خلي السلاح صاحي (الحلقة الثامنة)

إلى من يختصرون التاريخ . إلى من يريدون محو صفحات مضيئة من تاريخ الأمة . إلى الحاقدين على الوطن . إلى من يقومون بتخطي وتزييف وتشويه نضال الشعوب العربية . إلى من يقدمون للعدو خدمات غير مدفوعة الأجر وأحياناً مدفوعة . إليهم أقدم ومضات سريعة على سجل حافل من الكرامة العربية . يعجز التاريخ عن حصره بأكمله أو إحصائه . هذا السجل لشعب دفع ومازال يدفع فاتورة العروبة حتى الآن . أنهم رجال 48 ورجال 56 وهم من ذاقوا طعم المرارة في 67 وأذاقوا العدو الذل والهوان في سنوات حرب الاستنزاف . وهم أبطال العاشر من رمضان السادس من أكتوبر 73 وهم من كسروا غطرسة وغرور العدو الصهيوني في ( 6 ) ساعات . إليكم أخواني وأخواتي أتقدم بهذه الحلقات وأرجو من الله أن تنال ولو القليل من استحسانكم .

=======================================

حائط الصواريخ

الزمان : ديسمبر 1969 . المكان موسكو . وفد عالي المستوى ( محمد

أنور السادات ) نائب الرئيس و ( محمد فوزي ) وزير الدفاع مجتمعين

مع ( برجينيف ) رئيس الاتحاد السوفيتي وكبار رجال الدولة . المطلوب

سلاح حديث لمجابهة طوفان السلاح الأمريكي لإسرائيل . السادات وهو

في نهاية الإجتماع يتكلم بأسى : كان أملنا كبير في الله ثم فيكم يادولة

الرئيس .

رد عليه برجينيف : ظروفكم الحالية لا تسمح بالسلاح أكثر من هذا .

طار السادات بعدها ليبلغ عبد الناصر خيبة الأمل التى جابهها في

موسكو . عبد الناصر طموحاته أكبر من كمية السلاح التي اتفق عليها

الوفد فأرسل وفداً آخر في 14 / ديسمبر / 1969 ( محمد حسني

مبارك ) رئيس أركان القوات الجوية و ( محمد على فهمى ) قائد قوات

الدفاع الجوي . تم التوقيع على برتكول السلاح والتدريب . ولكن عبد

الناصر يسافر سراً إلى موسكو في 25/يناير/ 1970 م ويقنع القادة

الروس بمده بسلاح متطور بعض الشئ بالنسبة للسلاح الإسرائيلي

وخاصة في الدفاع الجوي .

================

المكان : خندق من الخنادق المنتشرة غرب القناة على بعد ( 50 ) كيلو

من القناة . الضابط ( أمين ) من سلاح الدفاع الجوي والضابط

( هادي ) من سلاح المهندسين .

الضابط أمين : يا ترى سننجح في هذه المهمة .

الضابط هادي : إن شاء الله لن يخذلنا الله ولا عزم الرجال الباحثين عن

الثأر .

أمين : المشكلة الآن أننا ندافع عن مصر بدفاع جوي خسائره فينا أكبر

من خسائره في العدو . أننا نملك نظام عتيق اسمه ( البطة الجالسة )

( sitting duck ) إن اسمه يدل على إمكانياته ففيه عيوب في

منتهى الخطورة علاوة على سهولة اصطياده بصواريخ الـ ( الشرياك )

فهذا النظام لا يفرق مابين طائرات العدو وطائراتنا .

هادي : لا تشغل بالك يا أخي فنحن قد تبقى لنا ( 25 ) كتيبة ( م ط )

وفي وضعها السابق لا تستطيع إلا صد ( 10 0/0 ) من هجمات العدو

ولكن بالترتيب الجديد سنحاول جمع صواريخ ( سام 2 ) ونضعها كبداية

حائط صد لطيران العدو .

أمين : ولكن هذا لن يفي بالغرض فهذا النظام لايجيد التعامل مع الأهداف

التي طيرانها أقل من ( 1000 ) متر .

