يتواجه المتصارعون بالسواطير والخناجر المحدبة كمخالب الوحوش الكاسرة، أو بأيديهم فقط من دون أي سلاح، في لعبة بينشاك سيلات، فن القتال التقليدي في إندونيسيا، الذي يحاول أن يكتسب شهرة عالمية من جنوب آسيا إى فرنسا.
وتعني كلمة "بينشاك سيلات" في اللغة الإندونيسية "الكفاءة في القتال مع حركات مناسبة"، ويرتبط هذا الفن القتالي بالتاريخ القديم لهذا البلد المكون من مجموعة جزر في المحيط الهادئ.
فالمعارضون لوجود الاستعمار الهولندي استخدموا مهارات هذه الرياضة لقتال الجيوش الاستعمارية، وتحرير بلدهم الذي نال استقلاله في العام 1945. إلا أن هذه الرياضة تعود إلى قرون طويلة مضت، ولا يقتصر حضورها على إندونيسيا فقط، بل يتعداها إلى بلدان أخرى في المنطقة.
ورغم ذلك، لم تحظ بينشاك سيلات بانتشار عالمي كالذي حققته فنون قتالية آسيوية أخرى مثل الكاراتيه والتايكوندو. وهذا تحديدا ما ترغب الحكومة الإندونيسية بتغييره.
ولهذه الرياضة أهداف متنوعة، بين الدفاع عن النفس والرقص والمسرح، وحتى استخدامها لأغراض علاجية.
وستكون اللعبة حاضرة في دورة الألعاب الأولمبية الآسيوية المنظمة في إندونيسيا العام 2018، وذلك للمرة الأولى في تاريخها.
ويأمل الإندونيسيون على المدى البعيد، في أن تصبح هذه اللعبة من الرياضات الأولمبية، وأن تدرجها منظمة يونسكو على قائمة التراث غير المادي للبشرية.
ويقول أريزال شانياجو الأمين العام للمنظمة الإندونيسية للعبة "بينشاك سيلات": "هذه الرياضة تضم كل شيء، الرياضة والفن والجانب الروحي، وهذا ما يجعلها متفردة عن غيرها، ولا سيما حين نقارنها بالألعاب القتالية في بلدان أخرى".
- هواة في فرنسا -
وإضافة إلى إندونيسيا وبعض دول آسيا، تمارس هذه اللعبة في فرنسا، حيث أصبح هناك ما يقدر بين 200 لاعب و400، بحسب جابريـال فاكال الذي أسس اتحادا للعبة في جنوب فرنسا.
ويقول فاكال لمراسل وكالة "فرانس برس": "على المستوى التقني إنها لعبة غنية جدا، وفيها تأثيرات من الفنون القتالية الصينية، وخلفية هندوسية بوذية، وممارسات لتهذيب النفس ذات تأثيرات إسلامية".
وكثيرا ما يزور عالم الأنتروبولوجيا هذا الشغوف بفن "بينشاك سيلات" إندونيسيا، وأصدر كتابا عنه بعنوان "الإيمان والقوة، الفن القتالي سيلات في بانتن في إندونيسيا"، نشر في أكتوبر.
ويوجد 800 تنويع على هذه اللعبة في إندونيسيا، حيث إن حركاتها تختلف قليلا بحسب المنطقة في هذا البلد، لكنها عموما تركز على الدفاع عن النفس وليس الهجوم. وفي بعض الأنواع يدخل الجسم كله في الصراع، وفي البعض الآخر يستعين المقاتل ببعض الأسلحة البيضاء، أو القيام بحركات قتالية أشبه ما تكون بحركات الرقص. وفي المناطق الساحلية من إندونيسيا، تغلب تقنيات القتال باليدين، أما في الجبال فيركزون أكثر على القدمين.
- مقدرات خارقة -
وفي جزيرة جاوا في الجنوب، ترتبط هذه الرياضة واسمها هناك "كانوراجان"، بالمعتقدات الخرافية التي تتحدث عن قدرات خارقة للمقاتلين، تتيح لهم أن يحموا أنفسهم حتى من إطلاق النار.
وفي احد نوادي جاكرتا، يبقى فتى في الثانية عشرة من العمر ثابتا، فيما مدربه يكسر الطوب المثبت فوق رأسه، ثم على بطنه. وهو يتدرب على نوع من بينشاك سيلات يمزج بين الحركات القتالية وتمارين التنفس التي تجعل الجسم قادرا على استيعاب ضربات عنيفة.
ويقول إيندرا برينجا البالغ الثامنة والعشرين من العمر، والمشارك في هذا التدريب، إنه "يعطيني شعورا بالثقة، وأني قادر على فعل كل شيء".
ويضيف أن هذه الرياضة ساعدته على التعافي واستعادة قوته بعدما ألم به التهاب حاد في الرئة.
ويقول المدرب رودي تريانو: "نعلم تلاميذنا كيف يسقطون على الأرض بشكل مناسب، ويفيدهم ذلك في معرفة كيف ينهضون مجددا إن سقطوا في حياتهم".
alwan.elwatannews