اعراض الجلطة الدماغية Stroke وعلاجها والوقاية منها
السكتة الدماغية أو الجلطة الدماغية (Stroke) عبارة عن مرض أو حالة صحية تحدث عند حدوث توقف أو انخفاض حاد بكمية الدم التي تصل إلى جزء من الدماغ، مما يحرم أنسجة الدماغ من الحصول على الاوكسجين و المواد الغذائية الضرورية لتأدية وظائفها. و في غضون دقائق معدودة، تبدأ خلايا الدماغ بالموت. تعتبر السكتة الدماغية حالة طبية طارئة، حيث أن تلقي العلاج الفوري يعتبر أمرا بالغ الأهمية للحفاظ على حياة المريض، كما أن تشخيص اعراض الجلطة الدماغية وعلاجها في وقت مبكر يمكن أن يقلل من الأضرار التي تلحق بالمخ و المضاعفات المحتملة لهذه الحالة. تبدأ اعراض الجلطة الدماغية بالظهور فجأة و في خلال ثواني إلى دقيقة، و في معظم الحالات تتوقف الاعراض عند مستوى معين و لا تتطور أو تزداد. تعتمد اعراض الجلطة الدماغية على المنطقة المصابة من الدماغ. حيث كلما اتسعت المنطقة المتضررة من الدماغ، كلما تم على الأرجح فقدان المزيد من وظائف الدماغ.
الخبر السار هو أنه يمكن علاج السكتة الدماغية، كما يمكن الوقاية منها. حيث أن عدد الأمريكيين الذين يموتون الآن جراء الاصابة بالسكتة الدماغية أقل بكثير مما كان عليه الحال قبل 15 عاما. إن الأمور التي أدت إلى تحسن طرق تشخيص اعراض الجلطة الدماغية وعلاجها تشمل تحسن السيطرة على أهم عوامل خطر السكتة الدماغية، و هي ارتفاع ضغط الدم و التدخين و ارتفاع الكوليسترول في الدم، هو ما أدى إلى الانخفاض الملحوظ في عدد الوفيات الناجمة عن الجلطة الدماغية.
اعراض الجلطة الدماغية
انتبه لعلامات و اعراض الجلطة الدماغية التالية إذا كنت تعتقد أنك أو أي شخص آخر من حولك قد يكون مصابا بالسكتة الدماغية. لاحظ أيضا وقت بداية ظهور الاعراض و العلامات، لأن الفترة الزمنية التي انقضت منذ بداية ظهور الاعراض قد تلعب دورا في اتخاذ قرارات علاج الجلطة الدماغية المناسبة.
صعوبة في المشي. قد تتعثر أو تواجه دوار مفاجئ، و قد تفقد التوازن أو تفقد المقدرة على التنسيق بين الاطراف.
مشاكل في التحدث و الاستيعاب. قد تشعر بالارتباك. و قد تكون غير قادر على العثور على الكلمات المناسبة لشرح ما يحدث لك. حاول تكرار جملة بسيطة، إذا كنت لا تستطيع ذلك، فقد تكون تمر بالسكتة الدماغية.
شلل أو خدر في جانب واحد من الجسم أو الوجه. قد يحدث خدر أو ضعف أو شلل بشكل مفاجئ على جانب واحد من الجسم. قم بمحاولة رفع كلا ذراعيك فوق رأسك في الوقت نفسه. إذا بدأت إحدى الذراعين بالهبوط، فقد تكون تمر بسكتة دماغية. و بالمثل، قد يتدلى جانب من جوانب فمك عندما تحاول أن تبتسم. إن التلف الذي يحدث على أحد جانبي الدماغ يؤثر على الحركة و الإحساس في الجانب المقابل من الجسم، حيث أن التلف في الجانب الأيمن من الدماغ يؤثر على الحركة و الإحساس في الجانب الأيسر من الجسم و العكس صحيح كما تظهر الصورة أدناه.
مشكلة في الرؤية في إحدى العينين أو كليهما. قد يحدث عدم وضوح الرؤية أو اسودادها بصورة مفاجئة، و قد ترى الصور مزدوجة.
صداع شديد غير مسبوق. الشعور بصداع حاد مفاجئ و الذي يتم الشعور به مثل ضربة قوية على الرأس جاءت من حيث لا تدري، و الذي لم يشهد المصاب صداعا شبيها به من قبل، و الذي يمكن أن يرافقه فقدان الوعي، التقيؤ و الدوار، يشير إلى الاصابة بالسكتة الدماغية.
يجب التماس العناية الطبية على الفور إذا لاحظت أو شعرت بأي من علامات أو اعراض الجلطة الدماغية، حتى و إن كانت هذه الاعراض تبدوا خفيفة أو متقلبة أو تميل إلى التلاشي. قم بطلب الاسعاف أو الطوارئ على الفور حيث أن كل دقيقة لها أهميتها. لا تنتظر لترى ما إذا كانت الأعراض ستزول. حيث أنه كلما طال الوقت بدون تلقي علاج السكتة الدماغية، كلما زاد احتمال حدوث ضرر و عجز في الدماغ. و لتحقيق أقصى فعالية في تشخيص الجلطة الدماغية وعلاجها، فإنه من الأفضل أن الوصول إلى قسم الطوارئ في غضون 60 دقيقة من لحظة ظهور أولى اعراض الجلطة الدماغية.
يمكن اتباع إجراءات “التصرف على وجه السرعة” أو (Act F.A.S.T) لمعرفة ما إذا كان الشخص المصاب يمر بجلطة دماغية، و الموضحة في الصورة أدناه:
إن كل دقيقة لها اهميتها عن الاصابة بالسكتة الدماغية، لذا يجب اتباع إجراءات الاسعاف الطارئ و التصرف على وجه السرعة المستخدمة في تشخيص اعراض الجلطة الدماغية عند حدوث شك باصابة احد الاشخاص بالجلطة الدماغيةإذا كنت مع أو بجوار شخص ما و كنت تشك في اصابته بالسكتة الدماغية، فقم بمراقبته عن كثب إلى حين وصول سيارة الاسعاف أو الطوارئ الطبية. قد تحتاج أيضا إلى تقوم بما يلي:
الانعاش عن طريق الفم أو التنفس الاصطناعي إذا كان الشخص قد توقف عن التنفس.
إدارة رأس الشخص إلى الجانب إذا تقيأ، لأن ذلك يمكن أن يؤدي إلى اختناقه.
منع الشخص من الأكل أو الشرب.
