عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:17
العهد الطولوني
اتضح أن الفترة السابقة (الفترة العباسية) انطوت على العديد من الأحداث والتي اتسمت بعدم الاستقرار وعدم الوفاء من قبل بلاد الشام للعباسيين، وبقي الحال كذلك إلى أن آلت السلطة إلى أحمد بن طولون مؤسس الإمارة الطولونية، وقد تأسست الإمارة الطولونية في مصر منذ العام (257هـ/ 870م)، وأراد لنفوذه أن يمتد عبر الشام بدعوى الحفاظ على البلاد الإسلامية من تربص العدو البيزنطي، وعمل على ضمها، واستمر في جهده للحفاظ عليها حتى توفي في العام (270هـ/ 884 م) وقد آل أمر الحكم بعده إلى ابنه "خماروية"، فاستمرت الفترة الطولونية حتى قامت القبائل العربية في الشام بعد سقوط الطولونيين ببعض الحركات المناوئة للسلطة، مع استمرار تبعية بلاد الشام لبغداد، إلى أن قامت الدولة الإخشيدية.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:18
الحكم الإخشيدي
والتي أسسها أبو بكر بن طغج بن جف بن بلتكين وبدأت فترة حكم الإخشيديين بتولي الإخشيد لمصر والشام، واستمرت فترة حكمه حتى تُوفي في دمشق يوم الجمعة في شهر ذي الحجة سنة (334هـ، 946م) ونقل جثمانه إلى بيت المقدس حيث دفن هناك، وتولى الحكم بعده أبو القاسم أنوجور.
العصر الفاطمي
بدأ العصر الفاطمي بإنشاء دولة الفاطميين في مصر، ومن ثم ذهبت أطماعهم إلى بلاد الشام، وحققوا رغبتهم بذلك من خلال الاستيلاء على الشام عبر جيش بقيادة جوهر الصقلي في عهد المعز لدين الله الفاطمي، واتسمت هذه الفترة بالاضطرابات والحروب الداخلية وذلك لعدة أسباب خارجية وداخلية أهمها أن الدولة الفاطمية قامت على أساس شيعي بخلاف ما كان عليه أهل الشام، وأدى هذا الخلاف المذهبي إلى خلاف على السلطة والحكم، كما كان هناك أسباب أخرى تمثلت في أطماع عديدة في الاستيلاء على بلاد الشام والسلطة من قبل طوائف أخرى، وكذلك رغبة بعض القبائل العربية في الاستقلال عبر إمارات مستقلة بذاتها.
الفترة السلجوقية
بدأ الأتراك المعروفون "بالسلاجقة" التسلل نحو شمال العراق وبلاد الشام سنة (1067م) وهم ليسوا من طينة الأقوام العربية في بلاد الشام، بل هم من وراء تركستان حديثي الإسلام، دخلوا في أهل الشام وامتزجوا بهم، وأخذوا على عاتقهم الدفاع بصفتهم الحكام والعسكريين ضد الفرنجة والمغول حوالي أربعة قرون، وتولوا زعامة المنطقة بالقوة العسكرية حتى مطلع القرن العشرين.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:21
الفرنجة
امتدت فترة الحروب الصليبية ما بين عامي (1095-1291م) في الشرق عبر حملات متعددة ولأهداف متعددة في كل حملة، وقد بدأت جملة هذه الحروب عندما أطلق البابا "اوربان الثاني" في مؤتمر كلير مون سنة (1095م) صيحة الحرب الصليبية "هكذا أراد الله"، فقامت أول الحروب الصليبية على أساس ديني تحت شعار الأيديولوجية الدينية لمحاولة السيطرة على الأماكن المقدسة في الشرق مهد المسيحية، ورأى البابا أن تصدر الكنيسة الكاثوليكية الغربية بالدور المركزي في الحملات الصليبية يمكنها من احتلال الموقع القيادي المرغوب دينياً وسياسياً في الشرق كما في الغرب.
وشهد القرن الحادي عشر في أوروبا حركة أحياء ديني واسعة النطاق، وخصوصاً بين الطبقات الشعبية التي تنامت فيها الأفكار الصليبية، فعندما جاءت الدعوة إلى القيام بحملات عسكرية تحت راية الصليب، كانت الاستجابة الشعبية واسعة أيضاً، أما الباباوات فقد شعروا بقوتهم في القرن الحادي عشر وخصوصاً أيام غريغوريوس السابع وجاء بعده أربان الثاني ليدفع مسيرة تعزيز موقع الكنيسة إلى الأمام، فكانت الحملات الصليبية السبيل إلى ذلك في رأيه، وكذلك استجابة لطلب إمبراطور بيزنطة بالنجدة والذي شعر بالخطر على عاصمته وعدم مقدرته على درء الخطر عن الأماكن المقدسة.
فكانت أوروبا في القرن الحادي عشر مهيأة مادياً ومعنوياً لقبول فكرة الحروب الصليبية، فالأوضاع الاجتماعية الصعبة وزيادة عدد السكان وطبيعة رقعة الأراضي الزراعية وتوالي الكوارث الطبيعية والأوبئة والطمع في خيرات الشرق كل هذه العوامل ساعدت على تجسيد الفكرة وممارستها.
الحملة الأولى:
كانت الحملة الأولى عندما طلب إمبراطور بيزنطة مساعدة عسكرية تتمثل في جيش من المرتزقة للدفاع عن عاصمته، فجاء الرد الأوروبي غير المتوقع وهو عبارة عن حملة صليبية، الأمر الذي أربك إمبراطور بيزنطة ووضعه في موقف حرج، ففي كليرمونت (وسط فرنسا) عقد المجمع الشهير في تشرين الثاني/ نوفمبر(1095م) حيث ألقى البابا "أربان الثاني" خطاباً حماسياً ألهب المشاعر الدينية لجماهير غفيرة اجتاحتها العواطف الدينية ودعا إلى حمل السلاح لحماية المسيحيين في الشرق من الاضطهاد، وتحرير كنيسة القيامة والمسيحية الشرقية عامة، وتعالت الصرخات العفوية "هذه إرادة الله" واندفع الناس نحو البابا مؤيدين دعوته، ووعد هؤلاء بأن يمحو الخطايا والإعفاء من الديون ورعاية الأسر أثناء الغياب والمرتدون سيحرمون من الكنيسة، وقد انتشرت هذه الحماسة من فرنسا إلى أن بلغت سائر أوروبا، وكانت فكرة الحملة الصليبية غريبة على بيزنطة على مستوى القمة والقاعدة الشعبية، فقد كان همهم مواجهة خطر السلاجقة، ونظرت بيزنطة إلى الصليبيين بارتياب، ورأت فيهم برابرة شأنهم في ذلك شأن السلاجقة الذين يهددونهم من الشرق، فعندما اقتربت الحملة الصليبية الأولى من القسطنطينية التي قادها الراهب "بيتر" حيث سبقتها سمعتها السيئة على طول طريقها من فرنسا إلى القسطنطينية، سارع الإمبراطور والذي عرف بدهائه الشديد إلى نقلها عبر المضيق إلى شاطئ آسيا الصغرى، حيث تركها طعما لسيوف السلاجقة في سلطة الروم.
وبعد فناء حملة بيتر الراهب في صيف (1096م)، بدأت قوات الحملة الصليبية الأولى تتجمع في غرب أوروبا وجيشها هو الأكبر في هذه الحملة متعددة القادة، وكان على هذه الجيوش أن تتجمع في القسطنطينية قبل الدخول إلى أراضي السلطنة السلجوقية وكانت فرنسا تشكل الثقل الرئيسي في الحملة.
بدأت الحرب بمشاركة شكلية من جيش الإمبراطور البيزنطي، مع السلاجقة في سلطنة روم، وبدأ محاصرتهم واحتلال الإمارات الواحدة تلو الأخرى، وواصلوا تقدماً في الجنوب نحو فلسطين فأخذوا (معرة النعمان) وقاموا بمذبحة كبيرة فيها وأخذوا بعض المناطق الأخرى متوجهين إلى الساحل وحصنوا مواقعهم في صور وعكا والقدس وتقدموا إلى القدس لاستكمال الحج إلى الأماكن المقدسة، وتابعوا طريقهم إليها في أيار/ مايو (1099م) وسار الجيش الصليبي أمام عكا وحيفا وأرسوف وقيساريا، ومن هناك انعطفت إلى الرملة عاصمة فلسطين وتابعوا إلى القدس وامتنعت عليهم المدينة فحاصروها من (7 حزيران/ يونيو إلى 15 تموز/ يوليو 1099م) وسقطت في أيديهم وقاموا بمذبحة رهيبة ضد السكان المحليين.
