عبدالرحمن الداخل ...المعروف بصقر قريش
شخصيتنا في هذه الحكاية شخصية سياسية عسكرية عالية الهمة، إنها شخصية عبدالرحمن الداخل والمعروف بصقر قريش. تمثلث في هذه الشخصية جميع عناصر استراتيجية النجاح الثلاثة ولذلك خلد التاريخ اسمه. بعد سقوط دولة الأمويين في الشام سنة 132 هـ، وقتل أكثر رجالها هرب عبدالرحمن الداخل من مصر إلى برقة وأقام بها خمس سنين. ثم رحل إلى مليلة بالمغرب سنة 137 هـ وكان يطمح إلى الاستيلاء على ملك أفريقية ولكنه رأى ذلك بعيد المنال فوجه همه إلى الأندلس. في مثل ظروف عبدالرحمن تلك يقنع الكثير من الناس بسلامة الرأس، ولكن عبدالرحمن كان يطمح بالملك فقد كان له هدفا محددا. وقد عمل كل مايستطيع للوصول إلى هدفه واستمر في مراقبة الوضع وجمع المعلومات والتنقل من مكان إلى آخر حتى وصل إلى الأندلس واستغل الصراع القائم بين اليمنية والمضرية ودعا لنفسه حتى تكون لديه جيش عظيم قاتل به متولي الأندلس يومئذ حتى دانت له بجميع مدنها واستقر له الملك. ولم يقنع بذلك بل استمر في توطيد أركان الدولة وتعزيز جيشها . إذن فقد كان دائب العمل لتحقيق هدفه مع إرهاف حسه لجمع المعلومات. وكان لدى صقر قريش رصيد هائل من الخبرة تكسبه المرونة بحيث يجرب وسيلة تلو وسيلة حتى يصل غلى هدفه. لقد كان هدفه الملك ولما رأى صعوبة ذلك في أفريقية لم يجد مانعا من التحول إلى الأندلس، وهكذا استعمل العديد من الوسائل لجمع الناس حوله من الدعوة لنفسه واللعب على الخلافات العرقية ثم القتال. كان الخليفة المنصور العباسي ( وهو من المعاصرين لصقر قريش ) يقول عنه : ( ذاك صقر قريش، دخل الغرب وقد قتل قومه، فلم يزل يضرب العدنانية بالقحطانية حتى ملك ). توفي سنة 172 هـ، وعاش ستين سنة منها 33 سنة ملكا على الأندلس.