عقد المؤتمر السادس عشر لإقليم وسط الصعيد الثقافى (دورة الأديب جمال الغيطانى) تحت عنوان "المؤسسات الثقافية والحراك المجتمعى فى وسط الصعيد"، وذلك بمدينة سوهاج.. هذا البلد الهادىء الجميل، الذى أنجب المئات من الأعلام فى كافة المجالات، ويتسم الناس فى هذا الإقليم بالأخلاق الحميدة والأدب الجم وحسن التعامل مع الناس ..كانت أيام ثلاثة مجيدة فى الفترة من 15 إلى 17مارس 2016، تحت رعاية الأستاذ الدكتور أيمن محمد عبدالمنعم محافظ سوهاج، والأستاذ الدكتور سيد خطاب رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، ورأس المؤتمر الأستاذ الدكتور منير فوزى، أما أمينه العام فهو الشاعر الكبير جميل محمود عبدالرحمن . هذا المؤتمر عرس ينتظره المثقفون ليلتقون ويتبادلون الخبرات فبيما بينهم، ويتطارحون إبداعاتهم فى الأمسيات والندوات ويناقشون هموم الثقافة فى مصر فى الوقت الراهن ... فى اليوم الأول كان الافتتاح الذى شرفه الدكتور أيمن عبدالمنعم محافظ سوهاج الذى ظل يشارك المثقفون فرحتهم واحتفالاتهم إلى نهاية اليوم، يهش للجميع ويخفض جناحه لهم، وقد رعى المؤتمر وذلل له الإمكانيات وشرفه أيضاً الشاعر محمد أبوالمجد، رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، والدكتورة فوزية أبوالنجا، رئيس الإدارة المركزية لإقليم وسط الصعيد الصعيد الثقافى، وقدم الحفل الأديب الكبير عبدالحافظ بخيت، وهو الجندى المجهول الذى كان يتولى كل كبيرة وصغيرة، ثم تحدث الشاعر جميل محمود عبدالرحمن أمين عام المؤتمر الذى رحب بالحضور، وحملت كلمته استحضارا لعبق التاريخ وخصوصية الصعيد، مصوراً سوهاج تميمة الشمس ووردة القمر والمجد القديم، كما تحدث الدكتور منير فوزى عن المؤتمر ومحاوره، وأبرزت الدكتورة فوزية أبو النجا دور الإقليم وخروج أنشطة الثقافة إلى الناس فى النجوع والقرى مؤكدة على دور الثقافة فى رفع وعى المجتمع ثم تحدث الدكتور أيمن عبدالمنعم محافظ الإقليم مؤكداً على أن المؤتمر حقق أمنيته فى عودة الحياة الثقافية ودورها فى سوهاج وأنه داعم للمؤتمر بانعقاده فى سوهاج فى الأعوام القادمة. كما تم تكريم عدد من الرموز الثقافية فتم منح الأديب والناقد محمد عبدالمطلب درع الهيئة، والشاعر ياسر النجدى درع الإقليم، وكما تم منح الأديب محمد حشمت درع الإقليم أيضاً. ثم قدمت فرقة سوهاج للفنون الشعبية العديد من الفقرات الفنية الرائعة التى لاقت قبولاً واستحساناً عظيمين.. وفى اليوم الثانى كانت الأمسية الشعرية فى مدرسة الشهيد طيار محمد كامل، الذى أدراها الشاعر الكبير رمضان عبداللاه، وكان تجاوب الطلاب مع الضيوف رائعاً، وقدم أستاذنا الفنان الكبير حسن الدمشاوى وصلات غنائية من ألحانه ومن ألحان غيره من كبار الموسيقيين والمطربين.. يصاحبه عوده الذى لا يفارقه ..وقدم العديد من الشعراء بعض إنتاجهم التى تنوعت بين الفصحى والعامية. وبالتزامن مع هذه الأمسية كانت تقام الجلسة البحثية (المؤسسات الثقافية الرسمية وغير الرسمية) والتى أدارها الناقد محمد عبدالمطلب، وتحدث فيها الدكتور شعيب خلف، مدير فرع ثقافة المنيا، بورقة بحث عنوانه(المؤسسات الثقافية بين أزمة الخطاب وصعوبة التلقى..