مقدمة عن الاتزان والتوازن
التوازن تخضع له الأجسام الساكنة والمتحركة ويصف الأجسام التي تتأثر بقوى تكون محصلتها معدومة أي الأجسام التي تتأثر بقوى تفني بعضها بعضا. وإذا لم تنعدم المحصلة لم يكن هناك توازنا.
فمثلا: الحجر في الطريق هو متوازن وساكن لأنه يخضع لمحصلة معدومة.
هذه المحصلة هي عبارة عن قوتان متساويتان ومتعاكستان وعلى حامل واحد. أي يؤثران بنفس النقطة من الجسم مجموع القوتين معدوم يبقى الجسم ساكنا.
وكذلك السيارة المتحركة يمكن ان يقال عنها متوارنة إذا كانت تتحرك بسرعة ثابتة. فوزنها (ث) يساوي ويعاكس رد الفعل (ر) فمحصلتهما معدومة. وكذلك قوة دفع المحرك (ق1) تساويهما وتعاكسهما قوى المقاومة من احتكاك ومقاومة هواء مجموعهما (ق2) وتكون محصلة (ق1) مع (ق2) معدومة فتكون السيارة متوازنة لانعدام القوى المؤثرة عليها.
أما إذا لم تنعدم المحصلة فتصبح حركة متغيرة ويمكن أن يكون هناك نوع من التوازن الإجمالي رغم القوى المتغيرة المؤثرة في الجسم .
فمثلا: حركة الاجرام السماوية.
فحركة الأرض حول الشمس حركة متغيرة بسبب تغير القوى المؤثرة عليها لحظيا فهي تتسارع وتتبطأ خلال الدورة الواحدة حول الشمس وهذا ما يعطيها مدارا لا دائريا وإنما مدار منحني وهو قطع ناقص تكون الشمس في الشمس في أحد محرقي القطع الناقص.
وتعتبر الحركة متوازنة لأن:
دورات الأرض حول الشمس متماثلة على مر السنين ولا تتعدى حتى الآن حسب علمنا مسار منحني القطع الذي تتحرك عليه وتتم السيطرة على الأرض لإخضاعها في الحركة على هذا المسار قوتان رئيسيتان هما قوة جذب الشمس للأرض والقوة النابذه المتولده بسبب دوران الأرض حول الشمس.
إن مقدار القوتين متساويتين تقريبا مع اختلاف طفيف يؤدي إلى تسارع و تباطؤ الكرة الأرضية إن مقدار قوة جذب الشمس هي:
ق1= ثا ك1 ×ك2
ب2
حيث ثا
ثابت الجاذبية العام
ك1: كتلة
الشمس مقدرة بالكيلوجرام
ك2:كتلة الأرض مقدرة بالكيلوجرام
ب:هي بعد الأرض عن الشمس ومقدار القوة النابذة المؤثرة بالأرض نتيجة دورانها حول الشمس بسرعة تساوي 30000 م في الثانية تزيد هذه السرعة وتنقص قليلا.
إن الحركة الإجمالية متوازنة متماثلة على مر السنين ولكنها خلال الدور مختلف التوازن لعدم تساوي القوى المؤثرة تساويا مطلقا وشأن ذلك شأن الحركة في الكون فهو متوازن فيها بين أجزائه ولكنه ليس ساكنا بل هو في حالة حركة وتمدد.
إذن الكون فيما بين أجزائه مبني على التوازن في الدقيق إلا أنه بشكل عام وككل فهو متوازنا فهو في حالة توسع وإنتفاخ دائم أي في حالة حركة دائمة ولا يعرف السكون.
هذا مختصر التوازن بين الأشياء والكون كله مبني على التوازن وهو ما يعبر عنه بتصارع الأضداد.
ففيه الحار والبارد والكبير والصغير والسالب والموجب والخير والشر والقوي والضعيف..........
فخلق الله فيه التوازن والتعادل كل شئ زوجان اثنان متناقضان.