وبعد تأسيس مملكة أورشليم اللاتينية توجه قادتها إلى استكمال احتلال ساحل البلاد وداخلها.
أفاق الفاطميون على حقيقة احتلال الصليبيين للبلاد العربية وكان ذلك متأخراً، فحاولوا مواجهة الصليبيين وهزموا في معركة برية بالقرب من عسقلان في آب/ أغسطس (1099م) وانتقل بعدها الصليبيون لاستكمال احتلال مدن الساحل، أما عسقلان الفاطمية فقد ظلت تشكل خطراً على المملكة الصليبية حتى سنة (1153م)، وعندما سقطت أصبح الساحل بأكمله تحت سيطرة الصليبيين وخلال أكثر من خمسين عاماً، ظلت المناوشات مستمرة بين الفاطميين ومملكة أورشليم اللاتينية.
الحملة الثانية 1146-1149م:
احتدمت الصراعات الصليبية الداخلية وكذلك الصراع مع بيزنطة مما هيأ الفرصة للسلاجقة لاستعادة الأراضي التي خسروها، ولاحت فرصة قوية للإمبراطور "ألكسيوس" لانتزاع أنطاكيا من "بوهيمند" الذي وقع أسيراً في يد القائد التركي "أمير مالك غازي"، وتم التفاوض على افتداء "بوهيمند"، وبعد أن تم ذلك رفض تسليم أنطاكيا للإمبراطور. ألحق به السلاجقة هزيمة نكراء في حران عام (1104م) وخسر معظم الأراضي التي احتلها في سوريا.
وفي المقابل كانت مملكة أورشليم اللاتينية تتوسع في جميع الاتجاهات والتي ولدت حالة من النهوض في الموصل، ففي الموصل بدأت حركة عام (1113م) لتوحيد الإمارات الإسلامية في العراق وسوريا من أجل عمل مشترك ضد الفرنجة، ووصلت هذه الحركة ذروتها أيام عماد الدين زنكي الذي برز خلال الفترة (1127م-1146م) واستطاع فرض سلطته على حكام المقاطعات في العراق وسوريا ماعدا دمشق، وبذلك فتح عماد الدين زنكي مرحلة جديدة من الاشتباك مع الفرنجة، وامتدت إلى أيام ابنه نور الدين زنكي، ومن بعده صلاح الدين الأيوبي وصولاً إلى المماليك الذين تمت على أيديهم تصفية مملكة أورشليم اللاتينية.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:22
العصر الأيوبي
ولد صلاح الدين يوسف بن أيوب في مدينة تكريت بالعراق لعائلة كردية سنة (1138م). وانتقل صلاح الدين الأيوبي إلى بعلبك بلبنان مع والده حيث عين قائداً عسكرياً في عهد عماد الدين زنكي، ثم انتقل مع عمه "أسد الدين شيركوه" إلى مصر (1164م)، وكان قد تولى الوزارة في القاهرة بعد موت عمه.
وفي سنة (1171م) ألغى الخلافة الفاطمية الشيعية وأعلن البيعة للخليفة العباسي السني المستضيء، ولذلك برز خلاف بينه وبين نور الدين زنكي انتهى بوفاة الأخير. بعدها سعى صلاح الدين لتوحيد مصر وسوريا تحت قيادته لتحقيق حلمه في القضاء على الصليبيين، وفي عام (1187م) كان هناك حدث تاريخي تمثّل بمعركة حطين والتي أحدثت انعطافاً في العلاقات بين الشرق والغرب، ووضعت الوجود الصليبي في الشرق موضع الدفاع عن النفس.
بعد معركة حطين أخذ صلاح الدين طبرية، ثم تقدم إلى عكا، وأذعنت مدن الجليل ومن ثم أخذ نابلس، ويافا، وغزة، وعسقلان، وبيروت، وصيدا كما أخذ الناصرة، وقيساريا، وصفد، وصفورية، والشقيف، وجبل الطور وغيرها، إلى أن جاء دور القدس فحاصرها وأخرج الصليبيين منها بموجب اتفاق، وصلى الجمعة في (27 تشرين الأول/ أكتوبر 1187م) في المسجد الأقصى. وتجمع الصليبيون في ثلاث مدن ساحلية هي أنطاكيا وطرابلس وصور.
الحملة الثالثة:
قاد الحملة الصليبية الثالثة ملوك أوروبا الأقوياء في ذاك الوقت وجاءت هذه الحملة بعد سقوط القدس تحديداً واستطاعت أوروبا أن تحشد قوتها برغم الخلافات بين ملوكها، واستطاعت هذه الحملة أن تصل إلى فلسطين وتحاصر عكا، وأسرع صلاح الدين إلى حصار الصليبيين، ومع وصول الفرنسيين والإنجليز دارت معركة كبيرة، واستمر الحصار المتبادل من (آب/ أغسطس 1189م إلى حزيران/ يونيو 1191م)، والذي سقطت في أثره عكا.
وفي 2 أيلول / سبتمبر (1192م) توصل الطرفان، بعد مفاوضات طويلة إلى اتفاق أقيمت بموجبه مملكة صليبية مركزها عكا وللمسيحيين الحق بزيارة الأماكن المقدسة في القدس والناصرة.
وبعد الصلح عاد صلاح الدين إلى دمشق بعد عشرين عاماً من الجهاد غير المنقطع فوافته المنية في 3 آذار/ مارس (1193م) وهكذا ظلت الحروب الصليبية مستعرة ولكن خارج فلسطين إلى أن جاءت فترة المماليك الأتراك.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:22
المماليك
عُرف نظام المماليك بوجهه العسكري منذ عهد العباسيين، وقد برز في صفوف هذا الجيش سلالات حاكمة، فبعد زوال ملك الأيوبيين اتخذ هذا النظام وضعاً متميزاً، فقد كانت نهاية ملك بني أيوب على أيديهم وأسسوا ملكاً في مصر وبلاد الشام، دام أكثر من قرنين ونصف.
تمكن المماليك من إنقاذ مصر في اللحظة الأخيرة وذلك بعد أن أفلحت الحملة الصليبية السابعة باحتلال دمياط والتقدم نحو القاهرة بينما كان الصالح أيوب على فراش الموت وفي لحظات الشدة توفي أيوب، وفي تلك اللحظة اجتمع المماليك وعزموا على قتال الصليبيين فهزموهم، وكان قد ظهر على الساحة "الظاهر بيبرس" المؤسس الحقيقي لدولة المماليك وبهذا أصبح المماليك على سدة الحكم في مصر واكتفى الأيوبيون ببلاد الشام ولكن لم يدم ذلك طويلاً وذلك لأن المغول بقيادة "هولاكو" كانوا قد توجهوا إلى الشرق ودخلوا بغداد وقضوا على العباسيين وخربوا البلاد ودمروا حضارتها سنة (1260م) وساروا إلى دمشق التي لقيت نفس المصير، وبعثوا يهددون "السلطان قطز" الذي تولى الحكم في القاهرة في (1259-1260م)، وإزاء هذه التهديدات عمل "قطز" على لم شمل المسلمين وانضم إليه "بيبرس" وتقدموا لملاقاة المغول فاصطدموا بطلائعهم عند غزة وهزموهم وتابعوا المسير إلى أن تجمعت قواتهم في عين جالوت (مرج بن عامر) وهناك التقى الجيشان في معركة شرسة في 6أيلول/ سبتمبر (1260م) انتصر فيها المماليك، وقد غير هذا الانتصار وجه التاريخ في غرب آسيا.
بعد ذلك عزم "بيبرس" على تصفية الوجود الصليبي، وتولى الحكم بلقب الظاهر في (1260-1277م)، ودأب على ترتيب أوضاعه الداخلية وتفرغ لمقارعة الصليبيين، ولكنه مات وهو يقاتل في من تبقى من الصليبيين في الشرق في عام (1277م).
