عندما تدق ساعة الصفر في الاستاد الاولمبي في مدينة روما ايذانا بانطلاق المباراة النهائية لدوري ابطال اوروبا بين فريقي مانشستر يونايتد الانجليزي حامل اللقب وبرشلونة الاسباني في 27 مايو الحالي, فان كثيرين سيعتبرون ان ثمة قواسم مشتركة كثيرة بين الفريقين هذا الموسم ادناها الظفر بالزعامة الاوروبية, وسقفها الاعلى الفوز بثلاث بطولات هذا الموسم.
لكن حين تتجه الانظار الى المنطقة التي يقف فيها عجوز وشاب, فان الشعور يتولد بسرعة ان هناك فارقا كبيرا بين السير اليكس فيرجسون مدرب مانشستر يونايتد صاحب ال67 عاما, وجوسيب جوارديولا مدرب برشلونة ابن ال38 عاما.
فحين تولى فيرجوسون مهمته التدريبية الاولى في فريق إيست ستريلنجشاير الاسكتلندي وكان يبلغ يومها 32 عاما، فان جوارديولا لم يكن تعدى الثالثة, وتكفي الاشارة الى ما تناولته صحيفة ميرور البريطانية قبل ايام عندما ذهبت للقول انه بينما كان البعض يتعلم الاحرف الاولى كان "فيرجي" يصعد لمنصات التتويج.
وتحول مدرب الشياطين الحمر الذي كان يتقاضي 40 جنيه أسترليني في الأسبوع ويعمل بدوام كامل مع إيست, الى اكثر المدربين احرازا للالقاب في تاريخ الكرة الانجليزية والبريطانية على حد سواء.
وعلى الرغم من ان "السير" يقترب من اكمال عامه الثالث والعشرين مع مانشستر, الا انه لا يزال يعيش الحماسة المفرطة للارتقاء الى مستوى التحدي واحراز الالقاب المحلية والخارجية التي جمع منها اكثر من 25 لقبا حتى الان، وهو يقف مرة اخرى متابعا لزملائه في المهنة يحزمون حقائبهم للخروج من ميادين المنافسة والبحث عن مغامرة جديدة مع ناد اخر، بينما يبدو مرتاحا الى وضعه وداعيا الاندية لاعطاء الفرصة لمدربيها بعدما ذاق بنفسه خيبة البداية ومعنى النهوض من الكبوات للسير على طريق المجد.
فبعد عجز استمر طوال اربعة مواسم ضاق خلالها جمهوراولدترافورد ذرعا بما يقدمه هذا الاسكتلندي, كان الفوز بكأس انجلتراعام 1990على حساب كريستال بالاس وبهدف للمدافع لي مارتن بمثابة سفينة الانقاذ التي ابحرت فيما بعد نحو لقب الدوري للمرة الاولى منذ 26 عاما لتنطلق رحلة السيطرة شبه المطلقة على الصعيد المحلي.
وصحيح ان فيرجوسون لم يكن يومها ذلك المدرب الذي يتمتع بفلسفة تكتيكية هائلة على غرار مواطنه مات باسبي الذي كان الافضل وصاحب الارقام القياسية في مانشستر قبل وصوله, الا انه نجح بفعل حسن ادارته لمشروعه الهادف للتركيز على قطاع الناشئين وايجاد شبكة واسعة من الكشافين لاقتناص افضل المواهب الواعدة، حتى انه لم يتردد في زيارة اولياء هؤلاء اللاعبين لاقناعهم بجدوى انضمام ابنائهم الى مانشستر.
وبموازاة ذلك، فإن الاسلوب الصارم الذي اتبعه للتخفيف من وهج نجومية لاعبيه، مضطلعا بدور المفاوض الاول عند اتمام العقود او تمديدها، دفع البعض للتخلي عن القميص الاحمر، ومنهم بول اينس وديفيد بيكام وجوردون ستراكان والترينيدادي دوايت يورك والهولنديان ياب ستام ورود فان نيستلروي, ومع ذلك بقي صامدا بوجه كل العواصف, موجها سهام كلامه القاسي الى الكثيرين من "أهل الدار" قبل الخصوم والذي كان آخرهم النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الممتعض من تغييره في مباراة مانشستر سيتي في الدوري المحلي قبل فترة.
