رســــالة من الملك
لو كنت جالـــساً في بيتك ذات يوم ..ثم جاء من يطرق عليك باب المنزل ...
وعندما فتحت الباب . فإذا هو مبعوث من الملك أو رئيس الدولة ..
ثم مــــــــد َيده إليك بظرفِ مختوم .
.وقال :هذه رسا له خاصة لك من الملـــــك !!!
فماذا سيكون شـــعورك في تلك اللحظة ..؟
لاشــك أن شعورك لايوصف00
فالملك أعلى سلطة في الدولة 00والذي عنده من المشاغل مالا يحصى 00
يرسل لك رســالة 00!!
أنك ستستعير ذلك تشريفا ًكبيراً لك وتكريما لن تنساه 00
ثم أنصرف رسول الملك وبقيت وحدك أنت والظرف الذي يحتوي الرسالة 00
فماذا ستـــفعل ..!!
بالطبع سوف تقوم بفتحه بكل عناية وتؤدة 00
ثم ستبدأ قراءة الرسالة حرفا حرفاً بتركيز كبير حتى تتأكد من فهم كل كلمة وكل صغيرة وكبيرة في الرسالة
أنها رسالة الملك وتستحق كل ذك الاهتمام منك
أليس كذلك 000؟
ذلكَ حَسَن 00
ولكن في الحقيقة أن ماسبق ذكره ليس حلماً أو خيالاً00!!
بل هو أمر قد وقع وحصل ماهو قريب منه وأنت قد استلمت الرسالة فعلا
كيف00؟
ومتى حصل ذلك00؟
سأقوم بتذكيرك الآن 00
أن الملك الذي أرسل لك الرسالة .. ليس ملكا عاديا من ملوك الدنيا...
بل هو ملك الملوك ...ومالك الملك
الذي انتهى اليه الملك كله والحكم كله
واليه يرجع الأمر كله 00
إنه رب العالمين 00
خلق الأولين ولآخرين
ملك يوم الدين 00
جاء في الحديث أنه في يوم القيامة
(يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم يقول : أنا الملك أين ملوك الأرض ؟)
إما مبعوث المـلك الذي أوصل إليك الرسـالة فهو أكرم مبعوث
وأشرف رسول
أطيـب نسـمه برأها الله
ذلكم هو محـمد بن عـبدا لله صلى الله عليه وسلم :
الذي تحمل في سبيل إيصال الرسـالة إليك أصنافا من الـعذاب والشدة
وألواناً من التكـذيب والفـتنة عل مدى سنين مـتواصلة 00
وأبى صلى الله عليه وسلم إلا يوصل رسـالة المـلك حين جاءه الأمر 00
(يَأيَهُّاَ الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَل فَمَا بَلَّغْتَ رِسَاَلتَهُ)
فـقام عليه الصلاة والسلام وأعلــنها على رؤوس الأشــهاد 00
(يَأيَهُّاَ النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعَا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
لا إِلَهَ إَلاَّهُوَ يُحْيِي وَيُميِتُ )
ولذلك فقد حـث الله كل من وصلـته رسـالته أن يبادر بالإيـمان والعمـل بها00
( فَآمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الِّذِي يُؤْمِنُ بِاللهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ )
وقــام صلى الله عليه وسلم بما أمره به الله فأوصـل تلك الرسـالة
حتى أخر كـلمه
ولنـا الآن أن نتصور عـظم شأن تلك الرسـالة
00فإذا كان المـرسل هو الله سـبحانه والرسول هو مـحمد عليه الصلاة والسلام
فما بلك بالرســــالة 00؟
وأي رســالة يمكن أن تكون أعـظم وأشـرف وأكـرم من تلك الرســالة00؟
أن تـلك الرسـالة هي كـتاب الله المـنزل القـرآن العظــيم 00
(وَإنَّهُ لَكِتَابُ عَزِيزُ لايَأْتِيهِ الْبَاطِلُ من بَيْنِ يَدَيْه وَلامِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلُ مِّنْ حَكِيمِ حَمِيدٍ )
(وَهَذَا كِتَابُ أَنََزلْنَاهُ مُبَارَكُ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُواْ لَعَلَّكٌمْ تٌرْحَمُونَ )
وجــعل الله ( هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتي هِيَ أَقْوَمُ )
أي أنه يدل ويرشـد إلى أوضح وأصـوب طـريق مـوصله إلى الله عز وجـل 00
والمقصود الأول من أرسـال هذه الرسـالة
هو تطـهير الـنفوس من أدران الكـفر
والـمعصية وحشـوها بـنور الإيمان والـتوحيد والطـاعة
ولذلك فــقد (مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاِ مِّنْ أَنفُسِهَمْ يَتْلُو
عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعِلِّمُهُمُ الْكتَابِ وَاْلحكْمَةِ
وإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالِ مِبُّينِ )
و(قَدْ أَنَزلَ اللُه إِلَيْكُمْ ذِكْراَ رَّسُولا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللهِ مُبَيِّنَاتِ لِّيُخْرِجَ
الَّذِينَ آمَنُو وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النٌّورِ )
ولان أمراض القـلب تجمعها أمراض الشـبهات والشـهوات والقـرآن
شـفاء للنوعين ففيه من البـينات والـبراهين القطعية مايـبين الحق والباطـل
فـتزول به أمراض الشـبهات المفـسدة للعلم والتـصور والمعـتقد
بحيث يرى المـسلم الأشياء على حقيـقتها ويميز بين الحـق والــباطل
كما يميز بين اللــيل والنهــار وأما شفاؤها لأمراض الشـهوات
فذلك بما فيه
من الحكـمة والموعظـة بالتزهيد في الدنــيا ومتاعها الزائل
والترغيــب في الآخرة ونعيــمها المقيم
ولذلك كـان من القرآنِ (مَاهُوَ شِفَاء وَرَحْمَةُ لِّلْمُؤْمِنِينَ )
ورغب الله عباده في الإكثــار من قراءة كــتابه وإدامة الــنظر فيه
وأخــير أن ( الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ
ِسراًّ وَعَلاِنَيةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُوَرهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفٌورُ شَكُورٌ )
فــوعد الله عبادة الذين يــتلون كتابة ويعمــلون بما فيه من أمر
بإقامة الصلاة والإنفــاق والإحســان وعدهم بصـفقة ناجــحة
وتجــاره رابـحة
لا يمكن أن تفشـل أبدا فهو سبحانه بعد ذلك سيـزيدهم من فضله
زيادات من الـخير والفضل والإنعام مما لم بخـطر لهم على بال 00!
