ما بعد الضربة الأميركية على بشار
حمدان الشهري
يوم الجمعة الموافق للسابع من أبريل لعام 2017 يوم يمثل علامة فارقة في الموقف الأميركي من القضية السورية ونظامها. وخصوصاً بعد أن تم إطلاق 59 صاروخاً من طراز توماهوك على قاعدة الشعيرات كرد على استخدام بشار للأسلحة الكيماوية على مدينة خان شيخون.
على مدى 6 سنوات مضت كان الدور الأميركي فيما يخص القضية السورية دون مستوى بلد بحجم الولايات المتحدة الذي عرف لعقود بأنه شرطي العالم. هذه الضربة كانت على الأراضي السورية الا أن صداها سمع على مدى شاسع في العالم لتنبئ بأن الولايات المتحدة عادت من جديد لمكانتها في قيادة العالم. بالطبع قرأت روسيا وإيران حلفاء بشار هذه الرسالة بل ذهبت العديد من التحليلات ان هذه الرسالة وصل صداها الى الصين وكوريا الشمالية. لا شك ان الروس وإيران أدركوا انهم لم يعودوا بعد اليوم من يفرض الحلول او يوجه الضربات للمعارضة السورية فقط بل وان النظام السوري أصبح تحت الضربات أيضاً.
سارعت روسيا للدفاع عن حليفها أو بالأصح عميلها بشار وإنكار مسؤوليته عن الهجوم بالأسلحة الكيماوية وعقدت العديد من اللقاءات والاجتماعات بغية إنقاذ النظام كالسابق في 2013م عندما قايضت روسيا إدارة أوباما العاجزة عن تنفيذ ضربات للنظام وقتها بتسليم السلاح الكيماوي. الا ان هذه المحاولات البائسة لن تكون ذات جدوى فالإدارة الأميركية تغيرت وإن بعد 6 سنوات من القتل والقصف والتهجير والعربدة الروس إيرانية بجانب النظام الذين استخدموا وجربوا على الشعب المسكين أنواع الأسلحة التقليدي منها وغير التقليدي.
كل هذا القتل والدمار لم يفضِ لحل ولن تستطيع إيران وميلشياتها الإرهابية أو حتى روسيا ثني شعب بأكمله عن تحرير أرضه من المحتلين الذين اتى بهم هذا العميل والخائن والفاقد لشرعيته ولا أدل على ذلك من جرائمه التي ارتكبها ضدهم فلا يوجد رئيس يفعل ذلك بشعبه ويستجلب شياطين العالم لقتل شعبه ثم يستحق أن ينعت برئيس او بالحديث عن شرعيته.
اذاً إلى أين تذهب الأمور بعد هذه الضربة لا شك ان الولايات المتحدة مصرة على المضي في الضغط على روسيا لإبعاد بشار وتنحيته ولا يستبعد أن نرى مزيد من الضربات التي سترتفع حدتها في كل مرة والتي قد يشارك فيها أكثر من دولة في المرات القادمة لتزيد من حجم الضغط وتقول ان هناك أكثر من دولة تطلب رأس بشار. وسيزيد ذلك الضغط على روسيا الحامية لبشار خصوصاً عندما قالت لهم الولايات المتحدة على لسان وزير خارجيتها تيلرسون بأن على روسيا الاختيار بين الولايات المتحدة وبين بشار وهذه ستكون أكبر خسارة لروسيا على مدى التاريخ لو وضعت بيضها في سلة بشار.
على كل حال، نعلم ان لروسيا حساباتها فالنزاع السوري ليس منفصلاً عن ملفات أخرى مثل ملف أوكرانيا وجزيرة القرم. فلذلك تسوية القضية السورية سيكون لها تداخل كبير لا نظن أن تتخلى فيه روسيا في الواقع عن سورية أكثر منه تمسكاً ببشار الذي لا يمثل أكثر من بيدق شطرنج. روسيا اليوم تعود لطموحاتها التي تعود للإمبراطورية القيصرية الذي سبق عهدها السوفيتي ووصولها الى المياه الدافئة هذا من جهة ومن جهة أخرى فالدول العظمى عادة ما تصفي خلافاتها بعيداً عن أراضيها وتقوم بتوريط دول تحارب عنها بالوكالة ليكون ضحاياها من غيرهم. لا ننسى أن روسيا البوتينية ترى نفسها نداً للولايات المتحدة وتريد ان يكون هناك تعدد القطبية وإعادة معسكر الشرق والغرب والذي تستخدم اليوم فيه رؤيتها الجديدة كما تسميها الأوراسية لتواجه بها حلف شمال الأطلسي كما تقول.
اذاً ما بين ما تراه روسيا تلبية لطموحاتها وما يراه أبو إيفانكا الذي وصف بشار بالحيوان كذلك جرى الحديث عن ان أيام بشار أصبحت محدودة وأن حكمه منتهٍ وقد جاء ذلك على لسان أكثر من مسؤول أميركي وبريطاني. فما السيناريو المطروح هل هو أن ترضخ روسيا لذلك وتطلب من بشار الرحيل وهذا قد يكون بعيداً أو تقوم روسيا والدول الغربية بتقديم انتخابات تضمن فيه خسارة بشار أو تخادع روسيا لتضمن بقائه ولو بالتزوير، أم تبقى روسيا على عنادها وتصر على بشار الذي لن تسمح له دول العالم الحر بالحكم ثانية لتصر روسيا عندها على خطة "ب" قد تكون أعدت من قبل لفدرلة سورية او تقسيمها ليحكم بشار المناطق الساحلية العلوية التي شيدت فيها روسيا قواعدها ويبقى معزولاً. وقد يكون هناك سيناريو أخير وهو ترحيل بشار عندما يرفض الرحيل بوسائل يعرفها الروس أكثر من غيرهم. كل ما نعرفه الآن أن الفصول الأخيرة من القضية السورية قد ظهرت وأن الأزمة السورية اقتربت حلولها إما بطريقة أو بأخرى.
مصد المقال
alriyadh
السبت 18 رجب 1438هـ - 15 إبريل 2017م