إنتشرت في الفترة الأخيرة ظاهرة أثرت بشكل كبير على كافة الألعاب الرياضية، بقيام العديد من الدول بتجنيس بعض الرياضيين المميزين، وإغراءهم بالأموال من أجل صناعة تاريخا رياضيا لها أو بمعنى أصح القيام بشراءه.
الظاهرة ظهرت في أسوء صورها بداية من اعتماد قطر على فريق شبه كامل من المجنسين ببطولة كأس العالم لكرة اليد الأخيرة، وصولا لدورة الألعاب الأوليمبية الحالية بريو دي جانيرو.
توما سيرجيو يربح ميدالية للإمارات
نجحت الإمارات في تحقيق ميدالية أوليمبية لها بريو دي جانيرو، ولكن عن طريق "المولدوفي" توما صاحب برونزية الجودو، الإنجاز يبدو إماراتيا ولكن ماذا يعلم توما عن بلده الجديدة؟ وهل إذا تلقى عرضا أعلى ماليا هل سيرفض بداعي الانتماء؟
الإمارات ليست الوحيدة، فناهيك عن قطر التي تضم بعثتها فريقا من أصول سودانية ونيجيرية ومغربية وكينية لألعاب القوى، وفريق يد خليطا من جنسيات كرواتية،اسبانية، فرنسية وصربية.
البحرين أيضا لها نصيب من تجنيس الرياضيين، بـ6 اثيوبيين بألعاب القوى و3 نيجيرين ولاعب مغربي.
التجنيس في كرة القدم
عدم وجود ضوابط لدى الاتحادات الرياضية المختلفة على تجنيس اللاعبين، تسبب في انتشار الظاهرة بشكل واسع بين مختلف البلدان خاصة العربية على مستوى ألعاب القوى ورفع الأثقال وتنس الطاولة.
الأمر يختلف تماما في كرة القدم، بسبب اللوائح التي وضعها الاتحاد الدولي لفرض ضوابط صارمة على مشاركة أي لاعب مع منتخب آخر غير بلاده والتي تنص على عالتالي:
- ضرورة إقامة اللاعب المجنس في دولته الجديدة بعد بلوغه 18 عاما لمدة 5 أعوام قبل تمثيل منتخبها الوطني
- عدم وجود أي روابط للاعب ببلده الجديدة قبل التجنيس يجعلها حالة غير شرعية
- ان يكون اللاعب مولودا في بلد الاتحاد المعني بالجنسية، او ان يكون والده او والدته ولدا في بلد الاتحاد المعني، او ان يكون جده او جدته ولدا في بلد الاتحاد المعني". واضاف " يجب ان يكون هناك على الاقل احد هذه الشروط الاربعة كي يتمكن اللاعب من الدفاع عن الوان البلد الذي يعرض عليه الجنسية".
- الأهم هو مكان الولادة للأهل وليس الجنسية ومدة معيشته بالدولة التي يريد الحصول على جنسيتها
- اللاعب الذي يتم تسجيله ومشاركته ولو دقيقة واحدة مع منتخب لا يحق له تمثيل اي منتخب آخر طوال حياته
لماذا تتجه الدول واللاعبين للتجنيس؟
بعض الدول مثل قطر وغيرها من البلاد المستقرة اقتصاديا، تمتلك إمكانيات وأكاديميات رياضية على أعلى مستوى ولكنها ليس لديها الكثافة السكانية المناسبة أو الاهتمام الكافي لدى سكانها بالألعاب الرياضية المختلفة، مما يتسبب في حالة فقر بالمواهب الرياضية.
وهناك أيضا بعض اللاعبين في بلاد مثل البرازيل يجدون صعوبة كبيرة بإيجاد مكانا له بالمنتخب الوطني لوجود زخم كبير بالنجوم، لذلك يتجهون للعب تحت إسم بلاد أخرى، وتبدو الفرصة مغرية جدا لبعض الدول التي تريد خطف موهبة فذة غير متوفرها بصفوفها.
وتأتي حالة أخرى تسير على اللاعبين الأفارقة الذين قضوا معظم حياتهم في دول مثل فرنسا والبرتغال، يرتبطون بالشكل أكبر بالبلاد التي عاشوا بها وطوروا خلالها من مسيرتهم، لذلك اللعب بإسم منتخب أوروبي كبير يبدو أكثر جاذبية من دول آخرى أفريقية فرصتها ضعيفة في المنافسة على البطولات الكبرى.
ماذا لو تم تخفيف هذه الضوابط؟
يعتبر الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" من أشد المنظمات المعارضة لمبدأ تجنيس اللاعبين، ويعمل بشكل كبير على حظر انتشاره حتى لا يتم إفساد اللعبة ويصبح المال هو العامل الوحيد لتحريكها حتى على مستوى المنتخبات الوطنية.
