الشاعر عبد القوى الأعلامى
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةالأحداثموسوعة الأعلامى الحرةأحدث الصورالتسجيلدخول

شاطر
 

 كتاب الملخص الفقهي

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
كاتب الموضوعرسالة
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 16:11


الشيـخ / صـالـح الفـوزان

بسـم الله الـرحمـن الـرحيـم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين‏.‏

وبعد‏:‏
فهذا ملخص في الفقه، مقرون بأدلته من الكتاب والسنة، كنت ألقيته في الإذاعة على حلقات، وقد تكرر الطلب ممن سمعوه، وألحوا عليَّ بطباعته؛ ليبقى الانتفاع به إن شاء الله، وما كنت أنوي ذلك حال إعداده، ولكن نزولاً عند رغبة الكثير؛ أعدت النظر فيه، ورتبته، وقدمته للطباعة‏.‏

وها هو بين يديك أيها القارئ الكريم؛ فما وجدت فيه من صواب وفائدة؛ فالفضل فيه راجع إلى الله وحده، وما وجدت فيه من خطأ؛ فهو مني، واستغفر الله‏.‏
وقد لخصته من كتاب ‏«‏ الروض المربع شرح زاد المستقنع ‏»‏، ومن حاشيته للعلامة الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن قاسم، مع بعض التنبيهات مني إذا مرت مناسبة‏.‏

هذا؛ وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا جميعا للعلم النافع والعمل الصالح‏.‏ وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه‏.‏



فضــل التفقــه فـي الـديـن

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحابته والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين‏.‏

وبعد‏:

فإن التفقه في الدين من أفضل الأعمال، وهو علامة الخير‏:‏ قال صلى الله عليه وسلم‏:‏ ‏( ‏من يرد الله به خيرا؛ يفقه في الدين‏)‏‏ [البخاري ومسلم] وذلك لأن التفقه في الدين يحصل به العلم النافع الذي يقوم عليه العمل الصالح‏.‏

قال الله تعالى‏:‏ ﴿ ‏هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ‏ ﴾‏ [التوبة:33]
فالهدى هو العلم النافع، ودين الحق هو العمل الصالح‏.‏
وقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم أن يسأله الزيادة من العلم‏:‏ قال تعالى‏:‏ ﴿‏ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا‏ ﴾‏ [طه:114].

قـال الحـافـظ ابن حجـر‏:‏ ‏« ‏وهذا واضح الدلالة في فضل العلم؛ لأن الله لم يأمر نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الازدياد من شيء؛ إلا من العلم‏ » [ ‏انظر: الفتح الباري 1/ 187 ] وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المجالس التي يتعلم فيها العلم النافع بـ ‏( ‏رياض الجنة‏ )‏‏، وأخبر أن العلماء هم ورثة الأنبياء‏.‏

ولا شك أن الإنسان قبل أن يقدم على أداء عمل ما، لا بد أن يعرف الطريقة التي يؤدي بها ذلك العمل على وجهه الصحيح، حتى يكون هذا العمل صحيحا، مؤديا لنتيجته التي ترجى من ورائه؛ فكيف يقدم الإنسان على عبادة ربه التي تتوقف عليها نجاته من النار ودخوله الجنة‏:‏ كيف يقدم على ذلك بدون علم ‏؟‏‏!‏


ومـن ثـم افتـرق النـاس بالنسبـة للعلـم والعمـل ثـلاث فـرق‏:‏

الفريق الأول‏:‏ الذين جمعوا بين العلم النافع والعمل الصالح، وهؤلاء قد هداهم الله صراط المنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا‏.‏

الفريق الثاني‏:‏ الذين تعلموا العلم النافع ولم يعملوا به، وهؤلاء هم المغضوب عليهم من اليهود ومن نحا نحوهم‏.‏

الفريق الثالث‏:‏ الذين يعملون بلا علم، وهؤلاء هم أهل الضلال من النصارى ومن نحا نحوهم‏.‏
ويشمل هذه الفرق الثلاث قوله تعالى في سورة الفاتحة التي نقرؤها في كل ركعة من صلواتنا‏:
﴿‏ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏ ﴾‏ [الفاتحة:6 ـ 7]
قـال الإمـام الشيـخ محمـد بن عبـد الـوهـاب - رحمه الله -‏:‏

« وأما قوله تعالى‏:‏ ﴿‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ‏ ﴾‏ [الفاتحة:7]؛ فالمغضوب عليهم هم العلماء الذين لم يعملوا بعلمهم، والضالون العاملون بلا علم‏:‏ فالأول‏:‏ صفة اليهود‏،‏ والثاني‏:‏ صفة النصارى‏.، وكثير من الناس إذا رأى في التفسير أن اليهود مغضوب عليهم وأن النصارى ضالون؛ ظن الجاهل أن ذلك مخصوص بهم، وهو يقرأ أن ربه فارض عليه أن يدعو بهذا الدعاء، ويتعوذ من طريق أهل هذه الصفات ‏!‏‏!‏ فيا سبحان الله ‏!‏ كيف يعلمه الله ويختار له ويفرض عليه أن يدعو ربه دائما؛ مع أنه لا حذر عليه منه، ولا يتصور أن فعله هذا هو ظن السوء بالله ‏؟‏‏! » [‏انظر: تاريخ نجد لابن غنام ص 491 ]‏‏ انتهى كلام الشيخ رحمه الله‏.‏
وهو يبين لنا الحكمة في فريضة قراءة هذه السورة العظيمة - سورة الفاتحة - في كل ركعة من صلاتنا؛ فرضها، ونفلها؛ لما تشتمل عليه من الأسرار العظيمة، التي من جملتها هذا الدعاء العظيم‏:‏ أن يوفقنا الله لسلوك طريق أصحاب العلم النافع والعمل الصالح، الذي هو طريق النجاة في الدنيا والآخرة، وأن يجنبنا طريق الهالكين، الذين فرطوا بالعمل الصالح أو بالعلم النافع‏.‏

ثم اعلم أيها القارئ الكريم أن العلم النافع إنما يستمد من الكتاب والسنة تفهماً وتدبراً، مع الاستعانة على ذلك بالمدرسين الناصحين وكتب التفسير وشروح الحديث وكتب الفقه وكتب النحو واللغة العربية التي نزل بها القرآن الكريم، فإن هذه الكتب طريق لفهم الكتاب والسنة‏.‏

فواجب عليك يا أخي المسلم - ليكون عملك صحيحا - أن تتعلم ما يستقيم به دينك؛ من صلاتك وصومك وحجك، وتتعلم أحكام زكاة مالك، وكذلك تتعلم من أحكام المعاملات ما تحتاج إليه؛ لتأخذ منها ما أباح الله لك؛ وتتجنب منها ما حرم الله عليك؛ ليكون كسبك حلالا، وطعامك حلالا؛ لتكون مجاب الدعوة، كل ذلك مما تمس حاجتك إلى تعلمه، وهو ميسور بإذن الله متى ما صحت عزيمتك وصلحت نيتك‏.‏

فاحرص على قراءة الكتب النافعة، واتصل بالعلماء؛ لتسألهم عما أشكل عليك، وتتلقى عنهم أحكام دينك، وكذلك تعني بحضور الندوات والمحاضرات الدينية التي تقام في المساجد وغيرها، وتستمع إلى البرامج الدينية من الإذاعة، وتقرأ المجلات الدينية والنشرات التي تعني بمسائل الدين، فإذا حرصت وتتبعت هذه الروافد الخيرية؛ نمت معلوماتك، واستنارت بصيرتك‏.‏

ولا تنس يا أخي أن العلم ينمو ويزكو مع العمل فإذا عملت بما علمت؛ زادك الله علما؛ كما تقول الحكمة المأثورة‏:‏ ‏« ‏من عمل بما علم؛ أورثه الله علم ما لم يعلم‏ »‏، ويشهد لذلك
قوله تعالى‏:‏ ﴿ ‏وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏ ﴾‏ [البقرة:282].

والعلم أحق ما تصرف فيه الأوقات، ويتنافس في نيله ذوو العقول، فبه تحيا القلوب وتزكو الأعمال‏.‏

ولقد أثنى الله جل ذكره وتقدست أسماؤه على العلماء العاملين، ورفع من شأنهم في كتابه المبين :

قال تعالى‏:‏ ﴿ ‏قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ‏ ﴾‏ [الزمر:9].
وقال تعالى‏:‏ ﴿ ‏يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ‏ ﴾‏ [المجادلة:11]؛
فبين ـ سبحانه وتعالى ـ ميزة الذين أوتوا العلم المقرون بالإيمان، ثم أخبر أنه خبير بما نعمله، ومطلع عليه؛ ليدلنا على أنه لا بد من العلم والعمل معا، وأن يكون كل ذلك صادرا عن الإيمان ومراقبة الله سبحانه‏.‏
ونحن عملا بواجب التعاون على البر والتقوى سنقدم لك بحول الله من خلال هذا الكتاب بعض المعلومات من الرصيد الفقهي الذي استنبطه لنا علماؤنا ودونوه في كتبهم، سنقدم لك ما تيسر من ذلك، لعله يكون دافعا لك على الاستفادة والاستزادة من العلم النافع‏.‏


ونسأل الله أن يمدنا وإياك بالعلم النافع، ويوفقنا للعمل الصالح، ونسأله سبحانه أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، إنه سميع مجيب‏.‏



المرجو عدم الرد إلى أن يكتمل الموضوع


عدل سابقا من قبل صفاء الروح في 17/12/2009, 15:14 عدل 1 مرات
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 16:20


كتـاب الطهـارة


بـاب فـي أحكـام الطهـارة والميـاه

إن الصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي الفـارقة بين المسلم والكافر، وهي عمود الإسلام، وأول ما يحاسب عنه العبد، فإن صحت وقبلت; قبل سائر عمله. وإن ردت; رد سائر عمله.

وقد ذكرت الصلاة في مواطن كثيرة من القرآن الكريم على صفات متنوعة; فتارة يأمر الله بإقامتها، وتارة يبين مزيتها، وتارة يبين ثوابها، وتارة يقرنها مع الصبر ويأمر بالاستعانة بهما على الشدائد.

ومن ثم كانت قرة عين الرسول صلى الله عليه وسلم من هذه الدنيا; فهي حليـة النبيين، وشعار الصالحين، وهي صلة بين العبد وبين رب العالمين، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر.

ولما كـانت هذه الصلاة لا تصح إلا بطهارة المصلي من الحدث والنجس حسب القدرة على ذلك، وكانت مادة التطهر هي الماء أو ما يقوم مقامه من التيمم عند عدم الماء; صار الفقهاء رحمهم الله يبدءون بكتاب الطهارة; لأنها لما قدمت الصلاة بعد الشهادتين على غيرها من بقية أركان الإسلام; ناسب تقديم مقدماتها، ومنها الطهارة، فهي مفتاح الصلاة; كما في الحديث: ( مفتاح الصلاة الطهور) ، وذلك لأن الحدث يمنع الصلاة; فهو كالقفل يوضع على المحدث، فإذا توضأ; انحل القفل.
فالطهـارة أوكـد شـروط الصـلاة، والشـرط لا بـد أن يقـدم علـى المشـروط.


ومعنـى الطهـارة لغـة: النظافة والنزاهة عن الأقذار الحسية والمعنوية.
ومعنـاها شـرعـاً: ارتفاع الحدث وزوال النجس. وارتفاع الحدث يحصل باستعمال الماء مع النية: في جميع البدن إن كان حدثا أكبر، أو في الأعضاء الأربعة إن كان حدثا أصغر، أو استعمال ما ينوب عن الماء عند عدمه أو العجز عن استعماله - وهو التراب - على صفة مخصوصة، وسيأتي إن شاء الله بيان لصفة التطهر من الحدثين.

وغرضنا الآن بيان صفة الماء الذي يحصل به التطهر والماء الذي لا يحصل به ذلك. قال الله تعالى: ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾[الفرقان:48]، وقال تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ﴾[الأنفال:11].
والطهــور: هو الطاهر في ذاته المطهر لغيره، وهو الباقي على خلقته - أي: صفته التي خلق عليها -، سواء كان نازلا من السماء كالمطر وذوب الثلوج والبرد، أو جاريا في الأرض كماء الأنهار والعيون والآبار والبحار، أو كان مقطَّرا.

