بسم الله الرحمن الرحيم
{ من شواعر العرب }
(1)
{ آمنة بنت عُيينة }
أبوها عيينة بن الحرث بن شهاب
من بني يربوع قتله ذؤاب بن ربيعة الأسدي
يوم خوّ من أيام العرب ، ثم أُسِرَ وقتل قوداً بعينة ،
ولآمنة في أبيها مراثٍ لم يصل إلينا منها إلا القليل ،
فمن ذلك قولها ( من الوافر ) :
على مثل ابن ميّـة فانعيـاه
بِشَقّ نَوَاعم البَشَرِ الجُيُوبَـا
وكان أبي عيينـةُ سمهريـاً
فلا تلقـاه يدّخـرُ النّصيبـا
ضروباً للْكَمِيِّ إذا اشمعلّـت
عوان الحرب لا ورعاً هيوبا
(2)
{ أسماء بنت أبي بكر }
هي أسماء بنت أبي بكر الصديق
رضي الله عنه وأرضاه وأمها قَتْلة بنت
عبد العُزّى وهي أخت أم المؤمنين عائشة
رضي الله عنها لأبيها ، سميت بذات النطاقين ،
لأنها صنعت للنبيّ صلى الله عليه وآله وصحبه
وسلم سُفْرةً لمّا هاجر فلم تجد ما تشدها به فشقّت
نطاقها وشدّت به الُسُّفرة فدُعيت ذات النطاقين ،
تزوّجها الزبير ابن العوّام فولدت له عبد الله
وعدة أبناء ، وكان عبد الله أوّل مولود ولد
في الإسلام بعد الهجرة ، ثمّ طلّقها الزبير
فكانت مع ابنها الأكبر عبد الله بمكة
المكرمة حتى قتل قُتِلَ ابنها فبلغت مائة
سنة حتى عميت وماتت بمكة المكرّمة سنة
73هـ 692م لها شعر قليل في رثاء زوجها وابنها
ومن كلامها قولها لابنها عبد الله حين قـاتل الحجّـــاج : يا بني
عش كريما ومت كريما ، وقالت في زوجها لمّا قتله عمرو بن
جرموز المجاشعي بوادي السباع وهو منصرف من وقعة الجمل .
( من الكامل )
غَدَرَ ابْنُ جُرْمُوزٍ بِفَارِسٍ بُهْمَةٍ
يومَ الهِيَاجِ وكان غَيْرَ مُعَـرِّدِ
يا عمرو لو نبّهتـه لوجدتـه
لا طائشاً رَعِشَ الجنان ولا اليدِ
ثكلتك أمّك إن قتلـت لَمُسْلِمًـا
حَلَّتْ عليك عقوبـةُ المتَعَمِّـدِ
(3)
{ أُمَامَةَ بنت ذي الإصبع }
أبوها ذو الإصبع العدواني الشـاعـر
الفارس المشهور ، وكانت ابنته أُمامة شاعرة
، ولها يقول ذو الإصبع عندما رأت والدها نهض
فسقط ، وكرر النهوض متوكـئاً على العصا فبكت فقال :
( من الكامل )
جَزِعَتْ أُمَامة أن مشيتُ على العصا
وتـذكَّـرت إذ نـحـن ملتقـيـانِ
فَلقبـلَ مـا رام الإلــهُ بكـيـدهِ
إرَماً وهـذا الحـي مـن عـدوانِِ
بعد الحكومـة والفضيلـة والنُّهـى
طـاف الزَّمـان عليهـم بــأوان
وتفرّقـوا وتقطّعـت أوصالـهـم
وتبـدّدوا فِرَقـاً بـكـلّ مـكـان
جَدَبَ البـلادُ فأعقمـت أرحامهـم
والدّهـرُ غيّرهُـمْ مـع الحـدثـان
حـق أبادَهُـمُ عـلـى أخـراهُـمُ
صرعـى بكـل نقيـرةٍ ومـكـان
لا تعجبنّ أُمام مـن حـدث عـرا
فالدهـرُ غيّرنـا مـع الأزمــان
ومن شعر أُمامة قولها ترثي قومها
( من السريع )
كم من فتىً كانت له ميعـةٌ
أبلَجُ مثلُ القمـر الزّاهـرِ
قد مرّت الخيـل بِحَافَاتِهِـمْ
