كتب- محمد عبد السلام:
- النهري: الفريق العلمي اكتشف الخدعة بعد تحليل الصور.. وبحيره السرج تستعد لاستقبال 96.3 مليار متر مكعب
- الصور الفضائية أظهرت بدء تشغيل توربينين لتوليد الطاقة من النيل الازرق.. و17 بوابة تهدد 2 مليون فدان بالبوار خلال 3 سنوات.
- أمريكا وأوروبا رفضتا منح مصر اي صور فضائية عن منابع النيل.. و"ايجيبت سات2" أجبرت أثيوبيا علي العودة الي المفاوضات.
- أبلغنا الأمم المتحدة ان خزان سد النهضة يصيب مصر بالجفاف 24 شهرا.. و2 مليون فدان مهددون بالجفاف إذا لم تلتزم إثيوبيا بالعشر سنوات.
في الوقت الذي اعلنت فيه الحكومة الإثيوبية عن نيتها في افتتاح سد النهضة رسميا مطلع العام 2017 كشف خبراء علوم الفضاء والاستشعار عن بعد خداع منظومة الاقمار التصويرية الأمريكية "لاند سات8" إحدي الأقمار المسئولة عن خرائط "جوجل إيرث" للمسئولين المصريين بصور غير دقيقة لمنطقة سد النهضة وما حولها، مبينين أن اغلب الصور في حاجة الي تنقيح وتعديل لبيان حجم المأساة.
وكانت هيئة الأنهار الدولية بالولايات المتحدة الأمريكية وقد كشفت من خلال تقرير شامل أعدته بالتعاون مع لجنة الخبراء الدوليين أن هناك حالة من الخداع تعرضت له شعوب حوض النيل، وأن منظومة الاقمار التصويرية الأمريكية "لاند سات 8" إحدي الأقمار المسئولة عن خرائط "جوجل إيرث" أخفت بعض الصور عن المسئولين المصريين، وقدمت عشرات الصور الاخري غير دقيقة لمنطقة سد النهضة وما حولها، وأن اغلب الصور في حاجة الي تنقيح وتعديل لبيان حجم المأساة.
وقد أوضح الدكتور علاء النهري نائب رئيس المركز الإقليمى لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بالأمم المتحدة، ان جميع الدراسات المقارنة التي قام بها الفريق العلمي التابع لمركز الاستشعار المصري اضطر لاضافة تعديلات لتنقية الصور الخاصة بسد النهضة، والتي تم التقاطها في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، مبينا في الوقت نفسه أن اختفاء معالم السد ترجع إلى عدم المعالجة الراديومترية، والتي تؤدي إلى عدم تباين الدرجات اللونية وتداخلها وعدم وضوحها.
وقال النهري في تصريحات خاصة لـ"الدستور" ان صور "لاند سات" الأمريكي اختفت منها جميع المعالم، مما أدي الى عدم تباين الدرجات اللونيه وتداخلها وعدم وضوحها، بالرغم من ان عدد الدرجات اللونيه بالقمر الصناعى الامريكى تصل الى 55 ألف درجه لونيه، مشيرا الي ان العلماء الأمريكان لم يجرو اي تحسينات راديومترىة علي الصور مما أظهرها مشوهة وغير مكتملة الحدود والمعالم، مما اضطرار العلماء المصريين الي اجراء تعديلات ومعالجة راديومترية وعملية فلترة متقدمة، وبعد الإنتهاء من تلك المعالجة المكانية بدمج جميع البيانات، أصبحت الصورة واضحة المعالم وبدقة متناهية لكل ما يحيط بالسد.
أما عن أول الصور الخادعة التي كشف عنها الفريق المصري فأشار الدكتور النهري انها كانت للصورة الخاصة ببحيرة سد السرج الذي يسيتقبل مياة التخزين، والذي سيعد أضم خزان مياة عذبة في القارة الأفريقية، مؤكدا ان الصور الأمريكية أظهرت مساحة بحيرة التخزين، لتتطابق مع وجهة النظر الاثيوبية التي تقول ان مساحتها لا تتعدي 1561 كيلو متر مربع، في حين أن مساحتها الحقيقية طبقا للتقديرات العلمية المصرية وبعد تحسين الصور تتخطي حاجز 2408 كيلو متر مربع، مما يعني ان السعة التخزينية ستصل الي أكثر من 96.3 مليار متر مكعب، وليس 76 مليار متر مكعب كما تدعي الصور الفضائية الأمريكية.
أما عن جسد السد نفسة فأوضح خبير العلوم الفضائية بالأمم المتحدة ان الشركة الايطالية "ساليني" اقتربت بالفعل من الانتهاء من بناءة، وان منتصف عام 2016 سيشهد اللمسات النهائية لتشطيبة، ليتم افتتاحة خلال الربع الاول من 2017، مبينا أن الصور المرسلة من القمر الصناعي الأمريكي "لاند سات8" كشفت حالة التعتيم التي مارستها "اديس ابابا" لجميع الحقائق علي المفاوض المصري، وان الهدف من بناء السد لم يكن توليد الطاقة الكهربائية وانما الهدف تخزين المياة وبشكل عقابي علي مصر.