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:23
العهد العثماني
العهد العثماني:
مع مطلع هذه الفترة التي انتهى فيها الحكم المملوكي وانضوى في معظم أقطار الوطن العربي في إطار الدولة العثمانية التي دام حكمها قرابة الأربعة قرون. امتد سلطان الدولة العثمانية المتمركزة في اسطنبول على البلقان والأناضول خلال قرنين من الحروب والتوسع.
وفي ظل هذه القوة المركزية والبارزة في المنطقة بدأ تزايد الصراع على النفوذ بين ثلاثة قوى هي الدولة العثمانية والدولة الصفوية الناشئة في تبريز، والمماليك من جهة ثالثة، ففي آب/ أغسطس (1514م) كانت الموقعة الأولى الفاصلة بين الدولة العثمانية بزعامة "سليم الأول" والدولة الصفوية بزعامة "الشاه إسماعيل" في (جالديران) قرب (تبريز) وانتصر فيها العثمانيون بفضل فعالية السلاح الناري الذي كانوا يتفوقون في استخدامه.
وبعد عامين هزم العثمانيون المماليك في موقعة حاسمة في (مرج دابق) قرب حلب في (23 آب/ أغسطس 1516م)، وكان ذلك نهاية السلطة المملوكية باحتلال العثمانيين لمصر.
وفي نفس العام دخل "سليم الأول" بلاد الشام دون أدنى مقاومة وذلك لكره الشاميين للمماليك في ذاك الوقت من جهة، و خوفهم من العثمانيين من جهة أخرى.
وبعد موت "سليم" تولى السلطة ابنه "سليمان" (1520 -1566م) والذي لُقب بسليمان القانوني نظراً لكثرة القوانين التي أصدرها في شؤون تنظيم الدولة. وفي عهده بلغت الإمبراطورية العثمانية مبلغها في الاتساع والازدهار، وامتدت على ثلاث قارات، كما ورثت الخلافة العباسية والإمبراطورية البيزنطية وأصبحت "اسطنبول" مركزاً للعالم الإسلامي وانبعاث الحضارة الإسلامية من جديد. ولكن بعد اكتشاف أمريكا ورأس الرجاء الصالح وبداية النهضة الأوروبية بدأ مركز القوة يتحول إلى الغرب.
ظاهر العمر الزيداني:
وُلد ظاهر العمر في العقد الأخير من القرن السابع عشر، وبعد موت والده تولى جزءاً من التزام والده في قريتي عرابة والدامون بفلسطين، حيث كان يعمل "مقاطعجي" صغير في أعمال سنجق صفد، وبدأ ظاهر بتوسيع التزامه عبر التحالف مع القبائل البدوية، ودخل في صراعات حدودية وأصبح يعمل على تقوية جيشه وتحصين مناطق حكمه مستغلاً انشغال الأتراك بحروبهم مع روسيا، وكوّن قوة رادعة مركزية في فلسطين، وأخذ حيفا، ويافا، واللد ونابلس، وبعد فترة غير قليلة من حكمه والتي اكتنفها المناوشات والاقتتال ضعفت قوته وحاصره الأسطول العثماني وزحف ضده جيش كبير أنزل به ضربة قاصمة وقتل ظاهر العمر وانتهى حكمه وحكم الزيادنة لأن أبناءه لم يكونوا مؤهلين للحكم فأجهز عليهم "أحمد الجزار" "آغا".
أحمد باشا الجزار:
برز "الآغا أحمد" الملقب بالجزار على مسرح الأحداث في عكا وهو مملوكي بوسني الأصل. وتميز حكم الجزار الذي ولي على ولاية صيدا وعلى ولاية دمشق بشكل متقطع ما بين (1775م) وحتى وفاته في (1804م) بسيطرته على القوى المحلية في فلسطين وجبل لبنان وتحديه للعثمانيين وإدخال ولاية دمشق ضمن دائرة نفوذه.
حملة نابليون بونابرت (1798-1801م):
تعد حملة نابليون على مصر وبلاد الشام بداية الصراع الاستعماري الأوروبي لاحتلال أقطار الوطن العربي في أعقاب الثورة الصناعية في أوروبا. فقد توجه "نابليون بونابرت" بحملته إلى بلاد الشام بعد انتصاره على المماليك ودخوله القاهرة في (21 تموز/ يوليو 1798).
اقتصرت حملة نابليون بونابرت على فلسطين، ولم تتجاوز الشريط الساحلي منها سوى منطقة الناصرة – طبرية، حيث هزمت الجيش العثماني، وبدأت الحملة باحتلال منطقة قطبة على الحدود مع الشام في (23/12/1798م) في سيناء ثم قلعة العريش، وبعد ثلاثة شهور أخذت الحملة بالتراجع إلى مصر بعد فشلها في احتلال عكا في (20 آيار /مايو 1799م).
وفي (28 شباط/ فبراير) سار الجيش الفرنسي وفي طليعته "كليبر" باتجاه أسدود ثم إلى قرية يبنه والرملة ويافا، كما استولوا على حيفا بعد قتال شديد، ومن ثم توجه إلى عكا التي تتمتع بأسوار قوية وحصون متينة فلم يستطع أن يدخلها، ودارت معارك قوية، هاجم أهل عكا فيها الفرنسيون بمشاركة الإنجليز وبعض القوات العثمانية، وحاول نابليون اقتحام أسوار عكا سبع مرات باءت جميعها بالفشل، وسرعان ما دب الطاعون في الجيش الفرنسي بسبب كثرة القتلى من الطرفين.
وفي (10 أيار/ مايو) كتب نابليون إلى حكومة الإدارة في باريس بأن احتلال عكا لا يستحق كل هذه الخسائر، فقرر الانسحاب إلى مصر ومواصلة الهجوم عليها، وفي أثناء ذلك وصلت مراسلة من باريس تطلب من نابليون وجوب العودة إلى فرنسا، وكان قد انسحب بعد حصار دام أربعة وستين يوماً في (20آيار/ مايو 1799م).
حملة محمد علي:
بعد انسحاب نابليون، عاد الجزار وفرض سلطته على البلاد وازداد في تسلطه وبطشه وأثقل كاهل السكان بالضرائب لتعويض خسائره في الحروب، لكنه ما لبث أن تُوفي سنة (1804م)، وجاء بعده مملوكه سليمان باشا الذي لقب بالعادل، وتزامن حكمه مع حكم "محمد علي" في مصر و"محمود الثاني" في إسطنبول، حيث اتسمت فترة حكم "سليمان باشا" بالاستقرار وإعادة بناء البلاد، إلى أن جاء "إبراهيم باشا" (1819-1831م)، الذي عاد بدوره إلى سياسة الجزار مما أثار حفيظة الزعماء المحليين الذين قاموا بالتمرد مرات عديدة.
في (29 تشرين الأول/ أكتوبر 1831م)، سيّر "محمد علي" جيشه إلى فلسطين بقيادة ابنه "إبراهيم باشا" الذي احتل غزة ويافا والقدس وحيفا والجليل دون أدنى مقاومة، وبعد حصار دام قرابة الستة أشهر سقطت عكا في يده في (28أيار/ مايو 1832م)، ومنها توجه إلى دمشق فدخلها في (14حزيران/ يونيو 1832م)، وفي تلك المعركة بالقرب من حمص هزم الجيش العثماني واستولى على حلب وحماة وأنطاكيا وبعد موقعة "بيلان" في (30 تموز/ يوليو 1832م) توغل في آسيا الصغرى وهزم العثمانيين مجدداً عند مدينة "قونيا" في (21 كانون أول/ ديسمبر 1832م) وأسر الصدر الأعظم (رئيس الوزراء)، وإزاء تلك الانتصارات توسطت الدول الأوروبية للصلح في معاهدة عرفت بمعاهدة "كوتاهية" في مايو (1833م)، والتي بموجبها اعترف السلطان محمود الثاني بحكم محمد علي الوراثي في مصر وبلاد الشام، إلا أن فترة الحكم المصري كانت قصيرة ولمدة تسعة أعوام فقط. فبعد الانسحاب المصري عادت بلاد الشام إلى الحكم العثماني بفضل تدخل الدول الأوروبية وفي مقدمتها بريطانيا، وهو ما أدى إلى ازدياد نفوذ الدول الأوروبية في البلاد بما فيها أراضي السلطة العثمانية، وساعد على ذلك الضعف العام الذي اعترى السلطة.