فهذا هو الذي يصح التطهر به من الحدث والنجاسة، فإن تغير بنجاسة; لم يجز التطهر به; من غير خلاف، وإن تغير بشيء طاهر لم يغلب عليه; فالصحيح من قولي العلماء صحة التطهر به أيضا.


قـال شيـخ الإسـلام ابن تيميـة: « أما مسألة تغير الماء اليسير أو الكثير بالطاهرات; كالأشنان، والصابون، والسدر، والخِطْميَ، والتراب، والعجين... وغير ذلك مما قد يغير الماء، مثل الإناء إذا كان فيه أثر سدر أو خطمي، ووضع فيه ماء، فتغير به، مع بقاء اسم الماء; فهذا فيه قولان معروفان للعلماء » [مجموع الفتاوى 21/24].

ثم ذكرها مع بيان وجه كل قول، ورجح القول بصحة التطهر به، وقال: « هو الصواب; لأن الله سبحانه وتعالى قال: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ﴾[النساء: 43]، وقوله: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً ﴾[النساء:43]، نكرة في سياق النفي، فيعم كل ما هو ماء، لا فرق في ذلك بين نوع ونوع » انتهى.
فإذا عَدِمَ الماء، أو عجز عن استعماله مع وجوده; فإن الله قد جعل بدله التراب، على صفة لاستعماله بينها النبي - صلى الله عليه - وسلم في سنته، وسيأتي توضيح ذلك إن شاء الله في بابه. وهذا من لطف الله بعباده، ورفع الحرج عنهم، قال تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾[النساء:43 ].
قـال ابن هبيــرة: « وأجمعوا على أن الطهارة بالماء تجب على كل من لزمته الصلاة مع وجوده، فإن عدمه; فبدله، لقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾[النساء:43 ]، ولقوله تعالى: ﴿ وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ ﴾[الأنفال:11] » انتهى.

وهذا مما يدل على عظمة هذا الإسلام، الذي هو دين الطهارة والنزاهة الحسية والمعنوية، كما يدل ذلك على عظمة هذه الصلاة، حيث لم يصح الدخول فيها بدون الطهارتين: الطهارة المعنوية من الشرك، وذلك بالتوحيد وإخلاص العبادة لله، والطهارة الحسية من الحدث والنجاسة، وذلك يكون بالماء أو ما يقوم مقامه.

واعلم أن الماء إذا كان باقيا على خِلقته، لم تخالطه مادة أخرى; فهو طهور بالإجماع، وإن تغير أحد أوصافه الثلاثة - ريحه أو طعمه أو لونه - بنجاسة; فهو نجس بالإجماع، لا يجوز استعماله، وإن تغير أحد أوصافه بمخالطة مادة طاهرة - كأوراق الأشجار أو الصابون أو الإشنان والسدر أو غير ذلك من المواد الطاهرة -، ولم يغلب ذلك المخالط عليه; فلبعض العلماء في ذلك تفاصيل وخلاف، والصحيح أنه طهور، يجوز التطهر به من الحدث، والتطهر به من النجس.

* فعلـى هـذا; يصـح لنا أن نقـول: إن الماء ينقسـم إلى قسميـن :
القسـم الأولطهور يصح التطهر به،سواء كان باقياً على خلقته، أو خالطته مادة طاهرة لم تغلب عليه ولم تسلبه اسمه.:
القسـم الثاني[/color[color=blue]]: نجسه لا يجوز استعماله; فلا يرفع الحدث، ولا يزيل النجاسة، وهو مما تغير بالنجاسة.
والله تعـالـى أعلـم

يتبع
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 16:39


بـاب في أحكـام الآنيـة وثيـاب الكفـار
الشيـخ / صـالـح الفـوزان

* الآنية هي الأوعية التي يحفظ فيها الماء وغيره، سواء كانت من الحديد أو الخشب أو الجلود أو غير ذلك.

والأصل فيها الإباحة، فيباح استعمال واتخاذ كل إناء طاهر، ما عـدا نـوعيـن همـا:
1 ـ إناء الذهب والفضة، والإناء الذي فيه ذهب أو فضة، طلاء أو تمويها أو غير ذلك من أنواع جعل الذهب والفضة في الإناء، ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة تجعل في الإناء للحاجة إلى إصلاحه.

ودليل تحريم إناء الذهب والفضة قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تشربوا في آنية الذهب والفضة، ولا تأكلوا في صحافهما; فإنها لهم في الدنيا ولنا في الآخرة ) [رواه الجمـاعة، وهذا لفظ البخاري]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( الذي يشرب في آنية الفضة إنما يجرجر في بطنه نار جهنم ) [متفق عليه]، والنهي عن الشيء يتناوله خالصا أو مجزءا، فيحرم الإناء المطلي أو المموه بالذهب أو الفضة أو الذي فيه شيء من الذهب والفضة، ما عدا الضبة اليسيرة من الفضة كما سبق; بدليل حديث أنس رضي الله عنه: ( أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشعب سلسلة من فضة ) [رواه البخاري].
قال النووي رحمه الله: « انعقد الإجماع على تحريم الأكل والشرب فيها، وجميع أنواع الاستعمال في معنى الأكل والشرب بالإجماع ». انتهى.

وتحريم الاستعمال والاتخاذ يشمل الذكور والإناث; لعموم الأخبار، وعدم المخصص، وإنما أبيح التحلي للنساء لحاجتهن إلى التزين للزوج.

وتباح آنية الكفار التي يستعملونها ما لم تعلم نجاستها، فإن علمت نجاستها; فإنها تغسل وتستعمل بعد ذلك.


2 ـ جلود الميتة يحرم استعمالها; إلا إذا دبغت; فقد اختلف العلماء في جواز استعمالها بعد الدبغ، والصحيح الجواز، وهو قول الجمهور; لورود الأحاديث الصحيحة بجواز استعماله بعد الدبغ، ولأن نجاسته طارئة، فتزول بالدبغ; كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( يطهره الماء والقَرَظ ) [رواه الدار قطني، البيهقي من حديث ابن عباس، وحسنه الحافظ]، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( دباغ الأديم طهوره ) [رواه أحمد وغير].
* وتباح ثياب الكفار إذا لم تعلم نجاستها; لأن الأصل الطهارة; فلا تزول بالشك، ويباح ما نسجوه أو صبغوه; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يلبسون ما نسجه الكفار وصبغوه. والله تعالى أعلم.

باب
فيمـا يحـرم علـى المحـدث مـزاولتـه مـن الأعمـال



هناك بعض من الأعمال التي يحرم على المسلم إذا لم يكن على طهارة أن يزاولها لشرفها ومكانتها، وهذه الأعمال نبينها لك بأدلتها; لتكون منك على بال; فلا تقدم على واحد منها إلا بعد التهيؤ له بالطهارة المطلوبة.

اعلم يا أخي أن هناك أشياء تحرم على المحدث، سواء كان حدثه أكبر أو أصغر، وهناك أشياء يختص تحريمها بمن هو محدث حدثا أكبر.


* فالأشيـاء التي تحـرم علـى المحـدث أي الحـدثيـن:

1 - مس المصحف الشريف; فلا يمسه المحدث بدون حائل; لقوله تعالى: ﴿ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ﴾[الواقعة:49]، أي: المتطهرون من الحدث جنابة أو غيرها، على القول بأن المراد بهم المطهرون من البشر، وهناك من يرى أن المراد بهم الملائكة الكرام.
وحتى لو فسرت الآية بأن المراد بهم الملائكة; فإن ذلك يتناول البشر بدلالة الإشارة، وكما ورد في الكتاب الذي كتبه الرسول صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم; قوله: ( لا يمس المصحف إلا طاهر ) [رواه النسائي وغيره متصلاً، ومالك في الموطأ (1/199 )، قال ابن كثير: روي بإسنادين في كل منهما نظر. وصححه ابن عبد البر في " التمهيد " (17/397 )].

قـال ابن عبد البـر: « إنه أشبـه المتـواتـر لتلقـي النـاس له بـالقبـول ».
قـال شيـخ الإسـلام عـن منـع مـس المصحـف لغيـر المتطهـر: « هو مذهب الأئمة الأربعة ».
وقـال ابن هبيـرة في " الإفصـاح ": « أجمعـوا ( يعني: الأئمة الأربعة ) أنه لا يجـوز للمحـدث مـس المصحـف » انتهى.

ولا بأس أن يحمل غير المتطهر المصحف في غلاف أو كيس من غير أن يمسه، وكذلك لا بأس أن ينظر فيه ويتصفحه من غير مس.
2 - ويحرم على المحدث الصلاة فرضا أو نفلا وهذا بإجماع أهل العلم، إذا استطاع الطهارة; لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا ﴾[المائدة:6]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يقبل الله صلاة بغير طهورا ) [رواه مسلم وغيره]، وحديث لا يقبل الله صلاة من أحدث حتى يتوضأ ) [البخاري]؛ فلا يجوز له أن يصلي من غير طهارة مع القدرة عليها، ولا تصح صلاته، سواء كان جاهلا أو عالما، ناسيا أو عامدا، لكن العالم العامد إذا صلى من غير طهارة; يأثم ويعزر، وإن كان جاهلا أو ناسيا; فإنه لا يأثم، لكن لا تصح صلاته.
3 - يحرم على المحدث الطواف بالبيت العتيق لقوله صلى الله عليه وسلم: ( الطواف بالبيت صلاة; إلا أن الله أباح فيه الكلام )[رواه الحاكم، وصححه هو وابن الملقن]، وقد ( توضأ النبي صلى الله عليه وسلم للطواف ) [البخاري1614 ـ 1615]، وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه ( منع الحائض من الطواف بالبيت حتى تطهر ) [البخاري ومسلم]، كل ذلك مما يدل على تحريم الطواف على المحدث حتى يتطهر.
ومما يدل على تحريمه على المحدث حدثا أكبر قوله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾[النساء:43 ]، أي: لا تدخلوا المسجد وأنتم جنب إلا ماري طريق; فمنعه من دخول المسجد للبقاء فيه يقتضي منعه من الطواف من باب أولى.
وهـذه الأعمـال تحـرم على المحـدث سـواء كـان حـدثـه أكبـر أو أصغـر .

وأمـا الأشيـاء التي تحـرم على المحـدث حـدثـا أكبـر خـاصـة فهـي:


1 - يحرم على المحدث حدثا أكبر قراءة القرآن، لحديث علي رضي الله عنه: ( لا يحجبه ( يعني: النبي صلى الله عليه وسلم ) عن القرآن شيء، ليس الجنابة )[الترمذي، أبو داود، وغيرهم]، ولفظ الترمذي: ( يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبا ); فهذا يدل على تحريم قراءة القرآن على الجنب وبمعناه الحائض والنفساء، ولكن رخص بعض العلماء - كشيخ الإسلام - للحائض أن تقرأ القرآن إذا خشيت نسيانه.

ولا بأس أن يتكلم المحدث بما وافق القرآن إن لم يقصد القرآن بل على وجه الذكر; مثل: بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، لحديث عائشة رضي الله عنها: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه ) [علقه البخاري، ورواه مسلم موصول].
-2 ويحرم على المحدث حدثا أكبر من جنابة أو حيض أو نفاس اللبث في المسجد بغير وضوء، لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾[النساء:43]؛ أي: لا تدخلوا المسجد للبقاء فيه، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) [رواه أبو داود من حديث عائشة، وصححه ابن خزيمة، وضعفه البخاري].
فإذا توضأ من عليه حدث أكبر; جاز له اللبث في المسجد; لقول عطاء: ( رأيت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجلسون في المسجد وهم مجنبون إذا توضؤوا وضوء الصلاة ) [رواه سعيد بن منصور، وقال ابن كثير(1/503 ـ الفكر ): إسناده صحيح على شرط مسلم]، والحكمة من هذا الوضوء تخفيف الجنابة.

وكذلك يجوز للمحدث حدثا أكبر أن يمر بالمسجد لمجرد العبور منه؛ من غير جلوس فيه; لقوله تعالى: ﴿ إلا عابري سبيل ﴾؛ أي: مجتازين فيه للخروج منه، والاستثناء من النهي إباحة، فيكون ذلك مخصصاً لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ) .