مفهوم التوازن
يعرف (نزار الطالب ومحمود السامرائي 1981) التوازن بأنه
" قابلية الفرد على حفظ مركز ثقل جسمه فوق قاعدة الارتكاز وعدم السقوط "
اما (كيورتن) فيعرفه
" امكانية الفرد للتحكم في المقدرات الفسيولوجية والتشريحية التي تنظم التاثير على التوازن مع القدرة على الإحساس بالمكان سواء باستخدام البصر او بدونه وذلك عضليا وعصبيا
ومن الناحية البيوميكاننيكية فان التوازن يحدث عندما يمر المحور العمودي للجسم على مركز ثقل الجسم وتتساوى القوى المؤثرة في الجسم بحيث تكون صفرا في محصلتها .
الاتزان والتوازن في الطب
قسمت الأذن من الناحية التشريحية إلى ثلاثة أقسام:
وهي الأذن الخارجية، الأذن الوسطى والأذن الداخلية. جهاز السمع(القوقعة)، وجهاز التوازن (التيه أو الحلزون) هما الجزءان المكونان للأذن الداخلية. القوقعة: عبارة عن قناة طويلة ذات شكل مخروطي دقيق ملتف حول نفسه لفتين ونصف على شكل قوقعة، تحتوى على ثلاث حجيرات أو (قنيات)، تحتوي على السائل اللمفي المحيطي. القنية الوسطى تسمى (القناة الحلزونية) وتحتوي على خلايا خاصة وظيفتها التقاط الذبذبات الحركية إلى إشارات عصبية تنتقل إلى المخ عبر عصب السمع. هذه الخلايا يطلق عليها «عضو كورتي»، ويرقد هذا العضو على غشاء قاعدي يتصل بغشاء التيه (أو الغشاء الدهليزي). وتحتوي القناة الحلزونية على سائل الليمف الداخلي (الإندوليمف). التيه أو الحلزون: ( جهاز التوازن)، عبارة عن ثلاث قنوات هلالية (خارجية وخلفية وعليا)، متصلة ببعضها بعضا بزوايا قائمة بحيث يمكنها تمييز حركات الرأس في جميع الاتجاهات. وتحتوي هذه القنوات على السائل اللمفي الداخلي (الإندوليمف). وتنتهي القنوات الهلالية في أطرافها بحويصلة. وعند التقاء القنوات الهلالية بالحويصلة تنتفخ القنوات الهلالية وتسمى (أمبولا).
في كل أمبولا توجد مجموعة خلايا عصبية، كل خلية تحمل شعيرة حسية طويلة. مجموعة هذه الخلايا تغطى بمادة لزجة تسمى (كوبيولا) وهي كمادة الجلي تتحرك ككتلة واحدة لزجة من جهة لأخرى. حركة الكوبيولا تتسبب في صدور نوع معين من الإشارات العصبية من خلال حركة الشعيرات الحسية الموجودة على سطح الخلايا العصبية. كما تعمل أيضا الكوبيولا على فتح وغلق تجويف القناة الهلالية فتؤثر على حركة الإندوليمف داخل هذه القنوات فيستشعر الإنسان مدى سرعة دوران حركة الرأس.
أما الحويصلة فتحتوي على مناطق حسية خاصة تسمى بقع (ماكيولا)، متصلة ببعضها بزوايا قائمة. تحتوي هذه البقع على خلايا حسية، كل خلية تحمل شعيرة طويلة، انحناءة هذه الشعيرة تصدر إشارة عصبية تنتقل إلى عصب التوازن. هذه البقع مغطاة بمادة لزجة... وأعلى الشعيرات داخل المادة اللزجة تقبع أجسام كلسية تسمى «حصيات». هذه الخلايا الحسية في البقع تمكن المخ من تحديد اتجاه ومصدر الحركة، وأيضا معلومات عن اتجاه وقوة الجاذبية. يقول الدكتور سعيد سالم بامخيَّر اختصاصي أول ورئيس وحدة السمع والاتزان بمستشفى الملك فهد بجدة، إن المخيخ الذي يعد مصدراً لترتيب التوازن يرتبط بمصادر حفظ الاتزان وهي:
1ـ الأعصاب الحسية (مفاصل الجسم والأقدام).
2ـ الأعصاب البصرية للعينين.
3ـ قنوات الاتزان بالأذن الداخلية.