ويرجع سبب محاولة الدول الأوروبية التدخل في شؤون السلطنة وبلاد الشام تحديداً إلى المصالح الاقتصادية والإستراتيجية في الشرق، كما أنها وجدت في الأقليات الدينية وحقوقها المدنية الذريعة للتدخل في شؤون الحكم العثماني، وازداد عدد قناصل الدول الأوروبية في السلطنة واتسع نفوذهم، إذ طال التدخل في شؤون الحكم والإدارة والاقتصاد والمحاكم وشئون الرعايا، وبرز بينهم القنصل البريطاني "وودز" الذي تصرف كحاكم فعلي للبلاد تحت غطاء تنفيذ التنظيمات.
وعملت هذه الدول على تحريض فئات اجتماعية دينية وقومية على الحكومة المركزية وإثارة القلاقل ضدها في مناطق متعددة، وذلك بهدف إضعاف السلطة ومقاسمة مناطق النفوذ فيها.
من جهة أخرى قام قناصل هذه الدول بتبني قضايا الأقليات المسيحية، وتكفلوا بحمايتهم للجماعات اليهودية في القدس وغيرها ودعموا إقامة اليهود الأوائل المهاجرين إلى البلاد.
وازدادت البعثات التبشيرية بسرعة كبيرة وتركزت في مدينة القدس، ومع نهاية القرن التاسع عشر كان نسبة المبشرين إلى نسبة السكان في القدس أكبر من نسبتهم في أي مدينة أخرى بالعالم.
ولما بدا واضحاً زوال الإمبراطورية العثمانية أصبح كل طرف يسعى إلى تأمين موطئ قدم له للسيطرة على جزء من أراضي هذه الإمبراطورية عند تقسيمها.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:24
الاستيطان الصهيوني في فلسطين
خلال تلك الفترة من القرن التاسع عشر ظهر في بلاد الشام ومن ضمنها فلسطين ما يسمى بالوعي القومي بمفهومه الحديث، وتبلورت ركائزه في أوروبا بالتوازي مع تطور مراحل الرأسمالية هناك، ونتيجة لتبلور الوعي القومي وكذلك اليقظة الفكرية والثقافية في الوطن العربي التي تناضل من أجل الوحدة والاستقلال والتحكم بالموارد الاقتصادية، برز شعور عام بالتصدي لكل القوى الدخيلة والغريبة على الشعب العربي الواحد، لذلك كان هناك يقظة قومية تنادي بالتصدي للاستيطان الصهيوني في فلسطين ومقاومته منذ بداياته، ولكن هذه الجهود لم تترجم نفسها في إطار مؤسسي يقوم على مبادئ منهجية مبرمجة، بعكس الحركة الصهيونية التي ما لبثت بعد مؤتمر"بازل" بسويسرا عام (1897م) أن تقوم بصياغة مؤسساتها بالشكل الذي يحقق أهدافها.
ومن الملاحظ في فترة الحكم العثماني أن السلطة العثمانية لم تعارض إقامة اليهود في أراضيها ولكنها كانت تعارض هجرتهم إليها من الدول الأخرى والتوجه إلى فلسطين تحديداً، فمنذ البداية أصدر "الباب العالي" التعليمات إلى قناصله بإبلاغ اليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين، بعدم السماح لهم بالاستيطان في فلسطين كأجانب، وأن عليهم اكتساب الجنسية العثمانية والالتزام بالقوانين السارية في الولايات التي يرغبون الإقامة فيها، لكن وبرغم الموقف الرسمي للحكومة العثمانية كان هناك ازدياد ملحوظ للنشاط الاستيطاني اليهودي في فلسطين بطرق ملتوية من خلال دعم القناصل الأجانب لهم، ولم يتوان اليهود يوماً عن محاولات شراء الأراضي وإقامة المستوطنات عليها. ويذكر التاريخ أنه مع تكثيف حركة الاستيطان الصهيوني ومحاولة الاستيلاء على الأراضي بكافة الطرق والوسائل غير المشروعة بدأت حركة المقاومة العربية تزداد، لاسيما من قبل الفلاحين والبدو المحاربين لتلك المستوطنات الناشئة على أراضيهم والتي تم طردهم منها، وازدادت هذه المقاومة حيث عمّت معظم القرى والمدن، وتم نقل معارضة الشعب للاستيطان اليهودي إلى البرلمان التركي من خلال الزعماء الفلسطينيين، وكان هناك هجمة شديدة من قبل المعارضة لعدم وضع حد لتلك الممارسات، ورغم ذلك ازداد نشاط القوى السياسية الصهيونية وتعزز الاستيطان الصهيوني خلال "الهجرة الثانية" خلال الفترة (1904-1914م)، وساعد على ذلك فساد جهاز الدولة العثماني في ذلك الوقت وتواطؤ بعض العثمانيين مع الحركة الصهيونية، ونشاطات قناصل الدول الأجنبية لصالحها.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:26
الانتداب البريطاني
برزت الحركة الصهيونية التي انتشرت بين يهود أوروبا في نهاية القرن التاسع عشر الميلادي، ولفظ "الصهيونية " مشتق من كلمة "تسيون" العبرية، وهي اسم لجبل يقع جنوبي غربي القدس "جبل صهيون" يحج إليه اليهود لاعتقادهم أن الملك داوود دفن هناك.
من المعروف أن اليهود في تلك الفترة وما قبلها كانوا عبارة عن تجمعات يهودية منتشرة في أنحاء العالم، وهي تجمعات لا تجمعها أي روابط سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو تراثية سوى الرابطة الدينية، ويرجع ذلك إلى ذوبان هذه التجمعات في المجتمعات التي كانت تعيش فيها، وكذلك فإن الدعوى الصهيونية بوجود "قومية يهودية" لا تعدو كونها بدعة مختلقة لأن هذه التجمعات كانت تفتقر إلى عناصر القومية مثل الشعب الموحد، والرقعة الإقليمية من الأرض التي يقيم عليها واللغة والعادات والتقاليد المشتركة.
وعد بلفور:
نضجت الفكرة الصهيونية في المناخ الحضاري الأوروبي منذ القرن السادس عشر الميلادي، وترعرعت في الأجواء السياسية التي سادت أوروبا في القرن التاسع عشر (أجواء الإمبريالية) وتحديداً بعد عام (1870م). وقامت الفكرة الصهيونية على أساس إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين بعد أن تمت الصفقة بين الحركة الصهيونية والاستعمار البريطاني على أساس "وعد بلفور" الشهير في 2 تشرين ثاني/ نوفمبر عام (1917م) والذي جاء نصه:
"وزارة الخارجية
2 تشرين الثاني/ نوفمبر(1917م)
عزيزي اللورد روتشيلد:
يسرني جداً أن أبلغكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك التصريح التالي الذي ينطوي على العطف على أماني اليهود الصهيونية وقد عرض على الوزارة وأقرته.
إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية على أن يفهم جلياً أنه لن يؤتي بعمل من شأنه الإخلال بالحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة في فلسطين ولا بالحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلاد الأخرى.
وسأكون شاكراً لو تكرمتم بإحاطة الاتحاد الصهيوني علماً بهذا التصريح.
المخلص
آرثر جميس بلفور"
ويوضح هذا التصريح التزام الحكومة البريطانية آنذاك بدعم المطامع الصهيونية في أرض فلسطين العربية ضد إرادة أصحابها الشرعيين، وكان هذا التصريح يمثّل إعطاء حق من كان لا يملك لمن لا يستحق.
وعندما نجحت الجيوش البريطانية بدخول البلاد من خلال اللجوء إلى الخدعة، استُقبلت استقبالاً حاراً بوصفها محرِرة لا محتلة، وبعد وصول اللجنة الصهيونية شعر العرب بنذر الخطر، وكانت الحكومة البريطانية قد وافقت على إرسالها لفلسطين على أساس "أن تنجز أي خطوات تستدعيها مقتضيات تنفيذ تصريح الحكومة بشأن إقامة وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، ضمن الخضوع لسلطة الجنرال البريطاني أللنبي، وفي نفس الوقت تهدئة شكوك العرب بشأن النوايا الحقيقية للصهيونية".