"عدد البوابات يكشف عن الحالة التأمرية علي المصريين".. هكذا عبر الدكتور علاء النهري، مبينا ان عدد البوابات بجسم السد 16 بوابة، وان الاثيوبيين قاموا بتصميم السد بحيث يقوم بحجز المياة في حالة فيضان بـ6 بوابات فقط، مما يعني ان "اديس ابابا" ستكون المتحكم التلقائي ومن خلال الستة بوابات علي مرور المياة، موضحا في الوقت نفسه أن السد يحتوي علي خرسانة مضغوطة تصل الي 10.5 ملايين متر مكعب.
الغريبة أن الدكتور علاء الدين النهري أكد أن الحكومة الاثيوبية قامت بتشغيل توربينين لتوليد الطاقة من النيل الازرق، مبينا ان تلك التطورات أكدت ان هناك اصرار "حبشي" علي تخزين مياة النيل خلال ثلاثة سنوات، مما يعني ان 2 مليون فدان ستتعرض الي الحرمان من المياة والبوار الكامل.
وأوضح الدكتور علاء الدين النهري أن عدد التوربينات المخصصة لسد النهضة، المقرر لها حجز المياه وصلت الي 17 بوابة، وأن ما تفعله إثيوبيا اليوم وفقا لصور القمر الصناعي تؤكد أنها ستنتهي من ملء الخزان قبل منتصف عام 2017، مشيرا إلى وجود بوابة في منتصف البوابات، وهي طارئة، ويتم فتحها في حالة فيضان المياه عن الحد المسموح، مشيرا الي أن جميع الصور الفضائية أكدت أن السد سيكون جاهز لاستقبال الفيضان القادم، وأن التصميمات تؤكد أن الهدف ليس توليد الطاقة وإنما تخزين المياة.
أما عن الخطورة الحقيقية لسد النهضة ولعملية التخزين خلف سد السرج فقال خبير الأمم المتحدة فاشار الي ان مصر ستعاني فقرا مائيا مضاعفا، قد يقترب من 50% علي الاقل في أول سنتين، مما يعني ان نصيب المواطن المصري من المياة العذبة سينخفض من 617 متر مكعب سنويا، ولكنه الي 333 مترا مكعبا سنويا، اي انه سيقل بنسبة تصل الي 46%، مشيرا الي ان لجنة الإستخدام السلمي للفضاء الخارجي ستطرح خلال مؤتمرها السنوي الاسبوع القادم جميع المشاكل والمخاطر التي قد تؤدي اليها تصميمات السد لدول المصب مصر والسودان.
وقال النهري أنه جاهد كثيرا لإقناع دول العالم بالضرر الذي سيلحق مصر بسبب سد النهضة الأثيوبي، فاذا ما أصرت إثيوبيا على ملئ خزان السد بالمياه في عام واحد، لأن الخزان سعته 74 مليار متر مكعب، وحصة مصر 55.5 مليار متر مكعب، في هذه الحالة ستحجز عن مصر مياه فيضانين وليس فيضان ونصف، مبينا أن هذا سيجعل النيل كاليابس نسير علية بالاقدام.
واشار الي انه في الاجتماع الاخير للجنة الامم المحدة عرضت هذا التقرير، وقولت لهم اننا لا نريد الإضرار بإثيوبيا، ولسنا ضد تنميتها، علي ان لا يتم الإضرار بمصر، والحل الوحيد لتجنب اي اضرار ان يتم تخزين المياة خلف السد خلال 10 سنوات، لافتا إلي ان لجنة الأمم المتحدة ابدت تعاطفاً، كما أنها وضعت بند بضرورة ملئ السد في فترة زمنية متباعدة، بحيث لا يضر بحصة مصر من المياة.
وأكد النهري أنه كان يتمني أن تشارك مصر في بناء السد، حتى يمكنها وضع مواصفات لا تضرها، وأن الأحباش استغلوا الأزمة التي حدثت بين مصر والجزائر عقب مباراة تصفيات كأس العالم في بدء المشروع، كما أن فترة حكم مبارك كانت غير مهتمة بأفريقيا، رغم أن عبد الناصر كان يزور إثيوبيا أكثر من مرة سنويا، موضحا أن الإمبراطور هيلاسلاسي إمبراطور إثيوبيا كان دائم الوجود في مصر، ووقت بناء السد العالي حاولت امريكا كثيرا ان تغري الامبراطور الاثيوبي ببناء 4 سدود علي نفقتها، ولكن "هيلاسلاسي" رفض حتي لا يؤذي صديقة عبد الناصر، واليوم وبعد ان تجاهلنا اثيوبيا اصبح لاسرائيل موطئ قدم في اثيوبيا.
وطالب النهري بضرورة استغلال مبدأ تبادل المنفعة بين مصر ودول حوض النيل، وانه علينا ان ندرك ان علاقاتنا مع دول الحوض او مع افريقيا قيمة مضافة لنا ولهم، مشيرا الي انه أكد للكثير من العلماء الافارقة امكانية تدريبهم في مصر، وان هذا التعاون لا يجب ان يكون بمقابل مادي، فالمقابل السياسي والاجتماعي سيكون الافضل والابقي في نفوس الافارقة، مثلما تفعل الصين التي تمنحنا منحة لا ترد في التصنيع الفضائي، لانها تريد ان تتوغل في هذا المجال افريقيا وعربيا من البوابة المصرية.
