المؤشرات الدالة على صعوبات التعلم في مرحلة الطفولة المبكرة (ما قبل المدرسة)يُعدُّ التعليم هو الأساس لبناء الفرد وتكوين شخصيته وتنمية قُدراته، وبه تنهض الأمم وتتطور الشعوب، وتبنى الدول التي تهدُف للتقدم.
فلو نظرنا للدول المتقدمة كاليابان ـ مثلاً – نجد أن المدارس هي التي ساعدتها على التحول والنهوض من دولة إقطاعية إلى حديثة، ومن دولة تتلقى المساعدات بعد الحرب العالمية الثانية إلى دولة كبرى اقتصادية تُقدم المساعدات لمختلف الدول النامية؛ ولديها تجربة فريدة في تعليم رياض الأطفال، أولتها عناية فائقة لأنها من أهم المراحل التي يمر بها الفرد في حياته التعلُّمية.
تهدف رياض الأطفال إلى التنمية الشاملة والمتكاملة لاكتساب الطفل جميع احتياجاته في جميع المجالات العقلية والجسمية والحركية والانفعالية والاجتماعية. ففيها تنمية لمهاراته اللغوية والعددية والفنية من خلال الأنشطة والتعلم باللعب وتنمية قُدرات التفكير والتخيل والابتكار واستكشاف قُدراته الفريدة وميوله المحببة التي تُمكنه من تكوين شخصية سليمة وسلوكات متحضرة.
إن الطفل في هذه المرحلة يُعدُّ أرضاً خصبة لكل ما يكتسب من معلومات وخبرات، فلقد أكد العالم النفسي بلوم أن 50% من النمو العقلي للطفل يتم ما بين الميلاد والعام الرابع من عمره، و30% ما بين العامين الرابع والثامن، ففي مرحلة رياض الأطفال ينمو عقل الطفل بمعدلات سريعة جداً وتتطور مهارات الذكاء العام تطوراً بالغاً، إضافة لثبات واستقرار مهارات الإدراك والذاكرة والتعلم وحل المشكلات. فيبدأ الطفل بتكوين كم هائل من المفاهيم المعرفية المختلفة.
ونظراً للأهمية القصوى لهذه المرحلة يتوجب علينا تعريض الطفل لأكبر قدر ممكن من المعلومات والمفاهيم المختلفة بطرق سهلة وممتعة، وأي خلل واضطراب في هذه المرحلة الهامة والحساسة قد يُعيق تطور وتقدم الطفل، مما قد يصعُب علينا إصلاحه مستقبلاً، ويؤثر سلباً على نموه المعرفي.
وقد يتعرض بعض الأطفال في هذه المرحلة لبعض المشكلات التي تُعيق تقدمهم واكتسابهم لبعض المهارات والكفايات الأكاديمية في هذه المرحلة الحساسة، ومنها مشكلة صعوبات التعلم؛ فيعاني 20% من مجموع أطفال العالم من أحد أشكال صعوبات التعلم، و10% منهم يعاني بما يُعرف بالديسيلكسيا (Dyslexia) وتعني صعوبات القراءة، مما يؤدي لهدر طاقاتهم وإمكاناتهم، وينعكس ذلك سلباً على مستقبلهم العلمي وصحتهم النفسية.
ويلاحظ على الأطفال المُعرَّضين لصعوبات التعلم قصور واضح في العمليات العقلية المعرفية، ومن الأهمية القصوى إدراك ذلك القصور مبكراً، فكلما تم التشخيص و تقديم البرامج المناسبة والخطة العلاجية للتدخل المبكر لهؤلاء الأطفال ساعد ذلك في عدم تفاقم المشكلات لديهم وزيادتها في المستقبل.، مما يُسهم بدرجة كبيرة في فرص نجاحهم ومساعدتهم في مواكبة أقرانهم، وذلك من خلال العمل على تنمية جوانب القصور لديهم ومساعدتهم في الاستفادة من مواهبهم وقدراتهم، وبذلك يرتفع تقديرهم لذواتهم، وتقدير من حولهم لهم.
إن فهم مشكلاتهم وطبيعة الصعوبات التي تواجههم هي أولى الخطوات التي ستخفف عليهم وعلى أسرهم الكثير من المعاناة النفسية والاجتماعية والأكاديمية. وذلك بغية بلوغهم أقصى مستوى لنجاحهم بحسب قُدراتهم وإمكاناتهم، فلقد أظهرت العديد من الدراسات أن التبكير في الكشف عن التلاميذ ذوي صعوبات التعلم يُقلل من فرصة التعرض لمشكلات أكاديمية، ويساعد على تحسين فرص التعلُم لهم.