وكذلك عملت الإدارة العسكرية المحتلة على تهيئة فلسطين بالتدريج لتصبح وطناً قومياً للصهيونيين بكافة الوسائل والأساليب الممكنة.
إن ما حدث في فلسطين بعد قدوم اللجنة الصهيونية يعتبر أمراً لا يحتمل التصديق وذلك بالعمل على إنشاء وطن قومي لليهود في بلد يتجاوز سكانه 92% من العرب الفلسطينيين.
1923-1948م: الانتداب البريطاني على فلسطين:
في بداية هذه الفترة تناولت بريطانيا صك الانتداب الفلسطيني لإدارة البلاد وفقاً لميثاق عصبة الأمم، في حين لم تكن بريطانيا بحاجة إلى البدء بتنفيذ بنود هذا الصك لأنها عملياً كانت قد باشرت سلطاتها على فلسطين قبل ذلك، بسنوات طبقاً لسياستها الاستعمارية الصهيونية المعتمدة بشكل رئيسي على الإكراه وقوة السلاح حتى عام 1948م.
وخلال هذه الفترة لم تتقدم المؤسسات في البلاد، وبذلك توجب على العرب الفلسطينيين أن يرفعوا بشكواهم إلى لجنة الانتدابات الدائمة في جنيف التابعة لعصبة الأمم، ولكن اللجنة لم تكن تملك حق التفتيش والمتابعة في البلدان المنتدبة، فما كان من المواطنين العرب على مدار فترة الانتداب إلا الاحتجاج والمقاومة وإقامة المظاهرات والتمرد والعصيان المدني والذي أدى إلى صدام عنيف مع قوات الجيش البريطاني والمستوطنين اليهود.
وفي عام (1924م) وضع المندوب السامي "هربرت صموئيل" مشروع نقد فلسطيني جديد، وصدر مرسوم النقد الفلسطيني في شباط/ فبراير (1927م) وسط اتهامات الشعب بأن الحكومة لا تستطيع أن تصدر منه ما تشاء دون مراقبة، لأن ذلك سيلحق الضرر بالاقتصاد العربي، كما أتت جهود المندوب السامي ثمارها في إصدار قانون الجنسية الفلسطينية بقصد منح اليهود المقيمين في البلاد الجنسية الفلسطينية.
وأجابت الحكومة البريطانية وخلال دورتين متتابعتين لاجتماع عصبة الأمم (1924-1925م) صراحة بأنها لا توافق على تأسيس مجلسٍ تشريعي في فلسطين يقوم على أساس التمثيل النسبي، والذي من الطبيعي أن تكون الأغلبية الساحقة فيه للعرب الفلسطينيين، خاصةً أن ذلك يقف عقبة في قيام الحكومة بالواجبات الملقاة على عاتقها في إنشاء وطن قومي لليهود.
بعد نهاية فترة المندوب السامي "هربرت صموئيل"، عين اللورد "هربرت تشارلز بلومر" مندوباً سامياً لفلسطين في (25آب/ أغسطس 1925م)، وبقي في منصبه ثلاثة أعوام.
وفي آذار/ مارس (1925م) قام "بلفور" بزيارة للقدس للمشاركة في افتتاح الجامعة العبرية التي شيدت على أرض عربية فوق جبل الزيتون كانت السلطات البريطانية قد انتزعتها عام(1918م) من أصحابها بالقوة وأعطيت للصهيونيين، وأعلنت البلاد إضراباً عاماً احتجاجاً على زيارة بلفور، فقامت هناك مظاهرات كبيرة ضده، وهو ما حمل السلطات البريطانية على إخراجه إلى بيروت حيث ركب الباخرة ليعود إلى بلاده.
وخلال العشر سنوات الأولى من الانتداب البريطاني دخل فلسطين، ما يقارب (76400) مهاجر يهودي جاء غالبيتهم من بلدان أوروبا الشرقية، ومع نشاط الهجرة المتزايد إلى فلسطين أدرك العرب ضرورة مقاومة الصهيونية وتحيز السلطات لها، فتفجرت الثورة التي كان شرارتها هي حادثة البراق في (24 أيلول/ سبتمبر 1928م)، حيث حاول اليهود الاستيلاء على الجدار الغربي للمسجد الأقصى الذي يملكه المسلمون، وهو ما أسفر عن حشد التأييد العربي للقضية الفلسطينية من الأقطار العربية، وكانت بداية ما عُرف بثورة البراق التي شهدت أحداث دامية كان على أثرها مداهمة العرب للتجمعات اليهودية في الخليل ونابلس وبيسان وصفد، وحينها هبت القوات البريطانية للدفاع عن اليهود، مستخدمةً أقصى درجات القمع ضد المتظاهرين العرب، واستنجدت بقوات من مصر واستخدمت الطائرات وقوات المشاة والمدرعات إضافةً لإطلاق النار المباشر، وألحقت الدمار بقريتي لفتا ودير ياسين وغيرهما، وقدم للمحاكمة ما يزيد على الألف شخص معظمهم من العرب، كما صدر الحكم بإعدام (26) شخصاً بينهم (25) عربياً ويهودي واحد.
وفي عام (1930م) وصل عدد المهاجرين اليهود إلى (104.750)، ووصل خلال الستة أعوام التالية إلى (284.645) أي بزيادة تعادل (164 %)، وهذه الأرقام لا تتضمن الأعداد التي دخلت البلاد بطرق غير شرعية.
في ليلة الإسراء والمعراج بتاريخ (27 رجب 1350هـ) الموافق (7كانون أول/ ديسمبر 1931م) عقد مؤتمر إسلامي حضره ممثلون عن اثنين وعشرين بلداً إسلامياً، ولفيف من الشخصيات البارزة في العالم العربي، وخلال افتتاحية المؤتمر أكد المفتي "محمد أمين الحسيني" على أهمية فلسطين والأقصى في العالم الإسلامي كما أكد المؤتمر شجبه للصهيونية و السياسة البريطانية في فلسطين والهجرة اليهودية إليها، وكان من قرارات المؤتمر إنشاء جامعة إسلامية في القدس ومقاطعة جميع المصنوعات الصهيونية في الأقطار الإسلامية وتأسيس شركة زراعية في فلسطين لإنقاذ أراضي المسلمين.
في (13 تموز/ يوليو 1931م) صدر بلاغ رسمي بتعيين الجنرال "آرثر غرنفيل" (واكهوب) مندوباً سامياً لفلسطين، ووصل (واكهوب) إلى فلسطين يحمل تعليمات بوجوب تعزيز مسألة الوطن القومي لليهود والعمل بأسلوب التسويف والمماطلة مع طلبات العرب، والوصول إلى أكثرية سكانية يهودية في فلسطين مع طرح بعض المشاريع الوهمية لإشغال العرب بها.
في (4 آب/ أغسطس 1932م) صدر بيان تأسيس حزب الاستقلال الذي تعهد بالكفاح ضد الاستعمار ومحاربة الهجرة اليهودية والعمل على تحقيق الوحدة العربية، وكرر الاستقلاليون رفضهم لوعد بلفور والانتداب، وكشفوا عن أساس التحالف القائم بين الصهيونية والاستعمار البريطاني، وأكدوا على أن ثلث ميزانية البلاد مخصص لشؤون الدفاع والأمن بسبب محاولة الحكومة بناء وطن قومي أجنبي خلافاً لإرادة الفلسطينيين. وفي مطلع (1932م) عقد مؤتمر للشباب الفلسطيني في يافا للنظر في تجنيد الشباب لخدمة الحركة الوطنية.
في نهاية العام (1934م) باعتراف لجنة "بل" بلغ عدد المهاجرين اليهود نحو (42.359) مقابل (30327) عام (1933م) و(9553) عام (1932م). وفي نهاية عام (1935م) بلغ رقم الهجرة اليهودية (61854) يهودياً وفدوا إلى فلسطين من شتى أرجاء أوروبا، كما دلت الإحصائيات الرسمية على أنه بحلول عام (1935م) أصبح عدد اليهود في فلسطين ضعفي ما كان في (1929م) بحيث غدا اليهود يمثلون ربع جملة السكان.
