السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ذكر ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد في فصل وفود العرب على كسرى عن الخصال التي كانت تفخر بها عرب الجاهلية وقد سردها النعمان بن منذر أمام كسرى حينما مدح هذا كل الأمم في عصره وذم العرب.
فقد قال كسرى:
"لم أر للعرب شيئا من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا، ولا حزم ولا قوة، مما يدل على مهانتها وصغر همتها محلتهم التي يقيمون بها مع الوحوش النافرة والطير الحائرة، يقـتلون أولادهـم من الفاقة، ويأكل بعـضهم بعـضا من الحاجة، قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ومشاربها ولهوها ولذاتها، فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع، لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها وإن قرى أحدهم ضيفاً عدها مكرمة، وإن أطعم أكلة عدها غنيمة تنطق بذلك أشعارهم وتفتخر بذلك رجالهم".
فرد عليه النعمان:
"العرب لم يطمع بهم طامع، ولم ينلهم نائل، حصونهم ظهور خيلهم، ومهادهم الأرض، وسقوفهم السماء، وجنتهم السيوف، وعدتهم الصبر وليس أحد من العـرب إلا يسمى آباءه أبا فأبا، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غـير قومه ولا ينتسب إلى غـير نسبه، ولا يدعي إلى غير أبيه، وأما سخاؤهم فإن أدناهم رجلا الذي تكون عـنده البكرة والناب، عليها بلاغه في حموله وشيعه وريه، فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة، ويجتـزئ بالشربة فيقعـرها له، ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حـسـن الأحدوثة وطيب الذكر، ثم خيلهم أفضل الخيل، ونساؤهم أعـف النساء، ولباسهم أفضل اللباس، ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قـفر، وأما وفاؤهم فإن أحدهم يلحظ اللحظة، ويومئ الإيماءة فهي ولث وعـقدة لا يحلها إلا خروج نفسه، وإن أحدهم ليبلغه أن رجلا اسـتجار به وعسـى أن يكون نائياً عن داره فيصاب، فلا يرضى حتى يفني تلك القبيلة التي أصابته أو تفنى قبيلته، لما خفر من جواره، وأنه ليلجأ لهم المجرم المحدث من غير معـرفة ولا قرابة فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالهم دون ماله، وأما قولك أيها الملك : يؤدون أولادهم فإنما يفعـل من يفعـله منهم بالإناث أنفة من العار، وأما قولك : إن أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها فما تركوا ما دونها إلا احتقارا له، فعـمدوا إلــــى أجلها وأفضلها، فكانت مراكبهم وطعامهم مع إنها أكثر البهائم شحوماً، وأطيبها لحوماً، وأرقها ألبانا، وأقلها غائلة، وأحلاها مضغة، وإنه لا شئ من اللحمان به لحمها إلا استبان فضلها عليه، وأما تحاربهم وأكل بعـضهم بعـضاً، وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعهم، فإنما يفعـل ذلك من يفعـله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعـفاً، وتخوفـت نهوض عدوها إليها بالزحف، وأما العـرب فإن ذلك كثيراً فيهم حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين".
عرب الجنوب (القحطانيون)
1-حمير: وأشهر بطونها: زيد الجمهور، وقضاعة، تنوخ، كلب، جهينة، عذره والسكاسك.
2-كهلان: وأشهر بطونها: همدان، وأنمار، وطيء، ومذحج، وكندة، ولخم، وجذام، وعامله.
3-الازد: ومنها (الغساسنة وخزاعة) والأوس والخزرج وأولاد جفنة ملوك الشام.
ويعود نسب قحطان إلى عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام وهو أبو بطون حمير وكهلان والتبابعة ملوك اليمن.. واللخميين (ملوك الحيرة) والغساسنة ملوك الشام ويعده أهل الأنساب أول رجال الجيل الثاني من أجيال العرب العربة والمتعربة والمستعربة.
عرب الشمال (العدنانيون)
1-مضر: قيس عيلان ومنها (هوزان، وسليم، وغطفان ومن غطفان، عبس وذبيان، وتميم، وهديل، كنانة ومنها قريش)
2-ربيعة : أسد + وائل ومنها (بكر وتغلب) ومن بكر بنو حنيفة.