كَمَرِّ غيثٍ لجـبٍ ماطِـرِ
قد لَقِيَتْ فهـمٌ وعُدْوَانُهـا
قتلاً وَهُلْكاً آخِـرَ الغَابِـرِ
كانوا ملوكاً سادةً في الورى
دهراً لها الفخرُ على الفاخر
حَتّى تَسَاقَوا كأسَهُمْ بينَهُـمْ
بَغْياً فَيَا لِلشـاربِ الخاسـرِ
بادوا فمن يحلل بأوطانهـم
يحلل برسـمٍ مُقفِـرٍ داثـرِ
( 4 )
{ أم بسطام }
كان ابنها بسطام بن قيس النّصراني
سيّد شيبان فقتل يوم الشقيقة قتله بنو ضبّة
فقالت أمه ترثيه ( من الطويل ) :
لِيَبْكِ ابن ذي الجدّين بكر بن وائل
فقد بان فيهـا زَيْنُهَـا وجمالهـا
إذا ما غدا فيهم غَـدَوْا وكأنّهـم
نجـوم سمـاء بينهـن هلالهـا
فَلِلّهِ عَيْنَا مـن رأى مِثْلَـهُ فَتًـى
إذا الخيل يوم الرّوعِ هبَّ نِزَالُهَـا
عزيزُ المكـرِ لا يُهَـدُّ جَنَاحُـهُ
وَلَيْثٌ إذا الفتيـان زلّـت نعالُهَـا
وحمّالُ أثقـالٍ وعائـدُ مَحْجَـرٍ
تَحُـلُّ لَدَيْـهِ كُـلَّ ذاك رِحَالُهَـا
سَيَبْكِيكَ عَانٍ لم يجد مـن يَفُكُّـهُ
ويبكيك فُرْسَانُ الوغى ورجالهـا
وتبكيك أسـرى طالمـا فككتهـم
وأرملة ضاعت وضاع عيالهـا
مُفَرِّجُ حَوْمَاتِ الخُطُوبِ وَمُدْرِكُ
الحروبِ إذا صالت وعزَّ صِِيَالُها
تَغَشَّى بِهَا حيناً كـذاك فَفُجِّعَـتْ
ثَمِيـمٌ بـه أرْمَاحُهَـا ونِبَالُـهَـا
فقد ظَفِـرَتْ مِنَّـا تميـم بعثـرة
وتلك لَعَمْـرِي عَثْـرَةٌ لا تُقَالُهـا
أصيبت به شيبان والحيُّ يَشْكُـرُ
يُــرَى أرْسَالُـهَـا وَحِبَالُـهَـا
( 5 )
{ أم تأبّط شراً }
هي أم ثابت بن جابر بن سفيان
المعروف بتأبّط شراً ، ولأمه فيه مراثي كثيرة
منها قولها ، وتروى هذه الأبيات لأم السليك بن السلكة .
( من مشطور المديد )
طَافَ يَبْغِـي نَجْـوَةً
من هَـلاَكٍ فَهَلِـكْ
لَيْتَ شِعْـرِي ضَلّـةً
أيُّ شَـيْءٍ قَتَـلَـكْ
أمَرِيـضٌ لَـمْ تُعَـدْ
أم عَـدُوٌّ خَتَـلَـكْ
أم تَوَلَّـى بِـكَ مَـا
غَالَ في الدّهرِ السُّلَكْ
والمَنَايَـا رَصَــدٌ
لِلفتى حيـثُ سَلَـكْ
أيُّ شَـيْءٍ حَـسَـنٍ
لِفَتَى لَـمْ يَـكُ لَـكْ
كُـلُّ شَـيْءٍ قَاتِـلٌ
حِينَ تَلْقَـى أجَلَـكْ
طَالَ مَا قد نِلْتَ فِي
غَيْـرِ كَـدٍ أمَـلَـكْ
إنَّ أمْـراً فَـادِحـاً
عَنْ جَوَابِي شَغَلَـكْ
سَأُعّزّي النَّفـسَ إذْ
لَمْ تُجِبْ مَنْ سَألَـكْ
لَيْتَ قَلْبِـي سَاعَـةً
صَبْرَهُ عَنْـكَ مَلَـكْ
لَيْتَ نَفْسِـي قُدِّمَـتْ
لِلْمَنَـايَـا بَـدَلَـكْ
ولها فيه أيضاً
( من الرّجز )
بِثَابِتِ بن جَابِرٍ بـن سُفْيَـانْ
نِعْمَ الفَتَى غَادَرْتُهُ بِرَخْمَـانْ
يَجْدِلُ القِرْنَ ويَرْوِي النَّدْمَـانْ
ذُو مَأقِطٍ يَحْمِي وَرَاءَ الإخْوَانْ
(6)
{ أُمُّ خالد النُّمَرَيرِيَّة }
لها أبيات في ولدها وكان توفّى
في بعض الغزوات ودفن في الغربة .