ثورة الشيخ عز الدين القسام:
أيقن الانتداب البريطاني خطورة الموقف في فلسطين بعدما شهدت البلاد ثورة الشيخ عز الدين القسام الذي كان قد وهب نفسه هو وثلة من المجاهدين للدفاع عن أرض فلسطين، حيث استشهد في أحراش يعبد قرب جنين بعد صدامه في موقعة عسكرية مع جنود من جيش الانتداب، وبعد هذه الحادثة مباشرة أوعزت بريطانيا إلى مندوبها السامي "واكهوب" بعد شهر واحد من استشهاد القسام ليقوم بطرح مشروع المجلس التشريعي على العرب واليهود جواباً على المطالب التي قدمتها لجنة الأحزاب الفلسطينية في تشرين الثاني/ نوفمبر والذي جاء فيه:
1- إن عرض الحكومة في كانون الأول/ ديسمبر (1935م) لمشروع دستور جديد كان يمثل خطوة عملية نحو الحكم الديمقراطي حين اقترح مجلساً تشريعياً بغالبية غير رسمية كبيرة.
2- بخصوص بيع الأراضي: عزمت الحكومة على سن قانون يمنع بيع الأراضي إلا إذا كان المالك العربي قد احتفظ بقطعة من الأرض تكفي احتياجات أسرة.
3- جرى قياس لمعدل الهجرة اليهودية بعناية وفقاً لمقدرة البلاد الاستيعابية، وقد أنشئ مكتب إحصائي جديد لتقدير هذا المعدل.
ثورة (1936م) الكبرى ومشروع التقسيم:
انطلقت الثورة في شباط /فبراير (1936م) من حادثة صغيرة وكانت الشرارة التي ألهبت مشاعر العرب الفلسطينيين، حيث عبرت عن عدم القدرة على احتمال المزيد، فبدأت هذه الثورة عندما رفض مقاول بناء يهودي تشغيل أي عامل عربي في بناء ثلاث مدارس في يافا كان قد تعاقد على بناءها مع الحكومة، وتجمع على أثر ذلك العمال العرب في موقع المدرسة ومنعوا العمال اليهود من الوصول إليه، وفي (15) نيسان/ إبريل قتل يهودي وأصيب آخر بجراح خطيرة، ورد اليهود على ذلك بذبح قرويين عرب داخل بيوتهم فكانت تلك البداية، حيث تصاعدت أعمال العنف واشتد التوتر في شتى أنحاء فلسطين صاحبه وقوع العديد من القتلى والجرحى بين الجانبين، وبسبب تصدي الجيش البريطاني للمظاهرات العربية، حيث أردي العديد من القتلى في صفوف العرب وكذلك الجرحى وأعلن الإضراب العام في جميع أنحاء فلسطين، وازدادت حركة المقاومة الشعبية، حيث أخذت شكل جماعات وتمركزت في الجبال وانضم لهم العديد من المتطوعين العرب شرقي الأردن وسوريا ولبنان والعراق، وتحولت مجموعات المقاومة إلى ثورة شعبية مسلحة تساندها كافة فئات الشعب، واتخذت الثورة أساليب متنوعة مثل تدمير الجسور ونسف السكك الحديدية وتدمير أنابيب النفط ومهاجمة الثكنات العسكرية وضرب مواقع الجيش البريطاني، كما استخدم البريطانيون الطائرات والمدرعات والمدفعية في كثير من الأحيان للتصدي وقمع تلك الثورة، مما زاد من ثورة الشعب.
وفي غضون ذلك كان هناك بعض المساعي العربية للوساطة بين اللجنة العربية العليا والحكومة البريطانية حيث صدر نداء مشترك عن الملك بن سعود والملك غازي والأمير عبد الله في (10 تشرين الأول/ أكتوبر) إلى رئيس اللجنة العربية وإلى عرب فلسطين جاء فيه: "لقد تألمنا كثيراً للحالة السائدة في فلسطين، فنحن بالاتفاق مع أخواننا ملوك العرب والأمير عبد الله، ندعوكم للخلود إلى السكينة حقنا للدماء، معتمدين على حسن نوايا صديقتنا الحكومة البريطانية ورغبتها المعلنة لتحقيق العدل وثقوا بأننا سنواصل السعي في سبيل مساعدتكم".
وبناء على ذلك أعلنت اللجنة العربية العليا حل الإضراب ودعت عموم الشعب إلى إقامة الصلاة على أرواح الشهداء الذين زاد عددهم على الألف عربي.
مشروع التقسيم:
نشرت اللجنة الملكية في (7 تموز/ يوليو 1937م)، والتي كان يرأسها اللورد "بل" تقريراً تناول عرض وجهة نظر كل من زعماء العرب واليهود وأوصت اللجنة بأنه لا يمكن حل مشكلة فلسطين إلى على أساس اقتراح مشروع تقسيم فلسطين، وأهم بنود مشروع التقسيم هي:
1- إنشاء دولة يهودية تقسم القسم الشمالي والغربي من فلسطين، وتمتد على الساحل من حدود لبنان إلى جنوبي يافا، وتشمل عكا وحيفا وصفد وطبرية والناصرة وتل أبيب وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا.
2- تقع الأماكن المقدسة تحت الانتداب البريطاني بما فيها (القدس وبيت لحم) يصلهما ممر بيافا وتشمل اللد والرملة والناصرة أيضاً ودولة الانتداب مكلفة بحماية هذه الأماكن.
3- تضم الأراضي الفلسطينية (القسم الجنوبي والشرقي من فلسطين) ومنها مدينة يافا إلى شرق الأردن وترتبط بمعاهدة صداقة وتحالف مع بريطانيا.
4- تدفع الدولة اليهودية مساعدة مالية للدولة العربية وتمنح بريطانيا مليوني جنيه إسترليني للدولة العربية.
5- يجري ما يسمى بتبادل السكان بين الدولتين العربية واليهودية، وينقل العرب من الدولة اليهودية إلى الدولة العربية وعددهم (325) ألفاً بشكل تدريجي وتهيئ لهم أرض في منطقة بئر السبع بعد تحقيق مشاريع الري.
6- تعقد معاهدة جمركية بين الدولتين لتوحيد الضرائب بينهما على أكبر كمية ممكنة من البضائع المستوردة.
وفي مجال الاستيطان اليهودي وصل مجموع ما حصلت عليه مؤسسات وأفراد الصهيونية عام (1936م) إلى حوالي مليون ومئتي ألف دونم من الأراضي، وتضاعف عدد المستوطنات بحيث قدر عددها (203) مستوطنة، وتضاعف عدد السكان من (30 ألفاً) في عام (1927م) إلى (98 ألفاً) في عام (1936م).
وكان الرد العربي الفلسطيني على قرار التقسيم هو الاستمرار في الثورة ما حدا بتأجيل طرح قرار التقسيم، وبقيت الثورة مشتعلة حتى نشوب الحرب العالمية الثانية.
وفي (23 تشرين الثاني/ نوفمبر سنة 1938م) ألقى "مالكوم مكدونالد" وزير المستعمرات البريطاني بياناً هاماً في مجلس العموم شرح فيه الوضع القائم في فلسطين، ودل البيان على تفهمه لموقف العرب وسلامة وجهة نظرهم قائلاً: "إن مسائلة اللاجئين في أوروبا الوسطى لا يمكن تسويتها على حساب فلسطين، بل يجب أن تحل في ميدان أوسع كثيراً من ذلك الميدان"، مستطرداً: "إن الشعب العربي عاش في تلك البلاد منذ قرون عديدة، ولم يؤخذ رأيه عندما صدر وعد بلفور ولا عندما وضعت صيغة صك الانتداب، وقد كان العرب خلال السنوات العشرين التي تلت الحرب يرقبون هذا الاجتياح السلمي الذي يقوم به شعب غريب، ويرفعون عقيدتهم بالاحتجاج الصارخ بين الحين والآخر، حتى أصبحوا يخشون أن يؤول مصيرهم في بلادهم إلى الخضوع لسيطرة هذا الشعب الجديد النشيط من النواحي الاقتصادية والسياسية والتجارية، فلو كنت أنا عربياً لتولاني الذعر أيضاً".
وبعد هذا البيان تم الإفراج عن المعتقلين في (27 كانون أول/ ديسمبر 1938م)، ليتاح لفلسطين والعرب المشاركة في مؤتمر لندن القادم. وفي غضون ذلك توجه إلى المؤتمر بعض الوفود العربية من مصر والعراق والسعودية واليمن وشرق الأردن.
