الاستراتيجية (تعريفها - وظائفها - أنواعها - أسس بنائها)
تطور مفهوم الاستراتيجية وتعريفها
الاستراتيجية هي كلمة استخدمت أصلا في الحياة العسكرية وتطورت دلالاتها حتى أصبحت تعني فن القيادة العسكرية في مواجهة الظروف الصعبة وحساب الاحتمالات المختلفة فيها واختيار الوسائل الرئيسة المناسبة لها.
والتكتيك عبارة عن مجموعة من الخطط قصيرة الأجل المتتابعة التي تعتبر استراتيجية عند تجميعها معا وفن تطبيق الاستراتيجيات هو التكنيك الذي يعد بمثابة الطريقة المثلي للتنفيذ.
فالاستراتيجية هي "مجموعة الأفكار والمبادئ التي تتناول ميدانا من ميادين النشاط الإنساني بصورة شاملة متكاملة ، وتكون ذات دلالة على وسائل العمل ومتطلباته واتجاهات مساراته بقصد إحداث تغييرات فيه وصولا إلي أهداف محدده. كما أنها أفعال أو مجموعة من الأفعال التي تهدف إلي تحقيق الأهداف المرسومة. وحيث إن الاستراتيجية معنية بالمستقبل فإنها تأخذ بعين الإعتبار احتمالات متعددة لإحداثه وتكون قابلة للتعديل وفقا للمستجدات. كما تحتل الاستراتيجية موقعا وسطا بين السياسة والخطة وتستخدم الاستراتيجية في الدراسات المعنية بأساليب التخطيط والتدبير والتنظيم.
وترجع جذور كلمة الاستراتيجية إلى كلمة (Strategos) باللغة اليونانية والتي تعنى "كيفية قيادة الجنرال للحرب".وقد تطور هذا المفهوم عبر عصور التاريخ مع نمو المجتمعات البشرية وتعقدها وانطلاقا من الجذور العسكرية لمفهوم الاستراتيجية تُعرف الاستراتيجية بأنها " علم تخطيط وتوجيه العمليات الحربية" ، كما تعرف بأنها " علم وفن الحرب الذي يهدف إلى مواجهة العدو تحت ظروف تفوق قدرته وفقا لموقف وقوة كل طرف" وتُعرف أيضا بأنها خطة محكمة أو أسلوب لإنجاز نهاية معينة . وقد ظل مفهوم الاستراتيجية ينتقل بصورة مباشرة بين الذين يقومون بوضع السياسة والتأهب للحرب وإدارتها بصورة مباشرة وذلك حتى نهاية العصور الوسطى. وفى منتصف القرن الثامن عشر تم تنظيم بعض الأسس الاستراتيجية والتي كان يعبر عنها فى ذلك الوقت بأنها أسلوب يتضمن كل الأفكار العامة عن الحرب. وفى نهاية القرن الثامن عشر كان مصطلح الاستراتيجية يعنى العمليات التى يلجأ إليها القادة لخداع العدو, ثم تغيرت بعد ذلك نظرة القادة للحرب وتم اعتبار الاستراتيجية " فن إدارة المعارك لكسب الحرب وتدمير العدو وفق الخطة الكاملة للحرب والتى ترسم المسارات المختلفة للحملات وتنظيم المعارك".
وظائف الاستراتيجية
1- تشخيص الوضع الراهن وتحديد عناصره وعوامله الإيجابية والسلبية والعلاقات المباشرة وغير المباشرة بين هذه العوامل إيجابا وسلبا.
2- تحديد القوى والوسائل المتاحة واختيار الأكثر ملاءمة من بينها.
3- تعبئة وحشد القوى والموارد اللازمة.
4- استغلال العوامل الإيجابية وإتاحة الظروف المناسبة لنموها.
5- تحديد العوامل السلبية ووضع الخطط والظروف الملائمة لحصرها.
6- توفير الشروط والظروف والتنظيمات المناسبة.
7- تنسيق استخدام العوامل والوسائل والظروف والقوى ووضعها فى منظومة واحدة مترابطة تحقق التكامل والتفاعل.
8- مراعاة المواءمة مع المواقف المتغيرة والمرونة وفق الظروف المتجددة والقدرة على الحركة الواسعة بسرعة كافية.
أنواع الاستراتيجيات
تتعدد أنماط الاستراتيجيات ويتفق كل منها مع أهمية الهدف الذي توضع من أجلة ومدى توافر الإمكانات التى يمكن استخدامها من أجل تحقيق الهدف الاستراتيجي ويمكن تحديد أنواع الاستراتيجيات فيما يلي:
1- الاستراتيجية العقلانية:
تستند هذه الاستراتيجية إلى الدراسة العلمية كما تفترض استعداد الناس المقصودين بها للاقتناع بمتطلباتها نظرا لموضوعيتها واستنادها إلى أصول التفكير العلمي المنطقي السليم. وهذه الاستراتيجية تعتمد على البحث العلمي وعلى تولى الكفاءات العلمية لوضعها، وللنهوض بمتطلباتها وقيادة حركة التغيير المنشوده منها، كما تعتمد على الأساليب الحديثة فى الإدارة والتنظيم.