( من الطويل )
إذا ما أتتنا الرّيحُ من نَحْوِ أرضِهِ
أتتنـا بِرَيّـاهُ فطـاب هُبُوبُهَـا
أتتنا بِسَكٍّ خَالَطَ المِسْـكَ عَنْبَـرٍ
وَرِيحِ خُزَامَى بَاكَرَتْهَا جَنُوبُهَـا
أحِـنُّ لِذِكْـرَاهُ إذا مـا ذَكَرْتُـهُ
وَتَنْهَلُّ عَبْرَاتٌ تَفِيضُ غُرُوبُهَـا
حَنِينَ أسِيرٍ نَـازِحٍ شُـدَّ قَيْـدُهُ
وَإعْوَالَ نَفْسٍ غَابَ عَنْهَا حَبِيبُهَا
وقالت وهو يروى لأُمِ الضَّحَاك المحاربيّة
( من الطويل )
وَكَيْفَ يُسَـاوِي خَالِـداً أو يَنَالُـهُ
خَمِيصٌ مِنَ التَّقْوَى بَطِينٌ مِنَ الخَمْرِ
(7)
{ أُمُّ الصَّريح الكِنْدِيّة }
هي من عبد قيس
ولها أبيات ترثي بها قومها منها قولها :
( من الطويل )
هَوَتْ أُمُّهُمْ ماذا بِهِم يَوْمَ صُرِّعُـوا
يَجِيْشَانَ مِنْ أسبَابِ مَجْـدٍ تَصَرَّمَـا
أبَوْا أن يَفِرُّوا والقَنَا في نُحُورِهِـمْ
وأن يَرْتَقُوا مِن خَشْيَةِ المَوتِ سُلَّمَـا
فَلَـو أنَّهُـمْ فَـرُّوا لَكَانُـوا أعِـزَّةً
وَلَكِنْ رَأَوْا صَبْراً على الموتِ أكْرَمَا
(
{ أُمُ عمران }
هي أم عمران بن الحرث الراسي
كان ابنها من الشراة وكان قاَتَلَ الحجاج بن
باب الحميري فاختلفا ضربتين كل واحد
منهما قتل صاحبه فقالت أم عمران :
( من البسيط )
الله أيَّـدَ عمـرانـاً وطـهّـرهُ
وكان عمران يدعو الله في السحّر
يدعوهُ سِـرّاً وإعلانـا ليرزقـه
شهـادةً بيـدي ملحـادة غـدِرِ
ولّى صحابتُهُ عن حَـرّ مَلْحَمَـةٍ
وشَدَّ عمران كالضرغامة الذّكـرِ
(9)
{ أم قيس الضّبِيّة }
لها في زوجها سعد مراث
كثيرة روى منها صاحب الحماسة :
( من البسيط )
من للخصوم إذا جدّ الضّجَاجُ بهـم
بعد ابن سعدٍ ومن للضّمّـر القُـود
ومشهدٍ قـد كَفَيْـتَ الغائِبِيـنَ بـهِ
في مجمعٍ من نواصي الناس مشهود
فَرَّجْتَـهُ بِلِسَـانٍ غيـر ملتـبـس
عند الحفاظِ وقلبٍ غيـرَ مَـزؤودِ
إذا قَنَاةُ اْمـرئٍ أزرى بهـا خَـوَرٌ
هزَّ ابن سعدٍ قنَـاةً صُُلْبَـةَ العـودِ
(10)
أم كلثوم بنت عبد وُدّ )
هي بنت عبد ود بن قيس من بني
عامر بن لُوَيّ قُتِلَ يوم الخندق وذلك أنه
خرج في نفر من القرشيين إلى المسلمين وقال
لهم : من يبارز .؟ ، فبرز له عليّ بن أبي طالب
كرّم الله وجهه ، فقال له : يا عمرو إني أدعوك
إلى الإسلام فقال : لا حاجة لي بذلك ، قال له
على : فإني أدعوك للنزال ،فقال له : لم
يا ابن أخي فو الله ما أحب أن أقتلك ،
قال له علي : لكني والله أحب
أن أقتلك فحمي عمرو عند ذلك واقتحم
عن فرسه فعقره وضرب وجهه ثم أقبل على عليّ
فتنازلا ، وتجاولا فقتله عليّ سنة 5هـ 627م فنعي عمرو
إلى أخته أم كلثوم ، فسألت : من قتله .؟ فقيل لها : عليّ بن أبي طالب
فقالت : لم يأت يومه إلا على يـد فارس كـفــوءٍ كريم عظيم ، وأنشدت .
( من الكامل )
أسَدَانِ في ضِيقِ المَكَرِّ تجاولا
وكلاهما كُفوٌ كريـمٌ باسـلُ
فَتَخَالَسَا سَلْبَ النّفوس كلاهما
وسطَ المجالِ مُجَالِدٌ ومُقاتـلُ
وكِلاهُما حَسَرَ القِنَاعَ حَفِيظَةً
لم يثنِهِ عن ذاك شُغْلٌ شَاغِلُ
فاذهب عليُّ فما ظفرت بمثلهِ
قولٌ سديدٌ ليس فيه تحامـلُ
ويروى أنها
أنشدت حين أخبرت بموته :
( من البسيط )
لو كان قاتل عمرٍو غيرَ قاتلِـهِ
لكُنتُ أبكي عليـه آخـر الأبـدِ
لكنّ قاتلـه مـن لا يعـابُ بـه
من كان يُدعى قديماً بيضةَ البلدِ
من هاشم في ذراها وهي صاعدةٌ
إلى السماءِ تُمِيتُ النّاس بالحسـد
قومٌ أبى الله إلاّ أن يكـون لهُـمْ
مَكَارِمُ الدّين والدّنيـا بـلا لَـدَدِ
يا أم كلثـوم أبكيـه ولا تدّعـي
بكاء معولةٍ حـرّى علـى ولـدِ
(11)
{ أم نُدْبَة }
هي زوجة حُذيفة بن بدر
وكنية ابنها بدر أبو فراقة قتله
قيس بن زهير العبسي ، في حرب
داحس ، فقالت أمّه ترثيه ولوم زوجها
والده ، لقـبوله أخذ الدية في دم ابنهما .