الهيئة العامة لقصور الثقافة نموذجاً) ثم الدكتور ثروت عكاشة السنوسى بورقة بحث بعنوان(المؤسسات الثقافيةغير الرسمية ودورها فى الحياة الثقافية والمجتمع المحلى)، وعقب طرح كل منهما لبحث، تم عمل مداخلات مع الأدباء لمناقشة ما جاء فى هذه الأبحاث .. ثم كانت الجلسة البحثية الثانية (الموروث الشعبى)، والتى أدارها الباحث الفلكورى أشرف أيوب، وتحدث فيها الشاعر والكاتب المسرحى والباحث الفلكورى درويش الأسيوطى فى ورقة بحث بعنوان "التقويم المصرى فى الأمثال الشعبية"، كما قدمت الدكتورة أسماء عبدالرحمن، مدرس الأدب الشعبى فى كلية الآداب بأسيوط، ورقة بحث بعنوان "البنية الزمنية فى الحكاية الشعبية". وفى مساء اليوم الثانى عقدت الجلسة البحثية الثالثة (الخطاب الإعلامى) وأدارها الدكتور صابر حارص، وتحدث فيها د.شوقى السباعى بورقة بحث عنوانها "وسائل الاتصال ودورها فى تقديم الإبداعات المحلية والتنمية الثقافية ..الإعلام المرئى نموذجاً"، كما تحدث الأستاذ علاء عبدالجليل بورقة بحث بعنوان "دور الصحافة فى تفعيل الحركة الثقافية بالمجتمع". بعد ذلك كانت جلسة الشهادات التى أدارها الأستاذ عبدالناصر عبدالمولى حيث تحدث كلاً من الأديب محمد محمود عثمان، وعماد القضاوى عن رحلتهما فى عالم الأدب والإبداع .. وفى قرية شطورة، وهى من أكبر القرى فى محافظة سوهاج، وبها عدد كبير من المثقفين والأدباء وأساتذة الجامعات فى كافة التخصصات.. منهم: الدكتور مصطفى رجب عميد كلية التربية الأسبق بسوهاج، والدكتور على أحمد عبدالهادى الخطيب أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر، والدكتور عباس شومان وكيل الأزهر الشريف، والأديب الناقد عبدالحافظ بخيت، وغيرهم كثير..تم عقد أمسية شعرية فيها واستقبل الأهالى الأدباء استقبالاً حاشداً بالطبل البلدى والمزمار، وكانت ليلة ملتهبة بالأنشطة التى أمتدت إلى ما بعد منتصف الليل، وبالتزامن مع هذه الأمسية، كانت هناك أمسية قصصية فى قصر ثقافة سوهاج يديرها الأستاذ حسين علام ... وكان اليوم الثالث والأخير متخماً بالأنشطة، وكان القائمين على المؤتمر، وعلى رأسهم الأستاذ الفاضل جميل عبدالرحمن، والأستاذ الفاضل عبدالحافظ بخيت، يسابقون الريح حتى لا يسرقهم الوقت ..بين الجامعة حيث كانت الأمسية الشعرية التى شارك فيها معظم شعراء الإقليم، والجلسة البحثية الرابعة (التعليم والإبداع) وأدارها الدكتور بهاء مزيد، وتحدث فيها الدكتور شرف عبدالحميد، والدكتور محمود فرغلى ..وبالتزامن كانت هناك الجلسة البحثية الخامسة فى قصر ثقافة سوهاج (المحور الإبداعى) وأدارها الدكتور أحمد الليثى، وتحدث فيها كلا من : د.عماد حسيب، ود.هويدا صالح، والأديب بهاء الدين رمضان، والشاعر أشرف عتريس، والأديب أوفى عبدالله الأنور..