أسباب الجلطة الدماغية
تؤدي الاصابة بالسكتة الدماغية إلى تعطيل تدفق الدم خلال الدماغ وإلى إلحاق الضرر بأنسجة الدماغ. يوجد هناك نوعان رئيسيان من السكتة الدماغية. النوع الاكثر شيوعا و هو السكتة الدماغية الاسكيمية أو ذات نقص التروية (Ischemic Stroke) الذي ينتج عن انسداد في أحد الشرايين. النوع الثاني و هو السكتة الدماغية النزفية (Hemorrhagic Stroke) يحدث عند حدوث نزيف أو انفجار في الأوعية الدموية . أما بالنسبة لنوبات نقص التروية العابرة (TIA) و التي تُسمى أحيانا السكتة أو الجلطة الدماغية المصغرة أو الخفيفة، فهي تلك التي يحدث فيها توقف مؤقت لتدفق الدم خلال الدماغ.
رسم يوضح بعض أسباب الجلطة الدماغية ذات نقص التروية (الاسكيمية) و التي تحدث نتيجة انسداد في احد الشرايين التي تغذي الدماغ و الجلطة الدماغية النزفية و التي تحدث نتيجة حدوث انفجار في احد الاوعية الدموية في الدماغ مما يؤدي إلى حدوث نزيف في الدماغالسكتة الدماغية الاسكيمية أو ذات نقص التروية (Ischemic Stroke)
تشكل حالات الجلطة الدماغية ذات نقص التروية أو الاسكيمية ما يقرب من 90 % من حالات الجلطة الدماغية كاملة، و هي تحدث عندما تتضيق الشرايين التي تنقل الدم إلى الدماغ أو تغلق بالكامل، مما يتسبب في انخفاض حاد في تدفق الدم إلى الدماغ (الحالة التي تُسمى نقص التروية أو فقر الدم أو الاسكيميا Ischemia). إن نقص تدفق الدم هذا يحرم خلايا الدماغ من الحصول الأوكسجين والمواد المغذية الضرورية، و نتيجة لذلك قد تبدأ خلايا الدماغ بالموت في غضون دقائق. الأنواع الأكثر انتشارة للجلطة الدماغية الناتجة عن نقص التروية هي:
رسم توضيحي يظهر التلف الذي قد يحدث في جزء من الدماغ نتيجة حدوث الجلطة الدماغية ذات نقص التروية (الاسكيمية) و التي قد تنتج عن انسداد في احد الشرايين التي تغذي الدماغ بالدمالسكتة الدماغية الخثرية (Thrombotic Stroke). هذا النوع من السكتة الدماغية يحدث عندما تتشكل جلطة أو خثرة دموية (Thrombus) في إحدى الشرايين التي تزود الدماغ بالدم. تتشكل هذه الجلطة في العادة في مناطق الشرايين التي تضررت نتيجة مرض تصلب الشرايين (Atherosclerosis)، و هو مرض يحدث فيه انسداد للشرايين نتيجة الترسبات الدهنية (اللويحات الدهنية). هذه العملية يمكن أن تحدث داخل أحد الشريانان السُّباتيان في العنق، و هما الشريانان اللذان ينقلان الدم إلى الدماغ، كما يمكن أن تحدث كذلك في أي من الشرايين الأخرى في العنق أو الدماغ.
رسم توضيحي لتضيق الشريان السباتي حيث قد يؤدي هذا التضيق الى تشكل خثرة في الشريان السباتي قد تعيق تدفق الدم فيه و بالتالي انخفاض او انقطاع تروية الدماغ بالدم مما يؤدي إلى حدوث السكتة الدماغية الاسكيمية او ذات نقص الترويةالسكتة الدماغية الصمية (Embolic Stroke). تحدث الجلطة الدماغية الصمية عندما تتكون خثرة دموية أو غيرها من البقايا في الاوعية الدموية البعيدة عن الدماغ، يكون ذلك عادة في القلب، و تنتقل مع تيار الدم لتستقر في أوعية الدماغ الدموية الأصغر. إن هذا النوع من الخثرات الدموية يُسمى الصِمّة (Embolus). تحدث السكتة الدماغية الصمية في العادة نتيجة تسارع دقات القلب بطريقة غير منتظمة في الحجيرات العلوية للقلب، الحالة التي تُسمى الرجفان الاذيني (Atrial Fibrillation)، مما يؤدي إلى تجمع الدم في القلب و تكوين الخثرات الدموية التي تنتقل الى أماكن أخرى من الجسم.
السكتة الدماغية النزفية (Hemorrhagic Stroke)
تحدث السكتة الدماغية النزفية بسبب حدوث تسريبات او تمزقات في الأوعية الدموية في الدماغ. يمكن أن يحدث هذا النزيف في الدماغ نتيجة لعدة ظروف و حالات صحية تؤثر على الأوعية الدموية التي في الدماغ، من أهمها ارتفاع ضغط الدم غير المنضبط، و وجود نقاط ضعف ضعف في جدران الاوعية الدموية (كما في حالة تمدد الأوعية الدموية). يوجد هناك سبب أقل شيوعا للنزيف و هو تمزق الأوعية نتيجة حالة تشوه الشرايين و الأوردة (Arteriovenous Malformation – AVM)، و هي حالة يحدث فيها تشابك غير طبيعي بين الشرايين و الأوردة و تكون موجودة منذ الولادة. يوجد هناك نوعان من السكتة الدماغية النزفية:
نزيف داخل المخ (Intracerebral Hemorrhage). في هذا النوع من الجلطة الدماغية يحدث انفجار في أحد الاوعية الدموية في الدماغ مما يؤدي الى انسكاب محتوياته على أنسجة الدماغ المحيطة بهذا الوعاء الدموي مما يؤدي إلى موت خلايا هذه الأنسجة، كما يؤدي هذا الانفجار إلى حرمان الخلايا الواقعة بعد مكان الانفجار من الأكسجين و الغذاء و التروية الدموية مما يؤدي الى موتها. يعتبر ارتفاع ضغط الدم هو السبب الرئيسي لهذا النوع من الجلطة الدماغية النزفية. حيث أنه مع مرور الوقت، يمكن أن يؤثر ارتفاع ضغط الدم على الشرايين الصغيرة داخل الدماغ بحيث تصبح هشة و عرضة للتصدع و التمزق.
