وإني لمفن دمع عيني بالبكى حذار الذي قد كان أو هو كائن
وقالوا غداً أو بعد ذاك بليلة فراق حبيب لم يبن وهو بائن
وما كنت أخشى أن تكون منيتي بكفيك إلا أن ما حان حائن
وقال أيضاً:
يقولون لبنى فتنة كنت قبلها بخير فلا تندم عليها وطلق
فطاوعت أعدائي وعاصيت ناصحي وأقررت عين الشامت المتملق
وددت وبيت اللّه أني عصيتم وحملت في رضوانها كل موثق
وكلفت خوص البحر والبحر زاخر أبيت على اثباج موج مفرق
كأني أرى الناس المحبين بعدها عصارة ماء الحنظل المتفلق
فتنكر عيني بعدها كل منظر ويكره سمعي بعدها كل منطق
وسقط غراب بحيث ينظره فنعق حين رحيلها فأنشد:
لقد نادى الغراب ببين لبنى فطار القلب من حذر الغراب
وقال غداً تباعد دار لبنى وتنأى بعد ود واقتراب
فقلت تعست ويحك من غراب وكان الدهر سعيك في تباب
وتبعها حين ارتحلت ينظر إليها، فلما غابت رجع يقبل أثر بعيرها، فليم على ذلك فأنشد:
وما أحببت أرضكم ولكن أقبل أثر من وطىء الترابا
لقد لاقيت من كلف بلبنى بلاء ما أسيغ له الشرابا
إذا نادى المنادي باسم لبنى عييت فلا أطيق له جوابا
ولما أجنه الليل أوى إلى مضجعه فلم يطق قرار فجعل يتململ ويتمرغ في موضعه ويقول:
بت والهم يا لبينى ضجيعي وجرت مذ نأيت عني دموعي
وتنفست إذ ذكرتك حتى زالت اليوم عن فؤادي ضلوعي
يا لبينى فدتك نفسي وأهلي هل لدهر مضى لنا من رجوع
وقال أيضاً:
قد قلت للقلب لا لبناك فاعترف قضلت لبانة ما قضيت فانصرف
قد كنت أحلف جهدي لا أفارقها أُف لكثرة زيف القيل والحلف
حتى تكنفني الواشون فافتلتت لا تأمنن أبداً من غش مكتنف
هيهات هيهات قد أمست مجاورة أهل العقيق وأمسينا على سرف
حيّ يمانون والبطحاء منزلها هذا لعمرك شكل غير مؤتلف
وأرسلت إليه يوماً أمه بنات يعبن لبنى عنده ويلهينه بالتعرض إلى وصلهن فأنشد:
يقر لعيني قربها ويزيدني بها عجباً من كان عندي يعيبها
وكم قائل قد قال تب فعصيته وتلك لعمري توبة لا أتوبها
فيا نفس صبر الست واللّه فاعلمي بأول نفس غاب عنها حبيبها