بينما حلم الرشاقة والنحافة هو هوس لدى كل امرأة في جميع أنحاء العالم، على ما يبدو أن هناك أماكن بعيدة في هذا العالم، لا تزال حتى اليوم تعتبر بدانة المرأة دليلاً على جمالها. ففي دولة موريتانيا الواقعة بغرب إفريقيا، من المهم أن تصبح الفتاة سمينة، لذلك يتم إرسال الفتيات إلى معسكرات للسمنة خلال فترة الإجازة المدرسية لكسب المزيد من الوزن، وهي الفكرة التي تناقض فكرة المعسكرات الغربية لخسارة الوزن. 16 ألف سعرة حرارية في اليوم! من جانبها، تقول Mint Ely إحدى الناشطات بحملة لحقوق المرأة، أن الفتيات الصغار اعتباراً من الخامسة من عمرهن، يخضعن سنوياً لأحد التقاليد التي يطلق عليها اسم "اللبلوح". واللبلوح هو محاولة لرعاية وإعداد الفتيات الصغيرات لإعجاب الخطاب المحتملين، وتشمل مرحلة الإعداد تناول كميات ضخمة من الطعام. وتقول Ely أن في موريتانيا، يعتبر حجم المرأة دليلاً على المساحة التي تحتلها في قلب زوجها. لذا لضمان عدم احتلال أي امرأة أخرى لمكانها، يتم إرسال الفتيات الصغيرات للخضوع لعملية التسمين الإجباري في مزارع متخصصة، حيث تشرف عليهن مجموعة من السيدات كبار السن، ويقمن يتحديد النظام الغذائي لهؤلاء الفتيات الصغيرات. ومن المخيف أن نعلم أن الفتيات الصغيرات في عمر 5، 7 و9 سنوات من المتوقع أن يتناولن يومياً نظام غذائي مكون من 2 كيلو من نبات الدخن المطحون، المخلوط بكوبين من الزبدة و20 لتراً من ألبان الإبل. ويصل استهلاكهن اليومي إلى ما يقدر ب16,000 سعراً حرارياً. يذكر أن هذا المقدار يعادل 8 أضعاف المقدار الطبيعي اللازم للشخص البالغ. وعادة ما يتم القيام بهذه العملية خلال أيام العطل المدرسية أو في موسم الأمطار، عندما يكون هناك وفرة في انتاج الحليب. ويتم استخدام بعض وسائل وأساليب التعذيب في حال لم تأكل الفتيات بقدر ما هو متوقع. وتقول فاطمة مباي المحامية بمجال حقوق الإنسان، أنه يتم إرسال الفتيات بعيداً عن منزلهن دون معرفة السبب وراء ذلك. بالإضافة إلى ذلك، فالفتاة تعيش في معاناة شديدة، لكن يقال لها أن البدانة ستجلب لها السعادة.
تعذيب حقيقي من بين وسائل التعذيب التي تستخدمها المشرفات، لف العصي على أفخاذ الفتيات، لتكسير الأنسجة وتسريع عملية زيادة الوزن. كما يلجأن إلى استخدام وسائل تعذيب أخرى، تشمل ما يطلق عليه اسم الزاير، حيث يتم وضع أصابع الفتاة بين اثنين من العصى، فإذا رفضت الطفلة أن تأكل أو تشرب، يتم الضغط بقوة على هذه العصى مما يسبب آلام شديدة. وفي حال نجحت عملية التسمين، يصل وزن الفتاة التي لا يتجاوز عمرها 12 عاما إلىً 80 كيلوجراماً، وإذا تقيأت، يجب عليها أن تتناول ما تقيأته مرة أخرى. وعندما تبلغ الفتاة ال15 من عمرها، ستبدو وكأنها سيدة في الثلاثين. على الرغم من غرابة الأمر، فإن اللبلوح أحد التقاليد القديمة التي يتم احترامها في موريتانيا. ويفترض أنها تعود إلى عصور ما قبل الاستعمار، عندما كان العرب البيض في المنطقة كلهم من البدو الرحل. وكلما كان الزوج أكثر ثراء، كلما قلت الواجبات المنزلية التي ينبغي على زوجته القيام بها. حيث تجلس الزوجات الثريات في المنزل طوال اليوم، بينما يقوم العبيد السود بالاعتناء بجميع الأعمال المنزلية. وبالتالي، زادت أوزان هؤلاء الزوجات، وأصبحت الأجسام الممتلئة دليلاً على غناء وكرم الأزواج. وتجدر الإشارة إلى أنه كان يتم التعامل مع الخطوط البيضاء أو علامات التمدد والتي تعرف باسم tebtath عند المرأة باعتبارها من ممتلكاتها الثمينة، كما تعتبر Lekhwassar والتي تعني الدهون الموجودة حول الخصر نوعاً من الفخر. أصل عادة اللبلوح وتشير Ely، إلى أنه في الآونة الأخيرة بدأت الأمور تتغير ببطء نحو الأفضل بالنسبة لوضع المرأة في موريتانيا. فقد أصبح هناك وزارة لشئون المرأة، وقد حصلت المرأة في موريتانيا على حصة من مقاعد البرلمان تساوي 20%. علاوة على ذلك، فقد أصبح هناك حكام ودبلوماسيين من الإناث. وفي حين زعم الكثير من الطبقة المتوسطة بموريتانيا تخليهم عن ممارسة عادة التسمين الإجباري. لا تزال عادة "اللبلوح" منتشرة بشكل كبير في المناطق الريفية. ويقول محمد المنير أستاذ العلوم السياسية أن التسمين يعود إلى الخمسينات. أما فتيات اليوم يشاهدن عروض الأزياء على التلفزيون، مثلهن الأعلى الممثلات الأمريكيات أو المغنيات اللبنانيات اللاتي يرتدين فساتين مثيرة. وبنات اليوم يمارسن الرياضة. وأشار إلى أنه على الرغم من أن الرجال في موريتانيا يفضلون المرأة الممتلئة بعض الشيء، إلا أنهم لا يحبون النساء البدينات. وتوافقه في الرأي مستشارة الصحة والتنمية مونينا مينت عبد الله، التي خضعت في طفولتها للتسمين الإجباري، لكنها تشدد على أن الأمور تغيرت الآن بشكل كبير. وأضافت أنها عندما انتهت من دراستها بالمدرسة في عام 1980، كان من الصعب عليها أن تفكر في السفر إلى الخارج لاستكمال دراستها، لكن اليوم وبعد مرور 30 سنة، ابنتها تدرس في فرنسا للحصول على شهادة الماجستير. وأشارت إلى أن عادة التسمين الإجباري أصبحت أحد العادات البالية، وخارج حدود الزمن بالنسبة لقطاع كبير من الموريتانيين. اكتشاف الحقيقة فلم تعد التغذية القسرية للفتيات أمراً شائعاً مثلما كان من قبل، لكن هناك بعض المناطق في موريتانيا، حيث تقول الأمهات لبناتهن عن مكان سحري، حيث سيذهبن للصحراء لمقابلة فتيات أخريات، وتناول الأطعمة الحلوة، ثم العودة إلى المنزل كامرأة جميلة. ومع ذلك، لم يعد "اللبلوح" أو التسمين الإجباري مثيراً كما يبدو، حيث استطاعت الفتيات الصغيرات اكتشاف الحقيقة. إذ تقول الفتاة ذات ال14 عاماً أنها لا تعتقد أن السمنة نوعاً من الجمال. وأشارت إلى أنها تحب الرياضة، وتخشى ألا تتمكن من العدو بسرعة عندما يزداد وزنها.
www.thqafawe3lom.com
]