صدور كتاب أشكال من الخطاب الفلسفي العربي ـ د.زهير الخويلدي
" ما يحتاجه الإنسان المعاصر اليوم ليس تطبيق الإسلام بحذافيره وإنما بذل الجهد لفهمه على ضوء ثقافة العصر ومعرفة أين يبدا الديني وينتهي السياسي ورسم الحدود الفاصلة والواصلة بينهما"1[1]
ظهر للعيان كتاب "أشكال من الخطاب الفلسفي العربي" الذي صدر عن دار ومكتبة البصائر ببيروت بعد تقديم ايداعه ببغداد من طرف المركز العلمي العراقي سنة 2014 وبعد طبعه بلبنان سنة 2015 وقد جاء في طبعة أنيقة ضمت قرابة 400 صفحة وقد قام بالإخراج الفني المبدع ليث عباس علي ولقد انقسم إلى بابين: الأول يهتم بورشة "عالم النص اللامحدود" ويتناول الثاني مسالة "آفاق الكينونة الجديدة".
لقد حاول المؤلف رصد حركية الفكر في التجربة الفلسفة لحضارة إقرأ والناطقة بلغة الضاد وركز جهده التأصيلي على سرد تجارب من الكتابة المختلفة ولقد أهدى عمله إلى كل منحاز إلى الشعب ومرابط على الرأي المخالف والى كل ملتزم بالحقيقة الثورية في كل موضع نظر وموقف والى كل مساهم في المراجعة النقدية ومتصالح مع الثقافة الوطنية والى كل مرافع على أولوية المقاومة والصمود والاسترجاع.
والحق أن هذا التأليف يندرج ضمن برنامج عمل اصطلح على تسميته من طرف المؤلف بتشريح العقل العربي الإسلامي ويأتي في مرحلة لاحقة على مقابسات النظر والعمل وكونية القول الفلسفي عند العرب.
من المعلوم أن الكاتب الفلسفي يحاول تسليط الضوء على التراث الفلسفي العربي بصورة جديدة وذلك من خلال السعي إلى الإفلات من ضيم القراءة الاستشراقية التي تري في الفلسفة الإسلامية مجرد ترجمة عربية للتراث الإغريقي ويريد القطع مع النظرة الافتخارية التي دأبت على تمجيد الذات الجمعية وفق نرجسية حضارية مغالية ونقد الخطاب المدحي الذي وقع ضحية التمركز على الذات وأعاد إنتاج الفشل.
لقد تطرق المؤلف في هذا الكتاب إلى قضايا حساسة وأحداث مصيرية تفجر حولها سجال تأويلي كبير وحاول رأب الصدع وإيجاد مصالحات سردية وبحث في المناطق المظلمة حاملا فانوس التنوير والعقل.
كما مارس التفكير الهرمينوطيقي مع شخصيات فلسفية معروفة وانتهى إلى نتائج واستخلاصات غير معهودة ونفض الغبار على أسماء مغمورة وتفطن إلى أهمية بعض الكتب النادرة وبلور مقارنات بين معارف متباعدة وأجرى حوارات بين نظريات غير متعاصرة وأطلق حركة الجدل بين الأنساق الساكنة.
لقد ربط بين عودة التفلسف إلى حضارة اقرأ وقيام فلسفة المستقبل من خلال إحياء العقل والسؤال عن الإنسان وفتح آفاق الكينونة وتشغيل حركة تأويل النص بصورة لامحدودة والمر بالصداقة كقيمة ايتيقية.
لقد أعلن المؤلف في هذا الكتاب الحرب على الجهل والخرافة وشرع الصراع مع الباطل والزيغ واعتصم بالحكمة والنقد وشجع التجديد بتحقيق المواءمة بين الفكر والشعر وبين العلم والدين وبين الفلسفة والشعب.
لكن "لا يمكن للشعب أن يخلق ذاته ويهتم بالأجيال إلا تحت الآلام المبرحة والمخاض العسير وكذلك لا يستطيع أي شعب أن ينشغل بالفلسفة إلا في هذه الوضعية القصوى كحالة المعاناة والتدهور والحرب."2[2] فهل من ضرورة لكي نمنع الفلسفة ونمتنع عن التفلسف نحن العرب اليوم؟
الإحالات والهوامش:
[1] الخويلدي ( زهير)، أشكال من الخطاب الفلسفي العربي، دار ومكتبة البصائر ، بيروت، طبعة أولى، 2015، ص18.
[2] الخويلدي ( زهير)، أشكال من الخطاب الفلسفي العربي، مصدر مذكور،ص378.
المصدر : أنفاس نت