وكذلك مصلى العيد لا يلبث فيه من عليه حدث أكبر بغير وضوء، ويجوز له المرور منه; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( وليعتزل الحيض المصلى ) [البخاري من حديث حفصة، ومسلم من حديث أم عطية ].



بـاب فـي آداب قضـاء الحـاجـة


اعلم وفقني الله وإياك وجميع المسلمين أن ديننا كامل متكامل، ما ترك شيئا مما يحتاجه الناس في دينهم ودنياهم; إلا بينه، ومن ذلك آداب قضاء الحاجة; ليتميز الإنسان الذي كرمه الله عن الحيوان بما كرمه الله به; فديننا دين النظافة ودين الطهر; فهناك آداب شرعية تفعل عند دخول الخلاء وحال قضاء الحاجة.

فإذا أراد المسلم دخول الخلاء - وهو المحل المعد لقضاء الحاجة -; فإنه يستحب له أن يقول: بسم الله، أعوذ بالله من الخبث والخبائث. ويقدم رجله اليسرى حال الدخول، وعند الخروج يقدم رجله اليمنى، ويقول: غفرانك، الحمد لله الذي أذهب عني الأذى وعافاني. وذلك لأن اليمنى تستعمل فيما من شأنه التكريم والتجميل، واليسرى تستعمل فيما من شأنه إزالة الأذى ونحوه.

وإذا أراد أن يقضي حاجته في فضاء - أي: في غير محل معد لقضاء الحاجة -; فإنه يستحب له أن يبعد عن الناس; بحيث يكون في مكان خال، ويستتر عن الأنظار بحائط أو شجرة أو غير ذلك، ويحرم أن يستقبل القبلة أو يستدبرها حال قضاء الحاجة، بل ينحرف عنها ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن استقبال القبلة واستدبارها حال قضاء الحاجة، وعليه أن يتحرز من رشاش البول أن يصيب بدنه أو ثوبه، فيرتاد لبوله مكانا رخوا، حتى لا يتطاير عليه شيء منه.
ولا يجوز له أن يمس فرجه بيمينه، وكذلك لا يجوز له أن يقضي حاجته في طريق الناس، أو في ظلهم، أو موارد مياههم ; لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك; لما فيه من الإضرار بالناس وأذيتهم.

ولا يدخل موضع الخلاء بشيء فيه ذكر الله عز وجل أو فيه قرآن، فإن خاف على ما معه مما فيه ذكر الله; جاز له الدخول به، ويغطيه. ولا ينبغي له أن يتكلم حال قضاء الحاجة; فقد ورد في الحديث أن الله يمقت على ذلك، ويحرم عليه قراءة القرآن.

فإذا فرغ من قضاء الحاجة ; فإنه ينظف المخرج بالاستنجاء بالماء أو الاستجمار بالأحجار أو ما يقوم مقامها، وإن جمع بينهما; فهو أفضل، وإن اقتصر على أحدهما; .


والاستجمار يكون بالأحجار أو ما يقوم مقامها من الورق الخشن والخرق ونحوها مما ينقى المخرج وينشفه، ويشترط ثلاث مسحات منقية فأكثر إذا أراد الزيادة.
ولا يجوز الاستجمار بالعظام ورجيع الدواب - أي: روثها - ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، وعليه أن يزيل أثر الخارج وينشفه; لئلا يبقى شيء من النجاسة على جسده، ولئلا تنتقل النجاسة إلى مكان آخر من جسده أو ثيابه.
قال بعض الفقهاء: إن الاستنجاء أو الاستجمار شرط من شروط صحة الوضوء لا بد أن يسبقه، فلو توضأ قبله ; لم يصح وضوؤه، لحديث المقداد المتفق عليه : ( يغسل ذكره، ثم يتوضأ )


قال النووي: والسنة أن يستنجي قبل الوضوء، ليخرج من الخلاف، ويأمن انتقاض طهره.
أيها المسلم ! احرص على التنزه من البول ; فإن عدم التنزه منه من موجبات عذاب القبر ; فعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( استنزهوا من البول ; فإن عامة عذاب القبر منه ) رواه الدارقطني، قال الحافظ: " صحيح الإسناد، وله شواهد، وأصله في " الصحيحين ".

أيها المسلم ! إن كمال الطهارة يسهل القيام بالعبادة، ويعين على إتمامها وإكمالها والقيام بمشروعاتها.
روى الإمام أحمد رحمه الله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ,( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم الصبح، فقرأ الروم فيها، فأوهم، فلما انصرف ; قال: إنه يلبس علينا القرآن، إن أقواما منكم يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا ; فليحسن الوضوء ) وقد أثنى الله على أهل مسجد قباء بقوله :
﴿ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ ولما سئلوا عن صفة هذا التطهر; قالوا إنا نتبع الحجارة الماء ) رواه البزار.
وهنا أمر يجب التنبيه عليه، وهو أن بعض العوام يظن أن الاستنجاء من الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ; بدأ بالاستنجاء، ولو كان قد استنجى سابقا بعد قضاء الحاجة، وهذا خطأ; لأن الاستنجاء ليس من الوضوء، وإنما هو من شروطه; كما سبق، ومحله بعد الفراغ من قضاء الحاجة، ولا داعي لتكراره من غير وجود موجبه - وهو قضاء الحاجة وتلوث المخرج بالنجاسة.

أيها المسلم! هذا ديننا دين الطهارة والنظافة والنزاهة، أتى بأحسن الآداب وأكرم الأخلاق، استوعب كل ما يحتاجه المسلم، وكل ما يصلحه، ولم يغفل شيئا فيه مصلحة لنا; فلله الحمد والمنة، ونسأله الثبات على هذا الدين، والتبصر في أحكامه، والعمل بشرائعه، مع الإخلاص لله في ذلك، حتى يكون عملنا صحيحا مقبولا.

يتبع ان شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 16:50


باب في السواك وخصال الفطرة

روت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : السواك مطهرة للفم ، مرضاة للرب ، رواه أحمد وغيره .

وثبت في " الصحيحين " عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : خمس من الفطرة : الاستحداد ، والختان ، وقص الشارب ، ونتف الإبط ، وتقليم الأظافر .

وفي " الصحيحين " أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا : أحفوا الشوارب ، وأعفوا اللحى .


من هذه الأحاديث وما جاء بمعناها أخذ الفقهاء الأحكام التالية :

مشروعية السواك ، وهو استعمال عود أو نحوه في الأسنان واللثة ، ليذهب ما علق بهما من صفرة ورائحة ، وقد ورد أنه من سنن المرسلين فأول من استاك إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وقد بين الرسول صلى الله عليه وسلم أنه مطهرة للفم ، أي : منظف له مما يستكره ، وأنه مرضاة للرب ، أي : يرضي الرب تبارك وتعالى ، وقد ورد في بيانه والحث عليه أكثر من مائة حديث ، مما يدل على أنه سنة مؤكدة ، حث الشارع عليه ، ورغب فيه ، وله فوائد عظيمة ، من أعظمها وأجمعها ما أشار إليه في هذا الحديث : أنه مطهرة للفم ، مرضاة للرب .

ويكون التسوك بعود لين من أراك أو زيتون أو عرجون أو غيرها مما لا يتفتت ، ولا يجرح الفم .


ويسن السواك في جميع الأوقات ، حتى للصائم في جميع اليوم على الصحيح ، ويتأكد في أوقات مخصوصة ، فيتأكد عند الوضوء لقوله صلى الله عليه وسلم : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء ، فالحديث يدل على تأكد استحباب السواك عند الوضوء ، ويكون ذلك حال المضمضة ؛ لأن ذلك أبلغ في الإنقاء وتنظيف الفم ، ويتأكد السواك أيضا عند الصلاة فرضا أو نفلا ؛ لأننا مأمورون عند التقرب إلى الله أن نكون في حال كمال ونظافة إظهارا لشرف العبادة .

ويتأكد السواك أيضا عند الانتباه من نوم الليل أو نوم النهار ؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه بالسواك ، والشوص : الدلك ، وذلك لأن النوم تتغير معه رائحة الفم لتصاعد أبخرة المعدة ، والسواك في هذه الحالة ينظف الفم من آثارها ، ويتأكد السواك أيضا عند تغير رائحة الفم بأكل أو غيره ، ويتأكد أيضا عند قراءة قرآن لتنظيف الفم وتطييبه لتلاوة كلام الله عز وجل .

وصفة التسوك أن يمر المسواك على لثته وأسنانه ، فيبتدئ من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر ، ويمسك المسواك بيده اليسرى .

ومن المزايا التي جاء بها ديننا الحنيف خصال الفطرة التي مر ذكرها في الحديث ، وسميت خصال الفطرة لأن فاعلها يتصف بالفطرة التي فطر الله عليها العباد ، وحثهم عليها ، واستحبها لهم ؛ ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها ، وليكونوا على أجمل هيئة وأحسن خلقة ، وهي السنة القديمة التي اختارها الأنبياء ، واتفقت عليها الشرائع ، وهذه الخصال هي :

1 - الاستحداد : وهو حلق العانة ، وهي الشعر النابت حول الفرج ، سمي استحدادا لاستعمال الحديدة فيه ، وهي الموسى ، وفي إزالته تجميل ونظافة ، فيزيله بما شاء من حلق أو غيره .
2 - الختان : وهو إزالة الجلدة التي تغطي الحشفة حتى تبرز الحشفة ، ويكون زمن الصغر لأنه أسرع برءا ، ولينشأ الصغير على أكمل الأحوال .

ومن الحكمة في الختان تطهير الذكر من النجاسة المتحقنة في القلفة ، وغير ذلك من الفوائد .

3 - قص الشارب وإحفاؤه ، وهو المبالغـة في قصه لما في ذلك من التجميل والنظافة ومخالفة الكفار ، وقد وردت الأحاديث في الحث على قصه وإحفائه وإعفاء اللحية وإرسالها وإكرامها ؛ لما في بقاء اللحية من الجمال ومظهر الرجولة ، وقد عكس كثير من الناس الأمر ، فصاروا يوفرون شواربهم ، ويحلقون لحاهم ، أو يقصونها ، أو يحاصرونها في نطاق ضيق إمعانا في المخالفة للهدي النبوي ، وتقليدا لأعداء الله ورسوله ، ونزولا عن سمات الرجولة والشهامة إلى سمات النساء والسفلة ، حتى صدق عليهم قول الشاعر :

يقضـى علـى المرء في أيام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن

وقول الآخر :

ولا عجب أن النساء ترجلت ولكـن تـأنيث الرجال عجيب

4 - ومن خصال الفطرة : تقليم الأظافر ، وهو قطعها بحيث لا تترك تطول ؛ لما في ذلك من التجميل وإزالة الوسخ المتراكم تحتها ، والبعد عن مشابهة السباع البهيمية ، وقد خالف هذه الفطرة النبوية طوائف من الشباب المتخنفس والنساء الهمجيات ، فصاروا يطيلون أظافرهم مخالفة للهدي النبوي ، وإمعانا في التقليد الأعمى .

5 - ومن خصال الفطرة : نتف الإبط ، أي : إزالة الشعر النابت في الإبط ، فيسن إزالة هذا الشعر بالنتف أو الحلق أو غير ذلك ؛ لما في إزالة هذا الشعر من النظافة ، وقطع الرائحة الكريهة التي تتضاعف مع وجود هذا الشعر .
أيها المسلم : هكذا جاء ديننا بتشريع هذه الخصال ؛ لما فيها من التجمل والتنظف والتطهر ؛ ليكون المسلم على أحسن حال وأجمل مظهر مخالفا بذلك هدي المشركين ، ولما في بعضها من تمييز بين الرجال والنساء ؛ ليبقى لكل منهما شخصيته المناسبة لوظيفته في الحياة ، لكن أبى كثير من المخدوعين ، الذين يظلمون أنفسهم ، فأبوا إلا مخالفة الرسول صلى الله عليه وسلم ، واستيراد التقاليد التي لا تتناسب مع ديننا وشخصيتنا الإسلامية ، واتخذوا من سفلة الغرب أو الشرق قدوة لهم في شخصيتهم ، فاستبدلوا الذي هو أدنى بالذي هو خير ، بل استبدلوا الخبيث بالطيب ، والكمال بالنقص ، فجنوا على أنفسهم وعلى مجتمعهم ، وجاءوا بسنة سيئة ، باءوا بإثمها وإثم من عمل بها تبعا لهم ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

اللهم وفق المسلمين لإصلاح أعمالهم وأقوالهم ، وارزقهم الإخلاص لوجهك الكريم ، والتمسك بسنة نبيك صلى الله عليه وسلم .


يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 17:00


باب في أحكام الوضوء

يقول الله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ الآية ، فهذه الآية الكريمة أوجبت الوضوء للصلاة ، وبينت الأعضاء التي يجب غسلها أو مسحها في الوضوء ، وحددت مواقع الوضوء منها ، ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم صفة الوضوء بقوله وبفعله بيانا كافيا .
اعلم أيها المسلم أن للوضوء شروطا وفروضا وسننا ، فالشروط والفروض لا بد منها حسب الإمكان ؛ ليكون الوضوء صحيحا ، وأما السنن فهي مكملات الوضوء ، وفيها زيادة أجر ، وتركها لا يمنع صحة الوضوء .

فالشروط هي :

- الإسلام ، والعقل ، والتمييز ، والنية ، فلا يصح الوضوء من كافر ، ولا من مجنون ، ولا من صغير لا يميزه ، ولا ممن لم ينو الوضوء بأن نوى تبردا ، أو غسل أعضاءه ليزيل عنها نجاسة أو وسخا .

- ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء طهورا كما سبق ، فإن كان نجسا لم يجزئه ، ويشترط للوضوء أيضا أن يكون الماء مباحا ، فإن كان مغصوبا ، أو تحصل عليه بغير طريق شرعي ، لم يصح الوضوء به .

- وكذلك يشترط للوضوء أن يسبقه استنجاء أو استجمار على ما سبق تفصيله .

- ويشترط للوضوء أيضا إزالة ما يمنع وصول الماء إلى الجلد ، فلا بد للمتوضئ أن يزيل ما على أعضاء الوضوء من طين أو عجين أو شمع أو وسخ متراكم أو أصباغ سميكة ؛ ليجري الماء على جلد العضو مباشرة من غير حائل .

وأما فروض الوضوء - وهي أعضاؤه - فهي ستة :

أحدها : غسل الوجه بكامله ، ومنه المضمضة والاستنشاق ، فمن غسل وجهه وترك المضمضة والاستنشاق أو أحدهما لم يصح وضوءه ؛ لأن الفم والأنف من الوجه ، والله تعالى يقول : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ فأمر بغسل الوجه كله ، فمن ترك شيئا منه لم يكن ممتثلا أمر الله تعالى ، والنبي صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق .

الثاني : غسل اليدين مع المرفقين لقوله تعالى : وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ ، أي : مع المرافق ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أدار الماء على مرفقيه وفي حديث آخر : غسل يديه حتى أشرع في العضد ، مما يدل على دخول المرفقين في المغسول .

والثالث : مسح الرأس كله ومنه الأذنان لقوله تعالى : وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ ، وقال صلى الله عليه وسلم : الأذنان من الرأس ، رواه ابن ماجه والدارقطني وغيرهما ، فلا يجزئ مسح بعض الرأس .

والرابع : غسل الرجلين مع الكعبين لقوله تعالى : وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، و ( إلى ) بمعنى ( مع ) ، وذلك للأحاديث الواردة في صفة الوضوء ، فإنها تدل على دخول الكعبين في المغسول .

والخامس : الترتيب بأن يغسل الوجه أولا ، ثم اليدين ، ثم يمسح الرأس ، ثم يغسل رجليه ، لقوله تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ، والنبي صلى الله عليه وسلم رتب الوضوء على هذه الكيفية ، وقال : هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ، رواه أبو داود وغيره .
السادس : الموالاة ، وهي أن يكون غسل الأعضاء المذكورة متواليا ، بحيث لا يفصل بين غسل عضو وغسل العضو الذي قبله ، بل يتابع غسل الأعضاء ، الواحد تلو الآخر حسب الإمكان .
هذه فروض الوضوء التي لا بد منها فيه على وفق ما ذكره الله في كتابه .
وقد اختلف العلماء في حكم التسمية في ابتداء الوضوء ، هل هي واجبة أو سنة ؟ فهي عند الجميع مشروعة ، ولا ينبغي تركها ، وصفتها أن يقول : بسم الله ، وإن زاد : الرحمن الرحيم فلا بأس .

والحكمة - والله أعلم - في اختصاص هذه الأعضاء الأربعة بالوضوء ، لأنها أسرع ما يتحرك من البدن لاكتساب الذنوب ، فكان في تطهير ظاهرها تنبيه على تطهير باطنها ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم كلما غسل عضوا منها حط عنه كل خطيئة أصابها بذلك العضو ، وأنها تخرج خطاياه مع الماء ، أو مع آخر قطر الماء .

ثم أرشد صلى الله عليه وسلم بعد غسل هذه الأعضاء إلى تجديد الإيمان بالشهادتين ، إشارة إلى الجمع بين الطهارتين الحسية والمعنوية ، فالحسية تكون بالماء على الصفة التي بينها الله في كتابه من غسل هذه الأعضاء ، والمعنوية تكون بالشهادتين اللتين تطهران من الشرك .


وقد قال تعالى في آخر آية الوضوء : مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وهكذا أيها المسلم شرع الله لك الوضوء ليطهرك به من خطاياك ، وليتم به نعمته عليك .
وتأمل افتتاح آية الوضوء بهذا النداء الكريم : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا فقد وجه سبحانه الخطاب إلى من يتصف بالإيمان ؛ لأنه هو الذي يصغي لأوامر الله ، وينتفع بها ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : ولا يحافظ على الوضوء إلا مؤمن .

وما زاد عما ذكر في صفة الوضوء فهو مستحب ، من فعله فله زيادة أجر ، ومن تركه فلا حرج عليه ، ومن ثم سمى الفقهاء تلك الأفعال : سنن الوضوء ، أي : مستحباته ، فسنن الوضوء هي :


أولا : السواك ، وتقدم بيان فضيلته وكيفيته ، ومحله عند المضمضة ليحصل به ، والمضمضة تنظيف الفم لاستقبال العبادة ، والتهيؤ لتلاوة القرآن ومناجاة الله عز وجل .
ثانيا : غسل الكفين ثلاثا في أول الوضوء قبل غسل الوجه ؛ لورود الأحاديث به ، ولأن اليدين آلة نقل الماء إلى الأعضاء ، ففي غسلهما احتياط لجميع الوضوء .
ثالثا : البداءة بالمضمضة والاستنشاق قبل غسل الوجه ؛ لورود البداءة بهما في الأحاديث ، ويبالغ فيها إن كان غير صائم ، ومعنى المبالغة في المضمضة : إدارة الماء في جميع فمه ، وفي الاستنشاق : جذب الماء إلى أقصى أنفه .

رابعا : ومن سنن الوضوء تخليل اللحية الكثيفة بالماء حتى يبلغ داخلها ، وتخليل أصابع اليدين والرجلين .

خامسا : التيامن ، وهو البدء باليمنى من اليدين والرجلين قبل اليسرى .

سادسا : الزيادة على الغسلة الواحدة إلى ثلاث غسلات في غسل الوجه واليدين والرجلين .

هذه شروط الوضوء وفروضه وسننه ، يجدر بك أن تتعلمها وتحرص على تطبيقها في كل وضوء ؛ ليكون وضوؤك مستكملا للصفة المشروعة ، لتحوز على الثواب .

ونسأل الله لنا ولك المزيد من العلم النافع والعمل الصالح .



يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 17:06


باب في بيان صفة الوضوء

بعد أن عرفت شرائط الوضوء وفرائضه وسننه على ما سبق بيانه ، كأنك تطلعت إلى بيان صفة الوضوء التي تطبق فيها تلك الأحكام ، وهي صفة الوضوء الكامل المشتمل على الفروض والسنن ، مستوحاة من نصوص الشرع ؛ لتعمل على تطبيقها إن شاء الله ، فصفة الوضوء :

- أن ينوي الوضوء لما يشرع له الوضوء من صلاة ونحوها .

- ثم يقول : بسم الله .

- ثم يغسل كفيه ثلاث مرات .

- ثم يتمضمض ثلاث مرات ، ويستنشق ثلاث مرات ، وينثر الماء من أنفه بيساره .
- ويغسل وجهه ثلاث مرات ، وحد الوجه طولا من منابت شعر الرأس المعتاد إلى ما انحدر من اللحيين والذقن ، واللحيان عظمان في أسفل الوجه ، أحدهما من جهة اليمين ، والثاني من جهة اليسار ، والذقن مجمعهما ، وشعر اللحية من الوجه فيجب غسله ولو طال ، فإن كانت اللحية خفيفة الشعر وجب غسل باطنها وظاهرها ، وإن كانت كثيفة - أي : ساترة للجلد - وجب غسل ظاهرها ، ويستحب تخليل باطنها كما تقدم ، وحد الوجه عرضا من الأذن إلى الأذن ، والأذنان من الرأس فيمسحان معه كما تقدم .

- ثم يغسل يديه مع المرفقين ثلاث مرات ، وحد اليد هنا من رءوس الأصابع مع الأظافر إلى أول العضد ، ولا بد أن يزيل ما علق باليدين قبل الغسل من عجين وطين وصبغ كثيف على الأظافر حتى يتبلغ بماء الوضوء .

ثم يمسح كل رأسه وأذنيه مرة واحدة بماء جديد غير البلل الباقي من غسل يديه ، وصفة مسح الرأس أن يضع يديه مبلولتين بالماء على مقدم رأسه ، ويمرهما إلى قفاه ، ثم يردهما إلى الموضع الذي بدأ منه ، ثم يدخل أصبعيه السبابتين في خرقي أذنيه ، ويمسح ظاهرهما بإبهاميه .

- ثم يغسل رجليه ثلاث مرات مع الكعبين ، والكعبان هما العظمان الناتئان في أسفل الساق .
ومن كان مقطوع اليد أو الرجل فإنه يغسل ما بقي من الذراع أو الرجل ، فإن قطع من مفصل المرفق غسل رأس العضد ، وإن قطع من الكعب غسل طرف الساق ؛ لقوله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، فإذا غسل بقية المفروض فقد أتى بما استطاع .

ثم بعد الفراغ من الوضوء على الصفة التي ذكرنا يرفع بصره إلى السماء ، ويقول ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأدعية في هذه الحالة ، ومن ذلك : أشهد أن لا إله إلا الله وحده ، لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، اللهم اجعلني من التوابين ، واجعلني من المتطهرين ، سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك .

والمناسبة في الإتيان بهذا الذكر والدعاء بعد الوضوء ، أنه لما كان الوضوء طهارة للظاهر ناسب ذكر طهارة الباطن بالتوحيد والتوبة ، وهما أعظم المطهرات ، فإذا اجتمع له الطهوران : طهور الظاهر بالوضوء ، وطهور الباطن بالتوحيد والتوبة ، صلح للدخول على الله ، والوقوف بين يديه ، ومناجاته .

ولا بأس أن ينشف المتوضئ أعضاءه من ماء الوضوء بمسحه بخرقة ونحوها .

ثم اعلم أيها المسلم أنه يجب إسباغ الوضوء وهو إتمامه باستكمال الأعضاء ، وتعميم كل عضو بالماء ، ولا يترك منه شيئا لم يصبه الماء ، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا ترك موضع ظفر على قدمه ، فقال له : ارجع ، فأحسن وضوءك .

وعن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا يصلي وفي بعض قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء ، فأمره أن يعيد الوضوء والصلاة ، ، وقال صلى الله عليه وسلم : ويل للأعقاب من النار ؛ وذلك لأنه قد يحصل التساهل في تعاهدهما ، فلا يصل إليهما الماء ، أو تبقى فيهما بقية لا يعمها الماء ، فيعذبان بالنار بسبب ذلك .

وقال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو داود وغيره : إنه لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله ، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ، ثم يمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين .

ثم اعلم أيها المسلم أنه ليس معنى إسباغ الوضوء كثرة صب الماء ، بل معناه تعميم العضو بجريان الماء عليه كله ، وأما كثرة صب الماء فهذا إسراف منهي عنه ، بل قد يكثر صب الماء ولا يتطهر الطهارة الواجبة ، وإذا حصل إسباغ الوضوء مع تقليل الماء فهذا هو المشروع .