( من الكامل )
حُذَيْفَة لا سلمت من الأعادي
ولا وُقِيْـتَ شَـرّ النّائبَـاتِ
أيقتُلُ نُدبَةً قيـسٌ وترضـى
بأنعـامٍ ونـوقٍ سـارحـاتِ
أَمَا تخْشَى إذا قال الأعـادي
حُذَيفـةُ قلبُـهُ قلـب البنـاتِ
فَخُذ ثأراً بِأَطْـرَافِ العَوَالِـي
وبالبيض الحـداد المرهفـاتِ
وإلاّ خَلّنِـي أبكـي نهـاري
وليلـي بالدمـوع الجاريـات
لعلّ مَنِيّتِـي تأتـي سَرِيعـاً
وَتَرمِينِـي سِهَـامُ الحادِثَـاتِ
أَحَبُّ إليّ مِـن بَعـلٍ جَبَـانٍ
تكـونُ حَيَاتُـهُ أردى الحيـاةِ
فَيَا أسَفِي على المقتولِ ظُلْمـاً
وقد أمسى قتيلا فِـي الفـلاةِ
تُرَى طَيْرَ الأراكِ يَنُوحُ مِثْلِي
على أعلى الغُصُون المائلاتِ
وهل تجد الحمائم مثل وجدي
إذا رُمِيَتْ بِسَهْمٍ مـن شَتَـاتِ
فيا يوم الرّهانِ فُجِعـتُ فيـه
بِشَخْصٍ جَازَ عن حدِّ الصِّفَاتِ
ولا زال الصباح عليك ليـلا
ووجه البدر مسـودّ الجهـاتِ
ويا خيل السباق سُقِيتِ سُمّـاً
مُذَاباً في الميـاه الجاريـاتِ
ولا زالت ظهورك مثقـلاتٍ
بأحمـالِ الجبـال الرّاسيـاتِ
لأنّ سباقكـم ألقـى عليـنـا
هموماً لا تزالُ إلى الممـاتِ
(12)
{ أمَيْمَــةُ }
هي أميمة بنت عبد شمس
بن عبد مناف القرشيّ وأمها نفخر
بنت عبيد بن رواس بن كلاب ، تزوّجها
حارثة بن الأوقص السُّلمي فولدت له أميّة
بن حارثة ، وقُتل أبو سفـيان بن أميّة بن
عبد شمس أخوها في يوم عكاظ ، من
حرب الفجّار، وكان يُعدّ أبو سفيان
وإخوته من العنابس وهي الأسد وأحدها
عنبسة ، فقالت أميمة ترثيه وترثي من قُتِلَ من قريش
في حروب الفجّار ، وفي أولها غناء لإسحاق الموصلي .
( من مجزوء الوافر )
أبى لَيْلِـيَ أن يذهـبْ
وَنِيطَ الطَّرُ بالكوكـبْ
ونجمٌ دونَـهُ الأهـوا
ل بين الدّلوِ والعقـربْ
وهذا الصبح لا يأتـي
ولا يدنـو ولا يقـربْ
بِعُقْـرِ عَشِيـرَةٍ مِنَّـا
