مستقبل الكيان الصهيوني إلى الزوال
بقلم: الأستاذ د. غازي حسينيزداد يوماً بعد يوم الاعتقاد بأن نهاية إسرائيل حاضرة في عقول قادتها ونخب يهودية وغير يهودية وفلسطينية وعربية وإسلامية وعالمية، لأنها أقيمت على أساس استعمار استيطاني عنصري وإرهابي وبدعم من الدول الاستعمارية واستغلال معزوفتي الهولوكوست النازي واللا سامية، والمبالغة فيهما لتهويد فلسطين العربية، في قلب الوطن العربي والبلدان الإسلامية.
ردد مجرم الحرب موشي ديان هذا الاعتقاد عام 1953 وقال: «علينا أن نكون مستعدين ومسلحين، أن نكون أقوياء وقساة حتى لا يسقط السيف من قبضتنا وتنتهي الحياة (أي تزول إسرائيل من الوجود)».
ونقلت جيروزاليم بتاريخ 14/5/2011 عن نتنياهو قوله: «إذا تخلى أعداؤنا عن أسلحتهم فيسود السلام، ولكن إذا تخلت إسرائيل عن أسلحتها فلن يكون لدولة إسرائيل وجود» وتالياً ستبقى إسرائيل ثكنة عسكرية مدججة بجميع أسلحة الدمار الشامل وكيان استعمار استيطاني عنصري وإرهابي على غرار ألمانيا النازية التي لاقت مصيرها المحتوم وهو الزوال.
إذاً يعتمد استمرار وجود إسرائيل الغريبة عن الوطن العربي والدخيلة عليه، والتي جاءت من ألمانيا وروسيا وغيرها، والمغتصبة للأرض والمياه والحقوق والممتلكات الفلسطينية العربية وبدعم وتأييد كاملين من الدول الاستعمارية وأتباعها من الإمارات والممالك العربية التي أقامتها بريطانيا شريطة فتح أبواب فلسطين للهجرة اليهودية على مصراعيها واستغلال معزوفة الهولوكوست النازي لإقامة إسرائيل والاعتراف بها والتعايش والهرولة في تطبيع العلاقات معها، لقاء حماية كراسي حكام الإمارات والممالك العربية.
إن وضع الصهيونية القوة فوق الحق، وتكريس المزاعم والأطماع والأكاذيب الاستعمارية باستخدام القوة والحروب العدوانية والمجازر والعقوبات الجماعية والترحيل القسري والتطهير العرقي تجاه الشعب الفلسطيني، ومصادرة الأراضي والمقدسات الفلسطينية وإقامة المستعمرات اليهودية عليها وتدمير القرى والبلدات الفلسطينية، يرمي إلى تكريس الأمر الواقع الناتج عن استخدام إسرائيل للقوة وتحقيق الاستعمار الاستيطاني وممارسة العنصرية والتمييز العنصري والإرهاب كسياسة رسمية.
فهل يمكن لإنسان في العالم أن يقبل بهذا المنطق الاستعماري والعنصري الحقير الذي لا مثيل له في تاريخ الإنسانية؟
تقوم الاستراتيجية الصهيونية على إشعال الحروب العدوانية بمشاركة من الدول الغربية وبدعم من أتباعها من الأمراء والملوك العرب لتفتيت البلدان العربية، وإعادة تركيبها وإشعال الفتن الطائفية والمذهبية والعرقية لإقامة إسرائيل العظمى الاقتصادية من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد.
إن الشعوب العربية لا يمكن أن تقبل بهذه الاستراتيجية وهذا المنطق الصهيوني، فالحكام العرب الذين أقاموا حكمهم بدعم من الدول الاستعمارية وتبعيتهم لها حفاظاً على كراسيهم، ووقعوا اتفاقات الإذعان في كمب ديفيد وأوسلو ووادي عربة ساهموا ووافقوا على تهويد القدس وبقية فلسطين.
إن نهاية إسرائيل متجذرة في الفكر الصهيوني، وحاضرة في عقول الشعب الإسرائيلي ويهود العالم، والأمة العربية والإسلامية.
