تأثيرات سلبية متوقعة لانسحاب الولايات المتحدة
من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ
omandaily :
أشار تقرير صادر عن ’ساكسو بنك‘ حول تأثير الانسحاب المحتمل للولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ الى أن هذا الانسحاب بمثابة خطوة في الاتجاه الخاطئ وأسوأ السيناريوهات المحتملة بالنسبة للاقتصاد العالمي. وعلى الغالب، سيكون لهذه الخطوة 5 آثار مباشرة، وستتسبب هذه الخطوة بتقليص حجم التجارة العالمية بصورة أكبر، وهو أمر يشهد تباطؤاً حاداً منذ حدوث الأزمة المالية العالمية، وبالتأكيد سوف يضع هذا الأمر حداً لعملية العولمة التي بدأت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وحققت في الغالب الفائدة للدول الناشئة من خلال تفضيل ظهور طبقة وسطى واسعة في العديد من البلدان كالصين والبرازيل.
وسوف تدفع الخطوة الناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي يسعى جاهداً للوصول إلى مستويات ما قبل الأزمة، للانخفاض أكثر بشكل طفيف خلال السنوات القادمة. كما تأجلت عودة النمو الاقتصادي القوي إلى أجل غير مسمى، ما يعني حاجة معظم الاقتصادات المتقدمة للاعتياد على متوسط النمو للناتج المحلي الإجمالي بحدود تتراوح بين 1% و2% وارتفاع مستوى الباحثين عن عمل.
كما أن خطوةً كهذه ستشير إلى نهاية اتفاقيات التجارة الحرة الإقليمية وتؤكد دخول الاتفاقية التي تم التفاوض بشأنها بين الولايات المتحدة وأوروبا في حالة موت سريري؛ حيث إن المسؤولين في المفوضية الأوروبية هم وحدهم من لا يزال لديهم اعتقاد بإمكانية التوصل إلى اتفاق خلال الأشهر القادمة. وتتجه مسألة توقيع اتفاقيات تجارة حرة كبرى بين المناطق لتصبح جزءاً من الماضي.
كما تشير هذه الخطوة إلى عودة النزعة الحمائية، ولو بشكل مخفي خلال الوقت الراهن، ويمكن لهذا الأمر أن يؤدي إلى نشوء حواجز تجارية أعلى، وخفض التنافسية خلال ولاية الرئيس ترامب. ومع ذلك، أثبت هذا النوع من الاستراتيجية الاقتصادية فشله الكبير في ثلاثينيات القرن الماضي، ولا يوجد أي سبب يدفعنا للاعتقاد بأنه قادر على العمل بصورة أفضل في الوقت الحاضر.
وتؤكد هذه الخطوة على الانسحاب البطيء للولايات المتحدة من منطقة آسيا والمحيط الهادئ التي تعتبر منطقة نفوذها التقليدية. وسيشكل هذا الأمر فرصة ذهبية للصين من أجل توسيع نفوذها في المنطقة. وسوف تكون الصين، غير المنضمة إلى اتفاقية الشراكة الاقتصادية الاستراتيجية عبر المحيط الهادئ، قادرةً على أخذ زمام المبادرة مرةً أخرى في آسيا وأمريكا اللاتينية، محققة أقصى استفادة ممكنة من تقلص نفوذ الولايات المتحدة. ويعتبر هذا الأمر بمثابة تأكيد على أن الولايات المتحدة تعود بشكل تدريجي إلى الانعزالية، كما كان الحال في عشرينيات القرن الماضي على سبيل المثال.
وبالنسبة للأسواق المالية، من الصعب تحديد التأثير المباشر لهذه الخطوة. ومع ذلك، لا يمكن أن تكون جوانب مثل انخفاض مستوى النمو العالمي وتراجع تدفقات رأس المال الأجنبي في البلدان الناشئة، والظهور المحتمل للقيود التجارية بمثابة أمر إيجابي على المدى الطويل. أما بالنسبة لأسواق الأسهم، ففي الوقت الراهن، تسير هذه الأسواق في منحىً جيد نظراً لأن السياسة النقدية لكل من بنك الاحتياطي الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي لا يزال لها تأثير حاسم على أسعار الأصول المالية. ومع ذلك، في مرحلة ما، سيحمل النمو الضعيف خلال فترة زمنية طويلة تأثيرا سلبيا في نهاية المطاف على نتائج الشركات المدرجة وبالتالي على المؤشرات العالمية الرئيسية.
وتتسم الفترة القادمة بانعدام اليقين من وجهة نظر اقتصادية. وتؤكد أحدث المؤشرات أن الولايات المتحدة تمتلك اقتصادا سليما، إلا أنه باتت على أعتاب الوصول إلى نهاية الدورة الاقتصادية. وقد مر 35 ربعاً منذ حدوث آخر انكماش اقتصادي. وباستثناء الرقم القياسي طويل الأمد (40 ربعاً خلال عصر كلينتون الذهبي)، سوف تواجه الولايات المتحدة حالة ركود جديدة خلال السنوات الأربع المقبلة. وعبر الانسحاب من اتفاقيات التجارة الحرة وتعزيز القيود التجارية المفروضة، يخاطر ترامب بتعجيل عودة حالة الركود ودفع العالم إلى مرحلة جديدة من ارتفاع معدلات الباحثين عن عمل.