نزيف تحت العنكبوتية (Subarachnoid Hemorrhage). في هذا النوع من السكتة الدماغية، يبدأ نزيف الدم من شريان دموي على أو بالقرب من سطح الدماغ و يصب في الفراغ الموجود بين سطح الدماغ و الجمجمة. من العلامات الفارقة لهذا النوع من النزيف الصداع الحاد المفاجئ الذي يوصف عادة بأنه مثل ضربة الرعد. يحدث هذا النوع من الجلطة الدماغية في العادة نتيجة تمزق الأوعية الدموية المتمددة (Aneurysm)، و التي يمكن أن تكون تطورت مع التقدم في السن أو كانت موجودة منذ الولادة. بعد حدوث هذا النزيف، يمكن للأوعية الدموية في الدماغ أن تتوسع أو تنقبض بصورة عشوائية (ما يعرف بإسم حالة التشنج الوعائي)، مما يؤدي إلى تلف إضافي في خلايا الدماغ نتيجة نقص التروية الدموية لهذه الخلايا.
رسم توضيحي للجلطة الدماغية النزفية حيث يحدث انفجار في احد الاوعية الدموية في الدماغ مما يؤدي إلى حدوث نزيف في الدماغ و هذا النزيف يؤدي الى نقص تروية انسجة المخ في مكان حدوث النزيف بالدم مما يؤدي الى تلف و موت الخلايا في هذه الانسجةنوبة نقص التروية العابرة (Transient Ischemic Attack) أو الجلطة الدماغية المصغرة أو الخفيفة
نوبات نقص التروية العابر (TIA) التي تُسمى ايضا باسم الجلطة الدماغية الخفيفة أو المصغرة هي عبارة عن نوبة قصيرة من الاعراض التي تشبه إلى حد كبير اعراض الجلطة الدماغية. تحدث الجلطة الدماغية المصغرة نتيجة الاصابة بمرض مؤقت يؤثر على تزويد أحد أجزاء الدماغ بالدم. الكثير من هذه النوبات تدوم لفترة أقل من خمس دقائق.
يكمن وجه التشابه بين السكتة الدماغية الاسكيمية و الجلطة الدماغية المصغرة في السبب حيث أن كل منهما تحدث نتيجة انسداد في الشرايين يؤدي إلى نقصان في التروية الدماغية. لكن في النوع الاول (السكتة الدماغية الاسكيمية) يكون الانسداد كامل و قوي مما يؤدي الى نقصان في التروية لفترة زمنية مطولة و هذا يؤدي إلى تلف دائم في مناطق دماغية، اما في الجلطة الدماغية المصغرة يكون النقصان في التروية بسيط و مؤقت لذلك لا تدوم الاعراض طويلا و لا يحدث تلف دائم في أنسجة الدماغ.
رسم توضيحي للجلطة الدماغية المصغرة حيث يحدث انسداد جزئي في احد الاوعية الدموية في الدماغ مما يؤدي إلى نقص تروية ذلك القسم من الدماغ جزئيا بالدم، و قد يكون هذا الانسداد ناتجا عن حالة صحية مؤقتةيجب طلب الاسعاف و العناية الطبية الطارئة على الفور في جميع حالات الجلطة الدماغية حتى و إن بدا على المريض أن اعراض الجلطة الدماغية و كأنها تميل إلى الزوال من تلقاء نفسها. و ذلك يشمل الجلطة الدماغية الخفيفة أو المصغرة، و ذلك لأن حدوث الجلطة الدماغية المصغرة يعني وجود انسداد جزئي أو تضيق في أحد الشرايين التي تنقل الدم إلى الدماغ مما يجعل المريض أكثر عرضة لتطوير جلطة دماغية كاملة يمكن أن تسبب له تلفا دائما في الدماغ في المستقبل. كما أنه من غير الممكن معرفة ما إذا كان المريض يمر بجلطة دماغية كاملة أو مصغرة بالاعتماد على اعراض الجلطة الدماغية وحدها، حيث أن الاعراض تتشابه بدرجة كبيرة في كلتا الحالتين. إن حوالي نصف الاشخاص الذين يبدو لديهم أن الاعراض تتلاشى من تلقاء نفسها يكونون في الواقع يمرون بجلطة دماغية كاملة.
عوامل زيادة خطر الاصابة بالجلطة الدماغية
هناك العديد من العوامل التي تزيد من خطر الاصابة بالسكتة الدماغية. و يمكن لعدد من هذه العوامل أيضا ان تزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية. عوامل زيادة خطر الاصابة بالجلطة الدماغية تشمل ما يلي:
التاريخ الطبي العائلي أو الشخصي للاصابة بالسكتة الدماغية أو الجلطة القلبية أو الجلطة الدماغية المصغرة.
إذا كان العمر 55 سنة أو أكثر.
ارتفاع ضغط الدم. يبدأ خطر الاصابة بالجلطة او السكتة الدماغية بالارتفاع عندما يبدأ ضغط الدم بالزيادة عن 115/75 ملليمتر من الزئبق (mm Hg). سوف يساعدك الطبيب على تحديد ضغط الدم المناسب بناء على عمرك و ما إذا كنت مصابا بداء السكري أم لا و غيرها من العوامل.
ارتفاع الكوليسترول في الدم. إذا زاد مستوى الكوليسترول الكلي عن 200 ملليغرام لكل ديسيلتر (mg/dl)، أو عن 5.2 ملمول لكل لتر (mmol/l).
التدخين أو التعرض للتدخين السلبي.
الاصابة بمرض السكري.
زيادة الوزن (إذا كان مؤشر كتلة الجسم يتراوح بين 25 – 29) أو السمنة المفرطة (مؤشر كتلة الجسم 30 أو أعلى).
الخمول البدني و عدم ممارسة النشاطات الرياضية.
أمراض القلب و الشرايين، بما في ذلك فشل القلب، وجود عيب في القلب، التهابات و عدوى القلب، قصور الشريان التاجي، و اختلال في ضربات القلب.
استخدام حبوب منع الحمل أو العلاج بالهرمونات و التي تشمل هرمون الاستروجين.
تعاطي الكحول و الافراط في ذلك.
تعاطي المخدرات غير المشروعة مثل الكوكايين و الميثامفيتامين.
لأن خطر الاصابة بالسكتة الدماغية يزداد مع التقدم في السن، و لأن النساء يميلون إلى العيش فترة أطول من الرجال، فإن النساء يعتبرن أكثر عرضة للاصابة بالجلطة الدماغية من الرجال، حيث يصاب عدد أكبر من النساء بالجلطة الدماغية في كل عام من الرجال. الأشخاص ذوي البشرة السوداء أكثر عرضة للاصابة بالجلطة الدماغية من الأشخاص من الأجناس الأخرى.