كِرَامِ الخِيمِ والمنصـبْ
أحَـالَ عليهـم دهـرٌ
حديدُ النّابِ والمخلـبْ
فَحَلَّ بِهم وقـد أمنـوا
وَلَمْ يُقْصِرْ إذا يشطبْ
وَمَا عَنْهُ إذا مـا حَـلَّ
مِنْ منجىً ولا مَهْـرَبْ
ألا يا عيـن فابكيهـم
بدمع منك مستغـربْ
فإن أبكي فهم عـزّي
وهم ركني وهم منكبْ
وهم أصلي وهم فرعي
وهم نسبي إذا أُنْسَـبْ
وهم مجدي وهم شرفي
وهم حصني إذا أهربْ
وهم رمحي وهم ترسي
وهم سيفي إذا أغضبْ
فكم من قائـل منهـم
إذا ما قال لـم يكـذبْ
وكم من ناطـق فيهـم
خَطيبٍ مصقعٍ مُعرِبْ
وكم من فارس فيهـم
كَمِيٍّ مُعْلَـمٍ مِحْـرَبْ
وكم من مِـدْرَهٍ فيهـم
أرِيبٍ حَزْمُـهُ يَغْلِـبْ
وكم من جحفلٍ فيهـم
عظيم النّار والموكـبْ
وكم من خِضْرِمٍ فيهـم
نَجِيبٍ مَاجِـدٍ مُنْجِـبْ
(13)
{ الباهلية أخت المقصّص }
ذُكِرَ لها أبيات
ترثي أخاها المقصّص هي :
(من الكامل }
يَا طُولَ يَومِي بِالقَلِيبِ فلم تَكَدْ
شَمْسُ الظّهِيرَةِ تُتّقَى بِحِجَـابِ
وَمُرَجِّمٍ عَنْكَ الظُّنُـونَ رَأيْتَـهُ
وَرَآكَ قَبْـلَ تأمُّـلِ المُرتَـابِ
فَآفَأتَ أُدْماً كَالهِضَابِ وَحَامِلاً
قَدْ عُدْنَ مِثْلَ عَلاَئِفِ المِقْضَابِ
لَكُمُ المُقَصَّصُ لا لنا إن أنتـم
لم يأتكم قـوم ذوو أحسـاب
فَكِهٌ إلَى جَنْبِ الخِوَانِ إذا غَدَتْ
نَكْبَاءُ تَقْلَـعُ ثَابِـتَ الأطنَـابِ
وأبو اليتامـى يَنْبُتُـون بِبَابِـهِ
نَبْتَ الفِرَاخِ بِكَالِـئ مِعْشَـابِ
(14)
{ بُثَيْنَـــة )
هي امرأة من بني عذرة ،
تكنّى أم بعد الملك ، ذكرها في شعره
رجل من قومها يقال له جميل بن عبد الله
بن معمر فعرف بها ، ( جميل بثينة )
تزوّجها رجـل يقـال له نبيهُ بن
الأسود ، وبقي جميل يتردّد
عليها بلا ريبة ، وكانت بثينة من
أحسن النساء ، وأكملهن أدبا وظرفاً
وأطيبهن حديثاً ولها في جميل قولها لما توفى
سنة 80هـ 699م .
