سادسا : سمي ( القران المجيد ) .
قال تعالى ( ق والقران المجيد ) 1 ق . ذكر الله تعالى ( ق ) وهي من حروف اوائل السور ثم ذكر اسم وصفة الكتاب الحاوي على تلك الايات ( القران المجيد ) وهو نفس قوله تعالى ( يس والقران الحكيم ) وقوله ( ص والقران ذي الذكر ) وقوله ( ن والقلم وما يسطرون ) وقوله ( حم والكتاب المبين ) وقوله ( طور وكتاب مسطور ) ......... وسنبين ذلك ان شاء الله . وقوله تعالى ( بل هو قران مجيد * في لوح محفوظ ) 21-22 البروج . قال الحسن البصري ان هذا القران المجيد عند الله في لوح محفوظ ينزل منه ما يشاء على من يشاء من خلقه .... وروى الطبراني عن عبد الملك ابن سعيد ابن جبير عن ابيه عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال ( ان الله تعالى خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قلمه نور وكتابه نور لله في كل يوم ستون وثلاثماية لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحي ويعز ويذل ويفعل ما يشاء ) معناه انه كتاب الاقدار الذي بها اقدار الخلائق . وجاء في احد الاقوال من تفسير ( ن والقلم وما يسطرون ) : القلم من نوروالكتاب من نور في لوح محفوظ . فالقران المجيد هو نفس اللوح المحفوظ فالاية تقول ان القران المجيد مكتوب في لوح وهذا اللوح محفوظ عند الله ، قال تعالى ( قد علمنا ما تنقص الارض منهم وعندنا كتاب حفيظ ) 4 ق . اي ان هذا الكتاب المحفوظ عند الله ، فيه مقدرات الخلائق ومنها الموت والحياة التي ذكرتها الاية .فهذا الكتاب ( الحفيظ ) هو نفس اللوح المحفوظ وقال تعالى ايضا ( انا نحن انزلنا الذكر وانا له لحافظون ) 9 الحجر . والذكر هو القران المجمل بدليل قوله ( ص والقران ذي الذكر ) ، وقوله ( وهذا ذكر مبارك انزلناه ) 50 الانبياء . وقوله تعالى (ان هو الا ذكر وقران مبين ) 69 يس . وقد وضح القران هذا الحفظ عند نزول هذا القران المجمل الى السماء الدنيا في قوله تعالى ( وانا لمسنا السماء فوجناها ملئت حرسا شديدا وشهبا * وانا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الان يجد له شهابا رصدا ) 8-9 الجن . وكان هذا حين بعث رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ، وانزل القران المجمل الى السماء الدنيا فارسل الله تعالى الى السماء حرسا شديدا لطرد الشياطين من مقاعدها التي كانت تقعد فيها من قبل ذلك لئلا يسترقوا شيئا من القران فيلقوه على السنة الكهنة فيلتبس الامر ويختلط ، فحفظ الله هذا الكتاب والى يومنا هذا فهو محفوظ لمن يروم ان يسترق السمع فسيجد له شهابا مرصدا له لا يتخطاه ولا يتعداه بل يمحقه ويهلكه ....
فاللوح المحفوظ هو الكتاب الذي فيه مقدرات الخلائق وان الله تعالى في ليلة القدر يفتحه فيمحو ما يشاء فيه وثبت من تلك المقدرات كالموت والحياة والسعادة والشقاء والغنى والفقر ...... الخ وهذا هو نفس الكتاب الذي انزله الله تعالى في ليلة القدرالكتاب ، وهو القران المجمل المجيد المحفوظ في لوح عند الله تعالى . وجاء في صحيح البخاري : باب قول الله تعالى بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ والطور وكتاب مسطور قال قتادة مكتوب يسطرون يخطون في ام الكتاب جملة الكتاب واصله ما يلفظ من قول ما يتكلم من شئ الا كتب عليه .
سابعا : سمي ( الذكر )
قال تعالى ( ص والقران ذي الذكر ) 1 ص . وقال تعالى ( ان هو الا ذكر وقران مبين ) 69 يس . وقال تعالى ( وهذا ذكر مبارك انزلناه ) 50 الانبياء . وقال تعالى ( انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافضون ) 9 الحجر .
ثامنا : سمي ( كتاب مسطور ) .
قال تعالى ( والطور * وكتاب مسطور * في رق منشور ) 1-3 الطور . وقال تعالى ( كان ذلك في الكتاب مسطورا ) 58 الاسراء . وقال ( ن والقلم وما يسطرون ) 1 ن . وقال تعالى ( وكل صغيرة وكبيرة مستطر ) 53 القمر . وهو نفس قوله ( ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتلب مبين ) 3 سبا . اي مجموع عليهم ومسطر في صحائفهم لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ..... وقيل ان الكتاب المسطور هو اللوح المحفوظ وقلنا ان اللوح المحفوظ هو القران المجمل المنزل .
