|
|
| |
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| موضوع: المصير 26/10/2010, 23:18 | |
| غرورقت عيناه بالدموع وهو يري كل مايصبو إليه يتحقق أمام ناظريه اليوم وهو يري شريط تخرج أولاده وأستلامهم لشهاداتهم الجامعية يمر امامه واحدا تلو الأخر ,كم كانت لحظات من السعادة الغامرة أختطفها بجهد عمره وحياته التي أفناها لهم ومن أجلهم , كم هي سريعة تلك السنوات التي مرت فإن علم أو لم يعلم فقد أخذت رصيد كبير من حياته التي يعيشها علي هذا الكوكب المسمي بالأرض بكل أفراحها وأتراحها وبكل متناقضاتها . تري ماعساه يفعل أكثر مما فعل من أجل أولاده وبناته فقد كان كان يضع كل مجهود له في الحياة من أجل صالحهم ومن أجل تربيتهم وإعدادهم الإعداد الجيد الذي يليق بالمجتمع الذي عاش فيه وأحبه لكي يصبحوا أفرادا متميزين في مجتمعهم وفي وطنهم ويصبحوا في خدمته وحتي يبرأ بذمته يوم الحساب وهو يحمل مفهوم الحديث الشريف دوما في نفسه (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته,صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم)). كان مع كل مجهوده هذا يدعوا لهم ليل نهار في كل صلاة بالتوفيق وبأن يسخر الله لهم عباده وخلقه وأن لايظلمهم أحد أو أن يجور عليهم فقد رباهم علي أن لايجوروا أو يظلموا أحدا. ثلاثون عام وهو في خدمة وطنه ,يضع مصلحته نصب عينيه وإذا أخطأ الناس أمامه نصح وكم هي ثقيلة التصيحة في أيامنا هذه ,ينصح ويغض الطرف عن الإجابات الغير مهذبة التي يسمعها من البعض وإن كان مؤدبا رد بجزاك الله خيرا وظل علي ماهو عليه ولم يغير مابنفسه أو سلوكه شئ ,إلا النزر القليل من الناس فتمني في قلبه والتمني شئ والواقع شئ أخر أن يكون أولاده ممن يستمعون للنصيحة بقلب مفتوح ويشكرون الناس عليها وقد رباهم علي ذلك ونصح لهم وهو يعلم بأن النصيحة بجمل. ولكن كان هنالك شئ من الخوف يسكن في نفسه بانهم قد يتعرضون للأستغلال لكون أخلاقهم قد تسموا الي المثالية في مجتمع مضطرب الأوصال أختلط به الحابل بالنابل والغث بالسمين في حياة قاسية يتلاعب بها الناس علي بعضهم البعض تلاعب القط بالفأر وبكل القسوة ولكنه كان دائما يثوب الي رشده ويتذكر قوله تعالي ((من يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب.صدق الله العظيم)). و كان عزائه الوحيد أنه لايصح إلا الصحيح ولايدوم الزمان إلا للمخلصين وإن طفا الي السطح أنصاف الرجال والمحتالون ويتذكر دائما قوله تعالي(( فأما الزبد قيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الأرض كذلك يضرب الله الأمثال.صدق الله العظيم)).
إعجاز لخصه القرأن الذي يحفظه في كينونة نفسه فعاهدها علي أن يكون هو وزوجته وذريته مما ينفع الناس ويمكث في الأرض ,فأخذ يحيط أولاده وبناته برعايته وحنانه ويحث زوجته علي حسن معاملتهم ويقول لها دوما بري أولادك يبروك. من هذا المنطلق عاش صاحبنا العم صادق صادقا مع نفسه وأولاده وأمضي حياته مع أسرته وهو لايريد أن يكون هو وعائلته زبدا ورغوة تحملها رياح الشهوة للتملك وحب المال والجاه وتعصف بهم في هذه الحياة فالزبد عادة لاقيمة له وهو يريد بأسرته الصغيرة أن يمكث في الأرض يعمرها من حوله ويضع لبنة قوية من لبنات المجتمع لاتحمل جفاء أو قطيعة لأي فرد في المجتمع ,ودودة ومحبة للجميع ومخلصة في عملها للوطن . كانت زوجة العم صادق تعينه في ذلك وهي تري مدي محبته لها ولأولادها وتتمني من الله سبحانه وتعالي أن يديم نعمته عليهم وأن يطيل الله في عمره عندما تسمع أولادها وهم يرددون لها أحلامهم الكبيرة في التعلم وأخذ أرفع الدرجات والشهادات الجامعية المرموقة حتي يردوا لوالدهم بعض الدين الذي عليهم له وهم يرون مايصنع لهم ولهفته علي أن يكونوا دائما في الطليعة. إنها الأبوة التي تقطع أنانية الرجال والنساء فيرضوا بأن يصبح أبناءهم أفضل منهم علما وتفوقا ومركزا في هذه الحياة التي يتصارع فيها الجميع ولايسمحون لأحد أخر أن يجتاز هذا الخط عليهم ,إنها قضية محسومة للأبناء فقط . لم يكن أولاد العم صادق يعلمون بذلك لولا أن الأم كانت دائما تسرد لهم حين يبدون بعض التملل من ملاحظات والدهم لهم وخوفه عليهم بأنه يجلس في جوف الليل يعوا لهم من شدة خوفه عليهم وبأنه لم يخرج من هذه الدنيا الا بهم وهو يكرر هذا مرارا وتكرارا في دعواته لربه عند كل صلاة.
كم هو شاق أن تزرع فسائل نخل وترويها وتمر بك السنين واحدة تلو الأخري وأنت تنتظر مايسفر عنه زرعك وما هو حصادك الذي هو في علم الغيب وهل ستطرح نخيلك بلحا طيبا تقر به عينك ويكون من الصنف الممتاز أم أن كل هذه الرعاية والسقي ستطرح لك مايسمي بلغة أهل النخيل (نخيل غيباني) لايمت لأصله بصلة مع أن بذرته كانت من شجرة نخيل أصيلة ,يخرج منفردا بصفاته الغير طيبة والتي لاتمت لوالديه بشئ لا بالطعم ولا الرائحة. كم يشفق علي نفسه أن تكون هذه هي حصيلة حصاده بعد كل هذه السنين وهذا جل ما كان عمنا صادق يخشاه وهو يربي أولاده وبناته فنخلة غيبانية واحدة (تتسم بسوء مذاق بلحها) يمكنها أن تفسد عليه كل نخيله وسوف تسئ الي كل أخوته فيأخذوا بجريرته وفعلته وعلي عادة أن الشئ السئ ينتشر بسرعة أنتشار النار في الهشيم. عند أهل النخيل فإن النخلة (الغيبانية) لاتستحق التعب فتقطع وتجتث من الأرض ويستفاد من جمارها في الأكل مرة واحدة وتنتهي قصتها بعد ذلك ولكن كيف لأب أن يجتث ولده أو أبنته متي ماتأكد له أنهم من النوع الغيباني الذي لاتصلح فيه التربية,مخاوف ظلت تلاحق صاحبنا الطيب العم صادق طوال ثلاثين سنة وأنزاحت اليوم عن صدره وهو يراهم يتخرجون من جامعاتهم ويحصلون علي شهاداتهم الواحد تلو الأخر ويستلمون وظائفهم ,ولكن هل أنتهت مهمته ,لاأعتقد فهي بالكاد قد أبتدأت الأن فقد خرجوا الي ساحة الحياة الكبيرة لمواجهة الحياة الوظيفية بكل مافيها من مكابدة ومحاباة وتملق والزواج والأولاد وقصص ومشاكل تتجدد في كل يوم ويجد العم صادق نفسه محشورا فيها شاء أم أبي فهذا قدره الذي خطه الزمن له. في بعض الأوقات وعندما يجلس مع نفسه يجدها تعاتبه وتقول له ماالذي يجبرك علي ذلك ولما لم تبقي لوحدك عصفورا حر طليق تطير من غصن لتهبط علي أخر خالي الوفاض لاتحمل علي أكتافك الا وزن جناحيك فتحلق متي شئت وتعود متي شئت ,لايتبعك سرب من الطيور فتقلق لها أين تبيت وماذا تأكل وكيف ستعيش وكيف ستحميها من الضواري ولكنه ينتبه بعدها بسرعة من غفلته ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ويقول سبحان الله مسبب الأسباب ,عسي الله أن يؤجرني فيهم بكل هذا القلق عليهم.. كانت معاناة عمنا صادق في تربية أولاده معاناة نفسية طويلة يملؤها القلق عليهم وعلي مصيرهم ومستقبلهم أكثر منه معاناة للجسد في الوظيفة كما هي الحال في وظيفته ويتذكر عمنا صادق ويرجع به دولاب الزمن والوقت الي لحظة تسلمه لعمله الجديد في مصلحة الجمارك كمحصل لرسوم رسو البواخر في الميناء وكمراسل للمصلحة في ميناء الشويخ بعدما بدل وظيفته من عامل كهربائي لخطورتها الي وظيفته الجديدة وكيف كان مسرورا باللباس الرصاصي الجميل المكون من بدلة كاملة مع أزرار ذهبية تشبه لبس الجيش الي حد كبير لولا خلوها من الرتب و السائق الذي أفردوه لخدمته كي ما يدور به علي البواخر ويأخذه من البيت الي العمل ومن العمل الي البيت فكان يأخذ أبنه البكري سعد معهم في الجيب الي المدرسة ويرجع بعدما يعود الي المدرسة في نهاية الدوام ليأخذ سعد من المدرسة الي البيت وكان سعد يسمي سائق الجيب بالعم مرزوق,مشكور ياعم مرزوق,يعطيك العافية ياعم مرزوق ويرد عليه العم مرزوق أبشر ياولدي حاضرين للطيبين ,كلمة ظلت باقية في أذن سعد حتي كبر. كان العم صادق يحلم بوظيفة كبيرة تجعل أولاده يفخرون به بين أقرانهم ولهذا السبب كان يحرص علي أن يأخذ سعد معه في الجيب الي المدرسة لأن سعد كان يأتي بعدها فرحا ليخبر والده بأن زملاءه في الفصل يحسدونه علي حضوره المهيب معه في ذلك الجيب وبأن أباه لديه سائقه الخصوصي,تفكير أطفال لم يخبروا الحياة بعد ولكنه علي سذاجته كان يعني الكثير للعم صادق. كانت هذه الوظيفة هي الحد الأقصي الذي يمكن الحصول عليه في ذلك الوقت للعم صادق بشهادة الرابع المتوسط التي أخذها بعد جهد جهيد ولذلك كان يفكر دائما في الحصول علي مستوي تعليمي أفضل وكان يشغل وقت فراغه بالقراءة وخصوصا للعقاد بعدما سمع بأنه كان حاصلا فقط علي الشهادة الأبتدائية وتمني أن يكون بعبقريته وذكاءه ,الي أن دله صديق صدوق له علي فكرة التعليم المسائي وبأنه بإمكانه الألتحاق بهذه المدارس المجانية التي أفتتحتها الحكومة مؤخرا لرفع مستوي التعليم عند الكويتيين والحصول علي الثانوية العامة فهرول لها العم صادق مسرعا وألتحق بالصف الأول الثانوي في مدرسة ولده سعد الصباحية القريبة من المنزل والتي كانت تتحول في المساء الي مدرسة ثانوية مسائية . كان عمنا صادق مواظبا علي الدراسة ,يريد أن يسبق أولاده في التعليم حتي يصبح قادرا علي تعليمهم ولايقول لهم كلمة لاأعلم ,أسئلوا أستاذكم عن هذه المسئلة أو تلك متي مااتوا إليه ليشرح لهم فروضهم .