ومن تلـك الزيادات العظيمة التي التي لا يمكن أن يتـصورها عــقل بشر
ماخص الله به حـامل القران الذي كان يتلوه في الدنـيا
ابتــغاء وجه الله تعالى لا رياء ولا سمــعة وكان يعمل به فإنه يقال له
( اقرا ورتل كما منت ترتل في الدنيا فإن منزلك عند آخر اية تقرؤها )
سنن أبي داود وصححه الألباني
فيا لكرامة من وفــقة الله لحفظ كــتابه والعمل به !
فبينما الــناس يعانون أهول القيــامة الرهيــبة المفزعة
ويرون الــنار
يسحــبها نحوهم عــشرات الألوف من الملائكة ثم
هي تتغــيظ أمامـهم وتبتلع من يلقى فيها ابتلاعا وتستـعربهم !
عند ذاك تطـيش العقـول00
وتنهار الأعصـاب وتشخـص الأبصار وتتفـتت القلـوب ّ
ولكن في أثناء ذلك الرعـب 00
يقف حامــل القران آمنا مطــمئنا بين يدي ربه ّ
يرتل بخشــوع وسكيــنة كما كان يفعل في الدنـيا ويسمـتع منه
الله الملك القــدوس ذي الجلال والإكرام
ومع كل آية يقــروها فهو يرتقي منزله في الجنة00!!
الجنة التي ما بـتين كل درجه منها والتي تليها كما بين السمــاء والارض0!
فأي فضل وأي كـرامه بعد ذلك
ولكن ذلك الأجر العظــيم مرصود لمن قرا الــقرآن بتدبر وفهم
ثم عمل بـما فيه
قال الحسن البصري :والله ماتدبره بحفظ حروفه وأضاعه حدوده حتى أن احدهم ليقول
:قرأت القرآن كله مايرى له القرآن في خلقِ ولا عمل
ولذا فقد أمر الله رسـوله بقراءته على الناس بتمهل وروية حتى يفقـهوه
فيعملوا به 00
(وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ )
واستـحث الـناس على تـدبره فقال (أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ؟)
وقال (كِتَابُ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبِارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ )
واستبـطأ الله قلـوب المؤمـنين عندما ضعف خشـوعها للقرآن 00
(أَلَمْ يَِأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُو أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ اْلحَقِّ؟ )
وامتدح الله المتمـسكين بالـقران والعـمل به
( الَّذيِنَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضيِعُ أَجَْر الْمُصْلِحِينَ )
ولأن الـنفوس تمل وتضـعف فقد أكد الله على عـباده أن يجدوا صلـتهم
وأيـمانهم بهذا الكتـاب ويتـعاهدوا عملـهم به مـرة بعد مـرة
00(يَأيَهُّاَ الَّذيِنَ آمَنُُواْ آمِنُواْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالِْكتَابِ الِّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ )
أما الذين لا تخشـع قلوبهـم للقـرآن لا تكـترث به
(فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم مِّن ذِكْرِ اللهِ )
واخبر تعالى أن القرآن شرف للمـصدقين به وذكرُ لهم
(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابَا فِيهِ ذِكْرُكُمْ )
وأن الـعزة والتمـكين والغلبــة لأهل القـرآن
فـــ(هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِين الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ
عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ )
وبا لجمله فإن هذا القـرآن نزل
(تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْ ْوَهُدىَ وَرَحْمَةَ وَبُشْرَى لِلْمسُلِْمينَ )
كما قال ابن مسعود :اشتمل القران على كل علم نافع من خير ما سبق
وعلم ما سيأتي وحكم كل حلال وحرام وما لناس إليه محتاجون في أمر دنياهم
ودينهم ومعاشهم ومعادهم ,
فهو حبل الله المتين والشفاء النافع عصمة لمن تمسك به ونجاة لمن تبعه 0
فيا من تقرأ هذه الكلـمات كيف تمر علـيك الأيام _وربما الشهور_
وأنت لم تمـتع عينيك بالنـظر في هذا الكتـاب الكريم الذي
هو رســالة ملك المـلوك إليك ؟.
أيها الحبــيب 00
مادام في العـمر بقية فافتح الرسـالة الآن وانظر فيهـا واعــمل بما جاء بها 00
قم الآن
واقرأ الرســالة قبل ألا تســطيع أن تـنـظر أو تعــمل
قبل أن يأتي يـوم يقول فيه البعيـدون عن هدي القرآن
(هَل لَّنَا مِن شُفَعَاء فَيَشْفَعُواْ لَنَا أَوْ نُرَدُّ فََنعْمَل غَيْرَ الذَِّي كُنَّا نَعْمَلُ ؟!)
الآن قــم واعكــف على هذه الرسـالة العظــيمة 00
عســى أن تكون مع ضــيوف الله من المـتقين
(فِي جَنَّاتِ وَنَهَرِ فِي مَقْعَدِ صِدْقِ عِندَ مَلِيكِ مُّقتَْدِرِ )
منقول