تاسعا : سمي ( الامام المبين )
قال تعالى ( وكل شيء احصيناه في امام مبين ) 12 يس . قال تعالى ( وكل شيء احصيناه كتابا ) 29 النبا . والامام المبين هونفسه الكتاب المبين .وقال تعالى (ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الا احصاها ووجد ما عملو حاضرا ولا يظلم ربك احدا ) 49 الكهف . هذا الكتاب هو نفس الكتاب الذي اشير اليه في قوله تعالى ( وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة في الارض ولا في السماء ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الا في كتاب مبين ) 61 يونس . وهذا تعبير عما في اللوح المحفوظ ايضا ...
عاشرا : سمي ( ام الكتاب )
قال تعالى ( هو الذي انزل عليك الكتاب منه ايات محكمات هن ام الكتاب ) 7 ال عمران . وقوله ( ايات محكمات ) هو نفس قوله ( ايات الكتاب الحكيم ) ، وقوله ( كتاب احكمت اياته ) وقد ذكرنا ذلك سلفا في الفقرة الرابعة ... وقال تعالى( حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم ) 4 الزخرف . اي ان هناك كتابا مبينا جعله مقروا عربيا ، وإنما ألبس لباس القراءة والعربية ليعقله الناس وإلا فإنه ( وهو في أم الكتاب ) عند الله ، علي لا تصعد إليه العقول ........
والمقصود : ان القران المجمل هو القران الذي انزله الله تعالى في ليلة القدر الى السماء الدنيا ، اما تفصيله وتفريقه هو الذي تنزل على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم في غار حراء والذي ابتدأ بقوله ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) العلق . وقوله تعالى ( والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) 3 الدخان . وقوله( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) 1 القدر . فإن ظاهر هذه الآيات لا يلائم كون المراد من إنزال القرآن أول إنزاله أو إنزال أول بعض من أبعاضه ولا قرينة في الكلام تدل على ذلك . والذي يعطيه التدبر في آيات الكتاب أمر آخر فإن الآيات الناطقة بنزول القرآن في شهر رمضان أو في ليلة منه إنما عبرت عن ذلك بلفظ الانزال الدال على الدفعة دون التنزيل كقوله تعالى : ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) 185 البقرة . وقوله تعالى ( حم . والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة ) 3 الدخان . وقوله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر )1 القدر . والفرق بين الانزال والتنزيل أن الانزال دفعي والتنزيل تدريجي قال تعالى : ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ، )106 الاسراء . وهو ظاهر في نزوله تدريجا في مجموع مدة الدعوة وهي ثلاث وعشرون سنة تقريبا نزل دفعة الى السماء الدنيا في شهر رمضان ثم نزل على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم نجوما وعلى مكث في مدة ثلاث وعشرين سنة . ثم ان يوم بعثته صلى الله عليه واله وسلم وهو في غار حراء وتنزيل قوله تعالى ( اقرأ باسم ربك الذي خلق ) معلوم لدى جميع الناس وليس على معرفته غبار ، واذا كان هذا اليوم هو نفس يوم ليلة القدر ، فلماذا الاشكال الواقع عند جميع المسلمين في تحديد تلك الليلة ويومها ، وقد رجحت في العشر الاواخر من شهر رمضان .......... ؟ . كل هذا يدل على ان القران المجمل هوغير القران المفصل .
فصل : ايات القران المجمل حروف اوائل السور ...
قال تعالى ( الر كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير ) 1 هود . وقال تعالى ( حم * والكتاب المبين ) 1 - 2 الدخان . وقال تعالى ( ق والقران المجيد ) 1 ق . وقال ( يس * والقران الحكيم ) 1- 2 يس . وغيرها من الايات التي تخص حروف اوئل السور تشير الى ان تلك الحروف هي ايات القران المجمل ....... قال ابن كثير في تفسيره : مجموع الحروف المذكورة في أوائل السور بحذف المكرر منها أربعة عشر حرفا وهي - ال م ص ر ك ه ي ع ط س ح ق ن - يجمعها قولك : نص حكيم قاطع له سر . وهي نصف الحروف عددا والمذكور منها أشرف من المتروك وبيان ذلك من صناعة التصريف . قال الزمخشري وهذه الحروف الاربعة عشر مشتملة على أصناف أجناس الحروف يعني من المهموسة والمجهورة ، ومن الرخوة والشديدة ، ومن المطبقة والمفتوحة ومن المستعلية والمنخفضة ، ومن حروف القلقلة . وقد سردها مفصلة ثم قال : فسبحان الذي دقت في كل شئ حكمته .