وكل هذه المصادر ترتبط بعضها بعضاً عن طريق شبكة من الأعصاب المعقدة. وأهمها قنوات الاتزان بالأذن الداخلية، حيث إن كل أذن داخلية تتكون من ثلاث قنوات شبه دائرية ومرتبة بشكل متعامد بحيث تغطي الأبعاد الثلاثية، ويوجد أيضا بكل أذن داخلية قناتان طوليتان، وذلك للتسارع الأفقي والعمودي.
إن أي علة بأي من قنوات الاتزان بالأذن الداخلية ينتج عنه إحساس لدى الشخص بالدوار، سواء بإحساسه بأن كل شيء حوله يدور أو أن الشخص نفسه يدور وكل ما هو في محيطه ثابت.
وللدوار (فقدان التوازن) أسباب عديدة منها ما هو بالأذن و منها ما هو بخارجها:
1 ـ التهابات الأذن المزمنة والحادة: كالعدوى الفيروسية التي تصيب قنوات الاتزان أو عصب الاتزان الدهليزي، وهذه عادة ما تحصل بعد الإصابة بعدوى الإنفلونزا أو العدوى الفيروسية لمجارى الهواء العليا.
2 ـ مرض استسقاء الأذن الداخلية والمعروف بمرض منيرز Meniere"s Disease ، هنا يشتكي المريض بدوار مصاحب بضغط في إحدى الأذنين أو كليهما وبضغط في السمع وطنين، وتأتي على شكل نوبات وعادة ما يكون المريض سليماً بين النوبات.
3 ـ تعاطي بعض العقاقير الطبية التي لها تأثير جانبي مباشر على الأذن مثل مضادات الاماينوجلايكوسايد الحيوية والعقاقير المضادة للتشنجات.
4 ـ ورم العصب السمعي والدهليزي وعادة ما يصيب هذا المرض أذن واحدة أكثر منه الإصابة بالأذنين معاً ويشتكي المريض بالإضافة إلى الدوار من طنين وضعف بالسمع عند الترددات العالية.
5 ـ دوار ما بعد العمليات الجراحية بالأذن وهي قليلة وعادة ما تكون مؤقتة.
6 ـ الدوار الحميد الموضعي المؤقت. وهو أكثر أنواع أمراض اختلال الاتزان شيوعاً. وعادة ما يأتي على شكل دوار حاد لمدة ثوان أو دقائق، ويأتي نتيجة تغيير وضع الجسم أو الرأس من جهة إلى أخرى، مثلاً عند التقلب أثناء النوم أو الجلوس أو النظر إلى أعلى.
وينصح د. بامخير من يشتكي من اختلال بالاتزان بالآتي:
1ـ البقاء في مكان ثابت لدقائق وعدم الحركة بصورة مفاجئة.
2ـ إخبار من حولك بما تحس به.
3ـ عدم قيادة السيارة وعدم عمل الأعمال اليدوية.
4ـ عدم الصعود إلى مناطق عالية مفتوحة.
5ـ اللجوء إلى اقرب مركز تخصصي لإمراض الاتزان.
حيث يقوم الأخصائي بأخذ التاريخ المرضي ويقوم بفحص المريض وإجراء الاختبارات اللازمة للاتزان وإجراء بعض الفحوصات المخبرية الهامة، ففي أكثر الأحيان يتم تشخيص المرض داخل العيادة ويتم علاجها بإجراء بعض الحركات الضرورية للرأس والجسم في حالات الدوار الحميد الموضعي المؤقت.
وكذلك يمكن إرشاد المريض بالقيام بتدريبات وتمارين لإعادة تأهيل المريض تدريجياً ومتابعته بصفة دورية.
كما يجب على الطبيب إيقاف جميع العقاقير الطبية التي تؤدي إلى دوار إن لم يكن لها داع ضروري لسبب طبي آخر.
بالإضافة إلى انه توجد بعض الأدوية التي توصف لبعض المرضى والتي تعمل على تخفيف الشعور بالدوار. وربما تستدعي بعض الحالات الطبية النادرة التدخل الجراحي الضروري.
(منقووووووووول للفائدة)