تاريخ العرب قبل الإسلام:
لم يكن للعرب قبل مبعث الرسول صلى الله عليه وسلم من تاريخ إلا ما توارثوه بالرواية مما كان شائعا بينهم من أخبار الجاهلية الأولى كحديثهم عن أبائهم وأجدادهم وأنسابهم.. وما في حيات الآباء والأجداد من قصص فيها البطولة وفيها الكرم وفيها الوفاء ثـم حديثهم عن البيت (الكعبة) وزمزم وجرهم وما كان من أمرها وما جرى (لسد مأرب) وما تبعه من تفرق العرب في البلاد.
انفجار سد مأرب:
انفجر سد مأرب نحو عام 115 ق م وأندفع السيل الذي اغرق البلاد وأتلف الزرع.. فنزح عدد من القبائل إلى الشمال فقصد بنو ثعلبة بن عمرو يثرب وكان من بينهم (الأوس والخزرج) ونزلت خزاعة في مكة وأجلت جرهما عنها.. ونزل جفنه بن عمرو وبنوه الشام وسمو (غساسنة) نسبة إلى ماء كان هناك يدعى غسانا وتوجهت قبيلة لخم بن عدى نحو (الحيرة) بالعراق وحلت طي في الجبلين (أجأ وسلمى) إلى الشمال الشرقي من يثرب وهكذا تفرقت القبائل.. (حتى ضرب بها المثل فقيل تفرقوا أيدي سبأ) وأدى ذلك إلى اختلاط شديد بين عرب الشمال والجنوب.. بالمصاهرة والتجارة والحروب ولكن ذلك الاختلاط لم يزل مابين الفريقين من تنافر ظل حتى ظهور الإسلام وقد كانت مأرب مدينة تقع بقرب موقع (صنعاء اليمن الآن) وقد بناها عبد شمس بن يشجب من ملوك حمير وهو الذي بنى أيضاً السد الكبير لتخزين مياه الأمطار. وانفجر يوما هذا السد فكان الغرق الشهير بسيل العرم وفيه انزل الله تبارك وتعالى : على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم الآية {لقد كان لسبأ في مسكنهم أية * جنتان عن يمين وشمال * كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فاعرضوا * فأرسلنا عليهم سيل العرم} التي تفرقت على أثره قبائل بني قحطان فكان منهم أهل الحيرة على الفرات.. وأهل غسان في بادية الشام.. ولا تزال أثار السد باقية حتى الآن.
شبه جزيرة العرب:
شبه جزيرة العرب بلاد أكثرها صحاري ودارات، يغلب فيها الجفاف، وتنتابها رياح مختلفة شرها السموم، وألطفها الصبا.
أقسامها الكبرى هي:
اليمن مهد الحضارة العربية: والحجاز ومن مدنه مكة ويثرب: وتهامة: ونجد: بلاد الخيول العربية المشهورة واليمامة: والبحرين: بلد التمر واللؤلؤ.
أحوالهم الاجتماعية:
كان العرب قسمين حضراً وبدواً، أما الحضر فهم سكان الجنوب ولهم حضارة واسعة، من أشهر ممالكهم حمير وتبع وكندة فضلاً عن المناذرة والغساسنة. وأما البدو فهم القسم الأكبر وقد انتشروا في شمالي الجزيرة لا يخضعون لنظام غير نظام القبيلة. مساكنهم الخيام يضربونها حيث يجدون الكلأ والماء، ويحلونها أن ضاقت بهم الحال.
معارفهم:
لم يكن لهم من المعارف إلا الضروري لطرق عيشهم وأساليب حياتهم كالطب والفراسة والعيافة والعرافة. وأما دياناتهم فكثيرة منها اليهودية والنصرانية، ومنها الوثنية وهي أكثرها شيوعاً، يعبدون فيها الأصنام ويجلون فوقها إلهاً وهو خالق العالم.
أخلاقهم:
من أخلاقهم الحرية والاستقلال، والشجاعة والكرم والوفاء.