أما عن المشروع العلمي الذي تولاه بصفته نائب رئيس هيئة الاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء بخصوص "سد النهضة" أوضح الدكتور النهري أن المشروع قائم علي اعداد سيناريوهات في حالة انشاء سد النهضة الاثيوبي، ومدي تأثيره علي المجري المائي وخزانات المياة في اسوان وتأثيره علي السد العالي وحتى التربة والأراضي الزراعية، مبينا إنه علي التقديرات تؤكد ان امتلاء السد في 3 سنوات ستفقد مصر 2 مليون فدان، والسيناريوهات التي سنضعها ستكون أمام القيادة السياسية لاتخاذ القرار، وان كنا نري ان امتلاء السد في 10 سنوات لن تسبب مشكلة كبيرة، وهذه السيناريوهات ستشمل ايضا الجانب الاقتصادي والاجتماعي وعلي مياة الشرب والزراعة.
يذكر أن التقرير النهائي عن سد النهضة بعد التعديلات كشف ما يلي، أن جسد الصد تمت صناعته بالخرسانة المضغوطة، وان الاتفاع يصال الي 175 متر، ان الطول يقترب من 1830 متر، وان الاتفاع حتي القمة "Crest" يصل الي 645 متر، وان حجم الخرسانة بجسم السد يصل الي 10.5 مليون متر مكعب، وان عدد البوابات بلغ 16 بوابة، وعدد المفيض لا يتعدي 6 بوابات، ونوعة فيضان متحكم فيه، اما التصريف فيبلغ 15 الف متر مكعب في الثانية، في حين جاءت بيانات بحيرة السد باختلاف سعتها الكلية الفعلية عن المعلنة، حيث بلغت الفعلية طبقا لصور الاقمار الصناعية المعدلة 96.320 مليار متر مكعب، وان مساحتها تتجاوز 2408 كيلو متر مربع، في حين جاء طول سد السرج 5.1 كيلو متر وارتفاعة 52 متر.
يأتي ذلك في الوقت الذي كشفت فيه دراسة دولية عن ظهور تراجع حاد في فيضان نهر النيل خلال العام الجاري، وان هذا التراجع أضحي يمثل 34% من حجم ما كانت تستقبلة مصر سنويا، مما يجعلة الأكبر على الإطلاق خلال 100 عام علي الأقل، مبينة أن مصر تنتظر سنوات حقيقية من العطش، وأن سد النهضة الأثيوبي الذي يُعتقد أنه بدأ بالفعل في عمليات التخزين سيكون أحد الأسباب التي ستؤدي الي ذلك.
الدارسة التي أعدها البنك الدولي عن موسم الفيضان الجديد، الذي بدأ بالفعل في شهر يوليو الجاري وينتهي أواخر أغسطس القادم أوضحت أن منسوب المياة منسوب نهر النيل في بحيرة السد العالى التي تخزن مياه الفيضان شهد منذ العام الماضي حالة من التراجع الملحوظ، مشيرة الي ان هذا المنسوب فقد حوالي 40 مليار متر مكعب خلال فيضان العام الماضي، حيث وصل إلى 120 مليار متر مكعب، في الوقت الذي يتم تخزن ما يقرب من 160 مليار متر مكعب في بحيرة السد العالي في مثل هذا الوقت.
أما عن معدل نصيب مصر من مياة الشرب فقال التقرير أن نصيب مصر المتوقع لن يزيد عن 36 مليار متر مكعب بدلا من 55 مليار متر مكعب، أي أن مصر ستفقد بذلك ما يعادل 19 مليار متر مكعب، بمعدل 34% عن الحصة المقررة، مؤكده أن الحكومة المصرية كانت تعلم بذلك منذ ما يقرب من عشرة سنوات عندما قدمت تقارير تؤكد بدء تراجع حصة مصر من مياة النيل، وأن موسم 2017 سيكون أسواء حالة تراجع تشهدها مصر، وسيمثل للشعب المصري عام العطش المائي.
دراسة البنك الدولي أكدت علي أن تراجع الفيضان خلال هذا العام أدي إلى توقف سدى "روصيراص - سنار" في السودان لعدم توفير المياه اللازمة لتشغيل تلك السدود، مبينة أن ذلك سيمثل البداية الحقيقية لتراجع فيضان نهر النيل التي تعتمد عليه القاهرة والخرطوم، ما يهدد السد العالي بالتوقف عن العمل خلال السنوات القليلة القادمة، خاصة بعد أن إضطرت الحكومة المصرية لسحب المياة لسد العجز المائى، علما بأن السد يلزمه 90 مليار متر مكعب لتشغيل توربيناته البالغ عددها 12 توربينا لتوليد الكهرباء، وأى تراجع عن الـ90 مليار يعنى تراجعا في توليد الكهرباء.
dostor.org