مضاعفات السكتة الدماغية
يمكن أن تسبب السكتة الدماغية أحيانا الإعاقة الدائمة أو المؤقتة، اعتمادا على الفترة الزمنية التي عانى الدماغ فيها من نقص التروية الدموية، و على أي المناطق في الدماغ تأثرت بنقص التروية. تشمل مضاعفات الجلطة الدماغية ما يلي:
الشلل أو فقدان حركة العضلات. أحيانا يمكن لنقص تدفق الدم الى الدماغ ان يجعل الشخص مشلولا في جانب واحد من من جانبي الجسم، أو يُفقده السيطرة على عضلات معينة، مثل تلك العضلات الموجودة التي على جانب واحد من جانبي الوجه. مع العلاج الطبيعي، يمكن أن يلاحظ المريض تحسنا في حركة العضلات أو حالة الشلل.
صعوبة الكلام أو البلع. يمكن أن تؤدي السكتة الدماغية إلى نقص سيطرة الشخص المصاب على عضلات الفم والحلق، مما يصعب عليه عملية الحديث أو الابتلاع أو تناول الطعام. قد يواجه المريض أيضا صعوبة في القدرة على الكلام لأن الجلطة الدماغية تؤدي إلى الاصابة بحالة تسمى الحبسة أو احتباس الكلام (Aphasia)، و هي عبارة عن حالة يواجه فيها الشخص صعوبة في التعبير عن أفكاره باستخدام اللغة. قد تؤدي جلسات علاج النطق و اللغة على تحسين حالة العجز هذه.
فقدان الذاكرة أو مشاكل في الفهم و الاستيعاب. من الشائع أن يعاني الاشخاص الذين اصيبوا بالسكتة الدماغية من فقدان الذاكرة. كما أن بعضهم قد يعاني من مشاكل في اتخاذ القرارات الصائبة و المنطق و استعياب الامور بصورة سليمة. يمكن ان تتحسن هذه المضاعفات مع طرق إعادة التأهيل.
الألم. بعض الناس الذين اصيبوا بالسكتة الدماغية يعانون من الألم أو الخدران أو الأحاسيس الغريبة الأخرى في أحد أجزاء الجسم التي تأثرت بالسكتة الدماغية. على سبيل المثال، إذا أدت السكتة الدماغية إلى فقدان الاحساس في الذراع اليسرى، فإن المريض قد يشعر بإحساس كالوخز المزعج في هذا الذراع. قد يصبح المريض أيضا حساسا للتغيرات في درجة الحرارة، و بخاصة البرودة الشديدة . إن هذا ما يسمى الألم المركزي للسكتة الدماغية (Central Stroke Pain) أو متلازمة الألم المركزية (Central Pain Syndrome). هذه المضاعفات عموما تتطور خلال عدة اسابيع بعد الاصابة بالسكتة الدماغية، و يمكن ان تتحسن مع مرور الوقت. و بما ان هذا الالم بسبب خلل في الدماغ و ليس بسبب خلل عضوي، فان هناك عدد قليل من الادوية التي يمكن أن تستخدم في علاجه.
تغيرات في السلوك و الرعاية الذاتية. ربما يصبح الناس الذين اصيبوا بالسكتة الدماغية أكثر ميلا الى الانعزال و أقل تواصلا اجتماعيا أو أكثر انفعالا. و قد يفقدون القدرة على رعاية أنفسهم، وربما يحتاجون الى من يعتني بأمورهم اليومية.
كما هو الحال مع أي من إصابات الدماغ، فإن نجاح علاج هذه المضاعفات قد تختلف من شخص لآخر.
تشخيص الجلطة الدماغية
لتحديد ما هي أفضل طرق علاج السكتة الدماغية، فإنه يجب على فريق الاسعاف معرفة ما هو نوع السكتة الدماغية و ما هي أجزاء الدماغ التي تؤثر عليها. كما يجب استبعاد الامراض و الحالات الاخرى التي يمكن أن تسبب اعراضا مشابهة لاعراض الجلطة الدماغية، مثل أورام الدماغ و التأثيرات الجانبية لبعض الأدوية. قد يقوم الطبيب أيضا باستخدام احدى وسائل التشخيص التالية لتحديد ما مدى تعرض المريض لخطر الاصابة بالجلطة الدماغية.
الفحص البدني. سوف يقوم الطبيب بسؤال المريض أو أحد أفراد أسرته عن اعراض الجلطة الدماغية: متى بدأت، و ماذا كان يفعل المريض عندما بداية ظهورها، و من ثم سوف يقوم الطبيب بتقييم ما إذا كانت هذه الأعراض لا تزال قائمة. سوف يرغب الطبيب بمعرف ما هي الادوية التي يتناولها المريض و ما إذا كان المريض قد تعرض إلى أي إصابة في الرأس في السابق. سوف يسأل الطبيب أيضا عن تاريخ المريض و عائلته في الإصابة بأمراض القلب و السكتة الدماغية المصغرة و السكتة الدماغية. سيقوم الطبيب بفحص ضغط الدم و استخدام سماعته للاستماع إلى صوت القلب و للاستماع أيضا إلى أي صوت غريب لتدفق الدم عبر الشريان السباتي في الرقبة، و الذي قد يكون مؤشرا على تصلب الشرايين. قد يقوم الطبيب أيضا باستخدام منظار العين للتحقق من وجود بلورات الكوليسترول الدقيقة أو الخثرات الدموية في الأوعية الدموية في الجزء الخلفي من العينين.
فحوصات الدم. إن فحوصات الدم تعطي مقدمي الرعاية الطبية معلومات هامة حول السكتة الدماغية مثل مدى سرعة تجلط الدم لدى المريض و عما إذا كانت نسبة السكر في الدم مرتفعة أو منخفضة بشكل غير طبيعي، و ما إذا كانت بعض المواد و العناصر الكيميائية الهامة في الدم خارجة عن التوازن الطبيعي، و ما إذا كان المريض مصابا بعدوى أو التهاب. يجب إعادة النظام و التوازن إلى سرعة تجلط الدم و نسبة السكر في الدم و مستوى المواد الكيميائية في الدم كجزء من إجراءات علاج الجلطة الدماغية، كما يجب علاج العدوى و الالتهابات إن وجدت.
