اليهود أبرع الناس في الترويج للنظريات التي تنفعهم وتضر غيرهم
ى يفك الشيخ طنطاوى الخلط بين المصطلحات والمسميات حاول أن يبين سبب تسمية اليهود بالعبريين؟. فقال: «إن أشهر أسماء بنى إسرائيل: العبريون، والإسرائيليون، ويهود أو اليهود، وقد اختلفت الآراء فى سبب تسميتهم العبريين أو العبرانيين. فقيل: إنهم سموا بالعبريين نسبة إلى (إبراهيم) نفسه، فقد ذكر فى سفر التكوين باسم (إبرام أو إبراهام العبرانى) لأنه عبر نهر الفرات وأنهارا أخرى. وقيل: إنهم سموا بالعبريين نسبة إلى «عبر» وهو الجد الخامس لإبراهيم عليه السلام».
وخالف الدكتور «إسرائيل ولفنسون» الرأيين السابقين، وأبدى رأيا ثالثا فى سبب هذه التسمية، فقال: «إن كلمة عبرى ترجع إلى الموطن الأصلى لبنى إسرائيل، وذلك أنهم كانوا فى الأصل من الأمم البدوية الصحراوية التى لا تستقر فى مكان، بل ترحل من بقعة إلى أخرى بإبلها وماشيتها للبحث عن الماء والمرعى، وكلمة عبرى فى الأصل مشتقة من الفعل الثلاثى عبر بمعنى: قطع مرحلة من الطريق، أو عبر الوادى أو النهر من عِبرِهِ إلى عِبرِهِ أو عبر السبيل: شقها، وكل هذه المعانى موجودة فى هذا الفعل سواء فى العربية أو العبرية، وهى فى مجملها تدل على التحول والتنقل، الذى هو من أخص ما يتصف به سكان الصحراء، وأهل البادية، فكلمة عبرى مثل كلمة بدوى، أى: ساكن الصحراء أو البادية، وقد كان الكنعانيون والمصريون والفلسطينيون يسمون بنى إسرائيل: بالعبريين، لعلاقتهم بالصحراء، وليميزوهم عن أهل العمران، ولما استوطن بنو إسرائيل أرض كنعان وعرفوا المدنية والاستقرار صاروا ينفرون من كلمة عبرى التى كانت تذكرهم بحياتهم الأولى حياة البداوة والخشونة، وأصبحوا يؤثرون أن يعرفوا ببنى إسرائيل فقط».
ومن كلام الدكتور «ولفنسون» نستخلص، حسب دراسة الشيخ طنطاوى: «أنه يرى أن تسمية بنى إسرائيل بالعبريين ليس سببها حادثة بعينها، أو شخصا بعينه، وإنما سببها معيشتهم فى الصحراء، وعبورهم للرعى، والبحث عن وسائل العيش من مكان إلى آخر».
هذا وقد نشرت إحدى المجلات بحثا للأب إسحاق ساكا عنوانه: «معنى التسميات للشعوب السامية الثلاثة الكبرى». رجح فيه الرأى الأول فقال: «وقد رجح العلماء الثقات ومنهم العالمان السريانيان «ابن الصليبى» المتوفى سنة 1171م، و«ابن العبرى» المتوفى سنة 1286م، الرأى الأول، وهو: أن التسمية ناتجة عن عبور إبراهيم (عليه السلام) نهر الفرات، وأيد ابن العبرى قوله بالترجمة اليونانية «أكوبلا» التى تترجم «العبرانى» بـ«المجتاز» أو العابر،
وقد أخذ بهذا الرأى أيضا الدكتور ليفن فقال: «إنه مشتق من فعل معناه عبور النهر»، وفى هذا إشارة إلى عبور إبراهيم نهر الفرات، وفى هذه الحالة يمكن أن تترجم الكلمة إلى «مهاجر» وهذه قد تظهر طريقة الكنعانيين فى التحدث عن «إبراهيم». ومما يؤكد هذا الرأى أيضا ما جاء فى «سفر يشوع»: «هكذا قال الرب إله إسرائيل فى عبر النهر سكن آباؤكم منذ الدهر، تارح أبو إبراهيم وأبو ناحور، وعبدوا آلهة أخرى، فأخذت أباكم إبراهيم من عبر النهر، وسيَّرته فى جميع أرض كنعان».