رزق الله سبحانه وتعالي بفضله ومنته عمنا صادق ولدا واحدا هو أبنه سعد وثلاثة بنات هن مي وسماها علي اسم الأديبة مي زيادة وتماضر علي اسم الخنساء وموضي علي أسم والدته الحبيبة وكانوا والحمد لله قرة عين له ولزوجته لولا معاتبة والدته له بأن لايكتفي بأربعة أولاد وخصوصا أنه ليس لديه إلا ولد واحد وبأنه يحتاج الي أكثر من ولد ليحمل أسمه وكانه كتب علي البنات الا يحملوا أسم والدهم وفخره حتي ولو أجتهدوا وأشير اليهم بالبنان وحققوا لوالديهم كل مايصبون إليه ,وكان يحس بالضيق الذي تكون فيه زوجته متي مازارت والدته لأنها كانت تسمعها الكثير من هذا الكلام فيخفف عنها ضيقتها ويشرح لها كم هو سعيد بحياته معها . في بعض الأحيان كان يحاول أن يشرح لوالدته بأن تربية أربعة أولاد مع مايصاحب ذلك من قلق عليهم هو هم كبير لايستطيع أن يزيده فيكفيه ماهو فيه ولكنه في كل مرة كان يحس بأن شرحه سيذهب أدراج الرياح فيظل يتهرب من والدته ويزيد من حنانه لها حتي لاتغضب منه فهو لايستطيع بأي حال من الأحوال علي تحمل غضبها وخصوصا بعد وفاة والده وأخيه الصغير رحمة الله عليهم أجمعين وماتركه من أثر كبير علي نفسيتها وصحتها العامة فكان دائما شديد الرفق بها. ظل العم صادق يواظب علي دراسته المسائية وأستطاع بأجتهاده أن يكون من القلة الذين حصلوا علي الثانوية العامة وبتقدير مرتفع في تلك السنة فكرمه مجلس الحي في مدينته علي جهوده تكريما ظل يفتخرفيه وسط أولاده العمر كله , فهل يتوقف العم صادق عند هذا الحد أم أن نفسه ستدفعه ليخوض غمار الدراسة الجامعية؟؟. يتبع........................................................ابن سينا, |
| | | ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: المصير 31/10/2010, 06:41 | |
| يلقي صاحبنا العم صادق معارضة شديدة من أخوته عندما يقرر المضي قدما في إكمال دراسته الجامعية للحصول علي الليسانس في التاريخ عن طريق الأنتساب الي جامعة بيروت العربية عن طريق المراسلة كما يفعل الكثيرون ممن لاتسمح ظروفهم بالألتحاق الرسمي للجامعة لتعارضها مع وظائفهم ,مصدر رزقهم ورزق أسرهم ويلحون عليه بالأكتفاء بالثانوية العامة فسنه لم تعد تسمح له بالدراسة ,عذر واهي لايلقي اذن صاغية عند عمنا صادق فلطالما أمن بالمثل القائل ,أطلب العلم من المهد حتي اللحد. ولكنه يوافقهم في شئ واحد وهو أن لاتجعله الدراسة يهمل تربية أولاده ومتابعتهم في حياتهم وتحصيلهم العلمي وقد عاهد نفسه الأيفعل ذلك وأن يترك الدراسة بالمراسلة متي ماأحس بأنها تبعده عن أولاده فهم أول أولوياته دائما وأبدا. يبدأ سعد خطوته الأولي الي الجامعة بعد حصوله علي معدل كبير في الثانوية العامة بفضل مساندة والده ووالدته له طوال العام حتي يتمكن من تحقيق هذه النتيجة ولو رأيتم العم صادق في تلك الأيام لأشفقتم علي حالته وهو يروح جيئة وذهابا بجانب غرفته بعدما رجع من المدرسة ومعه رقم الجلوس فدخل غرفته ونام قليلا ثم يهرول الي غرفة زوجته ليقول لها وهو في قلق كبير,هل أعطوه رقم الجلوس حتي ينام؟,هل أعطوه رقم الجلوس حتي ينام ؟,عندها تقوم الزوجة بتهدئته وتقول له بل سوف يرتاح لبضعة ساعات ثم يقوم ليسهر علي دروسه ,إنه مجتهد كأبيه في المذاكرة فلا تخاف عليه ,ويبدو أنها كانت تعرف ولدها جيدا فهو في الحقيقة لم يخذلهم وحصل علي نسبة عالية مكنته من دخوك كلية الهندسة. مازالوا بنات العم صادق بعيدين بعض الشئ عن الثانوية العامة ومتاعبها وبذلك تركوا له فرصة لكي يلتقط أنفاسه ويستعد لأمتحاناته هو نفسه في التاريخ ليجتاز السنة الثالثة له ليبقي له سنة واحدة ويحصل بعدها علي ليسانس التاريخ. ولكنهم بين الحين والأخر يبلغون والدهم العم صادق بطموحاتهم التي وضعوها نصب أعينهم فمي تريد أن تصبح طبيبة عائلة وتماضر تريد أن تصبح طبيبة أسنان وهي لاتريد أن تدرس في الكويت وحلمها ان تدرس في إيرلندا كأخت صاحبتها التي تخرجت من كلية الأسنان هناك ومافتأت تخبرها عن حلاوة الدراسة وحلاوة البلد الذي درست فيه أختها وكانت والدتها تغضب منها عندما كانت تسمع هذا الكلام فيهدأ العم صادق من روعها ويقول لها دعيها الأن تدرس وتحلم ولا تؤثري علي دراستها حتي تحصل علي النسبة المطلوبة لدخول الجامعة وساعتها يكون لكل حادث حديث أما موضي فقد أختارت تخصصا يمكن أن يتغير مع الوقت فهي من شدة حبها للحيوانات التي يمنع العم صادق دخولها للمنزل خوفا علي صحة أولاده منها تريد أن تصبح طبيبة بيطريه حتي تبقي قريبه كل الوقت معها وهو أمر يشعر به والدها ولذلك فهو لايعارضها الأن بل يثني عليها ويطلب منها أن تبذل جهدها كله في الدراسة ويقول لها أن كلية البيطرة تحتاج ايضا إلي مجموع كبير ولذلك عليها أن تجتهد في مذاكرتها ولاتضيع الوقت كله في اللعب مع صور الحيوانات التي تملأ غرفتها.
تظل حالة العم صادق المادية متوسطة وهو يحمد الله فهو أحسن من غيره وهذه عبارة لم تكن تفارق خاطر العم صادق كلما أخذه التفكير بالمادة ووفرتها ومايمكنه أن يحقق بها من طلبات لأولاده لايستطيع هو الأن بمدخوله المتوسط أن يحققه لهم بل أنه يحس بأنك هنالك أشياء كثيرة سوف تفوت من أمامهم ولن يحققوها في صغرهم ويتمتعوا بها في سن معينة لاتقبل التأجيل ولن يستمتعوا بها بعد أن يمضي قطار العمرسريعا بأعمارهم ولكن ماعساه أن يفعل فهذا أمر الله وهذا رزقه المكتوب له ولعله حينما ياخذ ليسانس التاريخ تتغير أحواله مع أرتفاع مرتبه في حال وافقوا له علي العمل كمدرس للتاريخ في إحدي المنازل القريبة من منزله,شريط من الأحلام ممزوجة بالقلق والحسابات والتفكير المتعب يقطعه صوت زوجته التي تخرجه مما هو فيه وتدعوه لتناول طعام العشاء معها ومع أولاده الذين أجتمعوا علي مائدة الطعام ولا ينقصهم إلا وجوده. لشدة معرفتها به (زوجته ) تعرف أنه كان في تفكير وقلق عميقيين حتي أنه لايقبل علي الطعام كعادته فتبدأ بوضع الأطباق أمامه وتشجعه علي إلتهامها وبعد الطعام تجلس معه وتساله وهي تقدم الشاي له عن همومه ومايشغل باله الي هذا الحد. هو- لاشئ يشغل بالي الا مستقبل أولادي وكيف أسعدهم. زوجته – مصيرهم ومايؤولون إليه من خير ونعمة بأذن الله تعالي وسيكون طيبا إن شاء الله بفضل دعاءك ودعاءي لهم وأما الرزق فبيد الله ,يرزق من يشاء. العم صادق – ونعم بالله. بهذه العبارات محت الزوجة الصالحة كل الشؤيط المؤلم الذي كان يعتلج في قلب عمنا صادق وكأنما صبت علي ناره كوب من الماء البارد فأطفئت كل لهيب في قلبه.
لما لا وهي الزوجة الوفية التي تحملت معه كل سنين عمره بحلوها ومرها وهي تعرفه جيدا وتعرف نبله وكرمه معها في معاملته اليومية وكيف أنه لم يحاول يوما أن يغضبها حتي في أحلك الأيام التي مرت عليه . يخرج ولده من كلية الهندسة ويبدأ مشوار البحث عن الوظيفة وبتخرجه يلقي العم صادق بعضا من همومه ويقول في نفسه الأن علي الأقل هنالك من يستطيع أن يعول أسرته لو حدث له مكروه أو تغيرت عليه الأيام وسيكون سندا له ولأخواته الذين لم يكملوا تعليمهم فأخوهم اصبح اليوم مهندسا وسوف يكون مشهورا في المستقبل ومن أصحاب المشاريع وبه سوف ترتفع حالتهم المادية بدخول ممول أخر للمنزل,يحدث نفسه بهذه الأمور وهو لايدري بأن الحصول علي وظيفة للخريجين في القطاع العام والخاص لم يعد بالسهولة التي يتصورها فهنالك الألأف من الخريجين يقفون في طابور الأنتظار للحصول علي الوظيفة ,يعلم سعد أباه بأن الأمور ليست كما يتصور وبأن القطاع الخاص يطلب أيضا سنوات خبرة للمهندس الجديد وبأن الأمور قد تطول وتحتاج بعض الصبر ويرد العم صادق يابني مادمت قد حصلت علي شهادتك فالأبواب سوف تفتح أمامك إن عاجلا وإن أجلا فلا تبتئس وأصبر فإن الله مع الصابرين.