التصوير المقطعي المحوسب (Computerized Tomography). إن تصوير الدماغ يلعب دورا رئيسيا في تحديد ما إذا كان يعاني من سكتة دماغية و تحديد ما هو نوعها. إن تصوير الأوعية الدموية المقطعي المحوسب (Computerized Tomography Angiography) هو عبارة عن نوع متخصص من التصوير المقطعي المحوسب و فيه يتم حقن صبغة في الوريد و من ثم يتم باستخدام الأشعة السينية انتاج صورة ثلاثية الابعاد للاوعية الدموية في العنق والدماغ. يقوم الأطباء باستخدام تصوير الأوعية الدموية المقطعي المحوسب (CTA) للبحث عن تمدد الأوعية الدموية أو تشوهات الشرايين و الأوردة و لتقييم مدى تضييق الشرايين. يمكن للتصوير بالاشعة المقطعية وحدها بددون استخدام صبغة وريدية أن يوفر صورا للدماغ و أن يُظهر النزيف، و لكنه يوفر معلومات أقل تفصيلا حول الأوعية الدموية.
التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic Resonance Imaging – MRI). في هذا النوع من التصوير يتم انتاج صور ثلاثية الابعاد للدماغ باستخدام حقل مغناطيسي قوي و موجات الراديو. يمكن للتصوير بالرنين المغناطيسي أن يكشف الأنسجة التالفة في الدماغ الناتجة عن السكتة الدماغية ذات نقص التروية. تصوير الأوعية بالرنين المغناطيسي (MRA) يستخدم المجال المغناطيسي و موجات الراديو و الصبغة الوريدية التي تحقن في الوريد لتقييم الشرايين في العنق والدماغ.
يتم استخدام تقنيات التصوير بالرنين المغناطيسي في تشخيص الجلطة الدماغية حيث تستخدم هذه التقنيات الحقل المغناطيسي و موجات الراديو لانشاء صور ثلاثية الابعاد للدماغ و الرقبة و قد تظهر التلف الذي لحق بالدماغ جراء الاصابة بالسكتة الدماغيةتصوير الشرايين السباتية بالموجات فوق الصوتية (Carotid Ultrasound). يمكن لهذا الفحص إظهار تخثر الدم أو تضيق الاوعية في الشرايين السباتية في الرقبة. يتم استخدام أداة تشبه الصولجان تسمى محول الطاقة (Transducer) لإرسال موجات صوتية عالية التردد بدون ألم خلال العنق. حيث تمر هذه الموجات الصوتية من خلال الأنسجة ومن ثم ترتد و تعود لتنتج صورا للاعضاء الداخلية تظهر على شاشة العرض.
تصوير الشرايين (Arteriography). هذا الإجراء يوفر صورا لشرايين الدماغ لا توفرها الأشعة السينية في العادة. بقوم الطبيب في هذا الإجراء بإدراج أنبوب رقيق و مرن يسمى قسطرة من خلال شق صغير عادة يكون في الفخذ. يتم تمرير هذه القسطرة من خلال الشرايين الرئيسية إلى أن تصل إلى الشريان السباتي أو الفقاري. ثم يقوم الطبيب بحقن صبغة عن طريق القسطرة لتوفير صور لهذه الشرايين باستخدام الأشعة السينية.
تصوير صدى القلب (Echocardiography). إن هذا الاجراء المستند إلى تقنية الموجات فوق الصوتية يقوم بتصوير القلب، و ذلك حتى يتمكن الطبيب من معرفة ما إذا كانت خثرة دموية قد تكونت في القلب (صمة) و من ثم انتقلت الى الدماغ و أدت إلى الاصابة بالسكتة الدماغية. قد يحتاج الطبيب إلى استخدام فحص تصوير صدى القلب عبر المريء (TEE) حتى يتمكن من رؤية القلب بوضوح. خلال هذا الإجراء، يقوم المريض بابتلاع حبل مرن مثبت عليه مولد للطاقة. و من هنا، يتم إدخال هذا الحبل إلى المريء، و المرئ هو العضو المجوف الذي يربط الجزء الخلفي من الفم إلى المعدة. لأن المريء يقع مباشرة خلف القلب، فإنه يمكن إنتاج صور واضحة جدا و مفصلة باستخدام الموجات فوق الصوتية، مما يتيح رؤية أفضل للجلطات الدموية التي قد لا يمكن رؤيتها بوضوح باستخدام فحص تصوير صدى القلب التقليدي.
علاج الجلطة الدماغية
إن علاج الجلطة الدماغية الطارئ يعتمد على ما إذا كان المريض يواجه السكتة الدماغية ذات نقص التروية، و هو النوع الأكثر شيوعا، أو السكتة الدماغية النزفية التي تشمل حدوث نزيف في الدماغ.
علاج الجلطة الدماغية ذات نقص التروية
لعلاج السكتة الدماغية ذات نقص التروية، يجب على الأطباء أن يعيدوا تدفق الدم الى الدماغ بأسرع وقت ممكن.
المعالجة الطارئة بالأدوية. يجب البدء بعلاج الجلطة أو الخثرة باستخدام أدوية تحليل و إذابة الخثرات الدموية في غضون 4.5 ساعة من بداية اعراض الجلطة الدماغية، و كلما كان ذلك أسرع، كلما كان أفضل. حيث أن سرعة تلقي هذا العلاج لا تقوم بتحسين فرص النجاة و البقاء على قيد الحياة فحسب، و إنما قد تقلل أيضا من المضاعفات الناجمة عن السكتة الدماغية. من الادوية المستخدمة في هذا المجال:
الأسبرين (Aspirin). الأسبرين هو أفضل علاج فوري مثبتة فعاليته بعد السكتة الدماغية ذات نقص التروية للحد من احتمالية حدوث سكتة دماغية اخرى. في غرفة الطوارئ، من المحتمل أن يقوم الكادر الطبي بإعطاء المريض جرعة من الأسبرين. و هذه الجرعة قد تختلف من مريض لآخر. إذا كان المريض يتناول جرعة يومية من الأسبرين للحصول على فوائده في منع تجلط الدم، عندها يجب اخبار الكادر الطبي بذلك حتى يتمكن الاطباء من معرفة إذا كان بعض الاسبرين متبقي في الدم.
يمكن إعطاء أدوية منع تجلط الدم الأخرى مثل الوارفارين (Warfarin) و الهيبارين (Heparin) و كلوبيدوجريل (Clopidogrel) للمريض أيضا، و لكنها لا تستخدم بنفس المقدار الذي يستخدم به الأسبرين في معالجة الحالات الطارئة.