وفى نفس التوقيت كانت هناك ندوة قصصية أدارها الأستاذ محمود رمضان الطهطاوى.. وفى المساء يممنا شطرنا إلى مدينة جهينة مسقط رأس جمال الغيطانى، وهى قبيلة عربية نزلت جهينة مصر ايام الفتوحات الاسلامية مع جيش الراية بقيادة عمرو بن العاص سنة 43هـ وانتشرا بعدها في منطقة الأشمونين جنوب المنيا، ثم اتجهوا جنوبا نحو سوهاج والنوبة، وحاليا تنتشر جهينة بمصر في سوهاج، وهناك عائلات من جهينة في محافظة الشرقية، وقنا، والقليوبية، ومازال قسم كبير يحتفظ باسم قبيلة جهينة ولكن من أهم قبائل جهينة بمصر العوامرة ورفاعة وحبيش والحصينات، وفي زمن خلافة معاوية بن أبي سفيان سنة 44هـ تولي الصحابي عقبة بن عامر الجهني على مصر، وأنجبت العديد من الأعلام منهم: الدكتور محمود الربيعى نائب رئيس مجمع اللغة العربية، وأخيه الأكبر الأديب محمد بخيت الربيعى، والدكتور مصطفى الضبع، وقد استقبلنا أهالى البلدة استقبالاً حافلاً وحضروا معنا كل الفعاليات، وقدم أستاذنا الشاعر جميل عبدالرحمن شهادته عن الأديب جمال الغيطانى، وقدم الدكتور صبرى خالد عثمان بحثاً بعنوان "رواية الزينى بركات لجمال الغيطانى بين اللغة والسرد"، وشهادة الدكتورة عتاب عادل شهادتها عن جمال الغيطانى وذكرياتها معه حيث كانت رسالتها للماجستير بعنوان "تحليل الخطاب الروائى فى دفاتر التدوين لجمال الغيطانى"، ثم قدم أستاذنا الفنان حسن الدمشاوى وصلة غنائية من ألحانه ومن ألحان الموسيقار خالد الذكر سيد درويش، لاقت إعجاب الكثير..وكان الختام بأمسية شعرية قدم فيها الشعراء أعمالهم.. وكان الجلسة الختامية التى تلا فيها أمين المؤتمر الشاعر جميل عبدالرحمن توصيات المؤتمر وهى: أولاً التوصيات العامة: 1- يرفض أعضاء المؤتمر كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيونى. 2- يناشد أعضاء المؤتمر الدولة بضرورة الاهتمام بالفعل الثقافى ودوره فى نشر الوعى مما يتطلب دعماً مادياً أكبر فى تحقيق حرية الحركة من أجل خلق حراك ثقافى أوسع 3- مناشدة التيارات السياسية بالعمل على مصلحة الوطن واستقراره فى المرحلة الخطيرة التى يمر بها. 4- مناشدة المسئولين بضرورة دعم المؤتمرات الإقليمية دعماً يتناسب وحجم الأقاليم خصوصاً المجتمعات التابعة للإقليم. 5- التأكد على حرية التعبير للمبدعين والمثقفين وحماية المبدعين كحق يمنحهم الدستور لهم ويرفض عقوبة السجن على الإبداع أو الفكر. 6- التأكيد على دعم الصعيد دعماً ثقافياً واجتماعياً يرفع عنه التهميش والعزلة. ثانياً: التوصيات الخاصة: 1- يوصى المؤتمر بإقامة ملتقى التراث الشعبى على مستوى الإقليم وتوفير الاعتمادات المالية المناسبة ويطالب رئيس الإقليم بالدعوة إلى أمانة الملتقى لوضع لائحة الملتقى. 2- يطالب المؤتمر وزارة الثقافة بفتح فرع للهيئة العامة للكتاب بسوهاج . 3- يوصى المؤتمر بجمع تراث وإبداعات أدباء الصعيد وبخاصة الذين سقطوا من الذاكرة الثقافية تمهيداً لدراستها من قبل الباحثين المتخصصين. 