عدو اللاجئين يخسر الانتخابات الرئاسية في النمسا
ولهذه الأسباب تنفَّس قادة أوروبا الصعداء بعد هزيمته
تنفس القادة الأوروبيون الصعداء بعد خسارة نوربرت هوفر، المنتقد لعضوية النمسا في الاتحاد الأوروبي والمعادي للهجرة، والذي توعّد بأن يكون أول رئيس للبلاد من تيار اليمين المتطرف، في الانتخابات الرئاسية في النمسا. وأُعيد انتخاب ألكسندر فان دير بيلين، الزعيم السابق لحزب الخضر، في انتخابات محتدمة بفارق ضئيل عن منافسه نوربرت هوفر الذي اعترف بالهزيمة. وأُعلنت نتائج الاقتراع يوم الأحد الماضي الموافق 4 ديسمبر/كانون الأول 2016 وأظهرت النتائج فوز فان دير بيلين البالغ من العمر 72 عاماً بفارق 7% عن منافسه البالغ عمره 45 عاماً والمنتمي لحزب الحرية اليميني المتطرف المعارض، وفقاً لما جاء بصحيفة The Independent البريطانية. كان هوفر سريعاً في الاعتراف بهزيمته. فقد كتب على فيسبوك معبراً عن إحباطه وأنَّه يشعر "بحزن لا حدود له" بسبب خسارته في الانتخابات. كما هنأ منافسه على الفوز. وأطلق فان دير بيلين، الرئيس السابق لحزب الخضر، حملة انتخابية تحتوي على رسائل مفعمة بالتأييد لأوروبا. فقد قال للمشاهدين، خلال حوار معه قُبيل التصويت، "أؤمن بأن النمسا مكانها في قلب أوروبا".
رسائل مناهضة للهجرة
وعلى النقيض، أطلق هوفر، الذي يعمل مهندس ملاحة جوية، رسائل مناهضة للهجرة واقترح إجراء استفتاء في النمسا، التي تقع قرب جبال الألب، بشأن بقائها داخل الاتحاد الأوروبي أو انسحابها. وتوالت ردود الأفعال على نتائج الانتخابات. وفي حديثه لصحيفة Bild، قال سيغمار غابرييل، نائب المستشارة الألمانية والذي يرأس الحزب الديمقراطي الاجتماعي في ألمانيا المُنتمي لتيار يسار الوسط، "لقد زال حمل من فوق كاهل أوروبا كلها" ووصف النتائج بأنها "نصرٌ جلي للمنطق السليم ضد شعبوية تيار اليمين". كما قال أولريش كيلبر، نائب وزير العدل الألماني والمنتمي أيضاً للحزب الديمقراطي الاجتماعي، "ربما كان انتخاب دونالد ترامب نقطة تحول. تكافح الأغلبية الليبرالية من أجل العودة". كان يتوقع استقبال التيار الليبرالي في أوروبا والنمسا لنتائج الانتخابات بارتياح بالغ بعد انتشار مخاوف بشأن اتباع النمسا نهج بريطانيا وخروجها من الاتحاد الأوروبي فضلاً عن تلطيخ سمعتها بكونها أول بلد أوروبي يرأسه زعيم من تيار اليمين المتطرف. كما كان يتوقع استقبال ألمانيا نتائج الانتخابات بالترحيب. فقد خشيت برلين أن يؤدي فوز حزب الحرية في النمسا إلى تشجيع مكاسب مماثلة لتيار اليمين المتطرف في ألمانيا وفرنسا. وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات الرئاسية حصول فان دير بيلين على نسبة 53% من أصوات الناخبين مقارنة بـ46%، حصل عليها هوفر. وعلى الرغم من التوقعات بتغيّر فارق الأصوات بين المرشحين، فإن النتيجة النهائية لن تختلف. وكانت انتخابات الأحد إعادة لانتخابات سبق إجراؤها في مايو/أيار الماضي والتي شهدت أيضاً فوز فان بيلين بفارق ضئيل. لكن المحكمة العليا في النمسا أبطلت نتائجها بسبب مخالفات في إحصاء الأصوات الانتخابية. ويشير المحللون إلى العديد من التغيرات التي شهدتها الساحة العالمية منذ مايو/أيار الماضي، منها انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وفَوْز دونالد ترامب بالرئاسة الأميركية، ما يعني اتجاه الناخبين صوب معارضة المؤسسات السياسية التقليدية. كان يُنظر للانتخابات الرئاسية بالنمسا على أنها مقياس لحجم النجاح الذي يمكن أن يحققه المرشحون الشعبويون المُناهضون للهجرة في الانتخابات المقبلة بعدد من الدول الأوروبية. وبخلاف الاستفتاء الدستوري الحاسم في إيطاليا يوم الأحد، يذهب الناخبون للإدلاء بأصواتهم في كل من فرنسا وهولندا وألمانيا العام القادم. وفي الدول الثلاث، ينمو نفوذ الأحزاب الشعبوية المناهضة للهجرة. ويعد استفتاء الأحد واحداً من أكثر الانتخابات حدة في تاريخ النمسا بعد الحرب، للدرجة التي جعلت إحدى الصحف في العاصمة فيينا تلقبه بأنه "انتخاب الكراهية". وصف حزب الحرية فان دير بيلين بأنه عجوز كثير النسيان وألمح إلى أنه كان جاسوساً لصالح شرطة أمن الدولة في ألمانيا الشرقية. في المقابل، استخدم فان دير بيلين فيديو، تظهر فيه سيدة ناجية من معسكر الاعتقال النازي "أوشفيتز" وتبلغ من العمر 89 عاماً، لشجب تصريحات منافسه ووصفه بأنه شخص "يُظهر أحقر ما في الناس". وجه منتقدو هوفر اتهامات له بكونه نازياً بسبب خطابه القومي المعادي للهجرة. وشُوهت مئات اللافتات الانتخابية لحزب الحرية التي تحمل صورته برسم شارب هتلر عليها.
"لا رئاسة للنازي"
قالت سيدة شابة، لقناة ORF النمساوية والتي تبث مظاهرة وسط فيينا تحت عنوان (لا رِئاسة للنازي)،" نعتقد بأنه نازي. هو معاد للمرأة والأجانب وأوروبا. ويأتي من حزب أسسه نازيون". لكن العديد من مناصري هوفر يؤيدون نقده العلني للمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل ودعمها لسياسة فتح الأبواب أمام المهاجرين، والتي أدت إلى دخول أكثر من مليون لاجئ إلى أوروبا والنمسا خلال العام الماضي. يقول سيغفريد، متقاعد من مدينة فيينا ويبلغ من العمر 68 عاماً "إنه غزو. وكأنه تم بسبب أوامر شخص آخر. الآن، ليس مسموحاً أن تقول أي شيء". أوضحت دراسة، نشرها مركز بحثي مستقل في فيينا يدعى Agenda Austria يوم الأحد الماضي، تراجع ثقة النمساويين في الأحزاب الديمقراطية الاجتماعية والمحافظة على نحو حاد وتزامن هذا مع تنامي التوجهات السلبية المعادية للاجئين والهجرة. لكن القائمين على الدراسة قالوا إن هناك أدلة قليلة تربط بين الفقر أو الشعور بالخذلان سبباً وتراجع هذه الثقة مثلما حدث في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. ويقول مركز Agenda Austria إن مناصري الحزب الشعبوي يتمتعون بمستوى دخل متوسط ولديهم وظائف مؤمنة.
المصدر : huffpostarabi