بعد تسعة شهور مضنيه ومرور علي الوزارات المختلفة والشركات وتصوير الكثير من وثائق التخرج والصور الشخصية ووضعها في كل طلب حتي وصل عدد الطلبات التي قدمها سعد الشئ الكثير الذي جعله يتندر به بين زملائه ويطلب منهم الأ يتخرجوا فليس هناك أحلي من أيام الجامعة حيث لايوجد هم سوي هم المذاكرة,يحصل سعد علي وظيفة حكومية في هندسة الطرق ويلقي ترحيب جميل من مديره في الوظيفة ويحس بأن مديره من الأشخاص الذين يشجعون الكفاءات الوطنية ويرحب بها عنده وهذا هو إنطباعه الأول وعادة مايكون الأنطباع الأول صادقا ولذك فقد سعد بذلك وقرر أن يبذل كل مافي وسعه حتي يجعله راضيا عنه. لكن هنالك قضية ظلت ملتصقة في ذهن سعد من خلال تجواله للحصول علي الوظيفة فقد سمع عن برنامج يسمي دعم العمالة الوطنية ووجد بعض الشركات تقول له وبكل صراحة أجلس في منزلك ونأخذ نحن من الدولة دعمك الذي هو نصف راتبك ونقتطع منه مائة دينار ونسلمك الباقي وأنت في منزلك وبدون أن تحضر للدوام وبدون أن تتعب وهنالك الكثير من الشباب الخريجيين يعملون ذلك وأحس بأنه يود لو يشكو هذه الشركات الي الجهات المختصة فهي تتلاعب بمساعدة الدولة للشباب لتشجيعهم للألتحاق بالقطاع الخاص ولكنه يتردد ويقول في نفسه أن هذه الشركات لديها الكثير من المحامين الذين يدافعون عنها ولديها الأساليب الملتوية التي تخرجها من ورطتها وهو مازال في أول الطريق ومازال يبحث عن وظيفة ولكنه في قرارة نفسه يحتقر هذه الشركات ويحتقر القائمين عليها والذين لاهم لهم سوي جمع المال بأية وسيلة حتي وأن أدي هذا الي خسارة الوطن الذي لم يبخل بيوم علي مواطنيه بأي مطالب لتحقيق رفاهيته ويقرر أن يشرك والده في هذا الموضوع فيري أن رأي والده من رأيه وبأن عليه الأن أن يركز علي الحصول علي وظيفته وبأن حبل الكذب قصير ولابد لهؤلاء التاس من الوقوع في شر أعمالهم إن أجلا أو عاجلا,وعلي أية حال فهو الأن موظف في الحكومة وللقطاع الخاص رب يحميه من هؤلاء المرتزقة ومن الشباب الذين لايهمهم أحلال رزقهم أم لا . هو لايستطيع أن يحذو حذوهم فهو تربية العم صادق الذي يعشق وطنه ويخاف عليه ويعشق الحلال ويخاف من الحرام ولم يدخل يوما علي عياله لقمة فيها شك من حرام ولذلك فهو يحس بأن الله سيبارك له في رزقه ونصيبه من الدنيا كما بارك لوالده فيه وفي أخوته وعليه في وظيفته الجديدة أن يرضي ضميره قبل كل شئ. أصبح مديرنا العجوز كما يحب سعد أن يذكره في نفسه معجبا بسعد وتفانيه في عمله وأصبح سعد يلازمه في كل جولاته التي يقوم بها في هندسة الطرق ومشاريع الحكومة وبدأت خبرة سعد تزداد مع الوقت فتزيد من تقدير المدير له . بعد تخرج سعد وحصوله علي الوظيفة تبرز الي الساحة أبنة العم صادق الكبيرة مي لتسلط عليها الأضواء بعد سعد لحصولها علي نسبة عالية في الثانوية العامة تؤهلها الي الحصول علي مقعد في كلية الطب وهو المكان الذي كانت تحلم دائما به ويطير قلب عمنا صادق من الفرح فهاهي أحلامه تنحقق الواحدة تلو الأخري وهو دائم الحمد لله والثناء عليه مع مايشوب ذلك من قلق لاينقطع فقد بقيت له أبنتان علي الطريق وهو يحدو بهم بكل حنان الي الطريق الصحيح واضعا مصيرهم في يد الله سبحانه وتعالي وتوفيقه. يتبع ..................ابن سينا. |
| | | محمد مظهر عضو متقدم
عدد الرسائل : 601 بلد الإقامة : دولة الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6793 ترشيحات : 7 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: المصير 31/10/2010, 19:47 | |
| أستاذ الكلمة ومعلمها والله احنا أحترنا معاك إبداعك متشعب وفى كل دروب الأدب فى الشعر أستاذ وفى القصة معلم لفن القصة بارك الله فى قلمك |
| | | أسامة مصطفى عضو لامع
عدد الرسائل : 1079 بلد الإقامة : جمهورية مصر العربية احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6989 ترشيحات : 10 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: المصير 31/10/2010, 20:48 | |
| أدب راقى رفيع خالى من أمراض العصر وعبارات الفصحى الجميلة جزلة المعانى أرجعت لنا أدب روائح أدب طه حسين فى روايته الجميلة : الأيام الاستاذ ابن سينا لك منى تحية تقدير |
| | | ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| | | | ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| | | | ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: المصير 1/11/2010, 06:57 | |
| [color=blue]أبنته تماضر هادئة وتكاد تشع منها علامات العبقرية في كل تصرفاتها وفي درجاتها التي تحصل عليها بالمدرسة وبالرغم من أن العم صادق يحب أولاده كلهم بنفس الدرجة إلا أن تماضر لها حضور كبير في قلبه لايعرف سببا له وقد لاحظت زوجته عليه ذلك ونبهته حتي لايحس الأولاد بذلك فيدخل الحسد الي قلوب الأخوة ويعتقدون بأن والدهم يفضلها عليهم ولذلك فقد ظل العم صادق يخفي شعوره هذا علي قدر أستطاعته . أما موضي فهي شقية بطبيعتها وتعاكس أمها كثيرا ولاتنفذ أوامرها الا بعد جهد جهيد ولكنها عندما تقف أمام والدها ليؤنبها علي شقاوتها تعرف كيف تمتص غضبه فتعود الأم لتقول له هل هكذا أنت عاقبتها ؟؟ ويرد العم صادق أنها مازالت صغيرة فخففي من قبضتك عليها. زوجة العم صادق علي عكس العم صادق شديدة بعض الشئ علي الأولاد وتحسب للأنضباط بالمنزل الشئ الكثير ولاتجامل أو تتهاون فيه حتي وإن أبدي الأولاد إنزعاجهم ودخلوا الي غرفهم وأغلقوا الأبواب عليهم ولم يفتحوها حتي يحضر أبوهم العم صادق فيحتمون به ويخرجوا الي صالة المنزل أو غرفة الألعاب وسط تذمر والدتهم الذي لاينقطع. عندما يجلس العم صادق مع زوجته تبلغه بأنها لاتكره الأولاد ولكنها تخاف عليهم من أن تكون الفوضي هي عادتهم التي سينشأون عليها ويرد العم صادق بأنه يعلم ذلك ولكن يجب عليها أن تخفف من حدتها معهم ,رجاء لايلقي أذن صاغية من زوجته فتطل علي ماهي عليه ويظل هو علي ماهو عليه حتي تتوازن الأمور ؟ حسب ظنه ؟.
