإعداد الخطط والبرنامج وظهرت أنواع من الخطط والبرامج وهي :
أ - خطط تدريبية طويلة المدى .
ب – خطط تدريبية أوليمبية .
جـ – خطط تدريبية سنوية .
د – خطط تدريبية فترية .
هـ – خطط تدريبية يومية .
أما في الماضي فلم يكن هناك تخطيطاً علمياً للاتحادات الرياضية – وارتباطاً بتخطيط التدريب الخـاص بالاتحادات أصبح من واجب المدرب أن يحقق أهداف خطط الاتحاد التدريبية وأن يضع أيضاً لنفسه الخطط التدريبية والبرامج التي تحقق له أهدافه كي يفوز لاعبوه بالبطولات .
والخطط التدريبية الحديثة تجعل المدرب يحدد بالضبط وبدقة مقدار الدقائق التي تخص كل صفة بدنية وكل مهارة وكل خطة لعب خلال خطة التدريب سواء كانت سنوية أو فترية أو يومية ومن خلال هذا التحديد يستطيع المدرب أن يطمئن إلى وصول لاعبيه إلى الأداء الأمثل المطلوب .
ولأن عملية التدريب الحديث مبنية على أسس علمية سـليمة أصبح الفارق بين التدريب القديم والتدريب الحديث ، هو أن التدريب العلمي الحديـث اعتمد على العلوم الطبيعية والإنسانية كفسيولوجيا الرياضة والبيولوجيا والتشريح الوظيفي والكيمياء الحيوية والصحة والقوام والميكانيكا الحيوية والاختبارات والمقاييس وعلم النفس والتربية … الخ .
وأصبحت هذه العلوم والأبحاث التي أجريت فيها في المجال الرياضي هي القاعدة النظرية التي ينطلق منها المدرب الفارس في التطبيق العلمي الميداني ولم يصبح التدريب مبنياً على خبرة اللاعبين القدامى كما ذكرنا .
بل أن الميدان الرياضي وجد فيه مدربون لم يمارسوا رياضة ما أو كان مستواهم الرياضي فيها متوسطاً ولكنهم أصبحوا من أكبر وأشهر مدربي العالم في هذه الأنشطة ، وكان ذلك بفضل دراستهم وإلمامهم بالعلوم التي ترتبط برفع مستوى أداء اللاعبين وإن كان في الواقع يفضل اللاعب الذي وصل إلى مستوى جيد في علبته ودرس العلوم التي تتعلق بالتدريب الرياضي الحديث بما فيه الكفاية لعمله كمدرب .
من المؤكد أن هدف عملية التدريب الأساسي هو أن يحقق الفريق أو اللاعبون أرقاماً قياسية شـخصية أو على مستوى الدولة أو العالم أو بطولة ما ، ومن المؤكد أيضاً أن هذا اللاعب أو الفريق لن يستطيع أن يحقق هذا الهدـف أو الإنجاز المطلوب إلا إذا كان في حالة بدنية ومهارية وخططية ونفسية مثالية ومن هنا نستطيع أن نقول أن هـذا اللاعب حالته التدريبية مثالية وهو ما يسمى بالفورمة الرياضية ، والفورمة الرياضية هي حالة الأداء المثالي للاعب وهي في الحقيقة الهدف من التدريب والحالة التدريبية للاعب تستمر فترة زمنية معينة ، فإذا كانت هذه الحالة مثالية أمكنه خلالها تحقيق الأرقام المطلوبة في المنافسات أو الفوز في المباريات .
مجالات التدريب الرياضي
لا يقتصر التدريب الرياضي على المستويات الرياضية العالية " قطاع البطولة " فقط ، سواء مجال الناشئين أو المستقدمين بل يتعدى إلى قطاعات أخرى كثيرة في المجتمع هي في أشد الحاجة إلى التدريب الرياضي نتيجة كونه عملية تربوية لإعداد اللاعبين بدنيـاً ومهارياً ونفسياً وخلقياً إلى المستوى العالي فالأعلى وعلى ذلك يمكن حصر تلك المجالات فيما يلي :
- مجال الرياضة المدرسية .
- مجال الرياضة الجماهيرية .
- مجال الرياضة العلاجية .
- مجال رياضة المعاقين .
- مجال رياضة المستويات العالية .
المجال الأول : مجال الرياضة المدرسية
يلعب التدريب الرياضي دوراً ليس فقط بالنسبة للرياضة المدرسية ، بل يتعدى ذلك إلى ما قبل المدرسة في " رياض الأطفال " وبذلك يعتبر قاعدة للرياضة الجامعية حيث أن التدريب الرياضي عملية ملازمة لمراحل التعلم الحركي ، وبذلك فهي عملية في حد ذاتها عملية تربوية مستمرة بلا حدود ، باستمرار الإنسان وكينونته ، وبذلك يعتبر مجال الرياضة المدرسية مجالا خصباً وذا تأثير إيجابي على تنمية القـدرات البدنية الأساسية كالقوة العضلية والسرعة والتحمل والرشاقة والمرونة كصفات بدنية وفسيولوجية وحركية أساسية يتوجب تنميتها في مجال الدرس لأمرين أساسيين وهامين :
- أولهما : تحسين النواحي الوظيفية للتلاميذ .
- والثاني : المساعدة في تعلم المهارات الرياضية .
