عدد الرسائل : 3955بلد الإقامة : أرض الإسلاماحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 9808ترشيحات : 102الأوســــــــــمة :
موضوع: هكذا كانوا يقضون أوقاتهـم 24/4/2009, 16:59
عظّم الله شأن الوقت إذ هو الحياة
فأقسم الله بالضُّحى وبالعصر وبالصُّبح وبالفجر وبالليل وبالنهار ، وهذه هي حياة الإنسان . كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله حيث قال : الليل والنهار يعملان فيك ، فاعمل فيهما . يعني أن الليل والنهار يأخذان من حياتك فخذ منهما وتزوّد فيهما لما أمامك
قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
ابن آدم طـأِ الأرض بقدمك ، فإنها عن قليل تكون قبرك . ابن آدم إنما أنت أيام ، فكلما ذهب يوم ذهب بعضك . ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ يوم ولدتك أمك .
ومما يدلّ على أهمية الوقت أن الله جعله محِل العبادات ، وجعل قبول تلك العبادات منوطاً بأوقاتها . قال سبحانه : ( إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا )
ولذا أوصى أبو بكر عمرَ فقال : إني موصيك بوصية - إن أنت حفظتها - إن لله حقاً بالنهار لا يقبله بالليل ، وإن لله حقاً بالليل لا يقبله بالنهار ، وإنه لا يقبل نافلة حتى تؤدّى الفريضة ، وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحقّ وثقله عليهم ، وحُـقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا ، وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفّـتِه عليهم ، وحُـقّ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يكون خفيفاً .
ولذا كان السلف يضنون بأوقاتهم ويبخلون بها
قال الحسن البصري – رحمه الله – : أدركت أقواماً كانوا على أوقاتهم أشدّ منكم على دراهمكم ودنانيركم ! وكان يقول : ابن آدم إنك بين مطيّـتين يُوضِعانك : الليل إلى النهار ، والنهار إلى الليل ، حتى يُسلمانك إلى الآخرة ، فمن أعظم منك يا ابن آدم خطراً .
وهذا عامر بن عبد قيس – أحد التابعين – يقول له رجل : كلّمني . فيقول له : أمسك الشمس ! وما ذلك إلا ليشعره بقيمة الوقت .
قال عبدُ الرحمن بن مهدي : لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموتُ غداً ، ما قَدَر أن يزيد في العمل شيئا . وقال عفان بن مسلم : قد رأيت من هو أعبد من حماد بن سلمة ، ولكن ما رأيت أشدّ مواظبة على الخير وقراءة القرآن والعمل لله من حماد بن سلمة . وقال موسى بن إسماعيل : لو قلت لكم إني ما رأيت حماد بن سلمة ضاحكا قط صدقتكم ، كان مشغولا بنفسه ؛ إما أن يُحدِّث ، وإما أن يقرأ ، وإما أن يسبح ، وإما أن يصلي . كان قد قسم النهار على هذه الأعمال . ولذا مات حماد بن سلمة في المسجد وهو يصلي .
هكذا كانت تُقضى الأوقات .
ولذا كان ابن مسعود رضي الله عنه يقول : إني لأكره أن أرى الرجل فارغا ، لا في عمل الدنيا ، ولا في عمل الآخرة .
وهذا أحد علماء السلف ، وهو محمد بن سلاَم البيكندي – شيخ البخاري - يحضر مجلس شيخه ، والشيخ يُملي وهو يكتب الحديث فانكسر قلمُه ، فأمر أن يُنادى : قلمٌ بدينار ! فتطايرت إليه الأقلام . وما ذلك إلا لحرصه على وقته وخشية أن يضيع منه شيء . فالوقت عندهم أثمن من كل شيء . الوقت عندهم أثمن من الدينار والدّرهم .
بل من شُحِّهم بأوقاتهم وحرصهم عليها كان بعضهم يجعل بريَ الأقلام في أوقات مجالسة مَنْ يزوره . كما كان ابن الجوزي – رحمه الله – يصنع . قال رحمه الله : الزمان أشرف شيء ، والواجب انتهابه بفعل الخير ... فصرت أُدافع اللقاء جهدي – يعني لقاء البطالين - ... ثم أعددت أعمالاً لا تمنع المحادثة لأوقات لقائهم ، لئلا يمضي الزمان فارغاً ، فجعلت من الاستعداد للقائهم قطعَ الكاغد وبَريَ الأقلام وحزم الدفاتر ! فإن هذه الأشياء لا بُـدّ منها ، ولا تحتاج إلى فكر وحضور قلب ، فأرصدتها لأوقات زيارتهم ، لئلا يضيع شيء من وقتي ! وكان – رحمه الله – يحتفظ ببري الأقلام حتى قيل إنه أوصى عند موته أن يُسخّن فيها الماء الذي سوف يُغسّل به بعد موته .