يمضي سعد عاما كاملا في وظيفته مع مديره العجوز والذي يزداد إعجابا به فيتطوع في تعليمه علي كل الخبرة التي أكتسبها من عمله الطويل في الوزراة ويساعده سعد بتنبهه وحضوره علي أن يؤدي المهمة علي أكمل وجه ويصبح سعد محبوبا في العمل من زملائه علي مايتمتع به من دماثة في الخلق وحسن معاملة للجميع حتي أنه يمازح العامل البغالي عندهم وأسمه فخر الدين فيقول له أسماءكم أقوي منكم ,أسمائكم فخر الدين وفخر الإسلام وأسماء أخري قوية ولكن عزمكم ضعيف . سعد موجها خطابه الي العامل فخر الدين – كم تقبض راتبا من عملك معنا؟ العامل – ستون دينار ياسيدي. سعد – ولما لاتعمل في وظيفة بعد الظهر وتحصل علي مزيد من المال . العامل – أنا عندي وظيفة أخري؟ سعد ,حسنا وماهي ؟ العامل – وظيفة السلام عليكم . سعد – مستغربا ,وكيف ذلك؟ العامل – أنا أحضر في الصباح وأمر علي كل الموظفين الكويتيين وأقول لهم السلام عليكم فيعطيني كل واحد منهم من ربع الي نصف دينار وفي أخر الشهر يتجمع لدي من ثلاثين الي أربعين دينار. يضحك سعد من هذا التفكير وشر البلية مايضحك ولايدري أهو مكر تعود عليه هؤلاء الناس أم هو الفقر الشديد وأستغلال الناس لهم عندما يحاولون الحضور الي بلدنا في طلب الرزق من قبل تجار الإقامات وجشعهم الشديد فينقلب ذلك علينا ويحاولون بشتي الطرق أسترجاع نقودهم التي دفعوها لتجار الإقامات فيلجئون للحيل وماأكثرها ومنها هذه الحيلة التي ذكرها العامل البنغالي لسعد وبدون أي تردد أو خوف. يلاحظ سعد وعلي غير عادته الألأم في بطنه علي جانبه العلوي الأيمن تتكرر بين فترة وفترة ثم لاتلبث وأن تختفي لمدة فلا يعيرها أي أهتمام ويظنها شئ عابرا ولكن وبعد مدة تزداد عليه فيقرر أن يري الطبيب ويجري بعض الفحوصات لذلك ولكنه يقرر في قرارة نفسه أن لايعلم والده ووالدته بخصوص هذا المرض حتي يتأكد هو ويطمئن بنفسه وخصوصا والده فهو يعرف كمية القلق التي تصيبه عندما يمرض أحدا منهم . يشك الطبيب المعالج بأن سعد يعاني من مرض ما في الكبد ولذلك يطلب منه عمل سونار مستعجل للكبد في مستشفي أمراض الجهاز الهضمي وهو مستشفي كبير تبرع به ورثة العم ثنيان ثنيان الغانم رحمة الله عليه للشعب الكويتي ومن يقيم علي أرضها ومثله كثيرون في الكويت جبلوا علي فعل الخير دوما وأبدا فتكون المفاجأة التي لم يتوقعها حتي الطبيب المعالج وذلك لصغر سن سعد فهنالك تورمات كثيرة منتشرة في كبد سعد وتحتاج الي بزل حتي تعرف إذا ماكانت خبيثة أم حميدة وهنا يسأل الطبيب سعد إذا كان قد أعلم أسرته بالموضوع وعند علم الطبيب بأن سعد لم يخبر عائلته بنصحه بأبلاغهم لأنه سيحتاج كل الدعم من أسرته في المرحلة المقبلة (فالموضوع قد يكون خطيرا جدا وقضية حياة أو موت,ولكنه طبعا كطبيب لايخيفة ويطمئنه ويطلب منه المضي في عمل الفحوصات الطبية حتي التوصل الي التشخيص النهائي لحالته ). في الزيارة التالية يذهب العم صادق مع ولده سعد للطبيب حتي يكون معه في فحص البزل للكبد تحت أشعة السونار وتتم العملية بسرعة ويسر بعد إجراءات الدخول للمستشفي ويعود سعد بعدها الي غرفتة ليجد عائلته كلها بأنتظاره وقد خيم الصمت علي الجميع وأخواته يجلسون في ركن من الغرفة ومصاحفهم بأيديهم لاتفارقهم وهم يدعون لأخوهم سعد بالشفاء كاتمين مابداخلهم من خوف وهلع علي أخيهم الذي اصبحت حياته اليوم مهددة بمرض لايعرف الرحمة وبه من القساوة الشئ الكثير للمريض وأسرته وهاهو العم صادق بثبات المؤمن بقدر الله يشاهد أحد جذوع النخل التي صبر عليها ورعاها تذوي أمام عينييه وهو لايعرف ماهو مصيرها فلا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالي وهو يرجو أن تمر هذه المحنة علي أسرته بسلام . تنقسم الأسرة في رعايتها لسعد مجموعة تذهب ومجموعة تجئ حتي لايشعر بالوحدة ولكن هيهات فسعد الأن دخل في نفق القلق والإرتباك ولايدري ماتخبئه الأقدار له مع هذا المرض المخيف والذي لايرحم وتراه سارحا في معظم الوقت وهو دوما يحمد الله بأنه لايعاني أية ألام في الوقت الحاضر ولولا أشعة السونار لما أحس بهذا الخطر الذي داهم حياته وإن خرج من سكونه ورأي أخته التي مازالت في كلية الطب أمامه راح يسألها عن حاله وهل حقا سيتمكن الأطباء من علاجه فتطمئنه وتشد من عزيمته وتقوي إيمانه وتنصح له وهي تعلم أكثر من غيرها مدي سؤ حالة أخيها سعد . يقرر الأطباء بعد إجراء كل الفحوصات بأن حالة سعد شبه ميئوس منها مالم يعجل بسفره حتي يتمكن الأطباء من زراعة كبد له وهي الوسيلة الوحيدة التي يمكن لها أن تعطي سعد أملا في أن يكمل مسيرة حياته مع أهله وأخوته ويحصل والد سعد علي تقرير بذلك من الطبيب المعالج لكي يمضي في عمل الإجراءات اللأزمة لكي ينقل سعد للعلاج في مستشفي كبير في لندن متخصص في علاج وزراعة الكبد علي نفقة وزارة الصحة وبعد معاملات كثيرة وروتين تمني العم صادق الأ يكون موجود لمثل هذه الحالات الإنسانية يحصل في الأخير علي الموافقة علي سفر سعد للخارج والي نفس المستشفي الذي أوصي به أطبائه المعالجون ويحصل من وزارته علي إجازة لمدة شهرين لمرافقة ولده علي أن تجدد حسب حاجته فالكل يأمل بأن يساعد العم صادق في محنته بما يستطيع ولكن العم صادق يحتاج لطف الله به وبولده ويرجو من الله أن يعينه ويصبره علي مأبتلاه به من مرض ولده الوحيد سعد. بعد أيام يؤخذ سعد من المستشفي الي المطار حيث يكون والده في إنتظاره وبعد توديع زوجته وبناته يركب الطائرة المتجهة الي لندن حيث تم الحجز لسعد ليذهب من المطار الي المستشفي مباشرة مع والده ,مشوار لم يكن يخطر علي بال العم صادق بأنه سيقوم به فيكون غريب أوطان مع ولد ه الوحيد في مثل هذه الظروف الحالكة السواد ولايدري العم صادق مايخبئه له القدر ولولده في هذه البلاد ولكنه دوما قريب النفس والروح من خالقه الذي لن ينساه وسوف يغيله ويرفعه من عثرته هذه . يتبع .........................................ابن سينا.
|
| | | عمر سليمان عضو نشيط
عدد الرسائل : 219 بلد الإقامة : مصر العمل : الحالة : نقاط : 6287 ترشيحات : 0
| موضوع: رد: المصير 2/11/2010, 00:17 | |
| متابعون بشغف لنزف قلمك الراقى لك منى أجل الاحترامات لقلمك الرائع |
| | | ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: المصير 2/11/2010, 07:18 | |
| الأخ عمر سليمان - شكرا علي مرورك الكريم ويسعدني تواجدك الراقي ,تقبل خالص الود والتحية.
أخوك - ابن سينا. |
| | | ابن سينا مستشار أدبي
عدد الرسائل : 1928 بلد الإقامة : الكويت احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 8151 ترشيحات : 129 الأوســــــــــمة :
| موضوع: رد: المصير 2/11/2010, 11:26 | |
| يفكر العم صادق بحاجز اللغة بينه وبين الناس ويقرر بعد أن ترك سعد بالمستشفي وذهب لينزل في فندق قريب قد تم ترتيب الحجز له فيه بأن يذهب في الصباح الي السفارة وبالتحديد المكتب الصحي لإكمال أوراق أبنه سعد وإعلام المكتب بوصوله حتي يقوم أحد العاملين بعد ذلك بزيارته وإجراء اللازم مع المستشفي بخصوص فواتير العلاج وماغلأي ذلك من أمور إدارية يختص بها المكتب الصحي. في المكتب الصحي يقابل العم صادق مجموعة من المرضي من مختلف اطياف الشعب الكويتي والذين أوفدتهم الدولة مشكورة علي نفقتها للعلاج بالخارج كمثل العم صادق الذي لم يكن ليتحمل مصاريف العلاج الباهضة التي يتحملها الأن المكتب الصحي بل ويشرف عليها بنفسه حتي لايتم التلاعب علي المريض بفواتير الفحوصات المطلوبة والفندقة والعلاج. ويستفسر العم صادق عن أحوالهم وكيفية العيش في هذا البلد الغريب وطريقة صرف المخصصات للمرافقين للمرضي والتي يعرف بعدها بأنها شيكات تدفع أسبوعيا وعليه الحضور في كل أسبوع حتي يتسني له الحصول عليها حتي ينفق علي نفسه طوال فترة إقامته مع ولده سعد وهو يتلقي علاجه. المعيشة هنا مكلفة للغاية كما تبين للعم صادق بعد أن أمضي مايقارب الأسبوعين هنا في لندن وبأن الجميع يطلبون منه أن يقابل العمدة (عمدة المرضي الكويتيين في لندن في ديوانتيه التي يؤجرها وهي عبارة عن شقة صغيرة في حي راقي في لندن ليعرف العم صادق بعدها أن والد العمدة هو من اقدم المرضي الذين يتعالجون في لندن وبأنه أنشأهذه الديوانية لكي يتقابل الكويتيين فيها ويرفهوا عن أنفسهم فتسقط بعض هموم الغربة وألم المرض سواء كان بهم أم بأقرباءهم من علي كواهلهم وكذلك لتسهيل أمورهم في بلد الضباب لإيمانه بأن الله في عون العبد مادام العبد في عون أخيه وهو يجلس فيها من الخامسة حتي التاسعة مساءا ولايستطيع أحد أن يتصور ماكان لهذه الديوانية من تأثير علي تحسن حالة العم صادق النفسية بعد أن بدأ في الذهاب إليها والإجتماع بمن هم علي شاكلته والذين فرضت ظروف المرض عليهم التواجد في هذا المكان ليسلي بعضهم بعضا ويطرد عنه شبح الخوف الذي يحوم حولهم وهم غارقون في بحر من الهم والقلق علي من يحبون ,فسائل النخيل التي سقوها بأدمعهم ولحفوها بسهر الليالي الطويل وهم يرجون من الله لهم الشفاء وان يخفف الله عليهم ماهم فيه وود العم صادق لو أنه كان محل ولده ليقايض الشيخوخة بالشباب ولكن هيهات له أن يكون له مايريد. لقد كانت لهذه الديوانية منفعة كبيرة لمن أختلطت عليه الأمور في أول أيام حضوره أو وقع في ضائقة ,شعور جميل لايستطيع الشعور فيه إلا العمدة وهو يخفف عنه مايلاقيه من شدة في فراق زوجته وعياله لكي يبقي بالقرب من والده المريض يحنو عليه ويحسن إليه ويرعاه حتي يحصل متي ماكبر علي نفس الرعاية من أولاده فالدنيا كما تدين تدان فيشعر هو ومن معه بأنهم في لحمة دائما سواء كانوا داخل البلاد أو خارجها ويسألوا الله سبحانه وتعالي أن يديم عليهم هذه اللحمة وهذه المحبة . مازال سعد بصحة جيدة ويستطيع أن يتفاهم مع الموجدين من طاقم المستشفي ويترجم لوالده مايصعب عليه من فهم للغتهم التي لايخبرها كثيرا . محنة كبيرة يعيشها العم صادق ولكن الرجال خلقوا لتحمل المصاعب ومصارعة الحياة بحلوها ومرها وأهل الكويت قد جبلوا علي ذلك فاصبح أمرا فطريا وهذا مايفعله العم صادق الأن يوميا في لندن الأن وهو برفقة ولده المريض سعد ولايفرج كربه إلا الصلاة يهرع إليها كلما حان وقتها علي جدوله الذي أخذه من مسجد لندن عندما ذهب ليصلي صلاة الجمة هناك وهو يحمله معه في جيب معطفه الصوف البنجابي الذي يدرأ عنه برد هذه البلاد القارص والمقابلة الجميلة التي بات يلقاها من إخوانه الكويتيين كلما ذهب الي ديوانية العمدة فقد جمعتهم نفس المشاكل ونفسس الهموم فلا يعرف الوجد إلا من كابده كما يقولون ولايحس بالعليل إلا العليل وهي أيام لابد للعم صادق أن يتجرع كأسها حتي يقضي الله أمره في ولده سعد.
