عبير عبد القوى الأعلامى نائب المدير الفني
عدد الرسائل : 9451 بلد الإقامة : مصر احترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 17865 ترشيحات : 33 الأوســــــــــمة :
| موضوع: الكتاب/ منظمة التجارة العالمية وآثارها السلبية والإيجابية عل 1/11/2009, 12:11 | |
| الكتاب/ منظمة التجارة العالمية وآثارها السلبية والإيجابية على الدول الخليجية والعربية
تأليف/ سمير اللقماني
الناشر/ دار الحامد – عمان – الأردن – ط1، 2007م
عدد الصفحات/ 232 صفحة
- وضع استراتيجية نفطية خليجية موحدة يكفل توفير آليات معينة تحول مجلس التعاون إلى تكتل اقتصادي – نفطي خليجي قادر على مواجهة الأطماع الخارجية وتحديات منظمة التجارة العالمية
- انضمام دول مجلس التعاون الخليجية إلى المنظمة يساعد على تعزيز سياستها التجارية المتحررة، وتقوية موقفها التفاوضي داخل إطار منظمة الجات بما يخدم مصالحها
- استفادة دول المجلس المصدرة للنفط من اتفاقية منظمة التجارة العالمية غير مؤكدة، خاصة وأن سلعة النفط لم يتم إدراجها تحت مظلة الجات، وما زالت تخضع للرسوم الجمركية ولقيود جمركية شديدة
- قطاع النفط هو المجال الطبيعي للشركات العابرة القومية، مثل المصارف وشركات التأمين العملاقة التي لا تستطيع شركات دول المجلس أن تتنافس معها بعد تحرير التجارة الدولية
- لمواجهة التحديات التي تفرضها منظمة التجارة العالمية لابد من تفعيل الرقابة على الواردات؛ لضمان صمودها في ظل تحرير التجارة وفق أنظمة منظمة التجارة العالمية، وكخطوة أولى نحو تطبيق المواصفات والمعايير العالمية
- عولمة الخدمات المالية والأزمة المالية العالمية، مع الرغبة القوية في الوجود على الساحة العالمية في مجال المنافسة المصرفية.. عوامل تحفز دول الخليج على الاندماج المصرفي
تعتبر دول مجلس التعاون الخليجي - كغيرها من الدول النامية - معنية بشكل مباشر بما تم التوصل إليه في اتفاقية منظمة التجارة العالمية، حيث إن أكثر من 90% من إجمالي التجارة الدولية يتم تحت إطار الجات. وتشهد الدول الخليجية في الوقت الحاضر إقرار العديد من التشريعات والقوانين التي تهدف إلى تحرير التجارة والاقتصاد في خطوات استعدادية لما سوف تفرضه اتفاقية الجات على الدول الخليجية والعربية من خطوات وإجراءات تهدف لفتح اقتصادياتها أمام العالم ويناقش هذا الكتاب تأثير هذه الاتفاقية على دول مجلس التعاون الخليجي؟ وكيفية مواجهة تلك الدول الآثار السلبية للمنظمة؟
أولاً: أثر المنظمة على الدول الخليجية
مما لا شك فيه أن لمنظمة التجارة العالمية آثارًا على الدول العربية والخليجية، كبقية الدول في العالم، سواء كانت دولاً اقتصادياتها كبيرة أم دولاً ذات اقتصاديات نامية، وذلك من الناحية الإيجابية والسلبية على حد سواء، ولكن هذه الآثار تتفاوت طبقًا لحجم الاقتصاد وسرعة تجاوب النظام السياسي مع المتغيرات الدولية من حيث التشريعات القانونية، والتحديثات والإجراءات الضرورية في العملية والإدارية، ومدى الاستعداد لاستيعاب المستجدات في الاقتصاد الدولي، وغيرها من الإجراءات والمتغيرات المؤثرة على الاقتصاديات العربية عمومًا ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصًا.
