يساريون مغاربة حلقوا شعر عاملة غضب شعبي وصمت حقوقي
أثار قيام فصيل طلبة البرنامج المرحلي ـ النهج الديمقراطي القاعدي (يسار متطرف) بحلق "شعر" عاملة في مقصف كلية العلوم بمكناس (شمال شرق الرباط) موجة غضب شعبية متصاعدة، وسط صمت مفاجئ للجمعيات الحقوقية. ولم يكتف الفصيل المتطرف بذلك فقد أقام للعاملة "محاكمة" واتهمها بالعمالة لأجهزة الأمن، قبل أن يقرر تنفيذ العقوبة بحقها، من خلال حلق شعرها بالكامل، كما حلق حاجبيها، وتم صفعها 40 صفعة.
الجريمة
تعود أطوار الحادثة إلى مساء الأربعاء، بعد إقدام عناصر من الفصيل الطلابي "النهج الديمقراطي القاعدي- البرنامج المرحلي"، بالاعتداء على عاملة بمقصف كلية العلوم بجامعة المولى إسماعيل بمكناس (شمال)، بالسلاح الأبيض أمام جميع الطلبة من خلال محاكمة جماهيرية، قبل أن يقوموا بحلق شعرها وإزالة حاجبيها بالكامل. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بسحب شهود عيان، فعندما حاولت شقيقة الضحية، التي تساعدها في العمل، التدخل لإنقاذها، وجدت نفسها ضحية اعتداء بالسيوف نقلت على إثره إلى مستشفى محمد الخامس بمكناس لتلقي العلاج
الغضب الشعبي
تحولت وسائط التواصل الاجتماعي إلى منصات للهجوم على الدولة وأجهزتها الأمنية التي اتهمها النشطاء بالتقاعس عن حماية المواطنين، خاصة وأن هذا الفصيل الطلابي معروف بأنه ينهج العنف ويستعمل السلاح الأبيض عند حل الخلافات. وعبر مجموعة من النشطاء المغاربة عن إدانتهم للاعتداء غير المبرر من طرف فصيل طلابي متهم بخدمة أجندات سياسية لحزب معارض، واستنكروا صمت الجمعيات والهيئات الحقوقية التي "يصيبها الخرس" كلما تعلق الأمر بالفصيل الطلابي "المسلح"، في مقابل أنها تنتفض إزاء قضايا توصف بـ"العادية". مئات التعليقات والتدوينات انتقدت بشدة عدم تحرك هذه الجمعيات للدفاع عن الفتاة التي تعرضت لاعتداء داخل كلية العلوم بمكناس، حيث اعتبر العديد من المعلقين أن القضية، ربما لا تهم هذه الجمعيات التي تدافع فقط عن قضايا نسائية لها علاقة "بالعري وبقضايا المثليين جنسيا". وطالب النشطاء بمعاقبة المتورطين في الاعتداء على الفتاة القاصر وأختها بأقصى العقوبات، وبمحاربة المجموعات الإجرامية التي تنشط داخل الحرم الجامعي وتهدد حياة الطلبة ومن بينها فصيل ما يعرف بالبرنامج المرحلي المنتمي للنهج القاعدي.
الأمن يوقف المعتدين
وأعلنت السلطات الأمنية، الخميس، عن توقيف طالبين جامعيين يتابعان دراستهما بكلية العلوم بمدينة مكناس (شمال المغرب)، وذلك للاشتباه في تورطهما في قضية الاعتداء بالضرب والجرح العمدين وحلق شعر العاملة بمقصف الكلية. وأكدت السلطات في بلاغ رسمي، أنها حجزت لدى المشتبه فيهما سلاحين أبيضين من الحجم الكبير، كما تم تقديم الإسعافات الأولية لأحدهما بالمستشفى، بعدما أصيب بحالة إجهاد عند محاولته الفرار خلال عملية التدخل الأمني. وأوضحت التحريات الأمنية أن الموقوفين شاركا بشكل مباشر في الاعتداء الجسدي على فتاة تعمل بمقصف الجامعة، وذلك بعد أن تم تكبيل يديها وحجب رؤيتها بواسطة وشاح قطني وحلق شعر رأسها بشكل قسري. وأشارت في البلاغ ذاته إلى أنه تم الاحتفاظ بالمشتبه فيهما تحت الحراسة النظرية رهن إشارة البحث الذي تشرف عليه النيابة العامة المختصة، بينما لا تزال التحريات متواصلة لتوقيف باقي المتورطين في القضية.
