السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
سنبدأ بعون الله باستعراض تأويل الإمام الطبري رحمه الله مقتصرين على عبارته هو فقط--بادئين في القرآن بسورة النّاس باتجاه البقرة والفاتحة--
----------------------------------------------------------------------------------
سورة النّاس
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلنَّاسِ } * { مَلِكِ ٱلنَّاسِ } * { إِلَـٰهِ ٱلنَّاسِ } * { مِن شَرِّ ٱلْوَسْوَاسِ ٱلْخَنَّاسِ } * { ٱلَّذِى يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ } * { مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ }-
-----------------
قال أبو جعفر رحمه الله--
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد : قل يا محمد أستجير { بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ } وهو ملك جميع الخلق: إنسِهم وجنهم، وغير ذلك، إعلاماً منه بذلك مَنْ كان يعظِّم الناس تعظيم المؤمنين ربَّهم، أنه مَلِكُ من يعظمه، وأن ذلك في مُلكه وسلطانه، تجري عليه قُدرته، وأنه أولى بالتعظيم، وأحقّ بالتعبد له ممن يعظمه، ويتعبَّد له، من غيره من الناس.
وقوله: { إلَهِ النَّاسِ } يقول: معبود الناس، الذي له العبادة دون كلّ شيء سواه
.وقوله: { مِنْ شَرِّ الوَسْوَاسِ } يعني: من شرّ الشيطان { الخَنَّاسِ } الذي يخنِس مرّة ويوسوس أخرى، وإنما يخنِس فيما ذُكر عند ذكر العبد ربه.
--------------------------------------------------------
و ذكر من قال ذلك-
--------------------------------------------------------
ثمّ قال"
ورُوي عن ابن عباس رضي الله عنه أنه كان يقول في ذلك { مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ } الذي يوسوس بالدعاء إلى طاعته في صدور الناس، حتى يُستجاب له إلى ما دعا إليه من طاعته، فإذا استجيب له إلى ذلك خَنَس.
-----------------------------------
ثمّ ذكر القول مسندا
--------------------------------------------------------------
ثم التزم قولا فقال"
والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال: إن الله أمر نبيه محمداً أن يستعيذ به من شرّ شيطان يوسوس مرّة ويخنس أخرى، ولم يخصّ وسوسته على نوع من أنواعها، ولا خنوسه على وجه دون وجه، وقد يوسوس الدعاء إلى معصية الله، فإذا أطيع فيها خَنَس، وقد يوسوس بالنَّهْي عن طاعة الله فإذا ذكر العبدُ أمر به، فأطاعه فيه، وعصى الشيطان خنس، فهو في كل حالتيه وَسْواس خَنّاس، وهذه الصفة صفته.
وقوله: { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ } يعني بذلك: الشيطان الوسواس، الذي يوسوس في صدور الناس: جنهم وإنسهم.فإن قال قائل: فالجنّ ناس، فيقال: الذي يوسوس في صدور الناس: من الجنة والناس. قيل: قد سماهم الله في هذا الموضع ناساً، كما سماهم في موضع آخر رجالاً، فقال:
{ وَأنَّهُ كَانَ رِجالٌ مِنَ الإنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الجِنِّ }، فجعل الجنّ رجالاً، وكذلك جعل منهم ناساً.وقد ذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدّث، إذ جاء قوم من الجنّ فوقفوا، فقيل: من أنتم؟ فقالوا: ناس من الجنّ، فجعل منهم ناساً، فكذلك ما في التنزيل من ذلك.
---------------------------------
تمّت سورة النّاس