( من الطويل )
وَإنَّ سُلُوِّي عـن جميـلٍ لِسَاعَـةٍ
مِنَ الدَّهْرِ مَا حَانَتْ ولاَ حَان حِينُهَا
سواءٌ عَلَيْنَا يَا جَمِيلَ بـن مَعْمَـرٍ
إذا مُـتَّ بَأسَـاءُ الحَيَـاةِ وَلِينُهَـا
{ بنات عبد المطلب }
روى محمّد بن سعيد بن المسيّب :
أن عبد المطلب لمّا حضرته الوفاة وعرف
أنه ميّت جمع بناته وكنّ ست نسوة هن صفيّة ،
وبرّة ، وعاتكة ، وأم حكيم البيضاء ، وأميمة ،
وأروى ، فقال لهنَّ : أبكين عليَّ حتى أسمع
ما تقلن قبل أن أموت ، وأنشدت كل
واحدة منهن ، وكن جميعا من الشواعر ، فقالت :
( من الوافر )
(15)
{ صفية بنت عبد المطلب }
أَرِقْتُ لِصَـوْتِ نَائِحَـةٍ بِلَيْـلٍ
عَلَى رَجُلٍ بِقَارِعَـةِ الصَّعِيْـدِ
فَفَاضَتْ عِنْدَ ذَلِكُـمُ دُمُوعِـي
عَلَى خّـدِّي كَمُنْحَـدِرِ الفَرِيْـدِ
عَلَى رَجُلٍ كَرِيمٍ غَيْـرَ وَغْـلٍ
لَهُ الفَضْلُ المُبِيْنُ عَلَى العَبِيْـدِ
عَلَى الفَيَّاضِ شَيْبَةَ ذِي المَعَالِي
أبِيكِ الخَيْرِ وارِثِ كُـلِّ جُـودِ
صَدُوقٍ فِي المَواطِنِ غَيْرِ نَكْسٍ
وَلاَ شَحْبِ المَقَـامِ ولا سَنِيْـدِ
طَوِيْلِ البَـاعِ أَرْوَعَ شَيْظَمِـيٍّ
مُطَاعٍ فِـي عَشِيْرَتِـهِ حَمِيْـدِ
رَفِيْعِ البَيْتِ أبْلَجَ ذِي فُضُـولٍ
وَغَيْثِ النّاسِ فِي الزَّمَنِ الجَرُودِ
كَرِيْمِ الجَدِّ لَيْسَ بِذِي وُصُـومٍ
يَرُوقُ عَلَى المُسَوّدِ والمَسُـودِ
عَظِيْمِ الحِلْمِ مِـنْ نَفَـرٍ كِـرَامٍ
خَضَارِِمَـةٍ مَلاَوِثَـةٍ أُسُــودِ
فَلَو خَلَدَ امْـرُؤٌ لِقَدِيْـمِ مَجْـدٍ
وَلَكِنْ لاَ سَبِيـلَ إلَـى الخُلُـودِ
لَكَانَ مُخَلِّـداً أخْـرَى اللَّيَالِـي
لِفَضْلِ المَجْدِ والحَسَـبِ التَّلِيْـدِ
(16)
{ بــرّة بنت عبد المطلب }
وقالت ابنته برة تبكيه
( من المتقارب )
أعَيْنَـيَّ جُـودَا بِـدَمْـعٍ دِرَرْ
عَلَى طَيِّبِ الخِيـمَ وَالمُعْتَصَـرْ
عَلَى مَاجِدِ الجَدِّ وَارِي الزِنَـادِ
جَمِيْلِ المُحَيَّا عَظِيـمِ الخَطَـرْ
عَلَى شَيْبَةِ الحَمْدِ ذِي المَكْرُمَاتِ
