جوجل ومناهج الدراسة
ساحة صراع جديد يخوضه الفلسطينيون
لم تكتف "إسرائيل" بإجراءاتها العنصرية في حق الفلسطينيين على الأرض، بل تجاوزت ذلك إلى الضغط على محرك البحث العالمي "غوغل" لإزالة اسم "فلسطين" في يوم 24 تموز/ يوليو الماضي، وحذفه من خرائطها الخاصة، والاستعاضة بـ"إسرائيل"، بعدما كانت خرائط "غوغل" تضع اسم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى جانب "إسرائيل".
رفض شعبي
وتسبب قرار "غوغل" بانطلاق حملات رافضة له، وجمع تواقيع ضده في الأيام التي تلت صدوره، وأطلق مغردون عرب "هاشتاغات" للهجوم على محرك البحث العالمي، منها
#خرايط_جوجل_تحذف_فلسطين، نددوا من خلالها بسياسات "غوغل" الأمريكية الداعمة لـ"إسرائيل"، محذرين من خطورة هذه الخطوة، ومطالبين بمقاطعة الشركة بهدف الضغط عليها.
من جانبه؛ اعتبر رئيس منتدى الإعلاميين الفلسطينيين في غزة، عماد الإفرنجي، أن "ما قام به غوغل يعدّ جريمة، ويأتي ضمن المخطط الإسرائيلي الرامي لترسيخ (إسرائيل) اسمها كدولة للأجيال القادمة، وإلغاء (فلسطين) بصورة نهائية، ومحو اسمها من أي خارطة".
وقال الإفرنجي إن "القرار يهدف إلى تزييف التاريخ والجغرافيا والواقع بأحقية الشعب الفلسطيني بأرضه ووطنه، مستجيبا لضغط وإملاءات اللوبي الصهيوني"، مطالبا إدارة "غوغل" بالعمل على ترسيخ اسم "فلسطين"، والعودة عن قرارها المنافي للمواثيق الدولية، "وتقديم اعتذار رسمي للشعب الفلسطيني".
خطأ فني
وبعد انطلاق الحملات الإعلامية الرافضة للقرار، والعرائض التي وصل عدد التواقيع فيها إلى أكثر من 300 ألف من مختلف أنحاء العالم؛ قالت المتحدثة باسم "غوغل" إليزابيث دافيدوف في 12 آب/ أغسطس الماضي، إن شركتها "لم تحذف اسم فلسطين من خرائطها؛ لأنها لم تستخدم تسمية الأراضي الفلسطينية من قبل، وإن تسمية قطاع غزة والضفة الغربية يظهران منفصلين عن "إسرائيل" على الخريطة، وما حصل كان مجرد خطأ فني تقني في حذفهما".
لكن موقع "change.org" الأمريكي المتخصص برصد التفاعل على شبكات الإنترنت، شكك بصحة تبريرات "غوغل" حول المشكلة التقنية؛ مشيرا إلى أن حذف الضفة وغزة شمل جميع لغات الإدخال، ولذلك فإن الموضوع "ليس مشكلة تقنية في محرك بحث، بل قضية تخص كل الفلسطينيين".
أما الناشط السياسي الفلسطيني، مصطفى أبو زر، فاعتبر أن "سياسات المواقع وشبكات التواصل المحابية لإسرائيل؛ تأتي تتويجا لجهود الأخيرة لتعزيز مكانتها على الخارطة الإلكترونية، ومحاولة محو اسم فلسطين عنها، وهذه جهود تبذل بشكل مدروس من مكتب رئيس الوزراء ووزارتي الخارجية والقضاء الإسرائيليتين، كما ظهر مؤخرا من لقاءات واتفاقيات إسرائيل مع تلك المواقع".
وقال أبو زر إن "هناك ضعفا لدى السلطة الفلسطينية بهذا الجانب، لأن الجهود الفلسطينية والعربية الفردية لمواجهة إسرائيل إلكترونيا تحتاج تبنيا رسميا من السلطة والدول العربية".
قضية أخرى
في سياق متصل؛ أعلن السفير الفلسطيني في التشيك، خالد الأطرش، في 31 آب/ أغسطس الماضي، أن التشيك قررت تصحيح المعلومات التي ذكرها الأطلس المدرسي في مدارسها بأن القدس عاصمة "إسرائيل"، معللة ذلك بأن ما ورد في الأطلس ليس مرفوضا فقط من الفلسطينيين، بل يخالف القانون الدولي والموقف الرسمي الأوروبي، الذي يعتبر القدس عاصمة لفلسطين و"إسرائيل" معا.
بدوره؛ قال مدير عام التعليم العالي في وزارة التربية والتعليم الفلسطينية، خليل حماد، إن "الفلسطينيين يعتبرون مناهج التدريس ساحة لا تقل شراسة ضد إسرائيل عن ميدان المواجهة العسكرية معها؛ لأنه يتم فيها تلقين الأجيال الصاعدة مفاهيم الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف : "نحن نحرص على ترسيخ المفاهيم الوطنية منذ المراحل الدراسية الأولى، ونجري بين حين وآخر دراسات مسحية على المناهج الدراسية، لمعرفة ما تتضمنه من مصطلحات وطنية مثل: القدس، وفلسطين، وحق العودة، والمقاومة المسلحة".
وأشار إلى أن مدير منظمة "إمباكت" العالمية، ماركوس شيف، التي تفحص مناهج التعليم الفلسطينية، قال في 4 حزيران/ يونيو، إن "رفض الطلاب الفلسطينيين لوجود إسرائيل ما زال مستمرا، وإن مدارسهم تعظم شأن منفذي العمليات المسلحة، ولم يتم العثور على اسم إسرائيل في الخرائط الجغرافية التي يدرسونها".
مناهج عربية
وثارت ضجة على مستوى العالم العربي في 17 أيلول/ سبتمبر، إثر وضع كلمة "إسرائيل" على خارطة فلسطين في كتاب الجغرافيا في الجزائر، وتناولت الصحافة المصرية في آب/ أغسطس تقييم وجود "إسرائيل" في المناهج الدراسية المصرية، فوجدت أن "إسرائيل" يتم تعريفها على أنها صديقة لمصر.
واعتبر الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" حماد الرقب، أن "بعض المناهج الدراسية العربية أضافت إسرائيل في كتبها، وشطبت جزءا مهما من الثقافة التي تعتبرها عدو العرب الأول"، وهو "أمر ممنهج وليس عشوائيا".
وأضاف أن تضمين هذه المصطلحات في المناهج العربية يأتي في سياق تراجع التأثير الفلسطيني والعربي؛ مقابل النفوذ الإسرائيلي.