صب الرصاص حول قبر النبي" صلى الله عليه وسلم "
في عهد ضعف الدولة العباسية وتعدد الدول الإسلامية وتنوع أجناسها وتنافسها وتزاحمها، وغزو النصارى لبعض الدول الإسلامية في عهد الفوضى حدث كما رواه المؤرخون سنة 557هـ أن النصارى اتفقوا على أن ينقلوا جسد النبي صلى الله عليه وسلم من قبره فأرسلوا رجلين منهم دخلا المدينة في زي المغاربة وادعيا أنهما من أهل الأندلس ونزلا في الناحية التي تلي الحجرة المطهرة من القبلة خارج المسجد عند دار آل عمر وهي المعروفة (بديار العشرة) وقد أزيلت في توسعة ما حول المسجد أثناء التوسعة السعودية وقال الأسنوي نزلا في رباط قرب الحجرة...
وقد أظهرا الصلاح والتقوى بالصلة والبر والصلاة وزيارة البقيع وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم. هكذا كان ظاهرهما أما الباطن فقد كانا يحفران سرداباً ينتهي للحجرة المطهرة وصارا ينقلان التراب قليلاً قليلاً فتارة يرميانه في بئر لديهما في الرباط وتارة ينقلانه في محفظة من جلد- ويوهمان الناس بزيارة البقيع ويرميان التراب فيه ومكثا على هذه الحالة مدة حتى توهما أنهما قربا من غايتهما ووصلا إلى قرب قبر الشريف وأخذ المجرمان يفكران في كيفية نقل الجسد المطهر وظناً أن ذلك قريب المنال!!! ولكن الله لهما بالمرصاد.
فقد رأى السلطان نور الدين محمود بن زنكي... رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وهو يشير إلى رجلين أشقرين ويقول يا محمود أنقذني من هذين فاستيقظ منزعجاً وصلى ونام فرأى المنام بعينه ثلاث مرات فلما استيقظ في الثالثة دعا وزيره جمال الدين الموصلي وكان وزيراً عاقلاً ديناً ورعاً وقص عليه الرؤيا فقال له هذا أمر حدث بالمدينة المنورة أخرج الآن للمدينة النبوية واكتم ما رأيت فتجهز بقية ليلته وخرج على رواحل في عشرين رجلاً ومعه الوزير ومال كثير، وقال مجد الدين المطري: معه ألف راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك وقطع المسافة من الشام للمدينة في ستة عشر يوماً وصلى في الروضة وزار ثم جلس لا يدري ماذا يصنع فقال الوزير أتعرف الشخصين إذا رأيتهما؟ قال نعم فقال الوزير لأهل المدينة وقد اجتمعوا في المسجد إن السلطان معه أموال للصدقة فاكتبوا الذين عندكم من المحتاجين وأحضروهم وكل من حضر يأخذ نصيبه وكان السلطان يتأمل الذين يحضرون فلم يجد فيهم أحداً صفته صفة الشخصين اللذين رآهما في المنام.
فقال السلطان هل بقي أحد لم يأخذ . فقالوا : لم يبق إلا رجلان مغربيان لا يتناولان شيئاً وهما صالحان فقال علي بهما فأحضرا فإذا هما الرجلان اللذان أشار إليهما صلى الله عليه وسلم في المنام فقال لهما من أين أنتما؟ فقالا إننا من المغرب جئنا حاجين واخترنا المجاورة هذا العام فقال لهما اصدقاني وقررهما فأصرا على كلامهما فتركهما وذهب لمحل سكناهما في الرباط مع بعض أهل المدينة فوجدوا مالاً كثيراً ومصحفين وكتباً فوق الرف ولم يجدوا شيئاً آخر وجعل السلطان يطوف بالمحل ثم ألهم الله السلطان نور الدين فرفع خسفة في المحل فوجد تحتها لوحا من الخشب فرفعه فوجد السرداب محفوراً ومتجها للحجرة الشريفة ومخترقا جدار المسجد فذهل أهل المدينة وكانوا يعتقدون فيهما الصلاح والتقوى فضربهما السلطان ضرباً مبرحاً شديداً فاعترفا أنهما نصرانيان بعثهما ملوك النصارى في زي حجاج مغاربة وأمدوها بأموال عظيمة وأمروهما بالتحيل في إخراج النبي الكريم صلى الله عليه وسلم من قبره ونقله لبلادهم فلما ظهر حالهما واعترفا بجريمتهما أمر بضرب عنقهما عند الشباك في شرقي الحجرة الشريفة ثم أحرقا آخر النهار بالنار.
صب الرصاص حول الحجرة
ثم أمر السلطان نور الدين بحفر خندق حول الحجرة إلى الماء وأمر بإحضار رصاص كثير وأذيب وصب في الخندق حتى ملأه ثم عاد إلى الشام .
منقوووول