في (7 شباط/ فبراير 1939م) افتتح مؤتمر المائدة المستديرة الذي انتهى معلناً راية الفشل. وفي (17 أيار/ مايو 1939م) أصدرت الحكومة البريطانية ما عرف بالكتاب الأبيض، وجاء فيه:
1- الدستور:
وجاء في البند العاشر منه إن الهدف الذي ترمي إليه حكومة جلالته هو أن تشكل خلال عشر سنوات حكومة فلسطينية مستقلة ترتبط مع المملكة المتحدة بمعاهدة.
2- الهجرة:
إن على حكومة جلالته أن تسمح بزيادة توسع الوطن القومي اليهودي عن طريق الهجرة إذا كان العرب على استعداد للقبول بتلك الهجرة، ولكن ليس بدون ذلك.
3- الأراضي:
جاء في البند (16) من الكتاب الأبيض تقسم البلاد مناطق يمنع انتقال الأراضي من العرب إلى اليهود في قسم منها ويحدد في قسم، ويطلق في قسم ثالث.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية رأت الصهيونية العالمية في بريطانيا تلك الدولة المنهكة القوى، ومن جهة أخرى وجدت أن لها وزنها العالمي في الولايات المتحدة التي احتفظت بقوتها والتي لها مصالحها في الشرق الأوسط، فما كان من الصهيونية العالمية إلا أن ضاعفت من نشاطها السياسي في الأوساط الأمريكية العليا على اعتبار أنها الوحيدة التي بمقدورها ممارسة الضغط على الحكومة البريطانية للتسليم بمطالب الصهيونية، واعتمدت في تنفيذ ذلك عدة وسائل أهمها الوسيلة الدبلوماسية، وكانت على شكل ضغوط مستمرة من قبل الوكالة اليهودية في بريطانيا، والثانية تنفيذ الإستراتيجية الموضوعة على أساس الضغط الأمريكي على الحكومة البريطانية، ومن جهة ثالثة تشكيل ضغط بطرق إرهابية من خلال القيام بتصعيد عمليات إرهابية وتدبير ضربات موجعة لإدارة الانتداب.
وبالفعل هذا ما كان من مؤسسات الصهيونية والوكالة اليهودية حيث دأبوا بالعمل الفاعل والناشط في تنفيذ ما يصبوا إليه وعملوا على كسب ميول القيادات الأمريكية ولا سيما الرئيس الأمريكي "هاري ترومان" الذي ما أن استقر في البيت الأبيض حتى وجه رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني "تشرشل" في (24 تموز/ يوليو 1945م)، كما طلب من رئيس الوزراء البريطاني الجديد "أتلي" في رسالة وجهها له في (31 آب/ أغسطس 1945م) بإدخال مئة ألف يهودي إلى فلسطين.
ورداً على الرسائل والاهتمام الأمريكي المتزايد باليهود اقترحت بريطانيا على الولايات المتحدة الأمريكية في (19 تشرين الأول/ أكتوبر 1945م) أن تشاركها في مسؤولية رسم سياسة فلسطين عن طريق تشكيل لجنة تحقيق أنجلوـ أمريكية لدراسة مشكلة فلسطين.
قرار التقسيم:
في أيلول/ سبتمبر (1947م) شكلت لجنة في الأمم المتحدة بناء على طلب من الحكومة البريطانية وأطلق عليها لجنة الأمم المتحدة الخاصة بفلسطين "انسكوب" "UNSCOP"
UNITED NATION SPECIAL COMMITTEE ON PALESTINE.
وتكونت اللجنة من أحد عشر عضواً بعد أن تم استبعاد الدول الخمس الكبرى الدائمة العضوية في مجلس الأمن بحجة أن اشتراكها قد يفضي إلى وضع تقرير متحيز، وتم اختيار الأحد عشر عضواً من دول استراليا والسويد وكندا والهند وتشيكوسلوفاكيا وإيران وهولندا وجواتيمالا وبيرو والأورغواي ويوغسلافيا، وعيّن القاضي "أميل ساندوستروم" السويدي رئيساً للجنة، على أن تقدم تقريرها في أيلول/ سبتمبر ويكون التقرير شاملاً لحل المشكلة بما تراه اللجنة من مقترحات.
واحتج العرب على إرسال لجنة أخرى إلى فلسطين وتم التصويت ضد القرار وكان تشكيل اللجنة في حد ذاته يمثل تحيزاً ضد العرب، لأن بعض أعضائها معروفون بميولهم للصهيونية أو يقعون تحت الضغط الأمريكي.
أنهت اللجنة تقريرها في (31آب/ أغسطس 1947م) وعرضته على الجمعية العامة للأمم المتحدة وكان التقرير قد اشتمل على إحدى عشرة توصية.
ويدعو قرار التقسيم إلى:
- تقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية وجزء منها تحت الوصاية الدولية تتولى إدارته الأمم المتحدة، بحيث يكون ما يقارب 56% منها لليهود.
- تصبح الدولتان مستقلتان بعد فترة انتقالية تدوم سنتين، ابتداء من أول أيلول/ سبتمبر (1947م) والموافقة على دستور كل منهما وتوقيع معاهدة اقتصادية وإقامة اتحاد اقتصادي وتوحيد الرسوم الجمركية والنقد.
- كما نص قرار التقسيم على تنظيم الهجرة اليهودية.
وبعد عرض تلك التوصيات كانت الهيئة العربية العليا قد أعلنت رفضها لتلك المشاريع، وفي اليوم التالي من نشر التقرير عبرت "غولدا مايرسون مائير" ممثلة الوكالة اليهودية عن قبولها الضمني بمشروع الأكثرية.
فيما عبّر العرب عامة وعرب فلسطين خاصة عن استيائهم الشديد من هذا المشروع، وكان الاستياء العام قد عبرت عنه الشعوب العربية بكاملها حيث قامت المظاهرات في العراق وسوريا ولبنان ومعظم الأقطار العربية. وعلى أثر ذلك سارعت اللجنة السياسية في جامعة الدول العربية إلى عقد اجتماع لها في صوفر بلبنان في 6 أيلول/ سبتمبر لدراسة محتوى تقرير اللجنة واتخاذ موقف سياسي عربي موحد، وعلى غرار الاجتماع تم اتخاذ القرارات التالية:
1- ترى اللجنة السياسية في تنفيذ هذه المقترحات خطراً محققاً يهدد الأمن والسلام في فلسطين والبلاد العربية، ولذا فقد وطدت العزم على أن تقاوم بجميع الوسائل الفعالة تنفيذ هذه المقترحات.
2- ترى اللجنة السياسية أن تكاشف الشعوب العربية جميعاً بحقيقة المخاطر التي تحيط بقضية فلسطين، وتدعو كل عربي إلى تقديم ما في وسعه من معونة وتضحية.
3- قررت اللجنة السياسية إرسال المذكرات إلى حكومتي الولايات المتحدة وبريطانيا، تعلمها بأن كل قرار يتخذ بصدد قضية فلسطين دون أن ينص على قيام دولة عربية مستقلة يهدد بإثارة اضطرابات خطيرة في الشرق الأوسط.
4- قررت اللجنة أن توصي دول الجامعة بتقديم أقصى ما يمكن من معونة عاجلة لأهل فلسطين من مال وسلاح ورجال.
وعلى أثر قرار التقسيم قام عرب فلسطين بمقاومة الاستيطان الصهيوني بدعم عربي، وكانت هذه المقاومة قد اتسعت وشملت جميع أنحاء البلاد، وقامت معارك طاحنة استخدمت فيها كافة الأسلحة وراح ضحيتها العديد من القتلى والجرحى.
وبسبب هذه الاضطرابات الخطيرة انعقد مجلس الأمن الدولي في 19 آذار/ مارس للنظر في الحالة الخطيرة التي آلت إليها الأوضاع في فلسطين، اتضح أنه وإزاء هذه الأوضاع لا يمكن العمل على تنفيذ مشروع التقسيم بالطرق السلمية، ويجب أن يتم تنفيذ المشروع، وهنا قرر اليهود إحباط كل محاولة يقوم بها مجلس الأمن قد تبطل مفعول قرار التقسيم ولوضع الأمم المتحدة أمام الأمر الواقع بدأ اليهود هجومهم المسلح في عملية "نخشون" ونجم عنها الاستيلاء على قرية القسطل العربية قضاء القدس.