الحقن الوريدية لمنشطات مولد البلازمينوجين في النسيج (Tissue Plasminogen Activator – TPA). يمكن لبعض الناس الذين يصابون بالسكتة الدماغية ذات نقص التروية أن يستفيدوا من هذه الحقن التي تُعطى عادة عن طريق الوريد في الذراع. إن منشطات مولد البلازمينوجين في النسيج (TPA) عبارة أدوية قوية لمنع تجلط الدم و التي يمكن أن تساعد بعض الناس على التعافي بشكل كامل من السكتة الدماغية. لكن حتى تعمل هذه الادوية على اذابة الخثرات بفعالية يجب ان تعطى للمريض خلال فترة زمنية لا تتعدى 4.5 ساعة من حدوث السكتة. إن استخدام هذه الادوية في علاج السكتة الدماغية ينطوي على مخاطر معينة سوف يقوم الطبيب بتقييمها عند قيامه باتخاذ قرارات العلاج المناسبة. كما أن أدوية TPA لا يمكن أن تُعطى للأشخاص الذين يصابون بسكتة دماغية نزفية.
صورة للدماغ قبل و بعد العلاج بأدوية تحليل الخثرات TPA (منشطات مولدات البلازمينوجين في النسيج) بعد الاصابة بالجلطة الدماغية، و هي أدوية ذات فعالية عالية في تحليل الخثرات و يجب أن تعطى خلال اربع ساعات من الاصابة بالجلطة الدماغيةاجراءات الطوارئ. يقوم الأطباء في بعض الأحيان بعلاج السكتة الدماغية ذات نقص التروية باستخدام إجراءات طارئة يجب تنفيذها في أسرع وقت ممكن.
استخدام الادوية المذيبة للخثرات TPA مباشرة في الدماغ. يقوم الأطباء هنا بإدخال انبوب قسطرة من خلال شريان في الفخذ و إيصاله إلى الدماغ، و من ثم يقومون بحقن أدوية TPA مباشرة في المنطقة حيث تحدث السكتة الدماغية. إن الفترة الزمنية التي يمكن إجراء هذا العلاج فيها قد تكون أطول من الفترة الزمنية الخاصة بحقن أدوية TPA من خلال الوريد، إلا أنها لا تزال محدودة.
إزالة الخثرة ميكانيكيا. قد يقوم الاطباء هنا ايضا باستخدام انبوب قسطرة و أداة صغيرة للوصول إلى الدماغ و الامساك بالخثرة الدموية و إزالتها.
إجراءات أخرى. من أجل التقليل من خطر الاصابة بسكتة دماغية أو بسكتة دماغية مصغرة أخرى، فإن الطبيب قد يوصي بإجراء لتوسعة الشريان الذي تضيق بشكل معتدل إلى شديد نتيجة اللويحات الدهنية. قد يوصي الأطباء أيضا بهذه الإجراءات لمنع حدوث السكتة الدماغية من حيث الأساس. هذه الإجراءات تشمل ما يلي:
استئصال بطانة الشريان السباتي (Carotid Endarterectomy). في هذا الإجراء، يقوم الجراح بإزلة اللويحات الدهنية التي تسد الشريانان السباتيان الموجودان على جانبي العنق و المتجهان إلى أعلى باتجاه الدماغ. يتم فتح الشريان المسدود، يتم إزالة اللويحات و من ثم يقوم الجراح بإغلاق الشريان. قد يقلل هذا الإجراء من خطر الإصابة بالسكتة الدماغية ذات نقص التروية. و مع ذلك، و بالإضافة إلى المخاطر المعتادة المرتبطة بأي عملية جراحية، فإن استئصال بطانة الشريان السباتي يمكن أن تؤدي في حد ذاتها إلى الإصابة بسكتة دماغية أو نوبة قلبية و ذلك من خلال إنتاجها لبقايا الجلطات الدموية و فتات اللويحات الدهنية في تيار الدم. يحاول الجراحين التقليل من هذه المخاطر من خلال وضع فلاتر (أجهزة حماية بعيدة) في نقاط معينة في مجرى الدم وظيفتها أن تقوم بالتقاط أي فتات أو جزيئات يمكن أن تنتج أثناء العملية.
رأب الأوعية و الدعامات (Angioplasty and Stents). عملية رأب الأوعية هي عبارة عن تقنية أخرى يمكن أن تؤدي إلى توسيع تجويف الشريان المتضيق المؤدي إلى الدماغ نتيجة وجود لويحة في داخله، و الذي يكون في العادة الشريان السباتي. في هذا الإجراء، يتم إدخال أنبوب قسطرة مثبت في نهايته بالون إلى المنطقة المسدودة من الشريان السباتي، ثم يتم نفخ البالون، مما يؤدي إلى انضغاط اللويحات باتجاه جدران الشريان و توسيع الشريان. و يتم في العادة ترك أنبوب شبكي معدني (يسمى دعامة Stent) في الشريان لمنع تضييقه مرة أخرى. إن عملية إدخال دعامة في شريان دماغي (التي تسمى التدعيم داخل الجمجمة) مشابه لعملية إدخال الدعامات في الشرايين السباتية، حيث أنه باستخدام شق صغير في الفخذ، يقوم الأطباء بإدخال القسطرة من خلال الشرايين إلى الدماغ. في بعض الأحيان يتم استخدام عملية رأب الأوعية لتوسيع المنطقة المتضررة في البداية قبل وضع الدعامة، و في حالات أخرى، يتم وضع الدعامات دون رأب الأوعية.
رسم توضيحي لدعامات الشرايين (Stents) المستخدمة لفتح الشرايين المتضيقة المؤدية إلى الدماغ بسبب وجود صفائح دهنية فيها و التي تكون سببا للستكة الدماغية بحيث تعمل هذه الدعامات بدفع الصفائح على جدار الشريان للحفاظ على تدفق الدم داخل الشريان و منع تكون الخثرات الدمويةعلاج الجلطة الدماغية النزفية
يتم التركيز في العلاج الطارئ لحالات الجلطة الدماغية النزفية على السيطرة على و إيقاف النزيف و تخفيف الضغط داخل الدماغ. و يمكن أيضا اللجوء لعملية جراحية لكي تساعد في السيطرة على المخاطر المستقبلية.