فقد ثبت في " الصحيحين " أنه صلى الله عليه وسلم : كان يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ونهى صلى الله عليه وسلم عن الإسراف في الماء ، فقد مر صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يتوضأ ، فقال : ما هذا السرف ؟ فقال : أفي الوضوء إسراف ؟ فقال : نعم ، ولو كنت على نهر جار ، رواه أحمد وابن ماجه ، وله شواهد والسرف ضد القصد .


وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يكون في أمته من يتعدى في الطهور وقال : إن للوضوء شيطانا يقال له : الولهان ، فاتقوا وسواس الماء .

والسرف في صب الماء - مع أنه يضيع الماء من غير فائدة - يوقع في مفاسد أخرى :

منها : أنه قد يعتمد على كثرة الماء فلا يتعاهد وصول الماء إلى أعضائه ، فربما تبقى بقية لم يصلها الماء ، ولا يدري عنها ، فيبقى وضوءه ناقصا ، فيصلي بغير طهارة .
ومنها : الخوف عليه من الغلو في العبادة ، فإن الوضوء عبادة ، والعبادة إذا دخلها الغلو فسدت .
ومنها : أنه قد يحدث له الوسواس في الطهارة بسبب الإسراف في صب الماء .
والخير كله في الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها ، وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .

فعليك أيها المسلم بالحرص على أن يكون وضوءك وجميع عباداتك على الوجه المشروع ، من غير إفراط ولا تفريط ، فكلا طرفي الأمور ذميم ، وخير الأمور أوسطها ، والمتساهل في العبادة ينتقصها ، والغالي فيها يزيد عليها ما ليس منها ، والمستن فيها بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي يوفيها حقها .

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ، وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه ، ولا تجعله ملتبسا علينا فنضل .


يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime16/12/2009, 17:15


باب في أحكام المسح على الخفين وغيرهما من الحوائل

إن ديننا دين يسر ، لا دين مشقة وحرج ، يضع لكل حالة ما يناسبها من الأحكام مما به تتحقق المصلحة وتنتفي المشقة ، ومن ذلك ما شرعه الله في حالة الوضوء ، إذا كان على شيء من أعضاء المتوضئ حائل يشق نزعه ، ويحتاج إلى بقائه ، إما لوقاية الرجلين كالخفين ونحوهما ، أو لوقاية الرأس كالعمامة ، وإما لوقاية جرح ونحوه كالجبيرة ونحوها ، فإن الشارع رخص للمتوضئ أن يمسح على هذه الحوائل ، ويكتفي بذلك عن نزعها وغسل ما تحتها تخفيفا منه سبحانه وتعالى على عباده ، ودفعا للحرج عنهم .

فأما مسح الخفين ، أو ما يقوم مقامهما من الجوربين ، والاكتفاء به عن غسل الرجلين ، فهو ثابت بالأحاديث الصحيحة المستفيضة المتواترة في مسحه صلى الله عليه وسلم في الحضر والسفر ، وأمره بذلك ، وترخيصه فيه .


قال الحسن : " حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الخفين " وقال النووي : " روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة " ، وقال الإمام أحمد : " ليس في نفسي من المسح شيء ، فيه أربعون حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم " وقال ابن المبارك وغيره : " ليس في المسح على الخفين بين الصحابة اختلاف ، هو جائز " ونقل ابن المنذر وغيره إجماع العلماء على جوازه واتفق عليه أهل السنة والجماعة ، بخلاف المبتدعة الذين لا يرون جوازه .

وحكم المسح على الخفين أنه رخصة ، فعله أفضل من نزع الخفين وغسل الرجلين أخذا برخصة الله عز وجل ، واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ومخالفة للمبتدعة ، والمسح يرفع الحدث عما تحت الممسوح ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يتكلف ضد حاله التي عليها قدماه ، بل إن كانتا في الخفين مسح على الخفين ، وإن كانتا مكشوفتين غسل القدمين ، فلا يشرع لبس الخف ليمسح عليه .


ومدة المسح على الخفين بالنسبة للمقيم ومن سفره لا يبيح له القصر يوم وليلة ، وبالنسبة لمسافر سفرا يبيح له القصر ثلاثة أيام بلياليها ؛ لما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : للمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ، وللمقيم يوم وليلة ، وابتداء المدة في الحالتين يكون من الحدث بعد اللبس ؛ لأن الحدث هو الموجب للوضوء ، ولأن جواز المسح يبتدئ من الحدث ، فيكون ابتداء المدة من أول جواز المسح ، ومن العلماء من يرى أن ابتداء المدة يكون من المسح بعد الحدث .

شروط المسح على الخفين ونحوهما :

1 - يشترط للمسح على الخفين وما يقوم مقامهما من الجوارب ونحوها أن يكون الإنسان حال لبسهما على طهارة من الحدث ؛ لما في " الصحيحين " وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما أراد نزع خفيه وهو يتوضأ : دعهما ، فإني أدخلتهما طاهرتين ، وحديث : أمرنا أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ، وهذا واضح الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس للخفين ، فلو كان حال لبسهما محدثا لم يجز المسح عليهما .

2 - ويشترط أن يكون الخف ونحوه مباحا ، فإن كان مغصوبا أو حريرا بالنسبة للرجل لم يجز المسح عليه ؛ لأن المحرم لا تستباح به الرخصة .

3 - ويشترط أن يكون الخف ونحوه ساترا للرجل ، فلا يمسح عليه إذا لم يكن ضافيا مغطيا لما يجب غسله بأن كان نازلا عن الكعب ، أو كان ضافيا لكنه لا يستر الرجل لصفائه أو خفته ، كجورب غير صفيق فلا يمسح على ذلك كله لعدم ستره .

ويمسح على ما يقوم مقام الخفين ، فيجوز المسح على الجورب الصفيق الذي يستر الرجل من صوف أو غيره ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين ، رواه أحمد وغيره وصححه الترمذي ، ويستمر المسح عليه إلى تمام المدة دون ما يلبس فوقه من خف أو نعل ونحوه ، ولا تأثير لتكرار خلعه ولبسه إذا كان قد بدأ المسح على الجورب .


ويجوز المسح على العمامة بشرطين :

أحدهما : أن تكون ساترة لما لم تجر العادة بكشفه من الرأس .
الشرط الثاني : أن تكون العمامة محنكة ، وهي التي يدار منها تحت الحنك دور فأكثر ، أو تكون ذات ذؤابة ، وهي التي يرخى طرفها من الخلف ، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على العمامة بأحاديث أخرجها غير واحد من الأئمة ، وقال عمر : " من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله " .

وإنما يجوز المسح على الخفين والعمامة في الطهارة من الحدث الأصغر ، وأما الحدث الأكبر ، فلا يمسح على شيء من ذلك فيه ، بل يجب غسل ما تحتهما .

ويمسح على الجبيرة ، وهي أعواد ونحوها تربط على الكسر ، ويمسح على الضماد الذي يكون على الجرح ، وكذلك يمسح على اللصوق الذي يجعل على القروح ، كل هذه الأشياء يمسح عليها بشرط أن تكون على قدر الحاجة ، بحيث تكون على الكسر أو الجرح وما قرب منه مما لا بد من وضعها عليه لتؤدي مهمتها ، فإن تجاوزت قدر الحاجة لزمه نزع ما زاد عن الحاجة .

ويجوز المسح على الجبيرة ونحوها في الحدث الأصغر والأكبر ، وليس للمسح عليها وقت محدد ، بل يمسح عليها إلى نزعها أو برء ما تحتها ؛ لأن مسحها لأجل الضرورة إليها ، فيتقدر بقدر الضرورة .


والدليل على مسح الجبيرة حديث جابر رضي الله عنه قال : خرجنا في سفر ، فأصاب رجلا منا حجر ، فشجه في رأسه ، ثم احتلم ، فسأل أصحابه : هل تجدون لي رخصة في التيمم ؟ قالوا : ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء ، فاغتسل ، فمات ، فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر بذلك ، فقال : قتلوه قتلهم الله ، ألا سألوا إذا لم يعلموا ، فإنما شفاء العي السؤال ، إنما كان يكفيه أن يتيمم ، ويعصب على جرحه خرقة ، ثم يمسح عليها ، رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححها ابن السكن .

محل المسح من هذه الحوائل :

يمسح ظاهر الخف والجورب ، ويمسح أكثر العمامة ، ويختص ذلك بدوائرها ، ويمسح على جميعا لجبيرة ، وصفة المسح على الخفين أن يضع أصابع يديه مبلولتين بالماء على أصابع رجليه ، ثم يمرهما إلى ساقه ، يمسح الرجل اليمنى باليد اليمنى ، والرجل اليسرى باليد اليسرى ، ويفرج أصابعه إذا مسح ، ولا يكرر المسح .


****


باب في بيان نواقض الوضوء

عرفت مما سبق كيف يتم الوضوء بشروطه وفروضه وسننه كما بينه النبي صلى الله عليه وسلم ، فكنت بحاجة إلى معرفة ما يفسد هذا الوضوء وينقضه ؛ لئلا تستمر على وضوء قد بطل مفعوله ، فتؤدي به عبادة لا تصح منك .

فاعلم أيها المسلم أن للوضوء مفسدات لا يبقى مع واحد منها له تأثير ، فيحتاج إلى استئنافه من جديد عند إرادته مزاولة عمل من الأعمال التي يشرع لها الوضوء ، وهذه المفسدات تسمى نواقض ، وتسمى مبطلات ، والمعنى واحد ، وهذه المفسدات أو النواقض أو المبطلات أمور عينها الشارع ، وهي علل تؤثر في إخراج الوضوء عما هو المطلوب منه ، وهي إما أحداث تنقض الوضوء بنفسها كالبول والغائط وسائر الخارج من السبيلين ، وإما أسباب للأحداث بحيث إذا وقعت تكون مظنة لحصول الأحداث ، كزوال العقل ، أو تغطيته بالنوم والإغماء والجنون ، فإن زائل العقل لا يحس بما يحصل منه ، فأقيمت المظنة مقام الحدث ، وإليك بيان ذلك بالتفصيل :

1 - الخارج من سبيل ، أي : من مخرج البول والغائط ، والخارج من السبيل إما أن يكون بولا أو منيا أو مذيا أو دم استحاضة أو غائطا أو ريحا .

فإن كان الخارج بولا أو غائطا فهو ناقض للوضوء بالنص والإجماع ، قال تعالى في موجبات الوضوء : أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ، وإن كان منيا أو مذيا فهو ينقض الوضوء بدلالة الأحاديث الصحيحة ، وحكى الإجماع على ذلك ابن المنذر وغيره .

وكذا ينقض خروج دم الاستحاضة ، وهو دم فساد ، لا دم حيض ؛ لحديث فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض ، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : فتوضئي وصلي ، فإنما هو دم عرق ، رواه أبو داود والدارقطني ، وقال : " إسناده كلهم ثقات " .

وكذا ينقض الوضوء خروج الريح بدلالة الأحاديث الصحيحة وبالإجماع ، قال صلى الله عليه وسلم : ولا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ، وقال صلى الله عليه وسلم فيمن شك هل خرج منه ريح أو لا : فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا .

وأما الخارج من البدن من غير السبيلين كالدم والقيء والرعاف فموضع خلاف بين أهل العلم ، هل ينقض الوضوء أو لا ينقضه ؟ على قولين ، والراجح أنه لا ينقض ، لكن لو توضأ خروجا من الخلاف لكان أحسن .
2 - من النواقض زوال العقل أو تغطيته ، وزوال العقل يكون بالجنون ونحوه ، وتغطيته تكون بالنوم أو الإغماء ونحوهما ، فمن زال عقله أو غطي بنوم ونحوه انتقضت وضوؤه ؛ لأن ذلك مظنة خروج الحدث ، وهو لا يحس به ، إلا يسير النوم ، فإنه لا ينقض الوضوء لأن الصحابة رضي الله عنهم كان يصيبهم النعاس وهم ينتظرون الصلاة وإنما ينقضه النوم المستغرق جمعا بين الأدلة .

3 - من نواقض الوضوء أكل لحم الإبل سواء كان قليلا أو كثيرا ، لصحة الحديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصراحته قال الإمام أحمد رحمه الله : " فيه حديثان صحيحان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " ، وأما أكل اللحم من غير الإبل فلا ينقض الوضوء .