وفي الوقت الحالي بارتفاع أسعار اللاعبين إلى حد وصل لانتقال جونزالو هيجواين ليوفنتوس بـ94 مليون يورو، وبول بوجبا بـ100 مليون، والغزو الصيني لأوروبا مع رفع الرقابة وتخفيف أجراءات التجنيس سيتسبب في كارثة تهدم إنتماء أي لاعب لبلاده.
وعلى سبيل المثال في حالة التخلي عن شرط عدم خوض اللاعب لأي مباراة مع منتخب آخر قبل التجنيس، سنرى الصين تكون منتخبا يفوز بأي بطولة ممكنة مستغلة إمكانياتها المالية.
أبرز المجنسين في تاريخ كرة القدم
ألفريدو دي ستيفانو : ولد دي ستيفانو في الأرجنتين ولكنه فضل تمثيل منتخب كولومبيا قبل أن يتجه لتمثيل أسبانيا ذلك قبل تغيير لوائح الفيفا.
زين الدين زيدان : أسطورة أخرى من أساطير ريال مدريد، ولد في الجزائر، ليمثل فرنسا ويفوز معها بكأس العالم ويورو 2000 ويجعل نفسه أيقونة كروية فرنسية.
جونزالو هيجواين : يعتبر هيجواين أغلى مهاجم في العالم من أشهر اللاعبين في الأرجنتين، ولكن ما لا يعلمه الكثيرون أن نجم اليوفي ولد في فرنسا ويحمل جواز سفر فرنسي قبل أن يتم تسجيله في منتخب الأرجنتين عام 2007.
ميروسلاف كلوزه وبودولسكي: الثنائي الألماني ظهرا بشكل مميز من ضمن أفضل العناصر المؤثرة بالمانشافت، خاصة بولدولسكي الذي سجل 71 هدفا بقميص ألمانيا، ولكنه مثل بودولسكي من أصول بولندية.
إزيبيو: يعتبر الموزمبيقي الأصل رفقة رونالدو يعتبر من أفضل اللاعبين في تاريخ كرة القدم البرتغالية، بل يعتبره الكثيرون الأعظم بحصوله على 11 لقب مع بنفيكا منهم بطولة أوروبية مسجلا 473 هدفا في 440، وفاز بالكرة الذهبية في 1966.
باتريك فييرا: موهبة أفريقية أخرى ولدت في السنغال لمع بشكل لافت مع فرنسا وأرسنال وفاز بالعديد من البطولة أكبرها كأس العالم 1998.
بيبي : ولد مدافع ريال مدريد في البرازيل، قبل أن ينتقل للبرتغال في 2001 ، وطلب منه دونجا مدرب البرازيل وقتها تمثيل منتخب الساليساو، ولكنه رفض ليلعب مع البرتغال في 2007 ويصبح من أبرز المدافعين على مدار تاريخها ويتوج بيورو 2016 الأخيرة.
كلارينس سيدورف: من أفضل اللاعبين في تاريخ هولندا، توج بأربع بطولات دوري أبطال أوروبا، ربما لم يكن ليحقق هذه الإنجازات لو احتفظ بجنسيته السورينامية.
ماورو كامورانيزي: اشتهر بشكل كبير مع يوفنتوس والمنتخب الإيطالي في بداية الألفينات، ولم يعلم الكثيرون أنه من أصول أرجنتينية، ولكنه تمكن من اللعب بإسم إيطاليا بسبب جده، ليفوز بكأس العالم مع الأزوري في 2006.
ديكو: لاعب برازيلي آخر اختار اللعب بإسم البرتغال، ليلعب بجوار عمالقة بحجم لويس فيجو، روي كوستا، نونو جوميش وغيرهم في يورو 2004، نظرا لصعوبة فرصته بتمثل البرازيل.
إدجار ديفيدز: نفس حالة سيدورف، حيث ولد نجم يوفنتوس وأياكس السابق في سورينام، قبل أن يشق طريقه في هولندا ويصبح من أبرز لاعبي الوسط بتاريخها.
مسعود أوزيل: ولد أوزيل في تركيا قبل أن ينتقل للعب في ألمانيا ويحصل على جنسيتها ليحصل على فرصة أكبر للظهور على الساحة الأوروبية باللعب لريال مدريد وأرسنال.
بعضهم تعرض للعنصرية
من أضرار التجنيس هو تواجد بعض اللاعبين بمنتخبات وسط عدم ترحيب من فئة عنصرية بجمهورها، وهذا ما تعرض له ماريو بالوتيلي ذو الأصول الغانية مع المنتخب الإيطالي.
وعانى أيضا كل من البرازيلي دييجو كوستا حينما قرر اللعب لمنتخب أسبانيا، بالإضافة للألماني جيروم بواتنج صاحب الأصول الغانية.
حتى إيدر صاحب الفضل الأهم لفوز البرتغال بيورو 2016، تعرض لوابل من العنصرية والشتائم لجماهير فريقه، حيث طالبوه بالعودة لبلاده غينيا بيساو.