ويخشون يومياً من الضحية الذي طردوه من وطنه، وطن آبائه وأجداده، واغتصبوا أرضه وممتلكاته، وأقاموا على أنقاضها المستعمرات اليهودية لقطعان المستعمرين اليهود الذين جاؤوا بمساعدة الأغنياء اليهود وألمانيا النازية وبالتحديد هتلر والحركات اللا سامية وأمريكا وبريطانيا، للتخلص من اليهود في أوروبا وزرعهم في فلسطين لخدمة مصالح الدول الغربية والصهيونية العالمية في الشرق الأوسط.
سخرت اللوبيات اليهودية الرؤساء الأمريكيين ومستشاري ألمانيا والقمم الأمريكية ـ العربية في شرم الشيخ والعقبة لتجنيد العالم ضد المقاومة الفلسطينية المسلحة والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، كي لا يهرب الإسرائيليون إلى البلدان الغربية، وذلك للتخلص من مكائدهم ومؤامراتهم وأعمالهم القبيحة ونفسيتهم المريضة المليئة بالاستعلاء والتفوق والعنصرية والإرهاب وكراهية الأغيار أي غير اليهود.
إن الشعب العربي الفلسطيني يتمسك بحقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف وفي مقدمتها حق عودة
اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم المغتصبة، والتمسك بخيار المقاومة وتعزيز ثقافتها وإشعال الانتفاضات حتى زوال الكيان الصهيوني من كل فلسطين التاريخية، ويخيف تمسك الشعب الفلسطيني والأمة بعروبة فلسطين بما فيها القدس إسرائيل ومواطنيها، لذلك كتبت يديعوت احرونوت الصادرة في 27 آب 2002 أي بعد اندلاع انتفاضة الأقصى تحت عنوان: «يشترون (الإسرائيليون) شققاً في الخارج تحسباً لليوم الأسود (أي نهاية إسرائيل).
وكتب أبراهام بورغ الرئيس الأسبق للكنيست في يديعوت احرونوت الصادرة في 29 آب 2003 يقول: «إن نهاية المشروع الصهيوني على أبوابنا... فدولة تفتقد للعدالة لا يمكن أن يكتب لها البقاء».
وكتب يرون لندن في يديعوت احرونوت بتاريخ 29 تشرين الثاني 2003 مقالاً جاء فيه: «في مؤتمر هرتسليا علم أن عدداً كبيراً من الإسرائيليين يشكّون فيما إذا كانت الدولة ستبقى بعد 30 سنة، وهذه المعطيات المقلقة تدل على أن عقارب الساعة تقترب من الساعة 12 (أي لحظة نهاية إسرائيل)».
وتناول الكاتب الأمريكي بنيامين شفارتس في مجلة أتلانتيك الأمريكية مستقبل إسرائيل ومصيرها استبعد فيه أن تحتفل إسرائيل بعيد ميلادها المئة، والسبب في رأيه أن المشروع الصهيوني لم يتمكن أبداً من التغلب على العائق الديمغرافي الذي أقلقه منذ تأسيسه.
ويتفق بعض جنرالات في إسرائيل ومنهم موشيه يعلون وزير حرب العدو الأسبق إلى حد ما مع شفارتس بانهيار إسرائيل وزوالها بسبب العامل االديمغرافي وخيار المقاومة المسلحة وعقلية إسرائيل الاستعمارية والعنصرية والإرهابية.
وأكد المفكر العربي عبد الوهاب المسيري عن هاجس الزوال الذي يطارد الإسرائيليين، فالمستعمرون اليهود يدركون بوجود قانون في العالم يضمن زوال جميع أشكال الاستعمار الاستيطاني والأنظمة العنصرية والإرهابية.