وهناك أشياء قد اختلف العلماء فيها هل تنقض الوضوء أو لا ؟ وهي : مس الذكر ، ومس المرأة بشهوة ، وتغسيل الميت ، والردة عن الإسلام ، فمن العلماء من قال : إن كل واحد من هذه الأشياء ينقض الوضوء ، ومنهم من قال : لا ينقض ، والمسألة محل نظر واجتهاد ، لكن لو توضأ من هذه الأشياء خروجا من الخلاف لكان أحسن .

هذا وقد بقيت مسألة مهمة تتعلق بهذا الموضوع ، وهي : من تيقن الطهارة ، ثم شك في حصول ناقض من نواقضها ، ماذا يفعل ؟

لقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا ، فأشكل عليه أخرج منه شيء أم لا ، فلا يخرج من المسجد ، حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا .

فدل هذا الحديث الشريف وما جاء بمعناه على أن المسلم إذا تيقن الطهارة وشك في انتقاضها أنه يبقى على الطهارة ؛ لأنها الأصل ، ولأنها متيقنة ، وحصول الناقض مشكوك فيه ، واليقين لا يزول بالشك ، وهذه قاعدة عظيمة عامة في جميع الأشياء أنها تبقى على أصولها حتى يتيقن خلافها ، وكذلك العكس ، فإذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فإنه يتوضأ ؛ لأن الأصل بقاء الحدث ، فلا يرتفع بالشك .

أخي المسلم عليك بالمحافظة على الطهارة للصلاة والاهتمام بها ؛ لأنها لا تصح صلاة بدون طهور ، كما يجب عليك أن تحذر من الوسواس وتسلط الشيطان عليك ، بحيث يخيل إليك انتقاض طهارتك ويلبس عليك ، فاستعذ بالله من شره ، ولا تلتفت إلى وساوسه ، واسأل أهل العلم عما أشكل عليك من أمور الطهارة ، لتكون على بصيرة من أمرك ، واهتم أيضا بطهارة ثيابك من النجاسة ؛ لتكون صلاتك صحيحة وعبادتك مستقيمة ، فإن الله سبحانه وتعالى : يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ .

وفقنا الله جميعا للعلم النافع والعمل الصالح



يتبع بإذن الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime17/12/2009, 15:47


باب في أحكام الغسل

عرفت مما سبق أحكام الطهارة من الحدث الأصغر ونواقضها ، فكنت بحاجة إلى أن تعرف أحكام الطهارة من الحدث الأكبر ، جنابة كان أو حيضا أو نفاسا ، وهذه الطهارة تسمى بالغسل - بضم الغين - ، وهو استعمال الماء في جميع البدن على صفة مخصوصة يأتي بيانها .

والدليل على وجوبه : قول الله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا .

وقد ذكروا أن الغسل من الجنابة كان معمولا به في الجاهلية ، وهو من بقايا دين إبراهيم عليه الصلاة والسلام فيهم .

وموجبات الغسل ستة أشياء ، إذا حصل واحد منها وجب على المسلم الاغتسال :

أحدها : خروج المني من مخرجه من الذكر أو الأنثى ، ولا يخلو إما أن يخرج في حال اليقظة ، أو حال النوم ، فإن خرج في حال اليقظة اشترط وجود اللذة بخروجه ، فإن خرج بدون لذة لم يوجب الغسل ؛ كالذي يخرج بسبب مرض أو عدم إمساك ، وإن خرج في حال النوم ، وهو ما يسمى بالاحتلام ، وجب الغسل مطلقا لفقد إدراكه ، فقد لا يشعر باللذة ، فالنائم إذا استيقظ ووجد أثر المني وجب عليه الغسل ، وإن احتلم ، ولم يخرج منه مني ، ولم يجد له أثرا ، لم يجب عليه الغسل .

الثاني : من موجبات الغسل إيلاج الذكر في الفرج ، ولو لم يحصل إنزال ؛ للحديث الذي رواه مسلم وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم : إذا قعد بين شعبها الأربع ، ثم مس الختان الختان ، فقد وجب الغسل ، فيجب الغسل على الواطئ والموطوءة بالإيلاج ، ولو لم يحصل إنزال ؛ لهذا الحديث ، ولإجماع أهل العلم على ذلك .

الثالث : من موجبات الغسل عند طائفة من العلماء إسلام الكافر ، فإذا أسلم الكافر وجب عليه الغسل ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بعض الذين أسلموا أن يغتسلوا ويرى كثير من أهل العلم أن اغتسال الكافر إذا أسلم مستحب ، وليس بواجب ؛ لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر به كل من أسلم ، فيحمل الأمر به على الاستحباب جمعا بين الأدلة ، والله أعلم .
الرابع : من موجبات الغسل : الموت ، فيجب تغسيل الميت غير الشهيد في المعركة ، فإنه لا يغسل ، وتفاصيل ذلك تأتي في أحكام الجنائز إن شاء الله .

الخامس والسادس : من موجبات الغسل الحيض والنفاس ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا ذهبت حيضتك فاغتسلي وصلي ، وقوله تعالى : فَإِذَا تَطَهَّرْنَ يعني الحيض ، يتطهرن بالاغتسال بعد انتهاء الحيض .

وصفة الغسل الكامل :

- أن ينوي بقلبه .

- ثم يسمي ، ويغسل يديه ثلاثا ، ويغسل فرجه .

- ثم يتوضأ وضوءا كاملا .

- ثم يحثي الماء على رأسه ثلاث مرات ، يروي أصول شعره .

- ثم يعم بدنه بالغسل ، ويدلك بدنه بيديه ليصل الماء إليه .

والمرأة الحائض أو النفساء تنقض رأسها للغسل من الحيض والنفاس ، وأما الجنابة فلا تنقضه حين تغتسل لها لمشقة التكرار ، ولكن يجب عليها أن تروي أصول شعرها بالماء .

ويجب على المغتسل رجلا كان أو امرأة أن يتفقد أصول شعره ومغابن بدنه ، وما تحت حلقه وإبطيه وسرته وطي ركبتيه ، وإن كان لابسا ساعة أو خاتما فإنه يحركهما ليصل الماء إلى ما تحتهما .

وهكذا يجب أن يهتم بإسباغ الغسل ، بحيث لا يبقى من بدنه شيء لا يصل إليه الماء ، وقال صلى الله عليه وسلم : تحت كل شعرة جنابة ، فاغسلوا الشعر ، وأنقوا البشر ، رواه أبو داود والترمذي .

ولا ينبغي له أن يسرف في صب الماء ، فالمشروع تقليل الماء مع الإسباغ ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع فينبغي الاقتداء به في تقليل الماء وعدم الإسراف .

كما يجب على المغتسل أن يستتر ، فلا يجوز أن يغتسل عريانا بين الناس لحديث : إن الله حيي يحب الحياء والستر ، فإذا اغتسل أحدكم ، فليستتر ، رواه أبو داود والنسائي .

والغسل من الحدث الأكبر أمانة من جملة الأمانات التي بين العبد وبين ربه ، يجب عليه أن يحافظ عليه ، وأن يهتم بأحكامه ليؤديه على الوجه المشروع ، وما أشكل عليه من أحكامه وموجباته سأل عنه ، ولا يمنعه الحياء من ذلك ، فإن الله لا يستحي من الحق ، فالحياء الذي يمنع صاحبه من السؤال عن أمور دينه حياء مذموم ، وهو جبن من الشيطان ليثبط به الإنسان عن استكمال دينه ، ومعرفة ما يلزمه من أحكامه .

وأمر الطهارة عظيم ، والتفريط في شأنها خطير ؛ لأنها تترتب عليها صحة الصلاة التي هي عمود الإسلام .

نسأل الله لنا ولجميع المسلمين البصيرة في دينه ، والإخلاص له في القول والعمل .


*************


باب في أحكام التيمم


إن الله سبحانه وتعالى قد شرع التطهر للصلاة من الحدثين الأصغر والأكبر بالماء الذي أنزله الله لنا طهورا ، وهذا واجب لا بد منه مع الإمكان ، لكن قد تعرض حالات يكون الماء فيها معدوما ، أو في حكم المعدوم ، أو موجودا ، لكن يتعذر استعماله لعذر من الأعذار الشرعية ، وهنا قد جعل الله ما ينوب عنه ، وهو التيمم بالتراب تيسيرا على الخلق ، ورفعا للحرج .

يقول الله تعالى في محكم تنزيله : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ .
والتيمم في اللغة : القصد ، والتيمم في الشرع : هو مسح الوجه واليدين بصعيد على وجه مخصوص ، وكما هو ثابت في القرآن الكريم فهو ثابت بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع الأمة ، وهو فضيلة لهذه الأمة المحمدية ، اختصها الله به ، ولم يجعله طهورا لغيرها توسعة عليها ، وإحسانا منه إليها .

ففي " الصحيحين " وغيرهما : قال صلى الله عليه وسلم : أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي : نصرت بالرعب مسيرة شهر ، وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ، فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ، وفي لفظ : فعنده مسجده وطهوره .

فالتيمم بدل طهارة الماء عند العجز عنه شرعا ، يفعل بالتطهر به كل ما يفعل بالتطهر بالماء من الصلاة والطواف وقراءة القرآن وغير ذلك ، فإن الله جعل التيمم مطهرا كما جعل الماء مطهرا ، قال عليه الصلاة والسلام : وجعلت تربتها - يعني الأرض - لنا طهورا ... .


وينوب التيمم عن الماء في أحوال هي :

أولا : إذا عدم الماء لقوله تعالى : فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا سواء عدمه في الحضر أو السفر ، وطلبه ولم يجده .

ثانيا : إذا كان معه ماء يحتاجه لشرب وطبخ ، فلو تطهر منه لأضر حاجته ، بحيث يخاف العطش على نفسه ، أو عطش غيره من آدمي أو بهيمة محترمين .

ثالثا : إذا خاف باستعمال الماء الضرر في بدنه بمرض أو تأخر برء لقوله تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى إلى قوله : فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا الآية .

رابعا : إذا عجز عن استعمال الماء لمرض لا يستطيع معه الحركة ، وليس عنده من يوضئه ، وخاف خروج الوقت .

خامسا : إذا خاف بردا باستعمال الماء ، ولم يجد ما يسخنه به ، تيمم وصلى لقوله تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ففي تلك الأحوال يتيمم ويصلي .

وإن وجد ماء يكفي بعض طهره استعمله فيما يمكنه من أعضائه أو بدنه ، وتيمم عن الباقي الذي قصر عنه الماء لقوله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ .

وإن كان به جرح يتضرر بغسله أو مسحه بالماء تيمم له ، وغسل الباقي لقوله تعالى : وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ، وإن كان جرحه لا يتضرر بالمسح مسح الضماد الذي فوقه بالماء ، وكفاه المسح عن التيمم .
ويجوز التيمم بما على وجه الأرض من تراب وسبخة ورمل وغيره ، هذا هو الصحيح من قولي العلماء لقوله تعالى : فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ، وكان صلى الله عليه وسلم وأصحابه إذا أدركتهم الصلاة تيمموا بالأرض التي يصلون عليها ، ترابا أو غيره ، ولم يكونوا يحملون معهم التراب .
وصفة التيمم أن يضرب التراب بيديه مفرجتي الأصابع ، ثم يمسح وجهه بباطن أصابعه ، ويمسح كفيه براحتيه ، ويعمم الوجه والكفين بالمسح ، وإن مسح بضربتين إحداهما يمسح بها وجهه ، والثانية يمسح بها بدنه ، جاز ، لكن الصفة الأولى هي الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

ويبطل التيمم عن حدث أصغر بمبطلات الوضوء ، وعن حدث أكبر بموجبات الغسل من جنابة وحيض ونفاس ؛ لأن البدل له حكم المبدل ، ويبطل التيمم أيضا بوجود الماء إن كان التيمم لعدمه ، وبزوال العذر الذي من أجله شرع التيمم من مرض ونحوه .

ومن عدم الماء والتراب ، أو وصل إلى حال لا يستطيع معه لمس البشرة بماء ولا تراب ، فإنه يصلي على حسب حاله بلا وضوء ولا تيمم ؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها ، ولا يعيد هذه الصلاة ؛ لأنه أتى بما أمر به لقوله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ، وقوله صلى الله عليه وسلم : إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم .

هذه جملة من أحكام التيمم سقناها لك ، فإن أشكل عليك شيء منها أو من غيرها فعليك أن تسأل أهل العلم ، ولا تتساهل في أمر دينك ، لا سيما أمر الصلاة التي هي عمود الإسلام ، فإن الأمر مهم جدا .

وفقنا الله جميعا للصواب والسداد في القول والعمل ، وأن يكون عملنا خالصا لوجهه الكريم ، إنه سميع مجيب الدعاء .




يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime17/12/2009, 16:00


باب في أحكام الحيض والنفاس

أولا : الحيض وأحكامه


قال الله تعالى : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ .

والحيض هو دم طبيعة وجبلة ، يخرج من قعر الرحم في أوقات معلومة ، خلقه الله لحكمة غذاء الولد في بطن أمه لافتقاره إلى الغذاء ، إذ لو شاركها في غذائها لضعفت قواها ، فجعل الله له هذا الغذاء ؛ لذلك قل أن تحيض الحامل ، فإذا ولدت قلبه الله لبنا يدر من ثدييها ؛ ليتغذى به ولدها ، ولذلك قل أن تحيض المرضع ، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي لا مصرف له ؛ ليستقر في مكان من رحمها ، ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أيام ، وقد يزيد عن ذلك أو يقل ، ويطول شهر المرأة ويقصر حسبما ركبه الله من الطباع .

وللحائض خلال حيضها وعند نهايته أحكام مفصلة في الكتاب والسنة :

من هذه الأحكام أن الحائض لا تصلي ولا تصوم حال حيضها ، قال عليه الصلاة والسلام لفاطمة بنت أبي حبيش : إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، فلو صامت الحائض أو صلت حال حيضها لم يصح لها صوم ولا صلاة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهاها عن ذلك والنهي يقتضي عدم الصحة ، بل تكون بذلك عاصية لله ولرسوله .

- فإذا طهرت من حيضها فإنها تقضي الصوم دون الصلاة بإجماع أهل العلم ، قالت عائشة رضي الله عنها : كنا نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكنا نؤمر بقضاء الصوم ، ولا نؤمر بقضاء الصلاة ، متفق عليه .

- ومن أحكام الحائض أنها لا يجوز لها أن تطوف بالبيت ، ولا تقرأ القرآن ، ولا تجلس في المسجد ، ويحرم على زوجها وطؤها في الفرج حتى ينقطع حيضها وتغتسل ، قال تعالى : وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ، ومعنى الاعتزال : ترك الوطء ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : اصنعوا كل شيء إلا النكاح ، رواه الجماعة إلا البخاري ، وفي لفظ : " إلا الجماع " .
- ويجوز لزوج الحائض أن يستمتع منها بغير الجماع في الفرج كالقبلة واللمس ونحو ذلك .

- ولا يجوز لزوجها أن يطلقها وهي حائض ، قال تعالى : يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ، أي : طاهرات من غير جماع ، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يطلقها حال طهرها إن أراد .

والطهر هو انقطاع الدم ، فإذا انقطع دمها فقد طهرت ، وانتهت فترة حيضها ، فيجب عليها الاغتسال ، ثم تزاول ما منعت منه بسبب الحيض ، وإن رأت بعد الطهر كدرة أو صفرة لم تلتفت إليها لقول أم عطية رضي الله عنها : " كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا " ، رواه أبو داود وغيره وله حكم الرفع لأنه تقرير منه صلى الله عليه وسلم .

تنبيه هام :

إذا طهرت الحائض أو النفساء قبل غروب الشمس لزمها أن تصلي الظهر والعصر من هذا اليوم ، ومن طهرت منهما قبل طلوع الفجر لزمها أن تصلي المغرب والعشاء من هذه الليلة ؛ لأن وقت الصلاة الثانية وقت للصلاة الأولى في حال العذر .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " الفتاوى " ( 22 / 434 ) : " ولهذا كان جمهور العلماء كمالك والشافعي وأحمد إذا طهرت الحائض في آخر النهار صلت الظهر والعصر جميعا ، وإذا طهرت في آخر الليل صلت المغرب والعشاء جميعا ، كما نقل ذلك عن عبد الرحمن بن عوف وأبي هريرة وابن عباس ؛ لأن الوقت مشترك بين الصلاتين في حال العذر ، فإذا طهرت في آخر النهار فوقت الظهر باق ، فتصليها قبل العصر ، وإذا طهرت في آخر الليل فوقت المغرب باق في حال العذر ، فتصليها قبل العشاء " انتهى .

وأما إذا دخل عليها وقت صلاة ، ثم حاضت أو نفست قبل أن تصلي ، فالقول الراجح أنه لا يلزمها قضاء تلك الصلاة التي أدركت أول وقتها ، ثم حاضت أو نفست قبل أن تصليها .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (23 / 335) في هذه المسألة : " والأظهر في الدليل مذهب أبي حنيفة ومالك أنها لا يلزمها شيء ؛ لأن القضاء إنما يجب بأمر جديد ، ولا أمر هنا يلزمها بالقضاء ، ولأنها أخرت تأخيرا جائزا ، فهي غير مفرطة ، وأما النائم أو الناسي ، وإن كان غير مفرط أيضا ، فإن ما يفعله ليس قضاء ، بل ذلك وقت الصلاة في حقه حين يستيقظ ويذكر " انتهى .


ثانيا : الاستحاضة وأحكامها

الاستحاضة : سيلان الدم في غير وقته على سبيل النزيف من عرق يسمى العاذل .

والمستحاضة أمرها مشكل لاشتباه دم الحيض بدم الاستحاضة ، فإذا كان الدم ينزل منها باستمرار أو غالب الوقت ، فما الذي تعتبره منه حيضا ؟ وما الذي تعتبره استحاضة لا تترك من أجله الصوم والصلاة ؟ فإن المستحاضة يعتبر لها أحكام الطاهرات .


وبناء على ذلك فإن المستحاضة لها ثلاث حالات :

الحالة الأولى : أن تكون لها عادة معروفة لديها قبل إصابتها بالاستحاضة ، بأن كانت قبل الاستحاضة تحيض خمسة أيام أو ثمانية أيام مثلا في أول الشهر أو وسطه ، فتعرف عددها ووقتها ، فهذه تجلس قدر عادتها ، وتدع الصلاة والصيام ، وتعتبر لها أحكام الحيض ، فإذا انتهت عادتها اغتسلت وصلت ، واعتبرت الدم الباقي دم استحاضة لقوله صلى الله عليه وسلم لأم حبيبة : امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ، ثم اغتسلي وصلي ، رواه مسلم ، ولقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : إنما ذلك عرق ، وليس بحيض ، فإذا أقبلت حيضتك فدعي الصلاة ، متفق عليه .
الحالة الثانية : إذا لم يكن لها عادة معروفة ، لكن دمها متميز ، بعضه يحمل صفة الحيض بأن يكون أسود أو ثخينا أو له رائحة ، وبقيته لا تحمل صفة الحيض بأن يكون أحمر ليس له رائحة ولا ثخينا ، ففي هذه الحالة تعتبر الدم الذي يحمل صفة الحيض حيضا ، فتجلس وتدع الصلاة والصيام ، وتعتبر ما عداه استحاضة ، تغتسل عند نهاية الذي يحمل صفة الحيض ، وتصلي وتصوم ، وتعتبر طاهرا لقوله صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : إذا كان دم الحيض فإنه أسود يعرف ، فأمسكي عن الصلاة ، فإذا كان الآخر فتوضئي وصلي ، رواه أبو داود والنسائي ، وصححه ابن حبان والحاكم ، ففيه أن المستحاضة تعتبر صفة الدم ، فتميز بها بين الحيض وغيره .

الحالة الثالثة : إذا لم يكن لها عادة تعرفها ، ولا صفة تميز بها الحيض من غيره ، فإنها تجلس غالب الحيض ستة أيام أو سبعة أيام من كل شهر ؛ لأن هذه عادة غالب النساء لقوله صلى الله عليه وسلم لحمنة بنت جحش : إنما هي ركضة من الشيطان ، فتحيضي ستة أيام أو سبعة أيام ، ثم اغتسلي ، فإذا استنقأت فصلي أربعة وعشرين أو ثلاثة وعشرين ، وصومي وصلي ، فإن ذلك يجزئك ، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء ، رواه الخمسة ، وصححه الترمذي .

والحاصل مما سبق أن المعتادة ترد إلى عادتها ، والمميزة ترد إلى العمل بالتمييز ، والفاقدة لهذا تحيض ستا أو سبعا ، وفي هذا جمع بين السنن الثلاث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في المستحاضة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والعلامات التي قيل بها ست : إما العادة ، فإن العادة أقوى العلامات ؛ لأن الأصل مقام الحيض دون غيره ، وإما التمييز ؛ لأن الدم الأسود والثخين المنتن أولى أن يكون حيضا من الأحمر ، وإما اعتبار غالب عادة النساء ؛ لأن الأصل إلحاق الفرد بالأعم الأغلب ، فهذه العلامات الثلاث تدل عليها السنة والاعتبار " ثم ذكر بقية العلامات التي قيل بها .

وقال في " النهاية " : " وأصوب الأقوال اعتبار العلامات التي جاءت بها السنة ، وإلغاء ما سوى ذلك " انتهى .


ما يلزم المستحاضة في حال الحكم بطهارتها :

1 - يجب عليها أن تغتسل عند نهاية حيضتها المعتبرة حسبما سيأتي بيانه .

2 - تغسل فرجها لإزالة ما عليه من الخارج عند كل صلاة ، وتجعل في المخرج قطنا ونحوه يمنع الخارج ، وتشد عليه ما يمسكه عن السقوط ، ثم تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في المستحاضة : تدع الصلاة أيام أقرائها ، ثم تغتسل وتتوضأ عند كل صلاة ، رواه أبو داود وابن ماجه والترمذي ، وقال : " حديث حسن " ، وقال صلى الله عليه وسلم : أنعت لك الكرسف ، تحشين به المكان ، والكرسف القطن ، ويمكن استعمال الحفائظ الطبية الموجودة الآن .


ثالثا : النفاس وأحكامه

والنفاس كالحيض فيما يحل كالاستمتاع منها بما دون الفرج ، وفيما يحرم كالوطء في الفرج ومنع الصوم والصلاة والطلاق والطواف وقراءة القرآن واللبث في المسجد ، وفي وجوب الغسل على النفساء عند انقطاع دمها كالحائض ، ويجب عليها أن تقضي الصيام دون الصلاة ، فلا تقضيها كالحائض .

والنفاس دم ترخيه الرحم للولادة وبعدها ، وهو بقية الدم الذي احتبس في مدة الحمل ، وأكثر مدته عند الجمهور أربعون يوما .


قال الترمذي : " أجمع أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم على أن النفساء تدع الصلاة أربعين يوما ، إلا أن ترى الطهر قبل ذلك ، فتغتسل وتصلي " ا هـ .

فإذا انقطع دم النفساء قبل الأربعين فقد انتهى نفاسها ، فتغتسل وتصلي وتزاول ما منعت منه بسبب النفاس .


وإذا ألقت الحامل ما تبين فيه خلق إنسان بأن كان فيه تخطيط ، وصار معها دم بعده فلها أحكام النفساء ، والمدة التي يتبين فيها خلق الإنسان في الحمل ثلاثة أشهر غالبا ، وأقلها واحد وثمانون يوما ، وإن ألقت علقة أو مضغة لم يتبين فيها تخطيط إنسان ، لم تعتبر ما ينزل بعدها من الدم نفاسا ، فلا تترك الصلاة ولا الصيام ، وليست لها أحكام النفساء .

تنبيه هام :

وهنا مسألة يجب التنبيه عليها ، وهي أن البعض من النساء قد تتناول دواء لمنع نزول دم الحيض حتى تتمكن من صيام رمضان أو أداء الحج فإن كانت هذه الحبوب لمنع نزول الدم فترة ولا تقطعه فلا بأس بتناولها ، وإن كانت تقطع الحيض قطعا مؤبدا فهذا لا يجوز إلا بإذن الزوج ؛ لأن هذا يترتب عليه قطع النسل .

