إسرائيل تحظر صناعة الخيارات الثنائية،
منهية بذلك أخيرا 10 سنوات من عمليات الاحتيال الضخمة
بعد 19 شهرا من كشف تايمز أوف إسرائيل عن صناعة الاحتيال العالمية والتي حققت أرباحا بمليارات الدولارات، الكنيست تمنح أصحاب الشركات ثلاثة أشهر لإغلاق شركاتهم أو مواجهة عقوبات بالسجن
صورة توضيحية لمنصة خيارات ثنائية، من دعاية في موقع يوتيوب (YouTube screenshot)
مررت الكنيست يوم الإثنين بالإجماع قانونا يحظر صناعة الخيارات الثنائية في إسرائيل، وهو قطاع احتيالي ضخم بمليارات الدولارات نجح في الاحتيال على ملايين الضحايا من حول العالم لعقد من الزمن. وجاء القانون، الذي سيدخل حيز التنفيذ بعد ثلاثة أشهر من اليوم، كنتيجة مباشرة للتحقيق الإستقصائي الذي أجراه تايمز أوف إسرائيل حول هذا القطاع الاحتيالي، والذي بدأه في مقال نشره في مارس 2016 تحت عنوات “ذئاب تل أبيب: الكشف عن حيلة التداول في الخيارات الثنائية غير الأخلاقية المنتشرة في إسرائيل”. ومنح القانون جميع شركات الخيارات الثنائية مدة ثلاثة أشهر لوقف نشاطها. بعد هذه الفترة، سيواجه كل من يتورط في الخيارات الثنائية عقوبة بالسجن تصل إلى مدة عامين. وصوّت 51 عضو كنيست لصالح القانون ولم يصوّت أي نائب ضده.
نواب في الكنيست يصوتون لحظر شركات الخيارات الثنائية، 23 أكتوبر، 2017. القانون مر بغالبية 53 مقابل 0.
شركات الخيارات الثنائية، التي أغلق بعضها في الأشهر الأخيرة في الوقت الذي شق التشريع طريقه عبر الكنيست، هي قطاع يتخذ من إسرائيل مقرا له ازدهر من دون تدخل تقريبا من قبل سلطات إنفاذ القانون منذ عام 2007. وقد تم اعتقال أقل من 20 إسرائيليا لتورطهم في الخيارات الثنائية، ولم يتم توجيه تهم ضد أي منهم. في شهر سبتمبر، اعتقل مكتب التحقيقات الفدرالي (الاف بي آي) لي إلباز، وهي رئيسة تنفيذية لشركة خيارات ثنائية، عند نزولها من الطائرة في مطار “جون كينيدي”، وهو ما يؤكد على الجهود المتزايدة التي تبذلها سلطات إنفاذ القانون في العالم لمحاربة هذه الجريمة.
في عرضها للقانون قالت عضو الكنيست راحيل عزاريا (كولانو) “نحن قلقون من حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات. لهذه الصناعة تأثير هائل على الطريقة التي ينظر فيها العالم إلى إسرائيل. يشارك مسؤولنا الحكوميين في مؤتمرات دولية وزملائهم في الخارج يتعجبون بسبب هذه الصناعة”.
وبدأ القانون لحظر الصناعة يتخذ شكله بعد أن تعهد رئيس هيئة الأوراق المالية الإسرائيلية شموئيل هاوزر، بعد أن لفت تايمز أوف إسرائيل نظره إلى حجم هذه الصناعة الاحتيالية، في شهر أغسطس 2016 باتخاذ الخطوات اللازمة لإحباط المحتالين. في الشهر نفسه، حض رئيس الوكالة اليهودية، ناتان شارانسكي، الحكومة على إغلاق الصناعة “البغيضة وغير الأخلاقية”. في الخريف الماضي دعا مكتب رئيس الوزراء إلى حظر الصناعة في جميع أنحاء العالم.