ولم يعد السؤال في اولدترافورد عن الالقاب بقدر ما تحول لمعرفة التوقيت الذي سيعلن فيه فيرجوسون اعتزاله التدريب.
وكانت وسائل اعلام بريطانية ذكرت في العام الماضي ان اليكس فيرجوسون، الذي كان قد أعلن اعتزاله قبل 8 أعوام, لا يعتقد بأنه سيستمر في العمل بعد بلوغه سن السبعين.
ونقلت عنه قوله "يجب أن تفكر في الوقت من أجل نفسك. أعتقد أن زوجتي التي أقنعتني بالتراجع عن قرار الاعتزال في المرة الماضية لن تفعل ذلك الآن".
في المقابل، لا يمكن تجاهل ما فعله جوارديولا مع الفريق الكتالوني هذا الموسم بدءا بقيادته الى لقب كأس اسبانيا، ثم الى لقب الدوري المحلي، والى النهائي.
ويرى الخبراء ان برشلونة مع "بيب" يمثل نموذجاً مثالياً لفريق كرة القدم ، فهو صلب في الدفاع ورائع في منتصف الملعب وحاسم في الهجوم ما خوله تسجيل اكثر من 100 هدف في الدوري، الأمر الذي سمح له بسحق خصومه لعل ابرزهم الغريم التقليدي ريال مدريد والذي اسقطه بسداسية على ملعبه في سانتياجو برنابيو.
وكان قائد برشلونة السابق تولى تدريب الفريق في يوليوالماضي خلفاً للمدرب الهولندي المقال فرانك ريكارد، وهو ما اعتبره البعض مفاجئا لكونه لا يملك خبرة تدريبية على مستوى المسابقات الكبيرة.
ولعل النجاح الذي حققه جوارديولا دفع إذاعة "رامبلا" الكتالونية للقول إنه "لا يوجد في هذه الايام من يتحدث عن خوان لابورتا (رئيس النادي), لان نجاحات جوارديولا أنقذته من فقدان منصبه الرئاسي".
جوارديولا "ابن برشلونة" اقنع بالفعل المنتقدين والجماهير وهو يرى ان بامكانه قيادة الفريق للفوز بدوري ابطال اوروبا, رغم ان الفريق المقابل يقوده رجل خبير هو اليكس فيرجوسون.
ويبدو ان المدرب الساعي لتحقيق اللقب كمدرب بعدما ظفر به كلاعب عام 1992, يريد تكرار مافعله سلفه فرانك ريكارد والذي قاد برشلونة للبطولة عينها عام 2006 على حساب الارسنال الانجليزي الذي يقوده مدرب خبير ايضا هو الفرنسي ارسين فينجر.
يستند المدرب الشاب في كلامه الى ترسانة النجوم التي يملكها وفي مقدمتها الارجنتيني ليونيل ميسي هداف المسابقة برصيد 8 اهداف والكاميروني صامويل ايتو هداف الدوري الاسباني والفرنسي تييري هنري الذي تحوم الشكوك حول مشاركته، اضافة الى كوكبة اخرى من اللاعبين المدافع الصلب بويول وانيستا.
ترعرع جوسيب في النادي وسجل اسمه ضمن الجيل الذهبي الذي قاده الهولندي الطائر يوهان كرويف، وفاز مع "البرسا" بالعديد من الالقاب المحلية والخارجية قبل ان ينتقل الى ايطاليا للعب مع روما ثم بريشيا ثم انهى مسيرته مع الاهلي القطري.
بدأ مسيرته التدريبية في الموسم الماضي مع الفريق الثاني في برشلونة وقاده للصعود الى دوري الدرجة الثالثة.
ويبقى القول ان "امتحان روما" سيقدم مشهدا ربما يعتبره البعض متناقضا لكن النهاية السعيدة لاي من المدربين هي التي ستقول كلمة الفصل