تصوير عبدالملك سرور: وقف الفارس السلطان مراد الأول بعد فتح صوفيا في عام 785هـ أي في 1383م، بعد أن حاصرها ثلاث سنوات على شواطئ بحيرات صوفيا، ليشاهد مع بقية جيشه منظراً غريباً جعل السلطان يصدر فرماناً سلطانياً بمنعه!.. وبعد أن عمت الفتوحات الإسلامية بلغاريا وشارك المسلمون البلغار فيها وتحرروا من الروم، وبفضل مشاركة المسلمين المحليين في حروب البلقان اتسعت رقعة الفتوحات واصطبغت بلغاريا بصبغة إسلامية عثمانية تامة.. فما هي القصة؟.
- البحيرات السبع:
عندما تزور صوفيا عاصمة بلغاريا التي تتميز جغرافياً بأنها عاصمة طولية تقع بين جبال وتحتوي هذه الجبال في الغالب على شلالات وبحيرات وأنهار وغيرها من الظواهر المائية المميزة التي تسحر خيال الزائر وتشبع محبي الطبيعة.
حول صوفيا تقع أعظم بحيرات أوربا أو ما يسمى بالبحيرات السبع أو بحيرات ""ريلا" وتبدأ ببحيرة صغيرة ثم نهر آكسر ثم بحيرة آكسر الكبرى وهي من أعظم بحيرات أوربا، ويتبعها 7 بحيرات في غاية الروعة .
تعد البحيرات من المعالم الطبيعية المثيرة للإعجاب في شبه جزيرة البلقان، وهي التي وصلها المسلمون بعد حصار صوفيا وفتحها والسيطرة عليها بعد حصار دام 36 شهراً.
لوحة طبيعية ساحرة هي بحيرات "ريلا" السبع في شمال جبال "ريلا"، وهي بالأساس بحيرات جليدية، وهي تقع على ارتفاعات مختلفة.
أعلى البحيرات التي توجد في قمة الجبل تسمى "البحيرة الدمع"، وحكى لنا دليلنا السياحي المصاحب لنا أن معناها باللغة البلغارية "سالزاتا"، وقد سميت بذلك لمياهها الصافية الرقراقة وهي شفافة للغاية.
وعلى بعد 1كم تقع البحيرة الثانية، وبحيرة "أوكوتو" ومعناها العين، وهي أعمق البحيرات وأروعها، شكلها بيضوي مميز، وتشبه العين ولونها أزرق. وعلى بعد مسافة 2 كم تجد بحيرة " بابريكا" وتعني الكبيرة أو الكلية، وتغطي 400 ألف متر مربع، ولها شواطئ صخرية شديدة الانحدار، ثم ترى البحيرة الرابعة بحيرة "بليزناكا"، وتعني التوأم، وهي واسعة إجمالاً وضيقة في الوسط مثل الساعة الرملية، وفي موسم الشتاء تنقسم البحيرة إلى قسمين، لذلك سميت بالتوأم، وبمتابعة المسير إلى الأسفل تقع بحيرتا "تريليستنيكا" وتعني (الأوراق الثلاث)، ثم بحيرة الأسماك التي يقوم على شاطئها كوخ "البحيرات السبع"، وأخيراً البحيرة السابعة التي وقف عليها السلطان شاهداً لطقوس غريبة وهي بحيرة "دولنوتو".
وأكبر البحيرات التي شاهدناها هي بحيرة (اسكر) وهي ملجأ الطيور والأسماك النادرة.
عودة لقصة الحدث الغريب.. فبعد أن فتح المسلمون المنطقة وصوفيا شاهدوا تجمعات تجري تلقائياً على شواطئ البحيرات، حيث يتجمع بعض الناس عند البحيرات من الأسفل حتى يصلون إلى أعلى البحيرات. هذا التجمع يتم في شهر أغسطس في كل عام.
- طقوس الإخوة البيض:
يقول دليلنا: "قصة هذا التجمع أنه كانت هناك بعض الطوائف غير المسلمة وتسمي نفسها أتباع "الإخوة البيض" حالياً، وكانت منذ القدم ومنذ عهد العثمانيين ومن قبلهم، يمارسون طقوساً غريبة في نفس المكان، وكان اسمهم حينذاك "جماعة الأرض"، وحديثاً في عصر النهضة انتقلوا إلى اتباع من يسمونه القائد والمعروف أيضاً باسم "بيينسا دونو"، وهو رجل وفيلسوف أسس نظرية روحية فلسفية، وتبعه العديد من الأشخاص في بلغاريا، ولم يفطن المسلمون لهذا التجمع إلا حين زيارة وتجول إحدى الفرق العسكرية العثمانية، عندما شاهدوا احتفال أتباع " جماعة الأرض " بسنتهم الجديدة، يتجمعون بالقرب من السبع بحيرات، ويقومون بأداء رقصاتهم وطقوسهم في دوائر متحدة المركز في موقع جبل "ريلا" وبحيراته، حيث يعتبرونه مقدساً.
يتجمع الآلاف منهم كل سنة ينتظرون شروق الشمس وأحياناً بزوغ القمر في منطقة بحيرات "ريلا"، وما إن لاحظ المسلمون هذه الطقوس حتى صدر فرمان سلطاني بمنع هذه الطقوس، والسماح بزيارة الجبل والبحيرات فقط دون أداء أي طقوس.
أما الآن فقد عاد أعضاء الحركة الدينية الدولية "الإخوة البيض" يتجمعون بملابسهم البيضاء؛ لإتمام مهمة واحدة، أداء رقصة ضمن طقوس الاحتفال بسنتهم الجديدة.
يقول أحد أفراد المجموعة المصاحبة لنا: "تلك المجموعة تعاليمها تجمع بين المسيحية والهندوسية، ويتبعون نظاماً غذائياً صحياً، و يرون العيش بتناغم مع الطبيعة، وتصنف ضمن الحركات التي ترى أن الطبيعة هي أصل الإنسان" .
sabq.org