تدابير العلاج الطارئ. إذا كان المريض يتناول دواء الوارفارين (Warfarin) أو الأدوية المضادة للصفائح الدموية مثل كلوبيدوجريل (Clopidogrel) لمنع تكون الخثرات الدموية، ففي هذه الحالة قد يتم إعطاء المريض أدوية و نقل منتجات دموية إليه تحمل مفعولا مضادا لهذه الأدوية لإبطال مفعولها. يمكن أيضا أن يتم إعطاء المريض أدوية لخفض ضغط الدم، و لمنع نوبات تشنجات الصرع، و للتقليل من ردة فعل الدماغ على النزيف (تشنج الأوعية). لا يمكن إعطاء الاشخاص المصابين بسكتة دماغية نزفية الأدوية المضادة لتجلط الدم مثل الأسبرين و TPA و ذلك لأن هذه الأدوية قد تفاقم من النزيف.
بمجرد أن يتوقف النزيف في الدماغ، فإن العلاج عادة يتركز على الراحة في الفراش و العناية الطبية الداعمة إلى أن يتمكن الجسم من امتصاص الدم. إن عملية الشفاء من الجلطة الدماغية النزفية تشبه إلى حد كبير ما يحدث أثناء الشفاء من الكدمات السيئة. إذا كانت المنطقة في الدماغ تعاني من نزيف كبير، يمكن حينها استخدام الجراحة في بعض الحالات لإزالة الدم و تخفيف الضغط على الدماغ.
الإصلاح الجراحي للأوعية الدموية. يمكن استخدام عملية جراحية لإصلاح بعض التشوهات و العيوب في الأوعية الدموية و التي يمكن أن تؤدي إلى الجلطة الدماغية النزفية. يمكن أن يوصي الطبيب بأحد الإجراءات التالية بعد إصابة المريض بجلطة دماغية أو إذا كان المريض معرضا لخطر كبير لتمزق الأوعية الدموية الناتج عن تمدد الأوعية الدموية التلقائي أو عن تشوه الشرايين و الأوردة (AVM):
ملقط الأوعية الدموية المتمددة. يتم وضع ملقط صغير عند قاعدة الأوعية الدموية المتمددة، مما يؤدي إلى عزلها عن الدورة الدموية من الشريان الذي تتفرع منه. يمكن لهذا الإجراء أن يمنع الأوعية الدموية المتمددة من الانفجار، كما أنه يمكن أن يمنع تكرار النزيف من الأوعية الدموية التي نزفت مؤخرا. هذا الملقط الصغير سوف يبقى موضوعا في مكانه بشكل دائم.
عملية اللف (صم تمدد الاوعية الدموية). هذا الإجراء يوفر بديلا لعملية الملقط لبعض حالات تمدد الأوعية الدموية. يقوم الجراحين باستخدام قسطرة لإدخال لفائف صغيرة إلى الأوعية الدموية المتمددة. تعمل هذه اللفائف كجسر حيث تتكون عليها خثرات دموية و تتراكم لتغلق تمدد الأوعية الدموية من مكان اتصالها بالشريان.
الاستئصال الجراحي لتشوه الشرايين و الأوردة (AVM). ليس من الممكن دائما إزالة تشوهات الشرايين و الأوردة و بخاصة إذا كانت كبيرة جدا أو إذا كانت تقع في مكان عميق داخل الدماغ. و مع ذلك فإن الاستئصال الجراحي لتشوهات الشرايين و الأوردة الصغيرة من مكان يمكن الوصول إليه من الدماغ يؤدي إلى القضاء على خطر التمزق، و بالتالي تخفيض المخاطر الإجمالية لحدوث السكتة الدماغية النزفية.
التعافي و إعادة التأهيل بعد الجلطة الدماغية
بعد تلقي علاج الجلطة الدماغية الطارئ، تتركز رعاية المرضى المصابين بالسكتة الدماغية على مساعدتهم في استرداد قوتهم، و استعادة ما أمكن من الوظائف، و العودة إلى ممارسة الحياة باستقلال. إن وقع تأثير السكتة الدماغية يعتمد على المنطقة المصابة من الدماغ و مقدار الأنسجة التالفة. حيث أن الأذى الذي يلحق بالجانب الأيمن من الدماغ يؤثر على الحركة و الإحساس في الجانب الأيسر من الجسم. و تلف الأنسجة على الجانب الأيسر من الدماغ يؤثر على الحركة في الجانب الأيمن من الجسم، كما يمكن لهذا الضرر أن يسبب أيضا اضطرابات النطق و اللغة. و بالإضافة إلى ذلك، قد يعاني مريض السكتة الدماغية من مشاكل في التنفس و البلع و تحقيق التوازن و السمع. يمكن أن يعاني المصاب أيضا من فقدان البصر و فقدان في وظائف المثانة أو الأمعاء.
رسم توضيحي يبين تلف جزء من الدماغ في جهة معينة بعد الاصابة بالسكتة الدماغية، هذا قد يؤثر على وظائف حيوية مختلفة من الجسممعظم الناجين من السكتة الدماغية يتلقون العلاج ضمن برنامج لإعادة التأهيل. سوف يوصي الطبيب ببرنامج إعادة التأهيل الذي يمكن للمريض تحمله اعتمادا على عمر المريض، و مستوى الصحة العامة لديه، و درجة العجز التي لحقت به جراء الجلطة الدماغية. عند عمل هذه التوصية أيضا سيتم أخذ نمط الحياة، و المصالح و الأولويات، و توفر أفراد الأسرة أو غيرهم من مقدمي الرعاية بعين الاعتبار.
قد يبدأ العمل ببرنامج إعادة التأهيل قبل مغادرة المريض للمستشفى. و قد يستمر العمل به في وحدة إعادة التأهيل في المستشفى نفسه، أو في وحدة إعادة تأهيل أخرى، أو من خلال مؤسسات التمريض المتخصصة، أو في وحدة العيادات الخارجية، أو في المنزل.
تختلف مرحلة التعافي بعد الجلطة الدماغية وعلاجها من شخص لآخر. و بالاعتمادا على المضاعفات الخاصة بكل حالة، فإن قائمة مقدمي الرعاية الطبية المهنيين الذين يمكن أن يساعدوا المريض على استعادة عافيته يمكن أن تشمل ما يلي:
طبيب الأمراض العصبية.
طبيب إعادة التأهيل (طبيب فيزيائي).
ممرض أو ممرضة.
اختصاصي التغذية.
معالج بدني.
معالج مهني.
معالج استجمام.
معالج نطق و كلام.
أخصائي إجتماعي.
طبيب نفسي.
واعظ أو رجل دين.