في رد على تقارير تايمز أوف إسرائيل، عقدت لجنة رقابة الدولة في الكنيست، برئاسة النائبة كارين إلهرار (يش عتيد)، سلسلة من الجلسات في وقت سابق من هذا العام لمناقشة سبل لمحاربة هذه الصناعة. بعد صياغة مشروع القانون بمبادرة هاوزر وحصوله على المصادقة الوزارية الأولية، قامت لجنة الإصلاح في الكنيست، برئاسة عزاريا، بطرحه للمصادقة النهائية عليه الإثنين، وسط معارضة شديدة من لاعبين مركزيين في الصناعة وجماعات ضغط.
شركات الخيارات الثنائية الاحتيالية تتصدر الموقع الإلكتروني لمكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) في 15 مارس، 2017.
في خطاب مذهل خلال جلسة للجنة الإصلاح في شهر أغسطس، قال مفتش الشرطة غابي بيتون إن عصابات جريمة إسرائيلية تقف وراء شركات الخيارات الثنائية، وبأن الجريمة المنظمة في البلاد حققت أرباحا كبيرا وعززت من قدراتها نتيجة فشل سلطات إنفاذ القانون لعدة سنوات في إدراك مدى حجم المشكلة. وقال بيتون “لقد فُتحت أعيننا. ما نراه هنا هو مشروع جريمة منظمة ضخم. يدور الحديث هنا عن مجرمين على مستويات مختلفة من الجريمة المنظمة، وصولا إلى أعلى الهرم”.
وتعهد: “سنستخدم كل الوسائل المتاحة لاقتلاع هذه الظاهرة”.
مفتش الشرطة غابي بيتون في جلسة للجنة الإصلاحات في الكنيست مخصصة لمناقشة قضية شركات الخيارات الثنائية في إسرائيل، 2 أغسطس
وقام تايمز أوف إسرائيل بترتيب ظهور ضحايا هذه الصناعة الاحتيالية للإدلاء بشهاداتهم أمام اللجنة، من ضمنهم عائلة فريد توربيد – وهو رجل كندي ووالد لأربعة أبناء أقدم على الانتحار في شهر ديسمبر بعد أن قامت شركة خيارات ثنائية تتخذ من إسرائيل مقرا لها بنهب كل مدخرات حياته.
في ذروتها، حققت الخيارات الثنائية بحسب تقديرات أرباحا تتراوح بين 5-10 مليار دولار. وعملت مئات الشركات من إسرائيل وعمل فيها آلاف الإسرائيليين الذين احتالوا على زبائن من جميع أنحاء العالم.
شركات الإحتيال هذه تزعم بأنها توجه زبائنها للقيام بإستثمارات مربحة على المدى القصير، لكنها في الواقع، ومن خلال منصات تداول مزيفة ورفض الدفع وغيرها من الحيل، تقوم هذه الشركات بتجريد الغالبية الساحقة من عملائها من معظم أو كل أموالهم. ويخفي عادة مندوبو المبيعات في هذه الشركات موقع عملهم ويقومون بتحريف الحقائق حول المنتج الذي يبيعونه ويستخدمون هويات مزيفة.
القانون الذي تم تمريره يوم الإثنين كان نسخة مخففة عن مشروع القانون الذي تم طرحه في وقت سابق من العام. بموجب مشروع القانون الأصلي فإن الحظر لم يشمل فقط صناعة الخيارات الثنائية، ولكن أيضا شركات الفوركس وال- CFD (العقود مقابل الفروقات) التي تعمل من إسرائيل من دون ترخيص. وتم تخفيف صيغة مشروع القانون بعد ذلك لينطبق فقط على الخيارات الثنائية. منتقدو الخطوة رأوا أنها تخلق ثغرة وبأنه مع دخول القانون الجديد حيز التنفيذ سيكون بإمكان شركات الخيارات الثنائية تعديل المنتج الذي تعرضه ومواصلة نشاطها.
بعض أصحاب شركات الخيارات الثنائية بدأوا التركيز على فرص لتحقيق ربح في مجال مبيعات الماس والعملة المعماة وعروض العملة الأولية وقروض تجارية افتراسية. آخرون نقلوا أنشطتهم إلى خارج البلاد – بما في ذلك أوكرانيا وقبرص.
ar.timesofisrael