وأوصى ابن الجوزي ابنه فقال : واعلم يا بني أن الأيام تبسط ساعات ، والساعات تبسط أنفاساً ، وكل نَفَسٍ خِزانة ، فاحذر أن يذهب نَفَسٌ بغير شيء ، فتَرى في القيامةِ خزانةً فارغة فتندم .
قال الإمام الذهبي عنه : ما علمت أحداً صنّف ما صنف ابن الجوزي .
وأما الإمام ابن عقيل – رحمه الله – ففي أخباره العجب !حتى كان يقول : إني لا يحلّ لي أن أُضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة أو مناظرة وبَصَري عن مًطالَعة ، أعملت فكري في راحتي وأنا مُنطرِح ، فلا أنهض إلا وقد خَطَرَ لي ما أُسطِّره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشد مما كنت أجده وأنا ابن عشرين سنة .
لمـاذا هذا الحرص على الوقت ؟؟؟
أمــا لـمــاذا ؟
فلأن الوقت أثمن ما يملكه البشر قال ابن هبيرة رحمه الله :
والوقتُ أنفسُ ما عُنيتَ بحفظه *** وأراه أسهل ما عليك يضيعُ
نعم . الوقت لا يُقدّر بثمن .
ولذا يُسأل الإنسان عن وقته الذي أمضاه طيلة حياته فيُسأل يوم القيامة : عن عمره فيمَ أفناه ؟ وعن شبابه فيمَ أبلاه ؟
فيُسأل عن مرحلة الشباب ؛ لأنها هي مرحلة القوة ، ومرحلة الاكتساب ، وفيها الصحة والفراغ بخلاف حال الكِبَر ، وهي ومرحلة العمل للدار الآخرة .
كثير من الشباب أو الفتيات يقولون : إذا بلغنا الأربعين تُـبـنا !
أو يقول بعضهم : إذا كبرنا عقلنا ! [ هكذا يقولون ] !!!
وما علموا أن من شبّ على شيء شاب عليه ، ومن شاب على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بُعِث عليه .
ثم ما الذي يضمن لهؤلاء الأعمار ؟ من يضمن لهم أن يعيشوا إلى ستين أو سبعين سنة ؟ ثم إذا عاشوا هذا العمر ، فمن يضمن لهم السلامة من الآفات ؟
مَنْ يزور بعض المستشفيات يرى شبابا في مقتبل أعمارهم بعضهم لا يستطيع أن يقضي حاجته ، وبعضهم على كرسي متحرك منذ عشر سنوات أو أكثر . كم يتمنى بعضهم أن يُعطى العافية ليستغل دقائق عمره . وكم يتحسّر على أيام شبابه التي أمضاها في غير طاعة الله .
فلا تقل : لا زالت في مرحلة الشباب ولا تقولي : لا زلت صغيرةولا تقل : إذا كبُرت فسوف اعمل وأعمل ولكن بادر الآن واستغل وقتك فهو عمرك ، وسوف تسأل عنه . وتذكروا أن الفراغ نعمه يجب استغلاله في طاعة الله ، حتى لا تكن من الخاسرين . قال صلى الله عليه على آله وسلم : نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ . رواه البخاري . والغبن هو الخسارة البيّـنـة . فمتى اجتمعت الصحة والفراغ فقد تمّت النعمة للعباد . فقد يُعطى الإنسان الصحة ولا يُعطى الفراغ ، فيكون يكدح طوال النهار ، ثم يأتي آخر النهار وهو في غاية الجهد والتعب والإعياء والنَّصَب . وقد يكون الإنسان فارغاً ولكنه منشغل بصحته ، فليس لديه صحة ليعمل في فراغه . فمتى ما اجتمعت الصحة مع الفراغ ولم يستغلها المسلم أو المسلمة فقد تمّت خسارتهم . فحتى لا تكن ممن خسر الخسران المبين في عمره وصحته عليك باستغلال وقتك .
كان يُقال لنا في وقت الصبا قول من لا ينطق عن الهوى : اغتنم خمساً قبل خمس ؛ شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناءك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك . فما عرفنا قيمة الفراغ إلا بعد أن شغلتنا أموالنا وأهلونا !
