أصدرت المحكمة الإدارية العليا بمجلس الدولة اليوم الثلاثاء، حكمًا بشأن إضراب الموظفين داخل مقار العمل وتعطيل مصالح المواطنين المتعاملين مع المرافق العامة.
وقالت: "إن المظاهرة تكون في طريق أو ميدان عام، وإن الاجتماع ينعقد أيضًا في مكان أو محل عام، أما التجمهر فإنه لا يكون إلا في طريق أو مكان عام ومن ثم فإن الاعتصام لا يعد مظاهرة، ولا اجتماع، ولا تجمهر، وإنما هو في حقيقته إضراب، وذلك لانقطاع بعض العاملين عن أداء أعمالهم وعدم مباشرتهم لمهام وظائفهم دون أن يتخلوا عن تلك الوظائف".
وأضافت المحكمة أن أحكام الشريعة الإسلامية استندت إلى قاعدة "درء المفاسد تقدم على جلب المنافع"، وقاعدة الضرر لا يزال بمثله، وإنه إذا كان الإضراب يؤدي إلى إلحاق الضرر بالمتعاملين مع "المرفق العام" فإن الشريعة الإسلامية لا تبيح هذا المسلك لما فيه من إضرار بالمواطنين.
واستندت المحكمة على "شرط " جاء بقرار جمهوري أصدره الرئيس الراحل محمد أنور السادات قبل استشهاده بـ 5 أيام بالموافقة على الإتفاقية الدولية للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي أقرتها الأمم المتحدة.
وأكدت أن "السادات" وضع شرط على تنفيذ الاتفاقية وذلك بالقرار الجمهوري رقم 537 لسنة 1981 والصادر في أول أكتوبر 1981، وهو مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارضها معها "الإتفاقية" وذلك مع التحفظ بشرط التصديق ومن ثم فأن الحكومة المصرية وإن كانت قد تعهدت بكفالة حق الإضراب إلا أنها اشترطت لإعمال هذا الحق مطابقته لأحكام الشريعة الإسلامية.
وكانت المحكمة الإدارية العليا أصدرت حكمها بإحالة 3 مسؤولين بالوحدة المحلية بـ قورص مركز أشمون، للمعاش وتأجيل ترقية 14 آخرين لمدة عامين من تاريخ استحقاقها بعد ثبوت صحة تحقيقات النيابة الإدارية بشأن إضرابهم عن العمل وتعطيل سير المرفق عن أداء مصالح المواطنين.
صدر الحكم برئاسة المستشار لبيب حليم، نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أحمد زكي وحسين قايد وعبد الفتاح الكاشف والدكتور رضا عثمان نواب رئيس المجلس وحضور المستشار علي حسام الدين مفوض الدولة وأمانة سر سيد سيف.
وقالت المحكمة في أسباب حكمها أن الإضراب سواء كان من الحقوق أو الحريات فأنه يتعين الالتزام بحدود هذا الحق وعدم الانحراف عن الغاية منه، وأنه لا شبهة في أن الفقه الإسلامي هو المصدر التاريخي لنظرية التعسف في استعمال الحق بما يوجب الرجوع إلى هذا الفقه لبحث مدى مطابقة الاتفاقية لأحكام هذه الشريعة، كما أن الفقه الإسلامي قسم المصالح إلى ثلاثة أنواع:
أولها يتعلق بمصلحة عامة في حق كافة الخلقـ وثانيها يتعلق بالمصلحة الأغلب، وثالثها يتعلق بمصلحة خاصة، وتجري المفاضلة بين هذه الأنواع الثلاثة وفقًا لترتيبها، ومن خلال ذلك استقر في الفقه الإسلامي قواعد أصولية منها أن الضرر يزال وقاعدة الضرر الأشد يزال بالأخف، وقاعدة الضرر الخاص يتحمل لدفع ضرر عام، وقاعدة درء المفاسد تقوم على جلب المنافع، وقاعدة الضرر يدفع بقدر الإمكان، وقاعدة الضرر لا يزال بمثله .
وقالت المحكمة أن أحكام الشريعة الإسلامية لا تجيز الإضراب إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير، أو إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية بحيث لا تناسب البتة مع ما يصيب الغير من ضرر، أو إذا كانت المصلحة التي يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة، وهى لا تجيز الإضراب أيضًا إذا كان صادرًا من العاملين في مرفق عام مادام سيؤدى إلى توقف العمل في هذا المرفق، وحرمان أفراد المجتمع من الخدمات التي يقدمها، ومن ثم فإنه لا مجال لإعمال هذه الاتفاقية متى خالفت أحكام الشريعة الإسلامية.
وأضافت المحكمة أن أحكام الشريعة الإسلامية لا تجيز توقف عمال المرافق العامة عن تقديم الخدمة التي تقدمها إلى الجهور، وأصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة المرسوم بقانون رقم 34لسنة2011 بتجريم الاعتداء على حرية العمل، ونص في المادة الأولى منه على أنه، مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في قانون العقوبات أو في أي قانون أخر يعاقب بالحبس والغرامة التي لا تقل عن عشرين ألف جنيه، ولا تجاوز خمسين ألف جنيه كل من قام أثناء سريان حالة الطوارئ بعمل وقفه أو نشاط ترتب عليه تعطيل أو إعاقة إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى جهات العمل العامة أو الخاصة عن أداء عملها، ويعاقب بذات العقوبة المقررة في الفقرة السابقة كل من حرض أو دعا أو روج بالقول أو الكتابة أو بأية طريقة من طرق العلانية المنصوص عليها في المادة 171 من قانون العقوبات لأى من الأفعال السابقة ولو لم يتحقق مقصده