في الرّوض ذات زمان

 
تهامست .. تدافعت .. توارت خلف بعضها البعض في خوف..... وتساءلت : من هذا الأسود الهرم الوافد علينا ؟ علّه يحمل شرّا إلينا ... أجابت طيبة القلب وردة بيضاء : لا تخفن يا صديقاتي إنّه عصفور ضعيف لا يقدر على الأذى ...متعب هو بالرحيل ..ستتعود أعيننا عليه ...سنراه جميل ... رفضت الزّهرات ذات الألوان هذا الغريب و رفعت أمره إلى بقيّة الطّيور... لكن البيضاء وعدت أن تضمنه وطلبت من الجميع عدم التّعرض له بالسّوء فهو غريب والغريب مسكين ...تعذّبه الدّنيا ... يرهقه الحنين ..
صار العصفور الأسود يحطّ كلّ يوم بقرب الوردة البيضاء يتبادلان الحديث ولهما فيه فنون .. وصار الحديث مناجاة ذات شجون ... أصبحت الوردة البيضاء تنتظره كل يوم... ووسط سخرية صديقاتها كانت ترحّب بمجيئه ولا تبالي وهي الجميلة وهو القبيح ما خطر ببالها أنّه للغدر مستبيح... 
وذات صباح مرّ بها وكأنّها لم تكن الوطن المليح ...لم تكن لسانه الفصيح ... حلّق فوقها صحبة عصفورة سوداء كلّما ابتعدت عنه مدّ لها جناحا يقول أنا هنا ... هجر الأسود الوردة البيضاء كافأها بالجفاء و القبح تكبّر على البهاء ...غلب الغدر الوفاء .. فنصيب الطيّب من الدنيا ألم وشقاء .
نسيمة الهادي اللجمي 
صفاقس . . تونس