كذَّب المؤسسون الصهاينة على يهود العالم عندما زعموا «أن فلسطين أرض بلا شعب، لشعب بلا أرض، وذلك لتبرير الاستعمار الاستيطاني فيها، وتصوروا أن بإمكانهم التخلص من الشعب الفلسطيني تماماً كما تخلصت أمريكا الشمالية من الهنود الحمر عن طريق الإبادة الجماعية والاستيطان، ويدرك المستعمرون اليهود أن مصير الكيان الصهيوني إلى الزوال، لأنهم فشلوا في إبادة الشعب الفلسطيني.
واليوم وبعد مرور حوالي 120 عاماً على تأسيس الحركة الصهيونية ومرور حوالي 70 عاماً على تأسيس الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري وإرهابي، ظهر بجلاء للعالم أجمع أنه لا مستقبل له، لأنه يعيش في حالة عداء دائم مع الشعب الفلسطيني وبقية الشعوب العربية والإسلامية ويتمرد على احترام القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني.
وقام على اغتصاب الأرض والمياه والممتلكات والمقدسات وتهويدها، وتدمير المنجزات وعرقلة التنمية والتطور والوحدة العربية ومعاداة العروبة والإسلام والمسيحية الشرقية، ويعمل على خدمة مصالح الصهيونية العالمية والإمبريالية الأمريكية، والتحالف مع الأمراء والملوك والرؤساء العرب الخائنين لشعوبهم وأمتهم وعقيدتهم وللحقوق الوطنية الثابتة غير القابلة للتصرف لشعبنا العربي وفي مقدمتها حق عودة اللاجئين إلى ديارهم واستعادة أرضهم وممتلكاتهم وتحرير القدس، مدينة الإسراء والمعراج من التهويد والاحتلال الصهيوني.
وجاءت رؤية الدولتين التي أخذها مجرم الحرب بوش من مشروع شارون للتسوية ووضعها في خارطة الطريق التي وافقت عليها الرباعية الدولية التي يرأسها مجرم الحرب طوني بلير، وحمل رئيس السلطة الفلسطينية الموافقة عليهاكي تؤخر زوال اسرائيل وترمي الادارة الأمريكية ودول الاتحاد الأوروبي والإمارات والممالك العربية التي أقامتها بريطانيا الاستعمارية إلى تخليد وجود إسرائيل في فلسطين، وتمرير الحل الصهيوني لقضية فلسطين وتصفيتها وإنهاء الصراع العربي الصهيوني.
أثبتت تجارب شعوب المنطقة وشعوب العالم في القضاء على كيانات الاستعمار الاستيطاني التي أقامتها الحملات الصليبية، والاستعمار الاستيطاني الفرنسي في الجزائر، والاستعمار الاستيطاني الأوروبي الأبيض في روديسيا والبرتغال وجنوب إفريقيا أن مصير كيانات الاستعمار الاستيطاني والأنظمة العنصرية إلى الزوال.
ويعتبر الكيان الصهيوني الذي جاء من وراء البحار أسوأ الكيانات الاستيطانية والعنصرية والإرهابية في العالم، فالصراع معه صراع وجود وليس نزاعاً على الحدود، وإن خيار المقاومة هو الخيار الوحيد المتبقي لإنقاذ الشعب الفلسطيني وشعوب المنطقة والعالم أجمع من أطماعه وأخطاره وحروبه العدوانية ومساعيه لإشعال نيران حرب عالمية ثالثة تستعمل فيها الأسلحة النووية تحقيقاً لخرافة هير مجدو التي تؤمن بها المسيحية الصهيونية في الولايات المتحدة ومجيء وتولي اليهود حكم العالم ألف سنة من مدينة القدس.
زالت جميع كيانات الاستعمار الاستيطاني والأنظمة العنصرية ونظريات المجال الحيوي في العالم، حيث زالت النازية من ألمانيا والفاشية من إيطاليا وإسبانيا والعنصرية من روديسيا والبرتغال والاستعمار الاستيطاني الفرنسي من الجزائر ونظام الأبارتايد من جنوب إفريقيا ومستقبل الكيان الصهيوني ككيان استعمار استيطاني ونظام عنصري وإرهابي و منها اسرائيل إلى الزوال.