عدد الرسائل : 285بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6420ترشيحات : 0الأوســــــــــمة :
موضوع: مشكلة جنوب السودان 31/5/2010, 17:18
مشكلة جنوب السودان
يعد السودان برمته جزءاً من الجسد العربى الممتد داخل القارة الإفريقية جنوب الصحراء والرابط بينه وبين الشمال الإفريقي مخترقاً الصحراء لينشر عبرها الدين الإسلامى والثقافة العربية ، وحتى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين ، كانت مصر ممثلة فى العروبة مشرفة ومسيطرة على حركة الموانى الإفريقية على سواحل البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندى منذ زمن بعيد يرجع ذلك إلى العهد الفرعونى وما هدأت إنجلترا ومساعدتها إيطاليا وفرنسا حتى تم تقويض النفوذ العربى المصرى وإجبارها على ترك المناطق وتقسيمها فيما بينها وقد تم توضيح ذلك عند الحديث عن العلاقات العربية الإفريقية .
الدور الإنجليزى فى خلق مشكلة جنوب السودان :-
أما فيما يتعلق بمشكلة السودان ذاته فقد ضغطت الحكومة الإنجليزية على مصر لإخلاء السودان كله (حيث امتد النفوذ المصرى فى كل السودان وامتد جنوب منابع النيل حتى مديرية خط الاستواء جنوب غندكرو) ولظروف خاصة بأطماعها الاستعمارية وتمسكت إنجلترا بشدة بالسودان ، فحين أصدرت تصريح 28 فبراير عام 1922 ، الذى ألغت بموجبة الحماية البريطانية على مصر ، أصرت على عدم إجراء أى تغيير فى وضع السودان ، وكان الوضع فى السودان أحد التحفظات الأربعة التى صاحبت تصريح 28 فبراير – وأصرت بريطانيا على أن يحذف من دستور "1923م" ما ينص على أى ارتباط بين مصر والسودان ، وحين أغتيل سردار الجيش السير لي ستاك "sir lee stack" بالقاهرة فى 19 نوفمبر عام 1924م انتهزت إنجلترا هذه الفرصة ، فأمرت بسحب جميع الضباط والجنود والموظفين المصريين من السودان ، وأتاح ذلك لإنجلترا الفرصة لتنفيذ سياستها الاستعمارية فى السودان على نطاق واسع ، باستغلال حقول القطن السودانى وفتح أسواق لها ، وتهديد مصر من خلال تحكمها فى مياه النيل – كما سبق توضيح ذلك ت- والأهم من ذلك هو :أن إنجلترا رتبت بالفعل لفصل جنوب السودان عن شماله ، وتوجيه الجنوب السودانى صوب "أوغندا" وغيرها من مناطق النفوذ البريطانى فى جنوب وشرق أفريقيا وأصبح فعلاً جنوب السودان مغلق تماماً فى وجه أهل الشمال السودانى ، فى حين فتح المجال على مصراعيه لنشاط الجمعيات التبشيرية الأجنبية ، ومنذ ذلك التاريخ اختلقت إنجلترا وتبنت فكرة فصل جنوب السودان عن شماله ، وجعلت خط عرض 12ْ شمال خط الاستواء خطاً فاصلاً بين شمال السودان وجنوبه ، بحجة أنه يفصل بين السودان الشمالى بديانته الإسلامية ولغته العربية وسلالته القوقازية السامية والحامية ، وبين السودان الجنوبى بديانته المسيحية والوثنية وسلالته الزنجية ، وفى سبيل ذلك قامتة إنجلترا بإذكاء الروح الإنفصالية داخل المجتمع السودانى الواحد .
وفى معاهدة "التحالف" المصرية الإنجليزية "26 أغسطس 1936م" اتفاقيتى "1899" فيما يختص بالسودان : (وهو وفاق الحكم الثنائى الذى أبرم فى 19 يناير ، وقد حرص الإنجليز من خلاله على أن تكون السيطرة الكاملة على إدارة السودان فى أيديهم هو مستندين على ما أسموه "بحق الفتح" ، على أن البريطانيين عملوا منذ اللحظة الأولى على أن تكون سيطرتهم على السودان كاملة ، وأن يبذلوا جهدهم لإيجاد الفرقة بين المصريين وإخوانهم السودانيين) .