4- يتقدم المؤتمر بالشكر الجزيل للسيد محافظ سوهاج على استضافته للمؤتمر وإطلاق اسم الفنان حمدى أحمد على أحد ميادين سوهاج ويناشده بإطلاق اسم الراحل جمال الغيطانى على إحدى المدارس أو الميادين فى سوهاج وكذلك الفنان حمدى أحمد. 5- يطالب المؤتمر وزارة الثقافة بإنشاء قصور للثقافة فى أماكن هامة بالإقليم مثل: طما وجهينة بسوهاج ومركز سمالوط بالمنيا، ومركز أبنوب بأسيوط. 6- يطالب المؤتمر وزارة الثقافة بضرورة الاهتمام بالمحافظات الحدودية التابعة للإقليم والتركيز على دعم أنشطتها الثقافية والاهتمام بتراثها الشعبى مثل محافظة الوادى الجديد.. هل حقق المؤتمر أهدافه وما دعى إليه؟ سؤال طرحناه على العديد الشخصيات العامة فى الإقليم. يقول الشاعر جميل عبدالرحمن، أمين عام المؤتمر: "لقد نجح المؤتمر إلى حد كبير وهذا راجع إلى الاختيار الجيد للأمانة التحضيرية للمؤتمر عن طريق الإقليم، ثم التفاعل الحميم مع موضوع المؤتمر بمجرد أن طرحه الأستاذ عبدالحافظ بخيت، الأمين العام لمؤتمر أدباء مصر، وعلى هذا الأساس فى أكثر من جلسة للأمانة واختيار الأبحاث والمحاور الجيدة التى أسهمت فى نجاح المؤتمر وأثبتت أن الإعداد الجيد دائما ما يؤدى نتائج جيدة". ويلتقت الخيط الأستاذ عبدالحافظ بخيت، الأمين العام لمؤتمر أدباء مصر، فقال: "حقق المؤتمر أهدافه بنسبة لا بأس بها حيث انفتح على الجامعة والمدارس والقرى لأنه أقام دورات متخصصة فى الجامعة ومهرجانات على هامش المؤتمر فى قرية شطورة، ومدرسة الشهيد طيار محمد كامل الثانوية، وكلية الآداب بسوهاج، بالإضافة إلى المحاور البحثية التى تناولها المؤتمر وهى تتماس مع الواقع الثقافى للمجتمع فى وسط الصعيد فى المرحلة الراهنة". ويقول الدكتور شعيب خلف، مدير فرع عام المنيا الثقافى، والناقد الأدبى المعروف: "بحكم مشاركتى كباحث فى المؤتمر أننى أرى أن المؤتمر قد حقق أهدافه المرجوة من خلال الفعاليات التى صحبته سواء فى القرى كالأمسية الشعرية فى قرية شطورة التى شاركت فيها، وحتى الفعاليات والبحثية فى الجامعة مما يؤكد مدى الجهد الذى بذل من خلال إدارة الفرع والأقليم وأدباء سوهاج وعلى رأسهم الأستاذ النشط عبدالحافظ بخيت" ... ويضيف د.شعيب: "واتمنى أن يتحقق من خلال المؤتمر التوصيات التى توصل إليها الباحثون فى أبحاثهم والمشاركين كالأديب أبوالحسن الجمال الذى نادى بجمع تراث الصعيد من الدوريات والصحف، وما ناديت به (د.شعيب) من ترسيخ أندية أدب الطفل والاستفادة من اسوار وقصور الثقافة فى المدن الكبرى لتمويل الأنشطة الثقافية وقد ضربت مثالاً بسور قصر ثقافة المنيا". أما الأديب جمال أبوسمرة، عضو أمانة مؤتمر أدباء مصر، فيقول: "حقق المؤتمر نسبة حضور عالية جداً غير متوقعة وخصوصا فى قرية شطورة ومدينة جهينة، والتفاعل الواضح بين الشعراء والجمهور العادى، وهناك نسبة تفاهم عالية جداً بين أدباء الأقليم بصفة عامة والحميمية التى ظهرت من خلال فعاليات المؤتمر، وتم تحديد بعض المشكلات والإسراع فى حلها على سبيل المثال: بعض قصور وبيوت الثقافة التى يتطلب إنشائها فى أسرع وقت ممكن". شاهد الصور..
almesryoon.com