قال الإمام الشافعي – رحمه الله – : صحبت الصوفية فلم أستفد منهم سوى حرفين :
أحدهما : قولهم : الوقت سيف ، فإن لم تقطعه قطعك . والثاني : قولهم : نفسك إن لم تشغلها بالحق وإلا شغلتك بالباطل .
كم نُضيع الأعمار ؟ فإذا جاء الصيف قلنا حـرّ ! وإذا جاء الشتاء قلنا بَـرْد ! وإذا جاء الربيع شُغلنا بزينته !
إذا كان يؤذيك حـرّ المصيف *** ويُبسُ الخريف وبَـرْدُ الشتاء ويُلهيك حسنُ زمـانِ الربيع *** فأخذك للعلم قل لي : متى ؟؟؟
وأما من لم يغنم وقته فسوف يندم محسناً كان أو مُسيئـا
إن كان مُحسِناً ندّم أن لا يكون ازداد إحسانا وإن كان مُسيئا ندم على إساءته وتفريطه بوقته
ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ما من أحد يموت ألا ندم . قالوا : وما ندامته يا رسول الله ؟ قال : إن كان محسنا ندِم أن لا يكون أزداد ، وإن كان مسيئا ندم أن لا يكون نزع . رواه الترمذي
قال ابن مسعود رضي الله عنه : ما ندمت على شيء ندمي على يومٍ غربت شمسه ، نقص فيه أجلي ولم يَزِد فيه عملي
رأفت الجندى المدير الإداري
العمر : 65عدد الرسائل : 9511بلد الإقامة : الفيوماحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 13231ترشيحات : 29الأوســــــــــمة :
موضوع: رد: هكذا كانوا يقضون أوقاتهـم 24/4/2009, 18:45
ا
أختى الكريمة صفاء الروحعتبر الإسلام وقت الفراغ لدى المسلم نعمة عظيمة تستحق التقدير والإستثمار، فهو فرصة مناسبة لتجديد
النشاط وترويح النفس ،؛ بل هو مظهر تكريم للإنسان ، وتقدير لجهوده ؛ فلهذا يحذرنا الإسلام من هدر وقت الفراغ وعدم تقدير نعمته . ففي الحديث الشريف الذي رواه إبن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )). فالصحة لدى المسلم ـ وهما متوفران لدى الشباب من أعظم النعم التي يكثر هدرها وإضاعتهما بأبخس الأثمان وأتفه الشواغل . لهذا جاء الهدي النبوي يدعونا للإستفادة منهما على الوجه الصحيح بالأنشطة المفيدة الممتعة بما يعزز دعم شخصية المؤمن ، والتزامه بقيمة وفضائله ، وينمي فيها حب العطاء ، وخدمة المجتمع ، والنصح لكل مسلم . ولا ريب أن حسن استثمار الشاب المسلم لوقت فراغه دليل خوفه من الله تعالى ، وشعوره بمراقبته ، وسبيل هام لتكوين شخصيته على أسس سليمة من العقيدة والسلوك والعطاء ، وهو أسلوب أمثل للوقاية من كل انحراف وتحلل . أما تقاعس الشباب في فراغه ، أو انشغاله بالعبث ، أو المحرمات ، فأمارة على ضعف المؤمن ، ومفتاح لانحراف شخصيته. ومن كلمات الحسن البصري في اغتنام فرص هذه النعمة العظيمة قوله رحمه الله : ((ما من يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ من قبل الحق : يا ابن آدم أنا خلق جديد ، وعلى عملك شهيد ، فتزود مني بعمل صالح ، فإني لا أعود إلى يوم القيامة )). ففي الحديث الذي رواه أبو برزة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : (لا تزول قدم عبد يوم القيامة حتى يسأل عن عمره فيم أفناه ، وعن علمه فيم فعل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه و فيم أنفقه ، وعن جسده فيم أبلاه ) أختى الكريمة صفاء الروح أشكرك
محمد عبد القوى مشرف
عدد الرسائل : 7866بلد الإقامة : مصراحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 15657ترشيحات : 10
موضوع: رد: هكذا كانوا يقضون أوقاتهـم 25/4/2009, 18:45
حفظك الله استاذتنا
المفكرة والكاتبة الاسلامية الكبيرة صفاء الروح لهذا الموضوع القيم
وهذا السبب هو الذى يجعل الامم والشعوب تتفوق على بعضها البعض
وشكرا لاستاذنا الكبير رافت الجندى هذه الاضافة
الأم الطيبة مشرف
عدد الرسائل : 949بلد الإقامة : A R Eاحترام القوانين : العمل : الحالة : نقاط : 6763ترشيحات : 9
موضوع: رد: هكذا كانوا يقضون أوقاتهـم 25/4/2009, 20:16