وقد تقرر إثر معاهدة التحالف عودة الجيش المصرى للسودان ، وأن يعين المصريون كالبريطانيين فى وظائف حكومة السودان ، كما اتفق على يكون "مفتش الرى فى السودان" مصرياً ، وأن ترفع القيود عن هجرة المصريين للسودان ، وألا يكون هناك تميز بين المصريين والإنجليز فيما يتعلق بحرية التجارة والملكية ورغم ذلك ظلت إدارة السودان فى أيدى "الحاكم العام" وكبار الموظفين الإنجليز . وظل الأمر كذلك حتى قامت ثورة 23 يوليو 1952 فى مصر ، واتجهت حكومة الثورة فى مصر إلى حل مشكلة السودان قبل مشكلة الجلاء ، وقد حلت قضية السودان باتفاقية 12 فبراير 1953 ، وتم جلاء الجيةش الإنجليزية والمصرية عن السودان ، وفى 19 ديسمبر 1955 أعلن قيام الجمهورية السودانية . ولكن تبقى "مشكلة جنوب السودان" . ومنذ ذلك التاريخ وهناك محاولات الإنفصال بجنوب السودان عن شماله من قبل "الحركة الشعبية لتحرير السودان" والتى يتزعمها جون جارنج ، فقد فقدت الثقة بين أهل السودان فى الشمال الجنوب ، وذلك نتيجة استمرار الحرب فى الجنوب والتجاوزات الكثيرة التى صاحبت هذه الحرب والمدعومة بالطابع الدينى الذى سبغه نظام الإنقاذ ، مما حدا بأهل الجنوب فى العمل على حق تقرير المصير ، حتى بعد توقيع اتفاقية أديس أبابا للحكم الذاتى عام 1972 بين الطرفين المتنازعين . ومنذ نشوب الحرب الأهلية فى جنوب السودان لأول مرة عام 1955 ، كانت للحرب الأهلية فى جنوب السودان شأناً إقليمياً ، حيث لعبت الدول المجاورة دوراً أساسياً فى التأثير على مسار الأحداث فى الجنوب ، وذلك فى منطلق التعاطف مع الأفارقة الجنوبيين بحكم عوامل التقارب العرقى والثقافى والدينى ، وأيضاً من منطلق الرغبة فى استخدام ورقة الجنوب للضغط على نظام الخرطوم لتقديم تنازلات فى مجالات معينة ، وبذلك فإن دور دول الجوار الإقليمى فى الصراع بجنوب السودان هو أحد المكونات الأساسية التى لا يمكن تجاهلها لهذه المشكلة ، وبحكم عوامل القرب الجغرافى والتشابه العرقى كانت الدول الإفريقية المجاورة للسودان من جهة الجنوب ، خاصة أثيوبيا وكينيا وأخيراً أريتريا دوراً اكبر بكثير من دور جيرانه العرب المسلمين من جهة الشمال "مصر وليبيا" ، وبالتالى فلدول الجنوب دور فى وضع حد الصراع فى جنوب السودان ، الأمر الذى تؤكده اتفاقية أديس أبابا لعام 1972 ، التى جلبت السلام لجنوب السودان طيلة أحد عشر عام . وهو السلام الذى كان يمكن له أن يستمر لأكثر من ذلك بكثير لولا خرق الخرطوم للإتفاق . ويمكن للدور الإفريقى أن يكون إيجابياً ، إذا تجنب تصوير الأمر كأنه صراع بين دول شمال إفريقيا العربية المسلمة ودول جنوب الصحراء الكبرى السوداء ، وهذا بالضبط هو التصوير الذى يستفز مشاعر سلبية عميقة لدى قطاعات من المواطنين والقوى السياسية فى جنوب الصحراء ، وذلك نتيجة إرسالات تاريخية سلبية عمقها الاستعمار – زتم الحديث عنها من قبل – بين الشعوب العربية المسلمة والشعوب الإفريقية جنوب السودان . . ولذلك تعد مبادرة دول الإيجاد "الإفريقية" فى مواجهة المبادرة المصرية الليبية العربية المسلمة ، وربما يكون الأكثر فائدة فى هذه المرحلة ، هو الإصرار على التعاون مع مبادرة الإيجاد ، من خلال مبادرات وآليات الإيجاد الأكثر فاعلية وقدرة على النجاح . ولعل أهم ما يلفت النظر فى ساحة السياسة السودانية فى هذه المرحلة هو أن الثقة بين أهل البلاد فى الشمال والجنوب
ماريو عضو نشيط
عدد الرسائل : 285بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6420ترشيحات : 0الأوســــــــــمة :