2- الاستراتيجية التوجيهية:
يعتمد هذا النوع من الاستراتيجية على جذب اهتمام الناس المعنيين بها، واستثارة بواعثهم وكسب ثقتهم وشحذ إرادتهم وتعديل مواقفهم واتجاهاتهم وعواطفهم تعديلا يدفعهم إلى القيام بالأعمال المطلوبة منهم طواعية واختياراً بينما لا تنكر ما لدى الإنسان من ذكاء وعقلانية. وهى تعنى بالدعوة والإقناع وكسب الثقة وتنمية الروح المعنوية ويترتب على ذلك تمكينهم من المشاركة فى اتخاذ قرارات بشأنها وإشراكهم فى عملية وضع هذه القرارات والاعتماد على تعاونهم فى تطويرها كما تراعى هذه الاستراتيجية خصائص الثقافات والقيم الاجتماعية السائدة بين الناس فى مجالاتها.
3- الاستراتيجية السياسية الإدارية:
تعتمد على القوة النابعة من السلطة السياسية أو الإدارية وتفترض فى الناس المعنيين بها المطاوعة لمطالب السلطة واتجاهاتها ومتابعتهم للخطط والتوجيهات الصادرة عنها كما تعتمد أيضاً على التشريعات الحكومية وما يترتب عليها من توجيهات وتعليمات.
ويرى الكاتب أنه قد يكون لكل نوع من الاستراتيجيات مواضع ملائمة لكل تطبيق دون غيره ومن الأفضل أن تكون الاستراتيجية المعتمدة للتنفيذ يتكامل فيها الأنواع الثلاث من الاستراتيجيات والاستفادة من مزاياها وتجميعها فى الاستراتيجية المتبعة فى الهدف المراد تحقيقه وذلك على أساس علمى يمكن الرجوع إليه عند تنفيذ الاستراتيجية. حسب الغرض الموضوعة من أجله الاستراتيجية وبما يخدم تحقيق الهدف المنشود.
أسس بناء الاستراتيجية
على الرغم من التأكيد على أن وضع أسس ثابتة للاستراتيجية يتناقض مع التغيرات الدائمة للطرق التكتيكية التى تتسم بسرعة التغير لمسايرة التطورات الحادثة سواء الداخلية منها أو الخارجية لكن يمكن القول أن القواعد والأسس تمثل الخطوط الأساسية التى يمكن إنتاجها فى بناء الاستراتيجية التربوية ومن بين هذه القواعد والأسس ما يلى:
1- ﺇن نقطة البدء فى بناء الاستراتيجية هى تحديد الأهداف بطريقة واضحة ومقارنتها بالوسائل والإمكانات مع ملاحظة ضرورة الملائمة بين الأهداف وطرق تحقيقها.
2- مراعاة أن تتسم الاستراتيجية بالمرونة مع القدرة على مواجهة ما ينشأ من تغيرات بعضها محتمل والبعض الأخر يرتبط بعامل التغير مع ملاحظة أن هناك عوامل طارئة يمكن أن تحدث لذا يراعى أن تكون الاستراتيجية دينامية ومرنة.
3- إن الاستراتيجية بناء عقلى تنظيمى يعمل على تحقيق الأهداف التى تضعها السياسة كما أنها تالية لها فى التنظيم لكنها ليست منفصلة عنها.
4- إن الاستراتيجية بجميع مستوياتها تسبق التخطيط ومن ثم فإنها لا تهتم بالتفصيلات الواجبة فى مجال التخطيط.
5- مراعاة أن تتسم الاستراتيجية بالشمول والتكامل فى علاقاتها بواقع إعداد المعلم بكليات التربية وغيرها من الاستراتيجيات التربوية.
وينبغي أن يُراعى الاستمرارية الاستراتيجية مع اعتماد كل مرحلة على المرحلة التى تسبقها وعلى أن يكون المدى الزمنى مناسبا حتى يمكن التنبؤ بالتغيرات المتوقعة الحدوث.
وتأتي تعقيدات القرار الاستراتيجي من المفاضلة بين العناصر والأهداف فى إطار البدائل المتاحة ، كما يراعى تنظيم المنظومة الاستراتيجية فى إطار نسق واحد وتحريكه بما يحقق هذه الأهداف بحيث يتم ذلك فى أقل وقت ممكن وبأعلى كفاءة ممكنة دون أن يخل ذلك بالميزانية والتمويل المحدد لذلك .
كما أن الاعتماد على الأسس والقواعد الملائمة لبناء الاستراتيجية عند المفاضلة والاختيار بين البدائل المختلفة يزيد من فاعلية وكفاءة وضع الاستراتيجية المناسبة لتحقيق الهدف منها وتحقيق أعلى جودة ممكنة بما يتماشى مع معايير الجودة العالمية لتقويم المخرجات وتحسين الأداء ومن ثم فإن هناك ضرورة ملحة للارتقاء وبصورة مستمرة ووفق استراتيجية محددة وذلك من خلال تكتيكات متلائمة مع نموذج الاستراتيجية المقترح للوصول إلى الهدف المنشود .
د. محمد نصحى ابراهيم