ومن المهم – في هذا المقال – أن أُشير إلى أبرز المؤشرات التي قد تدل على إمكانية تعرُض الطفل لاحقاً لصعوبات التعلم؛ ليتمكن من هم حول هذا الطفل من التنبّه لهذه المؤشرات وتقديم المساعدة الملائمة، وقد تظهر كل أو بعض المؤشرات على الطفل وذلك بحسب شدة الصعوبة لديه، فصعوبات التعلم تظهر على أشكال عديدة وغير متجانسة من السلوكات والمهارات التي تبدر من الطفل، فمنها ما يتعلّق باللغة، ومنها ما يظهر كصعوبة في القدرات الحركية والتآزر الحسي، والبعض الآخر من هؤلاء الأطفال يواجهون صعوبات تتعلق بالسلوك، أو التعبير عن المشاعر، أو في أدائهم الاجتماعي العام. ويجب أن نتنبّه الى أن السلوكات التي – سأوردها لاحقاً -، قد تبدر واحدة أو اثنتان منها في الطفل العادي أثناء نموه، ولذلك لا بد من التأكد أولاً من تكرار واستمرار هذه المؤشرات السلوكية، مع توفر القدرات العقلية اللازمة للتعلّم، وسلامة قنوات الإحساس، وإتاحة فرص تعليمية وبيئية ملائمة.
ومن أبرز هذه المؤشرات السلوكية، ما يلي:
مشكلات اللغة:
بطء في نطق الكلمات والجمل.
مشكلات في لفظ المفردات.
صعوبة في تعلم كلمات جديدة.
صعوبة في اتباع التعليمات والتوجيهات البسيطة.
صعوبة في فهم السؤال الموجه إليه.
صعوبة في التعبير عن احتياجاته.
صعوبة في تطابق وتناغم الكلمات.
عدم الاهتمام بسرد القصص.
مشكلات المهارات الحركية:
صعوبة التآزر الحركي البصري.
صعوبة في التوازن مثل الفشل في المشي على خشبة التوازن.
صعوبة في التعامل مع بعض المواقف والموضوعات البسيطة.
صعوبة في الجري أو القفز أو التسلق بسهولة.
مشكلات في تعلم (ربط الحذاء، تزرير القميص) أو أداء أنشطة تعتمد على الحركات الدقيقة.
البعض منهم يتجنب الأمور التي بها دقة كالرسم والقص، والبعض يبدع فيه.
صعوبة تتبع الحروف بالقراءة.
مشكلات الذاكرة:
مشكلة في تذكر الحروف الأبجدية وأيام الأسبوع.
ضعف الذاكرة والتذكر للإجراءات الروتينية اليومية.
صعوبة في معرفة السبب والنتيجة والتتابع والتسلسل والعد.
صعوبة في اكتساب المفاهيم الأساسية مثل الحجم، الشكل، اللون.
ضعف التهجئة.
مشكلات الانتباه:
ارتفاع درجة تشتت الانتباه لديه وعدم التركيز على المثير المطلوب.
الاندفاعية بدون تفكير.
تململ غير عادي أثناء أداء نشاط ما.
صعوبة في البقاء في مهمة وإكمالها.
إعادة الأفكار وصعوبة الانتقال لأفكار جديدة.
المشكلات الاجتماعية:
قد يكون لديه مشكلة في التفاعل مع الآخرين، واللعب منفرداً.
التعرض للتغيرات المزاجية المفاجئة.
سهولة الشعور بالإحباط.
صعوبة إدارته لذاته وقد تأتيه نوبات غضب.
المراجع:
أبو نيان، سعد. (2015). صعوبات التعلم طرق التدريس والاستراتيجيات المعرفية. الرياض: دار الناشر الدولي.
المحرج، خالد. (2012). المختصرالمفيد في علم النفس التربوي: الرياض.
العدل، عادل. (2015). قضايا معاصرة في علم النفس وصعوبات التعلم. الزقازيق: دار الكتاب الحديث.
بطرس، حافظ. (2009). تدريس الأطفال ذوي صعوبات التعلم. عمان: دار المسيرة.
حبيب، فائقة. (2010). الصغار عقول كبيرة يستهين بها الأهل. الخليج: متاح من: http://www.alkhaleej.ae/mob/detailed/8c37a268-3d08-4f8d-9faa-5247089ac47b/68591739-2894-4775-a079-72f1e058724c
الحاذق.علا. ( 2016). التجربة اليابانية في التعليم. أخبار مصر. متاح من:
التجربة – اليابانية- في- التعليم/833510/http:www.egynews.net
أهمية مرحلة رياض الأطفال. متاح من kenanaonline.com/users/elhoryakids/posts/353823
Berget، S. (n.d). THE WARNING SIGNS of LEARNING DISABILITIES. (Online). Retrieved from:
المصدر
almanalmagazine
بقلم: منيرة سليمان بن عبد العزيز الهديب