ويوضح الخبراء المحللون الاقتصاديون بعض الحقائق حول تأثر دول مجلس التعاون الخليجي باتفاقية الجات ومنظمة التجارة العالمية، التي بدأت نشاطها في يناير 1995م لتحل محل اتفاقية الجات، ومنها:
(1) عدم استفادة دول المجلس المصدرة للنفط شيئًا يذكر من هذه الاتفاقية، خاصة وأن سوق النفط وسلعة النفط لم يتم إدراجها تحت مظلة الجات أو منظمة التجارة العالمية، مما جعلها تحت سيطرة مراكز النفوذ العالمية التي ما زالت تخضع هذه السلعة للرسوم الجمركية، والأهم من ذلك أن المنتجات النفطية والبتروكيماوية التي تمثل سلعة تصديرية أساسية لدول المجلس، ما زالت تخضع لقيود جمركية وغير جمركية.
(2) تخفيض أو إزالة دعم الصادرات الزراعية في البلاد المتقدمة، وبالذات دول الاتحاد الأوروبي؛ مما أدى إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية مما يعود بالضرر على دول مجلس التعاون الخليجي، غير أن اتفاقية أورجواي اعترفت بهذا الأثر السلبي المحتمل، والتزمت بتعويض البلاد النامية المتضررة عن طريق تقديم معونات غذائية وقروض موسعة من المؤسسات الدولية.
(3) امتداد جولة أورجواي إلى قطاع الخدمات سوف يعود بالضرر على دول المجلس، نظرًا إلى أن هذا القطاع هو المجال الطبيعي للشركات العابرة للقومية، مثل المصارف وشركات التأمين العملاقة التي لا تستطيع شركات دول المجلس أن تتنافس معها بعد تحرير التجارة الدولية.
(4) ورغم ذلك فإن اقتصاديات دول المنطقة – وبالمحصلة النهائية – لابد أن تنفتح أمام اقتصاديات العالم سواء تحت مظلة الجات أو غيرها من المظلات. فالسنوات المقبلة هي سنوات اندماج الاقتصاديات وتكاملها على المستوى العالمي، ولكن هذا الاندماج بحاجة إلى خطوات تتخذ منذ الآن بهدف تعظيم الاستفادة من فرص الانفتاح الاقتصادي وتقليل المخاطر والسلبيات الناجمة عن ذالك بالنسبة لاقتصاديات دول المجلس.
(5) من المتوقع أن يساعد انضمام دول المجلس الست إلى اتفاقية منظمة التجارة العالمية نعلى تعزيز سياستها التجارية المتحررة وتقوية موقفها التفاوضي داخل إطار المنظمة العالمية بما يخدم مصالحها، خاصة بعد أن أثبتت الدول النامية قدرتها على الدفاع عن مصالحها في الجولات الدولية، التي فشلت في التوصل لتحرير فريد من الاقتصاد العالمي في ضوء تمسك الدول المتقدمة بمحاولة إملاء شروطها على الدول النامية.
ثانيًا: استراتيجية مواجهة الآثار السلبية على دول الخليج
في ظل الحديث المتنامي عن دور التكتلات الاقتصادية الإقليمية والعالمية في رسم معالم النظام العالمي الاقتصادي الجديد، بحيث يكون الحوار والتعامل في ظل ذلك النظام قائمًا بين تكتلات وليس بين دول منفردة، تبرز أهمية مجلس التعاون الخليجي كإطار إقليمي عربي يضم ستة من أكبر اقتصاديات العالم العربي والشرق الأوسط، ويملك أكبر مخزون نفطي عالمي، حيث يمكن تطوير هذا التكتل ليصبح نواة أولى وأساسية لإنشاء تكتل اقتصادي عربي أوسع، يتولى مجلس التعاون دفة القيادة فيه أو – على الأقل – وفي ظل المعوقات التي تحول دون تحول حلم الوحدة الاقتصادية العربية إلى حقيقة، يلعب دوره كتكتل إقليمي قادر على التعامل مع التكتلات الاقتصادية الأخرى، وفرض نفسه كلاعب أساسي في المعادلة الاقتصادية العالمية للدفاع عن مصالح أعضائه، وهذا يتطلب من دول المجلس تحديد ما لديها من "أوراق قوة"، ووضع استراتيجية جماعية للاستفادة منها وتعظيمها، وكذلك تحديد (نقاط الضعف) ومحاولة تقويتها وتحصينها.