ثم تابع الأب «ساكا» كلامه فقال: «وإضافة إلى ذلك نقول: إن هذه اللفظة لم تظهر إلا بعد اجتياز إبراهيم نهر الفرات» هذا فضلا عن أن الأخذ بهذا الرأى أقرب إلى الصحة من الرأيين الآخرين. كيف لا، وهو رأى معظم العلماء وفحولهم؟
وأما الرأى الثانى فالأخذ به صعب، أولا: لأن بين «إبراهيم» الذى كان أول من وصف بهذه التسمية وبين عابر أو عبر مدة ستة أجيال متوالية، فلو شاء إبراهيم أن ينسب إلى أحد أجداده لكان من البدهى أن يعزى إلى سام أشهر أجداده.
ثانيا: لو كانت النسبة إلى عابر فلِمَ لم ترد فى الكتاب طيلة ستمائة سنة؟ ولِمَ لم يسم بها «إبراهيم» قبل عبوره نهر الفرات وهو بعد فى أرضه وعشيرته؟ وما الحكمة فى نسبته إلى عابر دون غيره؟ ولِمَ لم ينوه كاتب التوراة بذلك؟ هذا كله يحملنا على استبعاد هذا الرأى من الأذهان.
أما الرأى الثالث: وهو رأى الدكتور «ولفنسون» فلا يركن إليه، لأنه لو كانت التسمية متأتية من الهجرة والتنقل لكانت معظم الأمم السامية نعتت بها.
وختم الشيخ طنطاوى هذه النقطة بقوله: «هذه بعض الآراء التى تعرضت لسبب تسمية بنى إسرائيل بالعبريين أو العبرانيين، ويبدو لنا أن أرجحها هو الرأى الأول، لأنه ــ كما قال الأب «إسحاق ساكا» ــ هو رأى معظم العلماء وفحولهم.
ننتقل بعد ذلك إلى بيان سبب تسميتهم بالإسرائيليين، أو بنى إسرائيل فنقول: سموا بذلك نسبة إلى أبيهم «إسرائيل»، وهو «يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم» )عليهم الصلاة والسلام). وإسرائيل كلمة عبرانية مركبة من «إسرا» بمعنى: عبد أو صفوة، ومن «إيل» وهو الله، فيكون معنى الكلمة: عبدالله، أو صفوة الله».
أما سبب تسميتهم بيهود، حسب الدراسة، فقيل إنهم سموا بذلك حين تابوا عن عبادة العجل وقالوا إنَّا هُدنا إليك أى تبنا إليك، أو لأنهم يتهودون، أى يتحركون عند قراءة التوراة، وقيل إنهم سموا يهودا نسبة إلى يهوذا الابن الرابع ليعقوب (عليه السلام).
نعم الله على بنى إسرائيل
فى فصله الخامس تحدث طنطاوى عن نعم الله على بنى إسرائيل وموقفهم الجحودى منها، وسرد هذه النعم: تفضليهم على العالمين، وإنجاؤهم من عدوهم فى قول القرآن: «وإذ نجيناكم من آل فرعون»، وفرق البحر بهم، وعفو الله عنهم بعد عبادتهم للعجل، وتظليلهم بالغمام وإنزال المَن والسلوى عليهم، وتمكينهم من دخول بيت المقدس.
ولكى يحدث التوازن كتب الشيخ طنطاوى فصلا عن رذائل اليهود منها: نقضهم للعهود والمواثيق، وكراهيتهم الخير لغيرهم بدافع الأنانية والحسد، وطلبهم من نبيهم موسى أن يجعل لهم إلها كما لغيرهم آلهة.
ووضع الشيخ طنطاوى خلفية غلفت بحثه عن نعم الله لبنى إسرائيل ورذائلهم، فى بحثه عن دعاوى اليهود الباطلة، وسرده فى مائة صفحة لتلك الدعاوى الباطلة، مثل دعواهم أن النار لن تمسهم إلا أياما معدودات، ودعواهم الإيمان بما أنزل عليه، ودعواهم أن الجنة لن يدخلها إلا من كان يهوديا، وقولهم يد الله مغلولة. وفى هذا الفصل ذكر طنطاوى نماذج من إفسادهم فى الأرض عن طريق القتل والاغتيال، والتجسس، وإثارة الفتن والحروب والثورات؛ ومن ذلك أنهم أوقدوا الحربين العالميتين، وهم وحدهم الذين استفادوا من ورائهما المال الوفير، وأن العدوان الثلاثى على مصر كان من تدبيرهم، وهم الذين أعدوا للثورة الشيوعية، سنة 1917، وتولوا زمام الحكم بعد نجاحها؛ إذ كان المكتب الشيوعى مكونا من سبعة عشر عضوا منهم أربعة عشر يهوديا وثلاثة من أصول يهودية زوجاتهم يهوديات. وهم الذين وراء إنشاء الحركة الماسونية، كما أنهم أشاعوا الرذائل والفواحش.