فبالنسبة لتحسين النواحي الوظيفية ينمى عند التلاميذ القدرات الهوائية واللاهوائية وما لذلك من تأثيرات وظيفية إيجابية هامة كزيادة نسبة استهلاك الأكسجين ، هبوط نسبي في معدل النبض عند الراحة … الخ تلك الخصائص الوظيفية الهامة والتي تعمل على تحسين الصحة العامة للتلاميذ ، وبالنسبة للأهمية تنمية القدرات البدنية الخاصة عند تعلم المهارات الرياضية ، يلعب ذلك دوراً إيجابياً في سرعة تعلم التلاميذ للمهارات الرياضية بصفة خاصة ، حيث يرتبط تعلم تلك المهارات بنمو القدرات البدنية الخاصة بالمهارة ، فعلى سبيل المثال عند تعليم مهارات الوثب لاجدوى من التعلم ما لم تنمى عند التلاميذ القوة المميزة بالسرعة والقدرة الانفجارية للعضلات العاملة في الوثب ، وكذلك لاعبو الرمي والتنس الأرضي وجميع اللعاب والفعاليات الأخرى وهذا ليس فقط على المستوى المدرسي بل على جميع المستويات الرياضية ، وهنا يطرح التساؤل دائماً … هل درس التربية البدنية درس هدفه التعليم أم التدريب ؟ وللإجابة على هذا التساؤل يجب أن نعي جيداً بأن درس التربية البدنية درس لتعليم المهارات الرياضية وتنمية القدرات البدنية ، وتنمية القدرات البدنية تحتاج إلى طرق تدريب خاصة لتحسين المستوى ، أي أنه مزيج من التعليم والتدريب حيث إنها وجهان لعملة واحدة " التعلم الحركي للمهارات الرياضية " ، وبذلك فأحسن طريقة للتعليم … التدريب .
ويعتبر درس التربية البدنية القاعدة للوصول إلى رياضة المستويات ( قطاع البطولة ) حيث إعداد المتميزين من التلاميذ بدنياً ومهارياً لقطاع البطولة ، ومنذ المراحل الرياضية الدراسية الأولى فتعلم السباحة مثلا … يبدأ من عمر الثالثة … والجمباز في الرابعة وبذلك كان لتجربة المدارس الرياضية دور إيجابي في انتقاء وإعداد الموهوبين من التلاميذ ووضع البرامج التدريبية والتي تؤهلهم للاشتراك في البطولات العالمية والأولمبية في سن مبكرة ، وما نشاهده اليوم بالنسبة للمشاركة الأولمبية والدولية بالنسبة لمستوى الأعمار شئ فاق كل وصف .
وتعتبر الأنشطة الرياضية اللاصفية " خارج درس التربية البدنية " والتي تتمثل في تدريب الفرق المدرسية نشاطاً تدريبياً هاماً وذا تأثير كبير على تقدم مستوى الناشئين ، فالاهتمام بمثل تلك الأنشطة الرياضية بتأمين كل ما هو متطلب للعملية التدريبية من مدربين مؤهلين وملاعب وأدوات وأجهزة ، هذا بالإضافة إلى استخدام طرق وأساليب التدريب الحديثة ، يعمل ذلك على خلق قاعدة عريضة لأبطال الغد والتي يعدهم بذلك مجال الرياضة المدرسية .
المجال الثاني : مجال الرياضة الجماهيرية
إن الرياضة الجماهيرية " رياضة كل الناس " لا تعرف صغيراً ولا كبيراً ، قوياً ولا ضعيفاً ، رجلا ولا امرأة ، فالكل يجب أن يمارس الرياضة بالقدر الذي تسمح به قدراته البدنية والمهارية والوظيفية ليس بغرض بطولة أو اشتراك في منافسة ولكن للعيش في لياقة صحية وبدنية ومهارية مناسبة لجنسه وعمره ومستواه وعمله الذي يؤديه يومياً .
وتعتبر الرياضة الجماهيرية رياضة جميع الفئات المحرومين من مزاولة الأنشطة الرياضية المقننة ، كما هو في الرياضة المدرسية أو الجامعية أو رياضة المستويات والتي تتميز بالبرامج التدريبية المقننة .
وبذلك تسمى الرياضة الجماهيرية بمسميات أخرى : كالرياضة للجميع ، حيث تهدف إلى شغل أوقات الفراغ عن طريق مزاولة الأنشطة الرياضية المناسبة بغرض التقدم بالصحة العامة مع جلب السرور والبهجة للنفس ، وبذلك تختلف مزاولة الرياضة الجماهيرية عن رياضة المستويات العالية بأنها لا تهتم بالوصول إلى مستويات متقدمة بالنسبة للمستوى البدني والمهاري بقدر ما تهتم بالوصول إلى هذين المستويين والذي يتناسب مع مراحل العمر ومستوى الممارسين والذي يؤثر إيجاباً على الصحة العامة للممارس بلوغاً لحياة متزنة من جميع الوجوه .
وتلعب الاختبارات والقياس في مجال الرياضة الجماهيرية ما تلعبه في مجالات الرياضة الأخرى ، وخصوصاً في عملية التصنيف للممارسين لأنشطة تلك الرياضة وذلك إلى مجموعات متقاربة ومتجانسة في المستوى والجنس حتى لا تحدث أضرار نتيجة لعدم تقارب المستوى ، وبذلك يمكن للتدريبات الخاصة الإسهام بنصيب كبير في تقدم المستوى بدنياً ومهارياً ونفسياً وصحياً حيث تلعب الأندية الرياضية والساحات الشعبية دوراً إيجابياً في إمكانية ممارسة الأفراد للأنشطة الرياضية المختلفة بإعداد الملاعب والقاعات والأجهزة والأدوات الرياضية الخاصة بذلك .