وان عدد تلك الحروف بتكرارها في القران سبع وثمانون حرف – 87 – ومن المصادف ان هذا الرقم يمثل القيمة العددية بحساب الجمل لاسمه – الحكيم – وهي ايضا ايات الكتاب الحكيم .
وقيل في تلك الحروف هي اسماء الله الحسنى وصفاته العلى وقيل هي اسم الله الاعظم ... قال القرطبي في تفسيره : هي حروف دالة على أسماء أخذت منها وحذفت بقيتها ، كقول ابن عباس وغيره : الالف من الله ، واللام من جبريل ، والميم من محمد صلى الله عليه واله وسلم . وقيل : الالف مفتاح اسمه الله ، واللام مفتاح اسمه لطيف ، والميم مفتاح اسمه مجيد . وروى أبو الضحى عن ابن عباس في قوله ( الم ) قال : أنا الله أعلم ، ( الر ) أنا الله أرى ، ( المص ) أنا الله أفصل . فالالف تؤدي عن معنى أنا ، واللام تؤدي عن اسم الله ، والميم تؤدي عن معنى أعلم . واختار هذا القول الزجاج وقال : أن كل حرف منها يؤدي عن معنى ، وقد تكلمت العرب بالحروف المقطعة نظما لها ووضعا بدل الكلمات التي الحروف منها ، كقوله : فقلت لها قفي فقالت قاف أراد : قالت وقفت . وقال زهير : بالخير خيرات وإن شرا فا ولا أريد الشر إلا أن تا .وذكر ايضا ابن كثير فقال : هي اسم من أسماء الله تعالى ، وقال هي من أسماء الله تعالى وكذلك قال سالم بن عبد الله وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي الكبير وقال شعبة عن السدي بلغني أن ابن عباس قال ( ألم ) اسم من أسماء الله الاعظم . هكذا رواه ابن أبي حاتم من حديث شعبة ورواه ابن جرير عن بندار عن ابن مهدي عن شعبة قال سألت السدي عن( حم وطس والم ) فقال ، قال ابن عباس هي اسم الله الاعظم ، وقال ابن جرير وحدثنا محمد بن المثنى حدثنا أبو النعمان حدثنا شعبة عن إسماعيل السدي عن مرة الهمذاني قال : قال عبد الله فذكر نحوه .
وقد رجحنا تلك الاقوال ، في معنى ان حروف اوائل السور انها اسماء صفات الله ، والاسم الاعظم .
واسماء الصفات تلك هي ليس ذات الله الذي ليس كمثله شيء انما هي صفة الذات اي تشبه الذات او ( مثل الذات ) وما دامت هي ليست الذات اذا هي خلق من خلق الذات وما دامت هي خلق من خلق الذات اذا هي اول خلق الله ، لقربها من الذات ، فالصفات ملازمة للذات ، واذا اردنا معرفة الذات فعلينا بالصفات ، ولهذا كثير ما نجد في القران ذكر الذات ثم الصفات مثل قوله تعالى ( بسم الله الرحمن الرحيم ) وقوله ( الله لا اله الا هو الحي القيوم ) ومثيلاتها كثيرة ..وقوله تعالى ( ولله الاسماء الحسنى فدعوه بها) ذكر الذات ( الله ) ثم الصفات ( الاسماء الحسنى ) فيعلمنا القران الدعاء والاتصال بالذات عن طريق الصفات . فالصفات هي المراة التي بالنظر اليها نطلع على حقيقة الذات ( ولا ننسى ان صورة المراة تكون عكس الحقيقة ) ........؟ وكذلك يمكننا وصف المخاليق بتلك الصفات ( صفات الذات ) ولكننا لايمكن ان نصفهم بحقيقة الذات ( اسماء الذات )لانها تختص بالاله وحده دون خلقه...
وان لتلك الاسماء والصفات اسما جامعا لها اي جامعا لحروف اوائل السور التي هي اول الخلق وحقيقة الحق ، يسمى هذا الاسم ( الاسم الاعظم ) فهو اول اسم تكلم به الله تعالى فكان اول خلقه ومنه كانت الصفات ، ومن الصفات تكونت الافعال.....
والمقصود : ان القران المجمل هو حروف اوائل السور وهو اسماء الصفات وهو الاسم الاعظم ، وهو اول كلام الله واول خلقه وهو صفته ومثله والمراة التي تطلع الخلائق بها لمعرفته .... وعندما نقول اول كلام الله تعالى نعني به اول خلقه ، وكلام الله صفة من صفات الله ، وصفاته هي خلقه وليس ذاته كما اسلفنا .قال تعالى ( انما قولنا لشيء اذا اردناه ان نقول له كن فيكون ) 40 النحل . وقوله (انما امره اذا اراد شيء ان يقول له كن فيكون ) 82 يس .