هادي : لقد طورناها لتتعامل مع الأهداف ( 500 ) متر . وهذا مؤقتا

حتى تأتي المنظومة الجديدة ويأتي الرجال الذين يتدربون عليها في

( الإتحاد السوفيتى ) .

وهنا دخل عليهم جندي وقال لهم : غارة جوية يا فندم .

رد عليه الضابط أمين : بلغ بسرعة سرية الإشارة بتشغيل أجهزة إرسال

المحطات الهيكلية .

وهنا بدأ القصف الشرس لطائرات العدو وبدأ رجال مدفع ( م ط )

بالتعامل مع الأهداف الجوية . إنه غير مجدي بالمرة وثقيل الحركة . فهو

منذ الحرب العالمية الثانية .

الضابط هادي : يا ترى المدافع هذه ستبعدهم عنا ؟

ضابط أمين : لا ولكن أنه مجرد مشاغبة والسلام حتى نتمكن من وضع

المنظومات في مكانها .

وبعد فترة من قصف طائرات العدو دخل عليهم مرة أخرى الجندي .

أمين : ما هو تقرير الخسائر يا جندي مصطفى .

الجندي : العدو أبتلع الطعم يا فندم . ودمر معظم المحطات الهيكلية . أما

الأساسية لم تصب بسوء يا فندم .

أمين موجهاً كلامه إلى الضابط هادي : هل تعرف كم طلعة جوية للعدو

يومياً على العمق المصري ؟

هادي : كثير طبعاً فعلى حد علمي ( 145 ) طلعة يومية على مختلف

الأهداف وخصوصاً المدنية . فهم يريدون أن يقلبوا الشارع المصري ضد

جمال عبد الناصر حتى يثور ويسقطه ولكن هم لا يعرفون مصر جيداً .

وفي اليوم التالي كانت المنظومة المصرية المبتكرة من صواريخ الــ

( سام 2 ) على بعد 50 كم من القناة قد أكتملت وصدرت الأوامر لها

بالتعامل مع الأهداف الجوية المعادية . وكان من ثمارها الأولى : تساقط

طائرات الـ ( فانتوم ) والــ ( سكاي هوك ) . ففي الأسبوع الأول سقطت

8 طائرات ووصل عدد الطائرات المتساقطة ( 16 ) طائرة علاوة على

أسر 8 طيارين حتى ليلة 7 ، 8 / أغسطس فوجئ العدو بأن هذه

التجمعات من كتائب الصواريخ قد وصلت إلى شط القناة . مما دفع بالعدو

المتبجح بتقديم ثلاث شكاوى إلى الولايات المتحدة وتقدمت الولايات

المتحدة إلى مصر بثلاث مذكرات بهذا الخصوص في 19 ، 20 /

أغسطس 1970 م . إنها بجاحة قوم يريدون قتل الأطفال ويطلبون من

الجيش المصري أن يفسح لهم الطريق ويصفق لهم إعجاباً !!!!!

بعدها وصلت الصواريخ المتطورة إلى مصر ومعها الأطقم المصرية

المدربة وبدأ إنشاء حائط الصواريخ المنيع المكون من صواريخ ( سام 3

) و ( سام 7 ) و ( سام 6 ) وبدأ إنشائه من على مسافة ( 27 ) كم

من القاهرة حتى وصل إلى شط القنال في ملحمة رائعة من العزيمة

والبناء وتضليل العدو بالمحطات الهيكلية والتي أجهزت على محاولات

العدو للدخول بالطيران المنخفض وذلك بمساعدة نظام ( فوزخ –

اسورك ) الجديد للقيادة والسيطرة وأجهزة الأعاقة والتشويش على

طائرات العدو . وجاء اليوم الذي تم تحييد القوات الجوية للعدو وذلك

بضرب طائرات الهليكوبتر التي كانت على الضفة الشرقية لإدارة

وتصحيح نيران العدو وسقوط أكبر طائرة استطلاع إسرائيلية ومنع

اختراق الأجواء المصرية نهائياً وحرمان العدو في أغلب سيناء من

الحماية الجوية خوفاً من الصواريخ المصرية وكان بدايته يوم الأثنين

الأسود كما أسمته ( جولدمائير ) رئيسة وزراء العدو الصهيوني .

إلى اللقاء في الحلقة القادمة