كان لسعد يوما بيوتا من الأحلام أنشئها ورسمها وخطها لنفسه وهو يدرس الهندسة ويحث نفسه علي التحصيل والمثابرة حتي يجعل والده العم صادقفخورا به وبتحصيله العلمي وتفوقة واليوم يراها تتهاوي أمام ناظرية وكأنه سقط من علو شاهق وتحطم عندما أصطدم بالأرض ,أرض الواقع الصلبة التي لاترحم مع هذا المرض الخبيث الذي يعاني منه الأن وهو يحس بأن الأطباء يخفوا عنه الكثير الكثير ولايقدموا أي نصيحة جادة بخصوص عملية زراعة الكبد المخصصة له وكأن أمر المرض قد خرج من حدود سيطرتهم وسيطر علي كل جسمه فاصبح علاجه أمرا ميئوس منه وأن مايفعلونه هو مجرد تمريض ومجاملة وتخفيف لمحنته لااكثر ولا اقل فهاهم اليوم يتحججون بأن الدواء الذي يحتاجونه في علاج خلايا السرطان في كبده وهو من النوع المطور غير متوفر عندهم وسيتم طلبه من مستشفي في استراليا خصيصا لحالته لأن هذا النوع الجديد في طور الأبحاث ولايوجد منه الكثير إلا في المراكز العالية التخصص في علاج أمراض الكبد وأورامها السرطانية المستعصية للعلاج كما يسمونها وأن حضوره من هناك سوف يستغرق بحدود الأسبوعين ,وماذا بيد سعد أو والده العم صادق أن يعملوا سوي الصبر والأنتظار والتقيد بأرشادات الطبيب المعالج ويتعجب سعد من صبر الناس هنا مع الأطباء وتقيدهم بالمواعيد وتنفيذ التعليمات بدقة متناهية وهو مالم يفعلوه مع أطباؤهم في الكويت أبدا فلو كان هذا الطبيب في الكويت وسعد عنده ماعنده من المرض وطلب منهم أن يصبروا أسبوعين حتي يحضر الدواء فيحقنه لسعد فإنهم و الله لن يصبروا علي ذلك وسيقيمون الدنيا ويقعدوها علي راس هذا الطبيب ومجموعته ولكنهم هنا يتصرفون في غاية الأدب ويوافقون علي كل شئ يأمر به الطبيب عن طيب خاطر ولايقتحمون غرف الفحص علي الطبيب وهو يفحص مريض أو مريضة ضاربين بخصوصية المريض وإحترام الطبيب عرض الحائط خصوصا إذا ماكان المراجع الأخر يجر معه واسطة كبيرة وثقيلة الحجم مثل وزير أو وزير سابق أو نائب بمجلس الأمة وهذا الأخير قد يحضر بمنتصف الليل ليحجز غرفة لمريض رفض الإداري في الخفارة أن يعطي ولده أو مريضه غرفة لإن هنالك مريض رأي الطبيب أنه يستحق الغرفة أكثر من مريضه لحالته الصحية المتدهوره وحاجته لمرافق معه في الغرفة طوال الوقت. ربما يفعلون ذلك هنا حتي لايقال عنهم متأخرون وهمجيون وغير حضاريين وبأنهم أتوا لتوهم من الصحراء بفلوسهم الكثيرة ليكتموا علي أنفاسهم وهذا ماافضت به أحدي الممرضات لسعد وهي تتحدث معه في خفارتها حتي تسلي نفسها ويمر الوقت سريعا ومن غير ضجر وتروي له كيف يتعامل معها بعض المرضي من الخليج ويغدقون عليها الهدايا والأموال حتي تهتم بمرضاهم وهم لايعلمون بأنها ماجاءت لهذه المهنة إلا من أجل الأهتمام بالمرضي والسهر علي راحتهم فيدافع سعد عن أبناء جلدته ويخبرها بأنهم لايقصدون الإهانة ولكنه نوع من التعبير عن شكرهم لها وهي من طبيعة العرب فهم عاطفيون جدا في تصرفاتهم مع الأخرين. ويري سعد هذه الممرضة صورا للكويت ومبانيها الشاهقة وأسواقها,صور أحضرها معه لينظرلها كلما هفه الشوق الي الكويت ومن لايهفه الشوق للكويت وأهلها الطيبين وبحرها الساحر والجلوس في مقاهيها لسماع الأغاني القديمة والتسامر مع كبار السن فيها وسماع الأخبار القديمة للبحارة وكفاحهم وصراعهم مع البحر من أجل لقمة العيش قبل ظهور النفط وتمتع الجميع بهذه الثروة التي حباها الله لها الأن فهذا الشعور له جذور اقوي عندهم فقد ذاقوا الحرمان وضيق العيش فحسن تقديرهم للنعمة التي هم فيها الأن وهم يشكرون الله دوما حتي يبقيها عليهم فلا تزول . تطلب الممرضة من سعد ان يعذرها فهي لم تشاهد الكويت أوأي دولة خليجية من قبل وكل ماتعرفه وهو شئ قليل يأتي عن طريق المرضي الذين يحضرون للعلاج هنا وكثير منهم لايعير هذا الأمر أهمية كبيرة ولايهمه توضيح الأمور كما تفعل أنت وكي لا تثقل علي سعد ,تشكره علي معلوماته الشيقة عن الكويت وتعده بأن تزورها متي ماسنحت لها الفرصة لذلك ويرد عليها سعد بانها ستشعر بسعادة كبيرة عندما تزورها وتجلس مع أهلها الطيبين. يتنهد سعد بعد كلامه مع الممرضة ويتمني أن يكون في الكويت الأن فقد اشتاق الي أمه وأخواته الثلاثة وأصدقائه في العمل ويخاف أن تدنو المنية وتباغته وهو بعيد عنهاوعنهم فهو لايريد أن يضمه تراب غير ترابها ولاارض غير أرضها. في خضم حيرته وحزنه وخوفه يدخل عليه العم صادق بحنان الأبوة الذي يفيض منه ويسلم عليه ويسأل عن أحواله ويرد سعد بأنه بخير والحمد لله فهو لايريد أن يحمل والده همه ولكنه يخبره بأنه مستاء من موضوع العلاج الذي سيتطلب حضوره أكثر من أسبوعين . العم صادق – سيمر الوقت دون أن تحس به ياسعد فتوكل علي الله وأصبر فإن الله مع الصابرين وتوكل علي الله . سعد – ونعم بالله ,عليه توكلت وإليه المصير.
كان سعد صلبا في تحمل مرضه فلم يلاحظ عليه أحد الألم يوما ما وحتي والده العم صادق ولذلك لايدري العم صادق هل هي صلابة أبنه في تحمل الألم أم أن المرض لايسبب له أي ألم وفي كل الأحوال يعتبرها العم صادق رحمة من رب العالمين لأنه لايحتمل أن يري ولده يصرخ ويلتوي من الألم أمام ناظريه وهو جالس في مكانه لايحرك ساكنا فالحمد لله علي هذه النعمة وهو يرجو الله أن يبقي ولده سعد هكذا في مرضه حتي يمن الله له بالشفاء العاجل ويعود به معافي الي أرض الوطن. لحظات صعبة تمر علي العم صادق ويتمني ان يضيق الكون به فيسقط في هوة كبيرة تخرجه هو وولده من نهايتها وقد تماثل سعد للشفاءكما يحدث في الأفلام الخيالية التي تملأ شاشات التلفاز حيث يقيم الأن العم صادق علي أن أحلام العم صادق بسيطة وعفوية وصادقة يكتسبها من الحياة التي يعيشها من حوله بكل أمانة وصدق ودون غش أو خداع أو لف أو دوران فعنده واحد زائد واحد يساوي أثنان ولذلك وعندما سمع بأن الدواء الذي يحتاجه ولده سعد سيأتي من أستراليا وهم في بلد الطب العريقة لم يمانع وقال بثقة كبيرة هم أعرف منا في هذه الأمور ومع هذا فقد أشرك المكتب الصحي معه وطلب منهم أن يبعثوا بمندوبهم ليستجلي الأمر ويكون علي مقربة من سعد في علاجه وليته لم يفعل فقد علم بملخص المقابلة التي تمت مع المكتب الصحي بأن مسألة شفاء أبنه سعد متوقفة بعد الله تعالي علي تحسن حالته بعد حقنه بهذا الدواء في الأورام الكثيرة المنتشرة في كبده لقتلها ووقف نموها ووقف أنتشارها في جسم سعد وهو عمل فيه عامل الوقت مهم جدا ولذلك فهم قلقون الي أقصي حد علي تأخر الدواء حتي أنهم طلبوه بالبريد السريع جدا في حالة الحصول عليه ومن غيره لن يكون هنالك أمل في أن يحصل سعد علي فرصته في زراعة كبد له. كل أمور سعد صار مصيرها بعلم الغيب وهو يرجو لطف الله به ولذلك ظل العم صادق يدعو ليل نهار ربه لكي يشفي له ولده الوحيد الذي خرج به من الدنيا. بعد أسبوعين وبفضل دعاء العم صادق وولده سعد يصل الدواء بحمد الله من أستراليا ويتم تحضير سعد لنقله الي غرفة العمليات لكي يتم حقنه بالدواء الجديد ووالده العم صادق جالس علي حافة سريره يحادثه ويداعبه ويرفع من معنوياته ويطمئنه ويعطيه تلفونه النقال ليحادث أخوته وأمه فهم علي الخط متلهفين لسماع صوته والحديث معه ويستمر حديثه مطولا معهم فقد أشتاقوا له وأشتاق لهم ويتمنون خلالها له الشفاء العاجل وبأنهم سيزورنه في عطلة الصيف القريبة مع والدتهم حتي يطمأنوا عليه بأنفسهم. سبحان الله كيف تتشتت الأسرة ويتشتت تفكيرها عندما يمرض أحد أفرادها بهذا المرض العضال المتعب ليس فقط للمريض بل لأسرته كلها ولكل محبيه ومن حوله من أصدقائه ,بعد مدة قصيرة بعدها يؤخذ سعد الي غرفة العمليات حتي تحقن كبده المريضة بهذا الدواء الخاص الذي جلبوه له من أستراليا والذي يعتقد الأطباء المعالجون بأنها قد تعطي بعض الأمل لسعد لو استطاعت أن توقف الورام في كبد سعد لحين موعد زراعة الكبد الخاصة به وبعد أن يتم الأمر بنجاح يعود سعد الي غرفته وإلي والده الذي ينتظره فيها وقلبه يكاد ينفطر لحالة ولده ولكنه يتماسك فالتماسك في هذه المواقف من شيم الرجال الذين يؤمنون دوما برحمة الله ولطفه ولذلك ظل العم صادق جالس بهدوء يدعو ربه طوال مدة غياب ولده في غرفة العمليات ولحين رجوعه منها. بعد مرور أيام تتحسن حالة سعد ويلاحظ العم صادق عليه ذلك وكذلك الأطباء المعالجين الذين تبدو عليهم السعادة لنجاح طريقتهم في معالجة سعد وهو شئ يكتب لهم طبيا وبأنه في وضعه الحالي قد بات مستعدا لعملية زراعة الكبد المقررة له بعد شهر من الأن .