فرق البرلمان تتحرك
وتحرك مجموعة من البرلمانيين بشكل فردي أو من خلال فرقهم للتعبير عن إدانتهم ورفضهم للاعتداء على الفتاة العاملة، مطالبين بمحاسبة المتورطين في الاعتداء. ووجه رئيس فريق التقدم الديمقراطي (يساري حكومي) بمجلس النواب رشيد روكبان، رسالة باسم فريقه إلى رئيس مجلس النواب، للحديث عن العنف الجامعي، في الجلسة الأسبوعية، على ضوء الاعتداء الذي تعرضت له العاملة بالمقصف الجامعي. واعتبر روكبان أن الاعتداء على العاملة سلوك إجرامي مرفوض، معبرا عن إدانة واستنكار فريقه له بقوة، مطالبين بالتصدي له بكل صرامة وفي إطار القانون بتحريك مسطرة المتابعة القضائية في حق المتورطين. وقال رشيد روكبان في الرسالة ذاتها، إن "ما حدث يفرض علينا كممثلين للأمة إثارة هذه القضية في مجلس النواب، في أفق اتخاذ الإجراءات القانونية الزجرية في حق مرتكبي هذه الأفعال، والتصدي لمثل هذه السلوكات التي تبين مرة أخرى، درجة العنف الذي وصل إليه العنف في الجامعة المغربية". وطالب النائب البرلماني عن الفريق الاشتراكي (يساري معارض) أحمد المهدي مزواري في رسالة موجهة لرئاسة الحكومة، الخميس، بالكشف عن الإجراءات والتدابير المتخذة لضمان أمن وسلامة الطلبة والعاملين بالجامعات والأحياء الجامعية. وشدد مزواري على أن حادث الاعتداء الجسدي الشنيع على الفتاة العاملة بمقصف الحي الجامعي أثار استياء عميقا لدى الرأي العام الوطني نظرا لبشاعة الفعل المرتكب من خلال تكبيلها والاعتداء عليها جسديا وحلق شعرها بشكل قسري ليتم بذلك تحويل الجامعة والأحياء الجامعية من فضاء للعلم والحوار الديمقراطي إلى فضاء للعنف والترهيب.
تهرب حقوقي
على غير عادتها، تهربت كبرى الجمعيات الحقوقية والهيئات النسائية من التعليق على واقعة حلق طالبين جامعيين ينتميان لفصيل "البرنامج المرحلي"، لشعر عاملة بمقصف كلية العلوم بمكناس. ورغم محاولات "عربي21" الاتصال برئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أحمد الهايج، إلا أن هاتفه كان خارج التغطية، كذلك ظل هاتف الناشطة الحقوقية خديجة الرياضي، يرن دون أن ترد. وقال رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان: "لا أستطيع إبداء رأيي حول الموضوع، نظرا لغياب التفاصيل"، وسجل أن "الجمعية ستعمل على جمع المعطيات اللازمة، حتى يتبين من الظالم ومن المظلوم". وقالت منسقة "تحالف ربيع الكرامة" (النسائي): "لا علم لنا بالموضوع، ولا أستطيع أن أعلق على شيء ما لم أطلع على تفاصيله". وتجدر الإشارة إلى أن فصيل "البرنامج المرحلي" متهم بقتل الطالب عبد الرحيم حسناوي سنة 2014، كما تسبب في خلق الفوضى والصراع المسلح في الجامعات المغربية، إضافة إلى أن فعاليات سياسية ومدنية تقر بأنه تنظيم سري ينتمي لتيار الفساد، ويُمول بالمال العام لممارسة العنف في الجامعات، كما أنه مدفوع من طرف جهات لا تؤمن بالمشروعية، لاستهداف قيم الحوار والتعاون.
يساريون مغاربة حلقوا شعر عاملة .. غضب شعبي وصمت حقوقي