وَذِي المَجْدِ وَالعِـزّ ِوالمُفْتَخَـرْ
وَذِي الحِلْمِ وَالفَضْلِ فِي النَّائِبَاتِ
كَثِيْـرِ المَكَـارِمِ جَـمِّ الفّخّـرْ
لَهُ فَضْلُ مَجْـدٍ عَلَـى قَوْمِـهِ
مُنِيْرٍ يَلُـوحُ كَضَـوْءِ القَمَـرْ
أتَتْـهُ المنَايَـا فَـلَـمْ تُـشْـوِهِ
بِصَرْفِ اللَّيَالِي وَرَيْـبِ القَـدَرْ
(17)
{ عاتكة بنت عبد المطلب }
وقالت ابنته عاتكة تبكيه
( من المتقارب )
أعَيْنَـيَّ جُـودَا وَلاَ تَبْـخَـلاَ
بِدَمْعِكُمَـا بَعْـدَ نَـوْمِ النِّيَـامِ
أعَيْنَـيَّ واسْتَعْبِـرَا واسْكُـبَـا
وَشُوبَـا بُكَاءَكُمَـا بِالـسِّـدّامِ
أعَيْنَيَّ وَاسْتَخْرِطَـا واسْجُمَـا
عَلَى رَجُلٍ غَيْرِ نِكْـسٍ كَهَـامِ
عَلَى الجَحْفَلِ الغَمْرِ فِي النَّائِبَاتِ
كَرِيْمِ المَسَاعِي وَفِـيِّ الذِّمَـامِ
عَلَى شَيْبَةِ الحَمْدِ وَارِي الزِّنَـادِ
وَذِّي مَصْدَقٍ بَعْدَ ثَبْتِ المَقَـامِ
وَسَيْفٍ لَدَى الحَرْبِ صَمْصَامَةٍ
وَمُرْدِي المُخَاصِمِ عِنْدَ الخِصَامِ
وَسَهْلِ الخَلِيْقَةِ طَلْـقِ اليَدَيْـنِ
وَفٍ عُدْمُلِـيٍّ صَمِيْـمٍ لُهََـامِ
تَبَنَّـكَ فِـي بَــاذِخٍ بَيْـتُـهُ
رَفِيْعِ الذُّؤَابَةِ صَعْـبِ المَـرَامِ
(18)
{ أم حكيم بنت عبد المطلب }
وقالت أم حكيم تبكيه
( من الوافر)
ألاَ يَا عَيْنُ جَودِي وَاسْتَهِلِّي
وَابْكِ ذَا النَّدَى وَالمَكْرُمَـاتِ
ألاَ يَا عَيْنُ وَيْحَكِ أسْعِدِيْنِي
بِدَمْعٍ مِنْ دُمُوٍعٍ هَاطِـلاتِ
وَابْكِ خَيْرَ مَنْ رَكِبَ المَطَايَا
أبَاكِ الخَيْرَ تَيَّـارَ الفُـرَاتِ
طَوِلَ البَاعِ شَيْبَةَ ذَا المَعَالِي
كَرِيْمَ الخِيَمِ مَحْمُودَ الهِبَـاتِ
وَصُولاً لِلْقَرَابَـةِ هِبْرِزِيّـاً
وَغَيْثاً فِي السِّنِيْنَ المُمْحِلاَتِ
وَلَيْثاً حِيْنَ تَشْتَجِرُ العَوَالِـي
تَرُوقُ لَهُ عُيُونُ النَّظِـرَاتِ
عَقِيْلَ بَنِي كِنَانَةَ والمُرَجّـى
إذا مَا الدَّهْرُ أقْبَلَ بِالهَنَـاتِ
وَمُفْزِعَهَا إذا مَا هَاجَ هَيْـجٌ
بِدَاهِيَةٍ خَصِيْمِ المُعْضِـلاَتِ