ومن الفقرات الغريبة على العقل، وتحتاج إلى مناقشات جدية، ما أورده الشيخ طنطاوى تحت عنوان: «الأفكار الخبيثة»، حيث أكد أن اليهود ــ دون أن يفرق بين اليهودية كديانة وبين الصهيونية كحركة دينية سياسية استعمارية ــ أبرع الناس فى الترويج للمبادئ والمذاهب والفلسفات والنظريات، التى تنفعهم وتضر غيرهم.
لقد رفعوا ــ حسب تأكيدات الشيخ ــ نيتشه إلى القمة؛ لأنه سخر من الأخلاق الفاضلة، كالرحمة والشفقة، ونادى بأخلاق العنف والاستخفاف بالقيم، التى تتفق مع الروح اليهودية الشريرة، وتاريخها الأسود.
ورفعوا دارون صاحب نظرية النشوء والارتقاء إلى مرتبة العظماء، وروجوا لمذهبه واستخدموه لمصلحتهم فى التهوين من شأن الأديان والأخلاق؛ لأنه ما دام كل شىء يبدأ ناقصا مشوها ثم يتطور ــ كما يرى دارون ــ إذن فلا قداسة لدين، ولا لخلق، ولا لعرف متبع.
ثم استشهد طنطاوى بكتاب «الصهيونية العالمية» لمحمود عباس العقاد فى هذه النقطة، واقتطف فقرة من هذا الكتاب، جاء فيها: «ولن تفهم المدارس الحديثة فى أوروبا ما لم تفهم هذه الحقيقة، وهى: أن إصبعا من الأصابع اليهودية كامنة وراء كل دعوة، أو فكرة تستخف بالقيم الأخلاقية وتهدف إلى هدم القواعد التى يقوم عليها مجتمع الإنسان فى جميع الأزمان.
فاليهودى «كارل ماركس» وراء الشيوعية التى تهدم قواعد الأخلاق والأديان. واليهودى «دركيم» وراء علم الاجتماع الذى يلحق نظام الأسرة بالأوضاع المصطنعة، ويحاول أن يبطل آثارها فى تطور الفضائل والآداب. واليهودى «سارتر» وراء الوجودية، التى نشأت معززة كرامة الفرد فجنح بها إلى حيوانية تصيب الفرد والجماعة، ومن الخير أن تدرس المذاهب الفكرية بل الأزياء الفكرية، كلما شاع منها فى أوروبا مذهب جديد، ولكن من الشر أن تدرس بعناوينها ومظاهرها دون ما وراءها من عوامل المصادفة والتدبير المقصود».
أما السؤال الذى يطرح نفسه هل أعمال ماركس أو نيتشه أو دركيم أو دارون يجب أن نحذر منها ونتجنبها لمجرد أنهم يهود؟!
بعد ذلك تعرض الشيخ طنطاوى إلى حال المرأة اليهودية، إذ قال إنها مشهورة بفرش عرضها فى سبيل الحصول على منفعة ما، واليهود يعتمدون على المرأة اعتمادا كبيرا من أجل غاياتهم ومطامعهم. واليوم هم أصحاب بيوت الدعارة فى العالم، وهم ناشرو الانحلال الجنسى والخلقى فى كل مكان. وفى دولة إسرائيل عشرات القرى لا تخضع فى علاقاتها الجنسية لنظم الزواج، وإنما تقوم العلاقات بين الرجال والنساء على الإباحية المطلقة.
وقد أورد الشيخ قصة «استير»، قائلا: «وقصة اليهودية الجميلة استير معروفة ومشهورة، وملخصها أن عمها مردخاى قدمها لأحد ملوك الفرس، وقد استطاعت بخداعها وجمالها أن تقرب بين الملك وبين عمها، وكان للملك وزير يدعى هامان كان الفرس يسجدون له ويعظمونه، ولكن مردخاى رفض أن يسجد مع الساجدين؛ لأنه صديق الملك، فدبر هامان مكيدة للقضاء عليه، وعلى اليهود فى بلاد الفرس، واستصدر من الملك قرارا بالتنكيل بهم فى يوم 13 آذار ــ مارس.