التكيف و المساندة في الجلطة الدماغية وعلاجها
إن السكتة الدماغية عبارة حدث يغير مجرى الحياة و الذي يمكن أن يؤثر على الحالة العاطفية و رغد العيش بقدر ما يمكن أن يؤثر على وظائف الجسم. إن الشعور بالعجز و الاكتئاب و الإحباط و اللامبالاة ليس أمرا مستبعدا بالنسبة للمصابين بالجلطة الدماغية. بالإضافة إلى أن تناقص الرغبة الجنسية و تغيرات المزاج تعتبر أمورا شائعة أيضا.
إن الحفاظ على احترام الذات و الروابط مع لآخرين و الاهتمامات في العالم تعتبر جزءا أساسيا من عملية الشفاء. يمكن أن تساعد الاستراتيجيات و النصائح التالية مرضى السكتة الدماغية و مقدمي الرعاية لهم على تخطي هذه الحالة و التأقلم معها:
لا تكن قاسيا على نفسك. تقبل بأن مرحلة التأهيل البدني و العاطفي تتطلب جهدا و قد تستغرق وقتا. و اجعل هدفك الوصول إلى “نظام جديد”، و كافئ نفسك على كل ما تحرزه من تقدم. و خذ الوقت الكافي للراحة أيضا.
الخروج من البيت حتى لو كان ذلك صعبا. لا تحبط إذا كنت مدركا لحقيقة أنك تتحرك ببطء، أو كنت تحتاج إلى عصا أو جهاز مشي أو كرسي متحرك لمساعدتك على الحركة. و لا تجعل ذلك يمنعك من الخروج من المنزل، حيث أن الخروج أمر مفيد لك.
الانضمام الى مجموعات الدعم و مؤسسات المساندة المدنية. إن الاجتماع مع الآخرين الذين مروا بتجربة السكتة الدماغية يتيح لك الخروج من المنزل و تبادل الخبرات و المعلومات مع الآخرين و الحصول على صداقات جديدة.
دع أصدقاءك و عائلتك يعرفون ما تحتاجه. قد يرغب الناس في مساعدتك و لكنهم لا يعرفون كيف يقومون بذلك. أعلمهم على سبيل المثال أنك ترغب أن يحضروا معهم وجبة طعام و أن يتناولوها معك في المنزل أثناء تبادل الحديث، أو أخبرهم برغبتك بالخروج لتناول الغداء أو حضور المناسبات أو الأنشطة الاجتماعية.
أنت لست وحدك. هناك ما يقرب من 800000 شخص في الولايات المتحدة وحدها يصابون بالجلطة الدماغية في كل عام. و نحو 6.5 مليون يتعايشون اليوم مع السكتة الدماغية.
تحديات التواصل الاجتماعي في الجلطة الدماغية
إن إحدى الآثار المحبطة للغاية للسكتة الدماغية هي تأثيرها المحتمل على النطق و اللغة. هنا بعض النصائح لمساعدة الناجين من الجلطة الدماغية و مقدمي الرعاية لهم في كيفية التعامل مع تحديات التواصل:
التدريب و الممارسة سوف تساعد. قم بمحاولة إجراء محادثة على الأقل مرة واحدة يوميا. سوف يساعدك ذلك على معرفة ما هي أفضل طرق التواصل بالنسبة لك، و تساعدك على الشعور بالتواصل و إعادة بناء الثقة بالنفس لديك.
أخذ الوقت الكافي للاسترخاء. قد يكون الكلام أسهل و أكثر متعة في وضع مريح و عندما يكون لديك متسع من الوقت. بعض الناجين من الجلطة الدماغية وجدوا أن الوقت بعد تناول طعام العشاء هو الوقت المناسب.
قلها بطريقتك الخاصة. إذا كنت تتعافى من السكتة الدماغية، فقد تحتاج إلى استخدام كلمات أقل، أو قد تحتاج إلى الاعتماد على الإيماءات أو نبرة الصوت لإيصال أفكارك إلى الآخرين.
استخدام وسائل الاتصال المساندة. قد تجد انه من المفيد استخدام بطاقات تظهر الكلمات المستخدمة بشكل متكرر، و استخدام صور الأصدقاء المقربين و أفراد الأسرة، كما أن الأنشطة اليومية مثل متابعة البرنامج التلفزيوني المفضل أو أخذ حمام قد تكون مفيدة.
الوقاية من الجلطة الدماغية
إن معرفة عوامل خطر الجلطة الدماغية الخاصة بك، و اتباع توصيات الطبيب بدقة و تبني نمط حياة صحي و اتباع خطوات وقاية الجهاز العصبي بشكل عام تعتبر أفضل الخطوات التي يمكنك اتخاذها للوقاية من الجلطة الدماغية. إذا كنت قد أصبت بسكتة دماغية أو بسكتة دماغية مصغرة في السابق، فإن النصائح و التدابير التالية يمكن أن تساعدك أيضا على تجنب الاصابة بجلطة دماغية أخرى. إن العديد من استراتيجيات الوقاية من الجلطة الدماغية هي نفسها المتبعة للوقاية من امراض القلب. و بشكل عام، فإن تبني نمط حياة صحي يعني أن تقوم بما يلي:
السيطرة على ارتفاع ضغط الدم. إن إحدى أهم الأشياء التي يمكنك القيام بها لتقليل خطر الاصابة بالجلطة الدماغية هي الحفاظ على ضغط الدم تحت السيطرة. إذا كنت قد أصبت بسكتة دماغية في السابق، فإن خفض ضغط الدم المرتفع يمكن أن يساعد على منع نوبات نقص التروية العابرة (الجلطة الدماغية الخفيفة) أو السكتة الدماغية في المستقبل. إن ممارسة ارياضة، و السيطر على الإجهاد و التوتر، و الحفاظ على وزن صحي، و الحد من كمية الصوديوم المتناولة و عدم تعاطي الكحول كلها تعتبر وسائل للحفاظ على ضغط الدم ضمن الحدود الصحية. إضافة المزيد من البوتاسيوم إلى الغذاء قد يساعد على ذلك أيضا. و بالإضافة إلى توصيات تغيير نمط الحياة، فإن الطبيب قد يصف أدوية لعلاج ارتفاع ضغط الدم، مثل مدرات البول، و حاصرات قنوات الكالسيوم، و مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACE) و حاصرات مستقبلات الأنجيوتنسين.
التقليل من كمية الدهون المشبعة و الكوليسترول في النظام الغذائي. إن تناول كميا