بصيص من الأمل يشرق علي العم صادق وولده سعد.
لم تؤلوا أخوات سعد وأمهم جهدا في السؤال عن سعد وعن أحواله فهو وصحته أصبحت هاجسهم الوحيد الذي ينامون ويصبحون عليه وتفكيرهم بالعم صادق الذي لم يترك الكويت ويذهب الي هذه الأماكن البعيدة وكيف يصرف أموره هناك وهم علي أتصال دائم معه وهذا من لطف الله بالبشر أن هيأ لهم مثل هذه الأمور وهذه التكنولوجيا التي تمكن الناس من التواصل مع بعضها عبر كل هذه المسافات البعيدة ولم يكن بإمكان أم سعد أن تترك بيتها وبناتها وتذهب مع العم صادق الي لندن لتكون بجانب ولدها الوحيد سعد والذي كان يصد الهجوم الكبير عليها من عائلة زوجها العم صادق وأخوانه كونها لم تنجب له ولد وهاهي تري أمامها مايمكن أن يحدث لو أنها فقدت هذا الولد الذي خرجت به من الدنيا حتي يكني العم صادق بأبو سعد فتنجو هي من زوجة ثانية قد يفرضها أهل العم صادق عليه حتي تنجب له الولد الذي سيخلد أسمه ويبقيه موصولا بالعائلة وبهذه الدنيا ولكن الظروف ليس بيدها أو بيد أي أنسان والمصير يحدده ماكتبه الله لها والذي سترضي به بنفس قانعة وتحمد الله علي كل حال . كانت أكثر أخوات سعد (مي) تلك التي تدرس الطب في الجامعة وتجد نفسها بين الحين والحين تتصفح الكتب في المكتبة عن أورام الكبد السرطانية وطرق علاجها وفرصة النجاة منها فتظل قلقة وحزينة علي أخيها سعد طوال الوقت ولاتعرف مامصير أخيها سعد وهل ستكتب له حياة جديدة أم أن أمورا أخري سوف تستجد في حياتهم بوجود هذه الزوبعة التي دخلت عليهم من غير سابق إنذار لتقول لهم أن لاأحد يعرف مامصيره في هذه الدنيا وماذا ستفعل الأيام معه من خير أوشر وإن كان لابد لنا من التفاؤل دوما وحسن الظن بالله وبرحمته وماستؤول إليه أمورنا في هذه الدنيا ويشارك صاحبتنا الطبيبة الصغيرة في هذا القلق اخواتها وأمهم ولكن بصورة أخف منها بكثير لأنهم لايعلمون الكثير عن هذا المرض وهي لاتجرؤ أن تتحدث عنه لابخير ولا بشر أمامهم أو أمام أمها ولكنهم يعلمون بالتأكيد أن حياة أخوهم سعد في خطروأنهم يشتاقون الي والدهم العم صادق وجلساته الجميلة و المرحة معهم عندما كانت الأسرة تلتف حول مائدة الطعام أو حول التلفاز أو في حلقات الشوي الجميلة في فناء منزلهم أو عندما يصلون مع والدهم جماعة ثم يتدارسون القرأن معه وخصوصا في أيام رمضان أو متي ماهرعوا له يسألونه عن أمر استشكل عليهم فهمه ,هي والله محنة وكربة كبيرة تمر عليهم وعلي هذه الأسرة الكريمة وهم يستعينون بالله وبقرأة القرأن في بيتهم كلما فزعوا وخافوا علي أخيهم سعد أو جاءهم خاطر سئ بشأنه . مع كل هذه الهموم التي تحيط بالأسرة تجد من يشيع في الخفاء بأن العم صادق محظوظ فهو يقبع هناك في بلاد الضباب مع ولده المريض في تلك البلاد الجميلة وراتبه وراتب ولده مدفوع ويستلم نقود كثيرة من المكتب الصحي كل أسبوع ,ياله من تفكير أخرق والحمد لله أن فئة قليلة تحمله بين جنباتها ولاتمت لهذه الأرض الطيبة وأهلها بصلة فهم متراحمون الي أقصي الحدود مع بعضهم ولكن لكل قاعدة شواذها كما يقولون وهؤلاء منهم . يتلقي العم صادق الخبر السعيد بأن الدواء الجديد الذي حقن به سعد قد أتي بنتائج جيده وممتازة وأن صحة سعد الأن أصبحت تؤهله لكي يجري عملية زراعة الكبد المقررة له في القريب العاجل ولاتتصورون مدي الفرحة التي غمرت العم صادق لدرجة أنه راح يوزعها علي اصحابه في الديوانية في ذلك المساء ومن بينهم العمدة ووالده المريض وكذلك علي زوجته وبناته عندما أتصل بهم في بادئ الأمر ليخبرهم بهذا الخبر الطيب الذي يحمد الله ويشكره عليه كثيرا. يقرأ سعد في الجرائد الكويتيه التي تصله مع أبيه كل فترة خبر القضية المرفوعة من برنامج إعادة الهيكلة ومتهم فيها أثنان وسبعون مواطنا ومواطنة في أكبر عملية غسيل أموال وجهت إليهم النيابة تهمة تلقي أموال من برنامج إعادة الهيكلة دون وجه حق حيث تبين أنهم سجلوا أسماءهم في البرنامج في كشوفات شركات وهمية ليس لها أي نشاط تجاري وهو مارفضه سعد في أيام تخرجه الأولي عندما طالت مدة جلوسه في البيت الي مايقارب التسعة اشهر فنصحه البعض بهذه الشركات الوهمية ولأنه تربية العم صادق فقد رفض ذلك ,عندما يحضر والده الي زيارته في المستشفي يبلغه سعد بما قرا لتوه عن الشركات الوهمية التي أبلغه سابقا عنها ويرد العم صادق بكل عفوية ,ياولدي حبال الكذب قصيرة ولايدوم إلا الصحيح والحمد لله الذي نجاك منها ونسأله أن ينجيك من مرضك فهو القادر علي ذلك وحده. سعد – نعم ياوالدي ,ونعم بالله .
بعد إجراء العملية وزراعة الكبد لمريضنا الغالي سعد يبدء سعد مرحلة العلاج والمتابعة كي لا يرفض جسمه الكبد التي زرعت له من مريض لايعرفه وقد يكون من غير دينه ولاملته وقد فارق الحياة في حادث سيارةكما علم لاحقا من أطباءه لكي يمنح له الحياة فسبحان الله مسبب الأسباب. بعد شهر يصبح سعد مستعدا لمغادرة المستشفي مع والده والعودة الي وطنه الحبيب الكويت واسرته التي أشتاق إليها أشتياقا يكاد ينفطر له كبده الجديد بعد كل هذا العناء الذي كابده للحصول عليه ولايعرف سعد كيف سيكافئ اسرته التي وقفت معه في محنته بكل ماأوتيت من قوة وجلادة وصبر لتساعده علي تخطي محنته التي مر بها وهو يمني النفس بأن يبذل أقصي جهده في رد جميلهم الذي يطوق عنقه وفي الجو تحمل الطائرة العم صادق وأبنه سعد محلقة بهم في عباب السماء وبين السحب في رحلة لم يحسب العم صادق بأنه سيقوم بها راجعا مع ولده بل كان أكثر ظنه أن لاعلاج لهذا المرض العضال وقد استغرقت معهم الرحلة سبع ساعات طويلة بالكمال والتمام ولكنها عند سعد المشتاق الي أسرته كانت تمر وكأنها سبع سنين عجاف تمر أمام ناظريه بشريط كامل عن معانته التي خاضها في بلد الضباب لتحط بهم في ارض الوطن الغالي الذي ليس له في الكون شبيه أو مثيل والذي يسكن في قلب كل كويتي مختوما بداخله والذي تحيطه قلوبهم بكل الحب والمودة. في المطار يجد سعد الجميع بأنتظاره,عائلته بكامل أفرادها ,أمه وأخواته الثلاث في المقدمة ليستقبلوه بكل الشوق الذي في قلوبهم وليطفئوا خوفهم وقلقهم الذي كابدوه في حلاوة لقاءه اليوم ويالها من فرحة وهم الذين ظنوا بأنها كانت رحلة لاعودة فيها ولكن فعلا وأبدا لايعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالي,حتي اصدقائه الموظفين كانوا في المطار ومعهم رئيس القسم ذلك العجوز الذي يعمل سعد معه. لحظات لايمكن وصفها ظلت محفورة في ذاكرة سعد وهو يجد نفسه محاطا بكل هؤلاء الأحبة وكل هذا الحضور الذي تواجد بالمطار ليهنأه بسلامة العودة والشفاء من رحلة علاجه الطويلة التي قضاها سعد بعيدا عن عيونهم ولكنه كان دوما في قلوبهم وخواطرهم وهذا ماأكده له هذا الحضور الجميل للجميع. يستقل سعد السيارة مع اسرته لتحمله مرة أخري الي منزله الذي أشتاق له ولكي يجتمع مع امه وأخواته من جديد بعد طول غياب ويتمني أن يعود لحياته الطبيعية مرة أخري ولعمله بعد أنقضاء إجازته المرضية فقد أشتاق الي العمل مرة أخري مع ذلك الرجل العجوز. عادت الحياة بكل ماتحمل الكلمة من وصف الي منزل العم صادق الذي لم يمر به حزن بهذا الوصف وهذه الكمية من قبل ولكن محنة سعد أظهرت للعم صادق قوة وصلابة البنيان الذي وضعه لأسرته التي ظلت متماسكة طوال فترة غيابه بالخارج لعلاج سعد. كان لرجوع سعد وشفاءه اثره السريع علي أم سعد فقد عادت الي قصتها القديمة مع العم صادق بخصوص ابنتهم مي التي تدرس الطب في السنة الرابعة وخوفها من أن دراستها للطب وسنينه الطويلة سوف تفقد مي فرصة الزواج وهي صغيرة ولذلك فهي مهتمة جدا لأيجاد عريس لها وتعتقد بأن مستقبل البنت يكمن في الزواج وماعداه فهو أمر ضعيف لايمكن الأعتماد عليه لمستقبل ابنتها حتي وإن كانت ستصبح طبيبة وتعول نفسها بنفسها ولذلك فقد ظلت تبحث لها عن شاب مناسب من العائلة وكلما عثرت علي واحد منهم ظلت تطارد به العم صادق وتكرر وتعييد علي مسامعه مناقبه وصفاته الحميدة وهي بهذا علي نقيض العم صادق الذي يتباهي بينه وبين نفسه بابنته مي وتفوقها في الدراسة ويري أن الدراسة والحصول علي شهادة مثل شهادة الطب وليس الزوج هو سلاح أبنته في هذه الحياة وإن كان لايمانع بالطبع لو توفر الزوج المتفهم الذي يقبل ويسمح لأبنته بأن تكمل دراستها وتحصل علي شهادتها وهي في كنفه وتحت رعايته ولذلك فهو يترك الأمر كله لموافقة أبنته ويسد الدرب علي زوجته متي ماألحت علي ابنته مي بهذاالخصوص. بعد فترة النقاهة المفروضة عليه من أطباءه يعود سعد الي عمله ويستقبله الموظفين والموظفات بكل الحب والترحاب بخليط من الحب والشفقة علي هذا الشاب الذي كاد هذا المرض العنيف أن يرديه قتيلا. كان من بين الموظفات فتاة تهتم لحال سعد كل الأهتمام وهي تكاد تكون علي عشق صامت له لايعرف به أحد وكيف يكون لها أن تذيعه في مجتمعنا الذي نعيش فيه حتي وإن كان عفيفا عذريا ولكن سعد بفطنته يلمحه في عيونها جيدا لدي أستقبال زملائه له ويحس بها ترقبه بشوق اينما ذهب وأينما استقر في مكان في قاعة العمل . بعد أن يهدئ الأستقبال الحار لسعد وينفض الجميع لقضاء عمله تدنو الفتاة سارة منه وترحب به مرة أخري وتبلغه بأنهم كانوا في شوق كبير له وبأنها تحمد الله علي سلامته وعودته معافي الي أهله ويشكرها سعد وقد أخذت هذه اللفتة منها له بعض الأستحسان وجعلته يفكر فيها لبعض الوقت وهو يؤدي عمله ويسأل نفسه كيف له أن لم يلحظها من قبل وهي معه في القسم كل هذه السنين ,ربما لم يكن هنالك مناسبة للتعارف كما هي الأن ,علي أي حال هي فتاة مهذبة تعبر عن طيبتها البسيطة فقط ولاغير وعليه أن لايعطي الأمر أكثر من حجمه. تجلس سارة علي مكتبها وهي مشغولة التفكير في سعد وتقول في نفسها هل لاحظ أهتمامي به ولهفتي لتواجده وحضوره مرة أخري بيننا وكيف له ذلك وهي مجرد شخص دخل في زحمة لقاء سعد والترحيب به فلابد أن يكون قد ضمها لمجموعة المستقبلين ولم يزد علي ذلك ولكنها ظلت ترقبه من بعيد حتي أنتهي الدوام وذهب كل الي حال سبيله ولكن علي الأقل هي اليوم تراه أمامها وستراه كل صباح حتي الثانية ظهرا بعد غيبته الطويلة عنها فهي الأن بأفضل حال وليته في يوم يكشف لها عن حبه ومكنونات فؤاده ويوليها أهتمامه الذي تنتظره بفارغ الصبر فما مصيرها معه وإلي أين ينتهي بها المطاف معه.