ولكن استير وعمها استطاعا أن يرسما خطة يظهران بها أن هامان يعمل على سلب الملك سلطته ونجحت خطتهما، وأصدر الملك قرارا بشنق هامان، وبلغ عدد من قتلهم اليهود فى تلك المجزرة من الفرس 15 ألف نسمة، ومن يومها صار اليوم التالى وهو يوم 14من مارس عيدا من أعياد اليهود حتى اليوم. وما زال اليهود حتى اليوم يتفاخرون بأعمال استير، ومن بين الأسفار المقدسة عندهم سفر استير.
وهناك دراسة مهمة للباحث وجدى وهبة عن هذا السفر يثبت فيه أن لفظ الله أو الرب أو الإله لم يرد ذكره مطلقا، وإنما كان باعث استير ومردخاى هو الحفاظ على القومية اليهودية من الزوال، قائلا: «يرى البعض أن هذا السفر يعكس توجها دنيويا واضحا، فهو يتجنب تماما ذكر اسم الله، أو أى إشارة إليه بشكل مباشر أو غير مباشر كالصلاة أو التسبيح أو الاقتراب من الله سوى فى لمحات قليلة كمثل الإشارة إلى الصوم (أس 4: 16). كذا فهو يحمل أفكارا لا أخلاقية، خاصة إزاء موقفه من العنف، وكراهية الأعداء والنزعة الانتقامية الجارفة».
أما فى مسألة إثارة الفتن والحروب والثورات فأكد الشيخ أن اليهود فى كل زمان ومكان معروفون بإثارتهم للفتن، وإشعالهم نار الحرب، وتحريضهم على الثورات ضد الأوضاع القائمة، والتاريخ خير شاهد على ما نقول: لقد جادلوا النبى (ص) فى شأن الإلوهية، وفى الملائكة، وفى النسخ، وفى تحويل القبلة، وفى عيسى، وفى إبراهيم. كما جادلوه فى شأن نبوته، ولم يكن مقصدهم من وراء هذه المجادلات الوصول إلى الحق، وإنما كان مقصدهم إثارة الفتنة بين المسلمين، وزعزعة العقيدة الإسلامية فى أنفسهم».
واليهود لا ينكرون أنهم دائما يسعون لإثارة الفتن بين الناس، فهذا هو أحد زعمائهم الدكتور اوسكار ليفى قال: «نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه، ومحركى الفتن فيه وجلاديه».
كتبهم ومقرراتهم
واستكمالا لما أورده الشيخ طنطاوى عن دعاوى اليهود الباطلة، خصص الشيخ الجزء الخامس إلى كتب اليهود ومقرراتهم، أوضح فيه أن اليهود اعتمدوا فى إفسادهم على ما تأمرهم به كتبهم، ومقرراتهم من شرور وآثام، فهى تخبرهم بأن الأرض وما فيها هى لبنى إسرائيل وحدهم، وأن سواهم من البشر خدم وعبيد لهم، وأن كل شريعة سوى الشريعة اليهودية هى فاسدة، وأن كل شعب غير شعبهم هو مغتصب للسلطة منهم، وعليهم أن يسلبوها منه، وأن الرب حرّم عليهم استعمال الشفقة والرحمة مع من ليس يهوديا.
ثم أفرد الشيخ بقية جزئه لمقررات اليهودية المعروفة باسم بروتوكولات حكماء صهيون، جاء فيه: «عقد زعماء اليهود ثلاثة وعشرين مؤتمرا منذ سنة 1897حتى سنة 1951 وكان آخرها المؤتمر الذى عقد بالقدس لأول مرة فى 14 من أغسطس فى هذه السنة ليبحث فى الظاهر مسألة الهجرة اليهودية إلى إسرائيل وحدودها.
وكان أول مؤتمراتهم فى مدينة بال بقيادة هرتزل، وحضره نحو 300 من أعتى اليهود، وكانوا يمثلون خمسين جمعية يهودية، وفيه قرروا خطتهم السرية، لاستعباد العالم كله تحت تاج ملك من نسل داود عليه السلام.
وقد استطاعت امرأة فرنسية أن تختلس هذه المقررات من أحد زعماء اليهود فى فرنسا، وعندما رأت ما فيها من شرور سلمتها إلى أحد وجهاء روسيا. وقد سلمها هذا الوجيه بدوره إلى العالم الروسى «نيلوس» الذى قام بطبع نسخ قليلة منها سنة 1902».
المصدر : عبد ربه