فابْكِيْه وَلاَ تَسْمِـي بِحُـزْنٍ
وابْكِ ما بَقِيَـتِ البَاكِيَـاتِ
( 19 )
{ أميمة بنت عبد المطلب }
وقالت ابنته أميمة تبكيه
( من الطويل )
ألاَ هَلَكَ الرَّاعِي العَشِيْرَةَ ذُو الفَقْـدِ
وَسَاقِي الحَجِيْجِ وَالمُحَامِي عَنِ المَجْدِ
وَمَنْ يُؤْلِفُ الضَّيْفَ الغَرِيْبَ بُيُوتَـهُ
إذا مَا سَمَاءُ النَّاسِ تَبْخَـلُ بِالرَّعْـدِ
كَسَبْتَ وَلِيْداً خَيْرَ مَا يَكْسِبُ الفَتَـى
فَلَمْ تَنْفَكِكْ تَزْدَادُ يَـا شَيْبَـةَ الحَمْـدِ
أبُو الحَارِثِ الفَيَّاضِ خَلَّـي مَكَانَـهُ
فَلاَ تُبْعِدَنْ إذْ كُلُّ حَـيٍّ إلَـى بُعْـدِ
فَإنِّي لَبَـاكٍ مَـا بَقِيـتُ وَمُوجَـعٌ
وَكَانَ لَهُ أهْلاً لِمَا كَانَ مِـنْ وَجْـدِ
سَقَاكَ وَلِيُّ النَّاسِ فِي القَبْرِ مُمْطِـراً
وَسَوفَ أبْكِيهِ وَإن كُنْتُ فـي الَّحْـدِ
وَقَـدْ كَـانَ زَيْنـاً لِلْعَشِـرَةِ كُلِّهَـا
وَكَانَ حَمِيْداً حَيْثُ مَا كَانَ مِنْ حَمْدِ
(20)
{ أروى بنت عبد المطلب }
وقالت ابنته أروى تبكيه
( من الوافر )
بَكَتْ عَيْنِي وَحَقَّ لَهَا البُكَـاءُ
عَلَى سَمْـحٍ سَجِيَّتَـهُ الحَيَـاءُ
عَلَى سَهْلِ الخَلِيْفَـةِ أبْطَحِـيٍّ
كَرِيـمِ الخَيْـمِ نِيّتُـهُ العَـلاَءُ
عَلَى الفَيَّاضِ شَيْبَةَ ذِي المَعَالِي
أبِيْكِ الخَيْرِ لَيْـسَ لَـهُ كِفَـاءُ
طَوِيلَِ البَاعِ أمْلَـسَ شَيْظَمِـيٍّ
أغَـرَّ كَـأنَّ غُرَّتَـهُ ضِيَـاءُ
أقَبِّ الكَشْحِ أرْوَعَ ذِي فُضُولٍ
لَـهُ المَجْـدُ المُقَـدَّمُ والثَّنَـاءُ
أبِيِّ الضَّيْـمِ أبْلَـجَ هِبْـرِزِيٍّ
قَدِيْمِ المَجْدِ لَيْـسَ لَـهُ خَفَـاءُ
وَمُعْلٍ مَالِكـاً وَرَبِيْـعَ فِهْـرٍ
وَفَاصِلِهَا إذا التُمِسَ القَضَـاءُ
وَكَانَ هُوَ الفَتَى كَرَماً وَجُـوداً
وَبَأساً حِيْنَ تَنْسَكِـبُ الدِّمَـاءُ
إذا هَابَ الكُمَاةُ المَوْتَ حَتَّـى
كَأنّ قُلُـوبَ أكْثَرِهِـمْ هَـوَاءُ
مَضَى قِدْماً بِذِي رَأيٍ حَسِيبٍ
عَلَيْهِ حِيـنَ تُبْصِـرُهُ البَهَـاءُ
توقيع