وإزاء ذلك فلابد من تبني دول المجلس استراتيجيات المواجهة ضد التحديات الطارئة التي تفرضها عليها منظمة التجارة العالمية، والتي من أهمها:
(1) تحديد مواصفات السلع الخليجية:
قطعت دول مجلس التعاون شوطًا لا بأس به في مجال إيجاد جدول موحد للمواصفات والمقاييس الخليجية الموحدة والمعتمدة، وهو ما يساهم في حل كثير من المشاكل التي يواجهها انسياب السلع بين دول المجلس بداية، وبينها وبين السوق العالمية ثانية.
وتبرز أهمية تفعيل الرقابة على الواردات من خلال مواصفات ومقاييس تعتمد على الجودة، وتطبيقها على السلع والبضائع والصناعات الخليجية؛ لضمان صمودها في ظل تحرير التجارة وفق أنظمة منظمة التجارة العالمية، وبالتالي وجود منافسة عادلة بين الواردات والسلع الأجنبية وتلك المنتجة والمصنفة محليًّا.
ولقد أشار الأمين العام لهيئة المواصفات والمقاييس بدول مجلس التعاون الخليجي في أثناء قمة الدوحة الأخيرة إلى أن الاتجاه لوضع مواصفات ومقاييس خليجية مشتركة لا يتعارض مع أنظمة منظمة التجارة العالمية، حيث إن هيئة المواصفات والمقاييس بدول المجلس قد أنشئت لدعم التكامل الاقتصادي وانسياب السلع بين دول المجلس، وهو ما لا يمكن تحقيقه إلا من خلال توحيد المواصفات والمقاييس للسلع المختلفة، كما أنه خطوة جادة في اتجاه تأكيد نظام الجودة الخليجية، تتمكن من المنافسة والصمود أمام السيل القادم من السلع التي ستأتي من الخارج مستقبلاً.
كذلك لابد من التنبيه في هذا الإطار على أنه لا يكفي تطبيق مواصفات ومقاييس جودة خليجية على السلع، بل لابد من النظر إلى ذلك كخطوة أولى نحو تطبيق المواصفات والمعايير العالمية الصادرة عن "منظمة المواصفات والمقاييس العالمية (ISO)؛ لأن وجود فجوة بين المعايير الخليجية والمعايير العالمية يعني أن المصدرين الأجانب سيستغلون ذلك في تصدير السلع (الرديئة)، بل وحتى نفايات مصانعهم إلى السوق الخليجي، وهو الأمر الذي يتطب رفع مستوى المقاييس الخليجية لتصبح في مستوى المقاييس العالمية، وكذلك ضرورة تفعيل نظام الرقابة على الواردات وتفعيل أنظمة الفحص والاختبار في هذا المجال.
(2) تنمية القطاع المصرفي الخليجي:
يعد القطاع المصرفي الخليجي من أهم عوامل تشجيع أو طرد الاستثمارات الأجنبية، وفي هذا المقام تجدر الإشارة إلى أنه يوجد في دول مجلس التعاون الخليجي (حالات شاذة) تمثلت في أن بعض الدول الخليجية لا زالت ترفض السماح لبنوك خليجية من دول أخرى داخل (مجلس التعاون) بفتح فروع لها فيها، في حين تسمح لبنوك أجنبية بذلك.
وهذا الوضع الشاذ دفع إلى فتح هذا الملف أمام المؤتمر المصرفي الخليجي الأخير وطرح السؤال التالي: لماذا لا تسمح المصارف الخليجية للمصارف الوطنية بفتح فروع لها في دول المجلس استجابة لقرارات قمم دول مجلس التعاون الخليجي وبخاصة قمة الدوحة؟ فإذا كنا عاجزين عن حل هذه الإشكالية ولا زلنا ننظر بعين الريبة والشك إلى البنوك الشقيقة، ونفضل عليها البنوك الأجنبية، فكيف لنا أن نطمح إذًا في تحقيق الوحدة الاقتصادية، أو حتى تكتل اقتصادي قادر على المنافسة.
وفي الحقيقة، فإن هناك خلافات سياسية اقتصادية وتشريعية تحول دون مثل هذا الانفتاح الداخلي بين دول مجلس التعاون نفسها، ومن المؤسف أن تفرض علينا منظمة التجارة العالمية مثل هذا الانفتاح بين دول المجلس بدلاً من أن نسارع نحن إلى ذلك طوعًا.