وفي 9 نيسان/ ابريل استطاع عبد القادر الحسيني والمجاهدين معه في معركة حربية قوية طرد اليهود من القسطل، حيث سقط شهيداً فيها، فعاد اليهود بعد ساعات مستغلين تشييع المواطنين والمجاهدين لزعيمهم واحتلوا القرية بعد أن دمروها كاملة. وفي نفس الوقت وكجزء من خطة الهجوم بادر الصهاينة إلى تدبير مذبحة "دير ياسين" الواقعة قرب القدس، حيث اقتحموا القرية بالأسلحة الثقيلة ومثّلوا بأهلها فراح ضحية هذه المجزرة (250) فلسطينياً أغلبهم من النساء والأطفال، ووصف الكاتب اليهودي "جون كيمي" هذه المذبحة المريعة بأنها "أبشع وصمة في تاريخ اليهود".
كان الانجليز عوناً لليهود في تحقيق مآربهم، حيث قاموا بتدريبهم خلال فترة الانتداب ومدهم بالسلاح، وكلما انسحبوا من منطقة في عام (1948م) سلموها إلى اليهود. وانتهت هذه الفترة من عام (1948م) والتي سميت بنكبة عام (1948م) باحتلال اليهود لمعظم أراضي فلسطين وتهجير مواطنيها باستثناء غزة والضفة الغربية ومدينة القدس الشرقية.
في غضون ذلك كان البيت الأبيض قد استدعى ممثل الوكالة اليهودية في واشنطن "إلياهو ايشتاين"، وتم إبلاغه بأن الولايات المتحدة قررت أن تعترف اعترافاً واقعياً باستقلال إسرائيل شرط أن تتلقى واشنطن طلباً بهذا الاعتراف. وفي الساعة السادسة تماماً حسب توقيت واشنطن أعلن نبأ نهاية الانتداب على فلسطين، وفي الساعة السادسة ودقيقة واحدة أُعلن قيام دولة إسرائيل. وفي الساعة السادسة وأحدى عشرة دقيقة اعترفت الولايات المتحدة الأمريكية بدولة إسرائيل.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:26
نكبة عام 1948م
بعد انتهاء نكبة (1948م) والإعلان عن قيام إسرائيل في (15آيار/مايو 1948م) والتي على أثرها وقعت معظم المناطق الفلسطينية تحت السيطرة الإسرائيلية باستثناء بعض المناطق التي بقيت محتفظة بهويتها الفلسطينية إذ أطلق عليها مصطلح "الضفة الغربية" و"قطاع غزة" و"القدس الشرقية - منطقة الأماكن المقدسة"، كما تسببت هذه الحروب بطرد نحو مليون فلسطيني ليعيشوا لاجئين في البلدان العربية المجاورة، كما كان لهذه الحروب أثارها الاجتماعية على المجتمع الفلسطيني حيث أدت إلى تمزيقه وتقطيع أوصاله.
في (30 أيلول/ سبتمبر 1948م) تأسست حكومة عموم فلسطين بمبادرة من الهيئة العربية العليا برئاسة أحمد حلمي باشا والتي لم يكن لها تأثير يذكر.
وفي الأول من تشرين الأول/ أكتوبر (1948م) عقد في الأردن "مؤتمر عمان الأول " وتم فيه إصدار قرارات تمنح الملك عبد الله حق تمثيل الشعب الفلسطيني والتحدث باسمه وتبعه "مؤتمر أريحا " الذي انعقد في الأول من كانون الأول/ ديسمبر (1948م) والذي مهد الطريق أمامه ضم الضفة الغربية إلى الأردن.
وفي غضون تلك الفترة ظلت الحياة السياسية راكدة معطلة إلى أن وقع الاحتلال الإسرائيلي الأول لقطاع غزة عام (1956م) وأدى إلى انبعاث المقاومة من جديد والتي كان قد سبقها عمليات فدائية بقيادة ضباط مصريين، ولعل أهم النشاطات الفلسطينية التي اكتنفت تلك الفترة هي بروز بعض المؤسسات والتنظيمات والحركات السياسية التي تنادي باسترجاع الأراضي الفلسطينية ومقاومة الاحتلال الصهيوني ما بين تلك الفترة منذ عام (1956م) وحتى قيام منظمة التحرير الفلسطينية، ومن هذه المؤسسات:
- الاتحاد العام لطلبة فلسطين عام (1959م).
- حركة الأرض عام (1948م).
- الاتحاد القومي العربي عام (1958م).
كما كانت في تلك الفترة بعض الحركات والأحزاب العربية التي كان لها امتداد في الأراضي الفلسطينية وعملت على دعم ومساندة الفلسطينيين في قضيتهم ومنها حزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب.
يتبع
New man عضو خيالي
عدد الرسائل : 2377بلد الإقامة : Egyptالعمل : الحالة : نقاط : 10832ترشيحات : 13الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: [شرح] فلسطين عبر التاريخ 8/12/2017, 09:27
تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية
بعد كل الظروف التي أحاطت بالقضية الفلسطينية عبر الحقب التاريخية المختلفة، وفي ظل الضعف العربي وإخفاقه في دحر الخطر الصهيوني عن فلسطين والأراضي العربية، كانت هناك نداءات تطالب الفلسطينيين بتحمل مسؤولياتهم إزاء هذا الخطر الداهم، وبات الفلسطينيون بحاجة إلى مؤسسة تمثلهم وتدير شئونهم في مواجهة هذا الإعصار الخبيث الذي يهدد باجتثاثهم.
وبناء على قرار صدر عن مؤتمر القمة العربي المنعقد في القاهرة بدعوة من الرئيس جمال عبد الناصر ما بين (13-16 كانون ثاني/ يناير 1964م) والقاضي بضرورة إنشاء كيان فلسطيني، بادر أحمد الشقيري، وكان من الشخصيات الوطنية البارزة، إلى بلورة أفكار تتصل بإقامة كيان فلسطيني من خلال الدعوة إلى عقد اجتماعات تمهيدية في الأقطار التي تضم تجمعات فلسطينية لاختيار ممثليهم إلى المجلس الوطني الفلسطيني الأول الذي عقد في القدس في الثامن والعشرين من أيار/ مايو (1964م) وإقامة منظمة التحرير الفلسطينية.
وفي (28 أيار/ مايو 1964م) انعقد المؤتمر الوطني الفلسطيني الأول في القدس برعاية الملك حسين ومشاركة كل الدول العربية على مستوى وزراء خارجية باستثناء المملكة العربية السعودية، وقد أقر المؤتمر "الميثاق الوطني الفلسطيني" والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وفي ختام أعماله أعلن احمد الشقيري يوم 2 حزيران/ يونيو 1964م ولادة منظمة التحرير الفلسطينية (ممثلة للشعب الفلسطيني وقائدة لكفاحه من أجل تحرير وطنه).
وعملت منظمة التحرير الفلسطينية على إنشاء بعض المؤسسات التابعة لها مثل جيش التحرير الفلسطيني، والإذاعة، ومركز الأبحاث، ومكاتب في معظم بلدان العالم، والاتحادات الشعبية الفلسطينية، والمجلس الوطني الفلسطيني.
كذا تأسست منظمة التحرير الفلسطينية بحس وطني يقوم على فكرة التحرير والمقاومة الوطنية تحت عملية متكاملة تشمل جميع وسائل النضال ونهوض في الجانبين العسكري والمدني، وانطلقت المنظمة نحو تحقيق أهدافها عبر كل الوسائل والدعم المتاحين.
منظمة التحرير الفلسطينية منذ عام (1967م):
حدثت تطورات مهمة على الساحة الفلسطينية خلال الفترة الواقعة بين الدورتين الثالثة والرابعة للمجلس الوطني الفلسطيني، ففي هذه الفترة تم إقصاء الشقيري عن رئاسة المنظمة في نهاية العام (1967م) ليتولى يحيى حمودة رئاسة المنظمة بالوكالة، ومن ثم بدأت المنظمة بتكثيف اتصالاتها مع المنظمات الفدائية بهدف دمجها تحت رايتها.