عندما تقرر النساء شيئا فإنها تعمل جاهدة علي تحقيقه وهذا القول ينطبق علي أم سعد بخصوص أبنتها مي فقد وجدت لأبنتها شاب يليق بها ,متفتح الذهن لايعارض بأن تحصل مي علي شهادتها وهي زوجة له ولايحمل الكثير من الأنانية التي يحملها الأزواج مع حب الأستحواذ علي الزوجة خالصة له بعد الزواج وبعد أن تمر فترة الخطوبة من دون الناس وهي تحسبه كذلك والعلم عند الله فقد سألت عنه بالتفصيل كمن ينبش عن أبرة في كومة قش فلم تبقي أحدا من المعارف لم تسأله عن سيرته بين الناس وسلوكه وماذا يحب وماذا يكره وقررت أن تضعه علي طبق من ذهب ثم تهديه لأبنتها مي وزوجها العم صادق ولكنها وعلي الرغم من ذلك تريد من ولدها سعد أن يسأل عنه لأن الشباب يعرفون تفكير بعضهم البعض فيسأل عن أشياء لاتستطيع هي كإمرأة أن تسأل عنها أو تخوض فيها فيعدها سعد خيرا علي ان تعطيه الفرصة الكافية ولاتستعجل عليه الأمر حتي ياتيها بالخبر اليقين ويتقن سعد عمله جيدا فيسأل في كل شاردة وواردة عن خاطب أخته فلا يجد فيه مايعيبه بل يجد أن الجميع يثنون عليه وعلي أخلاقه الحميدة وبأنهم سيحصلون علي عريس طيب تود الكثير من العوائل أن يكون لها نسب معه وكأن الحظ قد أبتسم مرة أخري للعم صادق في أولاده وبعث له بهدية يكافئه فيها علي حسن صنيعه فيهم وحسن تربيته لهم فكان توفيق الله له بأن بعث له زوجا لأبنته بهذه الخلق الكريمة التي يبحث الأباء عنها طويلا وخصوصا في وقتنا الحاضر الممتلئ بالمتناقضات فينصفه في أبنته الدكتورة مي بعد ابنه سعد لتحصل علي زوج مناسب لها وبهذه المواصفات فتكمل دراستها لتحصل علي شهادة الطب أما ماتخبئه لها الأيام مع خطيبها وزوج المستقبل وماتؤول له الأمور فهي أمور في علم الغيب لفا يعلمها إلا علام الغيوب سبحانه وتعالي والحظ والنصيب كما يقولون. تتم الأمور بسرعة وتقابل مي عريسها الموعود وخطيبها حاليا وعلي فترات بحضور والديها ليتناول معهم طعام الغداء فتعرف بأنه مهندس يعمل في مجال النفط وهو تخصص مرغوب جدا في الكويت كيف لا وهي دولة تعتمد في كل أمورها علي تصدير النفط ولذلك فهم يدفعون لهم رواتب مجزية وحوافز وإن لم يكن المال هو ما تبحث عنه مي أو أهلها وتبدأمي بالإعجاب بخطيبها والتفكير به وتضحك منها الأم عندما تسألها عن أسمه فتسرده لها مطولا حتي اللقب وترد الأم بفرحة تغمرها من الداخل بأن الأستلطاف قد بدأ يدب بين أبنتها وخطيبها المهندس محمود وهل أستطعت حفظ هذه الأسماء له كلها دفعة واحدة هكذا فتخجل مي وتهرول الي غرفتها في الطابق العلوي وتغلق علي نفسها الباب وترتمي في أحضان سريرها وهي تفكر في محمود ولطفه ودماثة أخلاقه خصوصا عندما أعلمها بكل صراحة بأنه يعتز بأجتهادها وتفوقها العلمي ومثابرتها للحصول علي شهادة الطب التي يعرف مدي صعوبتها ويعدها بأن يكون رفيق دربها من البداية وحتي النهاية وهو ماتحلم به دوما في فارس أحلامها. يتم للعم صادق وزوجته مايتمنون فيحصلون علي زوج لأبنتهم متفتح العقل وبعد فترة خطوبة مناسبة فرضتها مي علي اسرتها للتعرف علي خطيبها محمود والتأكد من شعورها نحوه وبأنها تريد فعلا أن تمضي بحياتها مشاركة إياه حلوها ومرها سعدها وحزنها توافق علي أن يتم الزواج فهي متأكدة الأن بأنه لايمانع في أن تكمل دراستها عنده وكذلك والد العريس الذي يشبه العم صادق كثيرا في طيبته فينطبق عليهم القول حقا ,الطيبات للطيبون فيتعهد للعم صادق بأنها ستكون محط عناية الأسرة بأكملها حتي تتخرج من كليتها بأذن الله ولن يطلب منها أحد القيام بأي عمل في المنزل وبأنهم سيقيمون معه في منزل الأسرة حيث أنه أعد لهم شقة كاملة بكل منافعها وسوف يصعد لها الخدم بالطعام والشراب وليس علي مي سوي المذاكرة والذهاب الي الجامعة والرجوع منها. ينقص بيت العم صادق فردا من أفراده ليذهب في عهدة زوج كان بلأمس غريب عنهم لايعرفونه ولكنها سنة الحياة وتنتقل مي بعد عرس بهيج أعد لها من قبل اهل زوجها تحدثت به المدينة لفترة من الزمن بعد أن أقيم في أحد الفنادق الفاخرة وتم التحضير له بكل ماأوتيت أم العريس من قوة فكان كيوم من ألف ليلة وليلة وتنتهي هنا صفحة من حياة مي لتبدأ صفحة من حياة سعد فقد كانت الموظفة زميلة صاحبنا سعد قد سمعت عن العرس الجميل الذي أقيم لأخته فراحت تحدثه في العمل عنه وتتخذه حجة للتقارب من سعد فتخبره عن صورهم في الجرائد والمجلات ويرد سعد بأن هذه الأمور أعتقد العريس أنها مهمة فقام بعملها فتسأله وأنت لو فكرت في الزواج هل ستقوم بمثل ماقام به زوج أختك؟ سعد – وهو يفكر في قرارة نفسه قبل أن يرد عليها – ولما أظلم فتاة معي بالزواج منها وأنا لاأعرف مصير مرضي وماستأول له أموري بعد زراعة الكبد التي أجريت لي؟ وهل سيعاودني المرض في كبدي المزروعة كما حذرني الأطباء ,ويرد عليها بعد برهة حائرة منه لاحظت فيها زميلته في العمل سوسن شحوب وجه وأمتعاضه الذي حاول أن يخفيه بأنه لايفكر في الزواج حاليا ولذلك فهو لايشغل نفسه في هذه الأمور في الوقت الحالي علي الأقل ولو فكر بالزواج فإنه لايظن أنه سيبالغ فيه الي هذا الحد. يقع كلام سعد علي صاحبتنا سوسن كالصاعقة ولكنها في كل الأحوال تحبه ولن ترضي بغيره زوجا لها وهي تعرف سبب تردده بسبب المرض الذي ألم به مؤخرا وستحاول أن تتقرب منه لتنتزع فكرة الخوف من رأسه بأقرب وقت فتثنيه عن رأيه هذا بصدق مشاعرها وحلاوة حبها له كما تعتقد هي وهي لذلك مصرة علي المضي في هذا الطريق الذي لارجعة عنه فهو في تفكيرها فارس أحلامها المرتقب .