وليس سرًّا أن التطورات الاقتصادية إقليميًّا وعالميًّا تفرض تحديات كبيرة على المصارف الخليجية، حيث إن التوجه العالمي نحو عولمة الخدمات المالية، وخاصة في ظل الأزمة المالية العالمية، يفرض على السلطات النقدية الخليجية وضع آلية واضحة للإشراف والرقابة الموحدة على المؤسسات المالية الخليجية بحيث يتم ترتيب البيت المصرفي الخليجي من الداخل أولاً؛ تمهيدًا لجعله قادرًا على المنافسة في السوق العالمية مستقبلاً.
ولعل أهم دوافع الاندماج المصرفي الخليجي وفقًا لأحدث الدراسات الصادرة عن المركز الدبلوماسي للدراسات الاستراتيجية بالكويت هي:
- اجتياح العولمة لكل دول العالم مع إقرار منظمة التجارة العالمية، وما حمله ذلك من تحرير للتجارة والخدمات وانفتاح السوق الخليجية أمام شركات وبنوك عملاقة لا تقوى على منافستها.
- الأزمة المالية العالمية وتداعياتها السلبية على البنوك والبورصات الخليجية.
- كما أن اندماج البنوك الخليجية قد يكون "نواة" لخلق قطاع مصرفي خليجي موحد يقود إلى قطاع مصرفي عربي موحد قادر على احتلال موقع منافس داخل النظام العالمي الجديد.
وتزداد أهمية مثل هذا الاندماج – ومن نتائج الدراسة – مع طموح بعض الدول الخليجية مثل (الكويت والبحرين)، إلى أن تصبح مركزًا ماليًّا ومصرفيًّا عالميًّا، بالإضافة إلى تزايد أعداد المصارف الخليجية، كما أن موجودات المصارف الأجنبية ارتفعت لتصل إلى نصف موجودات البنوك العربية.
(3) القطاع النفطي الخليجي:
لعل القطاع النفطي الخليجي هو أكبر القطاعات التي ينبغي وضع استراتيجيات مواجهة خاصة للتعامل مع أية سيناريوهات قد يحملها المستقبل له، فهذا الصراع المحموم من قبل الدول الكبرى على هذه السلعة الاستراتيجية، وما يدور الحديث عنه في هذه المرحلة من مخططات أجنبية للسيطرة على النفط في منطقة الخليج من خلال الوجود العسكري المباشر بزعم محاربة ما أسمته هذه الدول "الإرهاب" أو "الخطر العراقي" أو "التهديد الإيراني"، أو ما يدور الحديث عنه من محاولات لإيجاد "بدائل" لنفط المنطقة بالتوجه نحو مناطق جديدة آمنة ومستقرة سياسيًّا وانخفاض أسعار النفط في الفترة الأخيرة.... كل ذلك لابد أن يدفع دول الخليج العربي من خلال "مجلس التعاون" إلى أن تحديد وتحصر الاحتمالات ورسم الخطط القادرة على استباق الأحداث من خلال تبني سياسة اقتصادية وقائية لتخفيف الأخطار التي تجابه النفط مستقبلاً.
ومن هنا فلابد من تأسيس رؤية خليجية موحدة في مواجهة الأطماع الخارجية والتحديات التي تواجه النفط مستقبلاً إنتاجًا أو سعرًا، ووضع استراتيجية نفطية خليجية موحدة ومشتركة تهدف إلى صياغة آليات معينة تحول "مجلس التعاون" إلى تكتل اقتصادي – نفطي إقليمي قوي، يكون قادرًا على فرض نفسه ومصالحه داخل النظام الاقتصادي الجديد، ومن خلال مؤسساته، سواء الجديدة كمنظمة التجارة العالمية أو التقليدية كمنظمة الأوبك.
أما الاستراتيجية الأخرى والموازية، فتتمثل في محاولة تنويع الموارد الاقتصادية الخليجية دون الاعتماد على الموارد النفطية بصورة كلية، بمعنى أن نضع استراتيجية خليجية لتحويل الاقتصاد الخليجي من اقتصاد ذي بعد واحد إلى اقتصاد متعدد الأبعاد، من اقتصاد وطني إلى اقتصاد شامل، فالخليج العربي فيه من القدرات البشرية والمزايا الجغرافية، ما يؤهله لطرح شامل إقليميًّا وعالميًّا كتكتل اقتصادي متكامل وليس مجرد (برميل من النفط) كما يروج البعض لذلك |
|