أثناء الفتح الإسلامي لمصر حاصرت جيوش المسلمين الجنودَ الرّومانَ في منطقة مصرية تدعى بِلْبِيسَ، فخَشِيَ النساء على أنفسهِنَّ من المسلمين، وتصورْنَ أن المسلمين مثل المجرمين الرومان، الذين يغتصبون النساء وينتهكون الأعراض.
لكن أرمانوسة بنت المقوقس -عظيم القبط- طمأنتِ النِّساء، وقالت لإحدى وصيفاتها: أنتِ واهمة يا ماري، أنسيتِ أن أبي [المقوقس] قد أهدى إلى نَبِيِّهِم [صلى الله عليه وسلم] بنت أنصنا -السيدة مارية القبطية عليها السلام- فكانت عنده في مملكة، بعضها السماء، وبعضها القلب.
لقد أخبرني أبي أنَّه بعث بها؛ لتكشف له عن حقيقة هذا الدين، وحقيقة هذا النبيّ، وأنَّها أخبرته أن هؤلاء المسلمين هم العقل الجديد الذي سيضع في العالم تمييزه بين الحق والباطل، وأن نَبِيَّهَمُ أَطْهَرُ منَ السحابة في سمائها، وأنهم جميعًا يَنبعثون من حدود دينهم وفضائله، لا من حدود أنفسهم وشهواتهم، وإذا سَلُّوا السيف سَلُّوه بقانون، وإذا أغمدوه أغمدوه بقانون.
وقالت للنساء: لأنْ تخاف المرأة على عِفَّتِها من أبيها أقربُ من أن تخاف عليها من أصحاب هذا النبيِّ؛ فإنهم جميعًا في واجبات القلب وواجبات العقل، ويكاد الضمير الإسلاميّ في الرجل منهم يكون حاملاً سلاحًا يضرب صاحبه إذا هم بمخالفته.
وقالت أرمانوسة لوصيفتها أيضًا: لقد أخبرني أبي أن هذا الدين سيندفع بأخلاقه في العالم اندفاع العُصارَةِ الحَيَّة في الشجرة الخضراء، طبيعة تعمل في طبيعة، فليس يمضي وقت غير بعيد حتى تخضر الدنيا وترمي ظلالها.
وقد صدقت فِراسَةُ أرمانوسة؛ فقد أرسل عمرو بن العاص أرمانوسة وجميعَ مالِها وخدمها معزَّزَةً مكرَّمة إلى أبيها المقوقس عظيم القبط، في حراسة جنود الإسلام، بقيادة قَيْسِ بن أبي العاص السَّهْمِيّ.
فهذه هي شهادة وتنبؤات السيدة المسيحية أرمانوسة بنت المقوقس عن الإسلام والمسلمين..
lite.islamstory.com