لاتدري كيف تستطيع أن تمضي بحياتها والشخص الذي تحبه وأحبته من كل جوارحها وتنوي اإلإرتباط به مدي العمر غارق لعينيه في همومه وخوفه علي صحته بعد تجربته المريرة مع الحياة وخوضه لعملية زراعة الكبد الكبيرة والتي من الله عليه فيها بالشفاءوتتخيل لوكان هو زوجها وبعدها كان له ماكان فهل كانت لتتركه وتمضي عنه وأي أنانية هذه التي سيصفها وينعتها بها الناس ولو أنها تزوجته وكان بكامل صحته ثم تعرض لحادث سير اليم وهو يحدث في هذه الأيام بكثرة وأقعده الحادث عن العمل وعن السير وتركه حطاما فهل كانت ستفعل ,لا والله ولذلك فهي له وقد وهبت نفسها وعشقها لسعد وستكافح بكل ماأوتيت من قوة لتفوز بقلبه وتبعد الخوف الكبير الذي سكن قلبه لتضع حبها بدلا منه وهي متفائلة والتفاؤل مطلوب في كل شئ وكمتا يقولون تفاؤلوا بالخير تجدوه. تتقابل مع سعد بالعمل وتجلس تتحادث معه بكل لطف فتجعله يبوح لها بكل مشاكله يوما بعد يوم وتري في عينيه معزتها عنده تكبر يوما بعد يوم وتسعد وتكاد أن تلتف فيها الدنيا وتدور من فرط فرحها بسؤاله الذي أنتظرته طويلا؟هل تري ياساره لو فكرت بالإرتباط بفتاة فهل كانت لتقبل بي زوجا لها بعد أن تعرف ظروفي وظروف صحتي وحالتي التي مازالت خطرة؟ وترد عليه بثقة العاشقة التي لاتريد من هذه الدنيا سوي أن تحظي بحبيبها الذي طالما خفق له قلبها في كل مرة يطل فيها عليها وفي كل مرة يلقي فيها الصباح والتحية عليها فتتزود بها صبرا الي اليوم التالي الذي تلقاه فيه وتقول له بقوة وثقة تستمدها من عشقها الكبير له – لو كنت مكانها فلن أجعلك تفلت مني أبدا ...وتضحك وتفرد له أبتسامة للتو خرجت من قلبها وأعماقها وهي تدعوا الله بأن تدخل مباشرة الي قلبه فتحتجز المكان الذي في قلبه كله وتتربع بداخله. ويفجر سعد قنبلته – هل تقبلين خطبتي لك لو تقدمت لك ياسارة؟ تتعلثم سارة من المفاحأة وترد بعد صمت قليل لم تقوي علي الأحتفاظ به كثيرا..... –هذا الكلام يكون بين أهلي وأهلك لوأردت أن تفاتحهم بالأمر. سعد – أنا أعلم ذلك ولكن مارأيك أنت.؟ ...... بعد تردد وحياء نعم أنا موافقة,تقولها من كل قلبها وهي تخشي أن يغمي عليها ويفتضح أمرها بين الموظفين في القسم فتهرب منه بخجل الصبايا وتبتعد. يغمر سعد الفرح فقد وجد شريكة حياته التي وافقت علي أن تشاركه مغامرة الحياة معه بكل عيوبه وإن لم تكن عيوبه فهذا أمر الله عليه وقدره الذي لامفر منه.
لأن العم صادق يراعي الله دوما في كل أعماله وأموره ويعتمد علي الصراحة في كل شئ فقد كان أول سؤاله لولده سعد عندما فاتحه بموضوع سارة زميلته في العمل أن قال له ,هل تعلم سارة بحالتك يابني وماجري لك في لندن من علاج ؟ سعد – أطمئن ياأبي هي تعرف كل ظروفي وظروف صحتي وأنا لم أخفي عليها شيئا أبدا. العم صادق – بارك الله فيك ياولدي فما لاترضاه لأخواتك لاترضاه لبنات الناس وهل يعلم أهلها أيضا بظروفك.? سعد – أنا أبن العم صادق ياأبتي ولاأعلم حقيقة إن كان أهلها علي علم بذلك ولكن إن أحببت أن أطلب منها مفاتحتهم بالأمر أفعل إن شاء الله تعالي بدون تردد. العم صادق – نعم ياولدي أفعل ذلك وأبدأ معهم بداية ناصعة البياض وبكل صراحة حتي تدوم المحبة والمعزة بينك وبين أهل عروسك لو كتب الله وأصبحت من نصيبك. سعد – يمازح أبيه – بدأت أخاف منك ياأبي فأنت لك فلسفة خاصة بالحياة لاينتهجها الكثيرون اليوم في العشق والهوي علي مبدأ الصراحة (ناصعة البياض). العم صادق –الحب الصادق والمبني علي الصراحة هوالفيلسوف الرابح في كل الأوقات ياولدي ولايعلو عليه شئ في الدنيا. سعد – كل الأمور سوف تسيير كما تبغي ياوالدي العزيز إن شاء الله سبحانه وتعالي. العم صادق – بارك الله لك في هذه الزوجة الصالحة ياولدي وعسي أن يجعلها الله لك الزوجة التي تحفظك في مالك وفي عيالك وتكون سندا لك في تحمل ظروف الحياة التي ستعيشانها معا. يذهب سعد الي العمل وهو ينوي أن يقابل سارة وينقل لها حديث والده معه حرفيا وعند مفاتحتها بالأمر تخبره بأن والديها يعلمون كل صغيرة وكبيرة عنه فهي لاتخفي عليهم شيئا وقد أخبرتهم بكل ظروفه ويستدرك سعد هنا ويقول لسارة بعد الزواج لاأخبار تخرج من بيتنا الي أحد إلا بموافقتي وتهز سارة رأسها بخجل كما تريد سيكون. يشعر سعد بالأرتياح لما قالته سارة له ويتعجل والدته كي تخطبها له من أهلها بأسرع وقت فيكون له مايريد في غضون أسابيع قليلة فيجد سعد نفسه وقد جلس مع خطيبته في قاعة منزلهم بعد تزيينها والأهل والأقرباء يحيطون به من كل جانب فيلبس سارة دبلة الخطوبة وتلبسه سارة بدورها دبلة الخطوبة وهم في غاية السعادة والحبورفي منزل تملأ الزهور كل جوانبه . بعدها بثلاثة شهور وعندما يتم سعد ترتيب شقة الزوجية له ولحبيبته سارة في مكان قريب من منزل والده بحيث لاينقطع عن زيارة والدته ووالده وأخواته الثلاث فهو لايريد أن يأخذه الزواج بسارة منهم وقد قرر بأن يقسم الوقت بينهم بالتساوي فهل ينجح في ذلك وهل سيتمسك بقراره هذا طويلا؟؟.
بعد شهرين من الزواج بين سعد وسارة والذي تم في قاعة كبيرة للأفراح في أحد الفنادق الفخمة في العاصمة الكويت وبعد أن شاركهم في ذلك العرس الجميل الأهل والأصدقاء من الطرفين متمنين للزوجين السعادة والهناء والتوفيق في حيتاهم المقبلة ,بعدها ينتقل الزوجان الي شقتهم الزرقاء كما تسميها سارة حيث أن سعد قد قام بتأثيثها كلها باللون الأزرق الذي يحاكي اللون الأزرق للبحر والمحيطات والسماءوبصفاء الحب الذي جمع بينهم. كان سعد يود لو أنه سافر مع سارة في رحلة لشهر العسل الي أي دولة عربية أو أوربية ولكن حبيبته وزوجته سارة رفضت الفكرة ونصحته بأن يحتفظ بنقوده التي سيقوم بتبذيرها هناك ويتركها في البنك عملا بالحكمة التي تقول القرش الأبيض لليوم الأسود وحتي ينفقاه فيما بعد علي عش الزوجية ومتطلباتها التي ستحل عليهم قريباولمصاريف الحياة ووافقها سعد علي ذلك واستلطف روحها وعقلها الكبير وعدم جريها وراء السفر وكانت ترد عليه دائما متي ماحادثها بذلك بأنها قد سافرت كثيرا مع أهلهاوماعاد يفرق معها كثيرا هذا الشئ ولو أنه سيكون مختلفا معها الأن بصحبته ولكنها غير مستعجلة لحدوثه الأن وأنه لابد من أن تصرف النقود الأن في دروب أخري أحق أن تتبع. يعيش سعد أحلي مع زوجته سارة ويقوم أهلهم بزيارته دوما في شقتهم الجديدة بين الحين والحين وكذلك يفعل سعد فياخذ زوجته لرد الزيارات حتي تتعرف علي كامل أسرته وتندمج مع أخواته ووالدته في منزلهم وكذلك يفعل مع أهل زوجته ويشعر أهل العروسين بالسعادة لهما فهما يحسان بمدي التفاهم والمحبة التي تربط بين سارة وسعد ويتمنون لهم دوما التوفيق . يستمر سعد بعد زواجه علي هذا المنوال من الحب والترابط مع أهله ويجد زوجة تشجعه دوما علي صلة رحمه كما تفعل هي مع أرحامها فلاتغضب منه عندما يتأخر عند أخواته ووالديه أو يتعشي معهم ويأخذها الي بيت والديها فيتأخر قليلا عليها وأستمرت الحياة بينهم علي هذا المنوال لسنين طويلة وحتي بعد أن رزق سعد بأربعة أولاد وبنت من زوجته سارة وظل سعد وفيا لوعده الذي قطعه علي نفسه بأن لايؤثر الزواج والأولاد علي وصله لأهله وبره لهم وخصوصا بعدما تقدما بالسن وتزوجت أخواته الثلاث ورحلت كل واحدة منهن الي منزل زوجها وشغلتها الحياة والأطفال مثلما تشغله هو اليوم.
يحس سعد بأن روحه ووجدانه يرتاحان كلما زاد من وصل والديه وأخواته بالرغم مما يسببه له ذلك من تعب في تنظيم الوقت بين بيته ومسؤلياته وبين تواصله مع أهله ولكنه يحب أن يبارك الله له في حياته ويبره أولاده كما يبر هو الأن والديه ويصل رحمه وهو جل مايعانيه اليوم كل يقبضون علي المثل العليا والمبادئ ولاينسلخون تحت طائلة التمدن الحديث فينسون والديهم بحجة إنشغالهم وبأن هذا الإنشغال قد يؤخرهم ويحد من إبداعاتهم إذا ماقرروا التسابق والتزاحم علي الحياة وملذاتها. لقد أحسن العم صادق وزوجته في تربية أولادهم ودعوا الله مخلصين ليبارك لهم فيهم فكان لهم ماأرادوا وبرهم أولادهم وكانوا سند لهم في شيخوختهم ,حتي بناته اللاتي خرجن من بيته الي بيوت أزواجهم كانوا علي خلق عظيم ظل الأزواج يمتدحونه دوما ويقولون في قرارة أنفسهم دوما ,بارك الله فيمن رباكم وأحسن تربيتكم حتي صرتم أزواجا وخير أمهات لأولادنا فتركنا بيوتنا وأولادنا أمانة عتدكم. وهكذا تركنا العم صادق وعائلته يهنئون بحياتهم فمن جد وجد ومن زرع حصد.(النهاية) ابن سينا. |
| | | |
مواضيع مماثلة | |
|
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
|