هذه جمل من أحكام الحيض ، مررنا عليها مرا سريعا ، وتفاصيلها تحتاج إلى وقت طويل ، لكن يجب على من أشكل عليه شيء منها أو من غيرها أن يسأل العلماء ، فسيجد عندهم إن شاء الله ما يزيل إشكاله ، وبالله التوفيق .


يتبع بإذن الله تعالى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
صفاء الروح
مراقب عام
مراقب عام
صفاء الروح

انثى
عدد الرسائل : 3955
كتاب الملخص الفقهي 1510
بلد الإقامة : أرض الإسلام
احترام القوانين : كتاب الملخص الفقهي 111010
العمل : كتاب الملخص الفقهي Unknow10
الحالة : كتاب الملخص الفقهي 510
نقاط : 9810
ترشيحات : 102
الأوســــــــــمة : كتاب الملخص الفقهي 1111110

كتاب الملخص الفقهي Empty
مُساهمةموضوع: رد: كتاب الملخص الفقهي   كتاب الملخص الفقهي I_icon_minitime17/12/2009, 16:13



ثانيــا كتــــاب الصــــــلاة

بسم الله الرحمن الرحيم

كتاب الصلاة

باب في وجوب الصلوات الخمس

الصلاة هي آكد أركان الإسلام بعد الشهادتين ، وقد وضعت على أكمل وجوه العبادة وأحسنها ، وقد تضمنت هذه الصلاة كثيرا من أنواع العبادة من ذكر الله ، وتلاوة لكتابه ، وقيام بين يدي الله ، وركوع ، وسجود ، ودعاء ، وتسبيح ، وتكبير ، وهي رأس العبادات البدنية ، ولم تخل منها شريعة رسول من رسل الله .

وقد فرضها الله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الرسل ليلة المعراج في السماء بخلاف سائر الشرائع ، فدل ذلك على عظمتها ، وتأكد وجوبها ، ومكانتها عند الله .

وقد جاء في فضلها ووجوبها على الأعيان أحاديث كثيرة ، وفرضيتها معلومة من دين الإسلام بالضرورة ، فمن جحدها فقد ارتد عن دين الإسلام ، يستتاب ، فإن تاب ، وإلا قتل بإجماع المسلمين .


والصلاة في اللغة : الدعاء ، قال الله تعالى ( وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) أي : ادع لهم ...

ومعناها في الشرع : أقوال وأفعال مخصوصة مفتتحة بالتكبير مختتمة بالتسليم ، سميت بذلك لاشتمالها على الدعاء ، فالمصلي لا ينفك عن دعاء عبادة أو ثناء أو طلب ، فلذلك سميت صلاة ، وقد فرضت ليلة الإسراء قبل الهجرة خمس صلوات في اليوم والليلة بدخول أوقاتها على كل مسلم مكلف .
قال تعالى : إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ، أي : مفروضا في الأوقات التي بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله وبفعله ، وقال تعالى : وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ ، وقال تعالى : وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ في مواضع كثيرة من كتابه الكريم ، وقال تعالى : قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ .

وقال سبحانه : فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ، فمن أتى عليه وقتها وهو بالغ عاقل وجبت عليه ، إلا حائضا ونفساء ، فلا تجب عليهما ، ولا يقضيانها إذا طهرتا إجماعا ، ومن كان زائل العقل بنوم أو إغماء ونحوه وجب عليه القضاء حين يصحو .

قال تعالى : وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ، وقال صلى الله عليه وسلم : من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ، رواه مسلم.
ويلزم ولي الصغير أن يأمره بالصلاة إذا بلغ سبع سنين ، وإن كانت لا تجب عليه ، ولكن ليهتم بها ، ويتمرن عليها ، وليكتب له ولوليه الأجر إذا صلى لعموم قوله تعالى : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَش( ×××× ) أَمْثَالِهَا ، وقوله صلى الله عليه وسلم لما رفعت إليه امرأة صبيا ، فقالت : ألهذا حج ؟ قال : نعم ، ولك أجر ، فيعلمه وليه الصلاة والطهارة لها .
ويجب على الولي أن يضرب الصغير إذا تهاون بالصلاة وقد بلغ عشر سنين ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : مروا أبناءكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين ، واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم .

ولا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها ، قال الله تعالى : إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ، أي : مفروضة في أوقات معينة ، لا يجوز تأخيرها عنها إلا لمن يريد جمعها مع ما بعدها جمع تأخير ، إذا كانت مما يجمع ، وكان ممن يباح لهم الجمع ، وأما تأخير صلاة الليل إلى النهار ، أو صلاة النهار إلى الليل ، أو الفجر إلى ما بعد طلوع الشمس ، فلا يجوز بحال من الأحوال ، لا لجنابة ، ولا نجاسة ، ولا غير ذلك ، بل يصليها في وقتها على حسب حاله .
وبعض الجهال قد يكون في حالة علاج في المستشفى على سرير لا يستطيع النزول منه ، أو لا يستطيع تغيير ثيابه التي عليها نجاسة ، أو ليس عنده تراب يتيمم به ، أو لا يجد من يناوله إياه ، فيؤخر الصلاة عن وقتها ، ويقول : أصليها فيما بعد إذا زال العذر ، وهذا خطأ عظيم ، وتضييع للصلاة ، أوقعه فيه الجهل وعدم السؤال ، فالواجب على مثل هذا أن يصلي على حسب حاله في الوقت ، وتجزئه صلاته في هذه الحالة ، ولو صلى بدون تيمم أو بثياب نجسة ، قال الله تعالى : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ حتى ولو صلى إلى غير القبلة إذا كان لا يستطيع استقبال القبلة فصلاته صحيحة .

ومن ترك الصلاة تهاونا أو كسلا من غير جحد لوجوبها كفر على الصحيح من قولي العلماء ، بل هو الصواب الذي تدل عليه الأدلة كحديث : بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة ، رواه مسلم ، وغيره من الأدلة .

وينبغي الإشاعة عن تاركها بتركها ليفتضح حتى يصلي ، ولا ينبغي السلام عليه ، ولا إجابة دعوته ، حتى يتوب ويقيم الصلاة ؛ لأن الصلاة عمود الدين ، وهي الفارقة بين المسلم والكافر ، فمهما عمل العبد من الأعمال فإنه لا ينفعه ما دام مضيعا للصلاة .

نسأل الله العافية .



**********


باب في أحكام الأذان والإقامة


لما كانت الصلوات الخمس مؤقتة بأوقات معينة لا يجوز فعلها قبل دخول تلك الأوقات ، وكان الكثير من الناس لا يعرف دخول الوقت ، أو قد يكون مشغولا لا ينتبه لدخوله ، شرع الله الأذان للصلاة إعلاما بدخول وقتها .

وقد شرع الأذان في السنة الأولى للهجرة النبوية ، وسبب مشروعيته أنه لما عسر معرفة الأوقات عليهم تشاوروا في نصب علامة لها ، فأري عبد الله بن زيد هذا الأذان في المنام ، وأقره الوحي وقال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ، وقال تعالى : وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ .
وكل من الأذان والإقامة لهما ألفاظ مخصوصة من الذكر ، وهو كلام جامع لعقيدة الإيمان ، فأولهما التكبير ، وهو إجلال الله عز وجل ، ثم إثبات الوحدانية لله عز وجل ، وإثبات الرسالة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالشهادتين ، ثم الدعاء إلى الصلاة التي هي عمود الإسلام ، والدعاء إلى الفلاح ، وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم ، ثم يختمه بتكبير الله وإجلاله وكلمة الإخلاص التي هي من أفضل الذكر وأجله ، والتي لو وزنت بالسماوات وعامرهن غير الله والأرضين السبع وعامرهن ، لرجحت بهن لعظمها وفضلها .

وقد جاءت أحاديث في فضل الأذان ، وأن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة .

والأذان والإقامة فرض كفاية ، وفرض الكفاية ما يلزم جميع المسلمين إقامته ، فإذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين ، وهما من شعائر الإسلام الظاهرة ، وهما مشروعان في حق الرجال حضرا وسفرا للصلوات الخمس ، يقاتل أهل بلد تركوهما ؛ لأنهما من شعائر الإسلام الظاهرة ، فلا يجوز تعطيلهما .


والصفات المعتبرة في المؤذن : أن يكون صيتا لأنه أبلغ في الإعلام ، أمينا لأنه مؤتمن يعتبر أذانه في دخول وقت الصلاة والصيام والإفطار ، ويكون عالما بالوقت ليؤذن في أوله .

والأذان خمس عشرة جملة ، كما كان بلال يؤذن به بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم دائما ، ويستحب أن يتمهل بألفاظ الأذان من غير تمطيط ولا مد مفرط ، ويقف على كل جملة منه ، ويستحب أن يستقبل القبلة حال الأذان ، ويجعل أصبعيه في أذنيه ؛ لأنه أرفع للصوت ، ويلتفت يمينا عند قوله : " حي على الصلاة " ، وشمالا عند قوله : " حي على الفلاح " ، ويقول بعد " حي على الفلاح الثانية " من أذان الفجر خاصة : " الصلاة خير من النوم " مرتين ؛ لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك ؛ لأنه وقت ينام الناس فيه غالبا ، ولا يجوز الزيادة على ألفاظ الأذان بأذكار أخرى قبله ولا بعده ، يرفع بها صوته ؛ لأن ذلك من البدع المحدثة ، فكل ما يفعل غير الأذان الثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو بدعة محرمة ، كالتسبيح ، والنشيد ، والدعاء ، والصلاة والسلام على الرسول جهرا قبل الأذان أو بعده ، كل ذلك محدث مبتدع ، يحرم فعله ، ويجب إنكاره على من فعله .

والإقامة إحدى عشرة جملة ، يحدرها - أي : يسرع فيها - لإنهاء إعلام الحاضرين ، فلا داعي للترسل فيها ، ويستحب أن يتولى الإقامة من تولى الأذان ، ولا يقيم إلا بإذن الإمام ؛ لأن الإقامة منوط وقتها بنظر الإمام ، فلا تقام إلا بإشارته ، ولا يجزئ الأذان قبل الوقت ؛ لأنه شرع للإعلام بدخوله ، فلا يحصل به المقصود ، ولأن فيه تغريرا لمن يسمعه ، إلا أذان الفجر فيجوز تقديمه قبل الصبح ؛ ليتأهب الناس لصلاة الفجر ، لكن ينبغي أن يؤذن أذانا آخر عند طلوع الفجر ، ليعرف الناس دخول الوقت ، وحلول الصلاة والصيام .

ويسن لمن سمع المؤذن إجابته بأن يقول مثل ما يقول ، ويقول عند حي على الصلاة وحي على الفلاح : " لا حول ولا قوة إلا بالله " ، ثم يقول بعدما يفرغ المؤذن : " اللهم رب هذه الدعوة التامة ، والصلاة القائمة ، آت محمدا الوسيلة والفضيلة ، وابعثه المقام المحمود الذي وعدته " ، ويحرم الخروج من المسجد بعد الأذان بلا عذر أو نية رجوع ، وإذا شرع المؤذن في الأذان والإنسان جالس فلا ينبغي له أن يقوم ، بل يصبر حتى يفرغ ؛ لئلا يتشبه بالشيطان .

وينبغي للمسلم إذا سمع الأذان أن يتوجه إلى المسجد ويترك سائر الأعمال الدنيوية ، قال الله تعالى : فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ الآيات .


يتبع إن شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كتاب الملخص الفقهي
استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 4انتقل الى الصفحة : 1, 2, 3, 4  الصفحة التالية
 مواضيع مماثلة
-
» كتاب مسموع : مختارات من كتاب أخبار الحمقى والمغفلين - الحافظ ابن الجوزي
» كتاب مسموع : كتاب الخالدون مائة أعظمهم محمد .. لمايكل هارت
» كتاب مسموع : كتاب المفاتيح العشرة للنجاح - دكتور إبراهيم الفقي
»  كتاب مسموع : كتاب الإمام الشافعى الفقيه الأديب - أحمد العربي
» صدور كتاب حلوة بلدنا مصر لـ طارق عبد العزيز - صدر عن كتاب اليوم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
الشاعر عبد القوى الأعلامى :: المنتديات الإسلامية :: المنتدى الإسلامي العام-
انتقل الى: