السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اليوم بإذن الله سنتعرف على مفهوم في غاية الأهمية في تدريب الخيل عموما،
كما ذكرت في الموضوع السابق تعلم مامعنى الدريساج فهذا الموضوع مكمل له لشرح كل نقاط الدريساج بدقة.
ويعد هذا المفهوم هو أساس الدريساج، وعلى أساس هذا المفهوم يتم تدريب الخيل.
هذا المفهوم هو ما يعرف باسم "جدول تدريب الدريساج" أو ما يعرف باللغة الإنجليزية باسم
Dressage Training Scale
والحقيقة أنني لم أجد تعريبا لهذا المصطلح ولذلك اقترحت تسميته باسم "جدول تدريب الدريساج".
فما هو هذا الجدول، وما معناه وما أهميته؟
يعد جدول تدريب الدريساج المفهوم الأساسي في عالم الدريساج وتدريب الخيل عموما. وعلى أساسه يتم تدريب الخيل بطريقة منهجية منظمة للحصول على أهداف محددة.
والحقيقة أنه وللأسف الشديد فإن الكثير من الفرسان لم يسمع عن هذا الجدول أصلا فعلى أي أساس إذن يتم تدريب الخيل إذا كان هذا هو أساس تدريبه.
فهذا الجدول هو لب الدريساج الذي يدور حوله تدريب الخيل والدريساج. فما هو هذا الجدول؟
جدول تدريب الدريساج هو عبارة عن مقياس مدرج لتدريب الخيل مكون من ست درجات، منظم على شكل هرمي، تعبر كل درجة فيه عن قاعدة للدرجة التي تليها، حتى نصل إلى قمة هذا الهرم. وهذه الدرجات متداخلة بينها وبين بعض وليست منفصلة عن بعضها كما سنوضح بعد قليل بإذن الله عز وجل.
ودرجات هذا الجدول هي كالتالي من القاعدة إلى القمة:
1- الانتظام
2- المرونة
3- الاتصال
4- الاندفاع
5- الاستقامة
6- التجميع
وكما تعودنا من خلال الدروس السابقة فقد تبدو الأمور بمثابة ألغاز في البداية ولكن بعد الشرح بإذن الله عز وجل ستتضح الأمور بإذن الله.
فهذا إذن هو جدول تدريب الدريساج، فما معنى هذا الجدول؟
- الانتظام
والمقصود بهذه الكلمة هو انتظام خطوة الحصان، فما معنى هذا الكلام؟
انتظام خطوة الحصان تعني أن الحصان يسير بخطوات منتظمة، سواء كانت بطيئة أو سريعة. المهم هو انتظام الخطوة.
والانتظام يشعر به بسماع نغمة منتظمة لخطوة الحصان.
فإذا كان في المسار فيجب أن يسمع خطواته كالتالي:
واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، وهكذا. خطوات منتظمة. وليس واحد ...، اثنان.. ثلاثة....أربعة أو شيء من هذا القبيل.
وفي التروت، يجب أن تسمع الخطوة واحد، اثنان، واحد، اثنان، واحد، اثنان، وهكذا. خطوة منتظمة أيضا.
وفي الكانتر تسمع، واحد، اثنان، ثلاثة، واحد، اثنان، ثلاثة، وهكذا بخطوة منتظمة أيضا.
فالخطوة المنتظمة هو أول شيء يجب الحصول عليه قبل البدء في طلب أي شيء آخر من الحصان.
فإذا كان الحصان لا يسير بخطوة منتظمة فلا ينتظر أن يطلب منه أي شيء آخر، وما سيطلب منه بعد ذلك لن يكون على أساس سليم.
فالأساس السليم لأي تدريب للحصان يجب أن ينبني على أول درجة من درجات جدول تدريب الدريساج، وهي الانتظام في الخطوة.
فانتظام خطوة الحصان هو قاعدة هذا الجدول التي عليها ينبني بناء التدريب بالكامل.
إذن، احصل على انتظام في الخطوة أولا ثم فكر في أي شيء آخر بعد ذلك.
سنلاحظ بإذن الله، أن درجات هذا الجدول يجب أن تنبني فوق بعضها كما سنرى بإذن الله عز وجل.
وهنا يجب ملاحظة أمر في غاية الأهمية. وهو أن الانتظام في الخطوة شيء، وسرعة الخطوة شيء آخر. فيمكنني أن أحصل على خطوة منتظمة بطيئة أو خطوة منتظمة سريعة.
وفي نفس الوقت، عند بداية تدريب الحصان، قد استطيع الحصول على خطوة منتظمة إذا ما زدت السرعة مثلا، أما عند السرعة البطيئة فلا أحصل على هذه الخطوة المنتظمة. وهذا لا بأس به في البداية، فقد استطيع الحصول على خطوة منتظمة على أي سرعة كانت. وهذا يعتمد على نوع الحصان وأعصابه، هل هو من النوع العصبي أم من النوع الهاديء وهكذا.
فالحصان العصبي عادة، لا نرى منه خطوة منتظمة إلا في السرعات البطيئة، والحصان الهاديء الكسول، لا نرى منه خطوة منتظمة إلا إذا زدنا من سرعته في الخطوة ذاتها.
المهم هنا هو الحصول على خطوة منتظمة في البداية، ثم ننتقل إلى درجات الجدول اللاحقة في التدريب.
بعد الحصول على هذه الخطوة المنتظمة، نبدأ بعد ذلك في بقية درجات الجدول. ويلي الحصول على الخطوة المنتظمة، تدريب الحصان على المرونة.
فما المقصود بالمرونة؟
2- المرونة
المرونة في الحصان هي ما يقاس به مدى استرخاء أعصاب الحصان وفي نفس الوقت استرخاء عضلاته أيضا.
والمقصود باسترخاء العضلات هو عكس تيبس العضلات. والمقصود باسترخاء الأعصاب هو عكس شدة الأعصاب.
فأعصاب الحصان وحالته المزاجية مرتبطة بعضلات جسمه، فما معنى هذا الكلام؟
عندما يكون الحصان متوترا فإنه يشد من عضلاته ويجعلها متيبسة غير مرنة. ويلاحظ ذلك في رفع رأس الحصان إلى الأعلى وشد رقبته إلى الأمام في شكل متيبس. ونلاحظ في الوقت ذاته أيضا تقوس ظهر الحصان إلى الأسفل بحيث يبعد عن وزن راكبه.
وهذا المنظر نشاهده كثيرا في الظروف المتوترة مثل بداية التدريب اليومي للحصان أو في الظروف الأكثر توترا مثل المباريات ووجود الخيل الكثيرة حول الحصان وهكذا.
فعندما تكون أعصاب الحصان متوترة ومشدودة، يؤثر ذلك على عضلات جسمه فيكون متيبسا في معظم عضلاته مثل الرقبة والأكتاف وبقية الجسم.
عندما تكون عضلات الحصان متيبسة هكذا تصبح حركته صعبه. فيتعسر على الراكب الحصول على أي انثناء في مقدمة رأس الحصان مثلا، كما يصعب عليه أن يحصل على اتصال مع الحصان كما سنرى في الدرجة الثالثة.
كما سنرى أن الحصان صعب عند الزوايا لتيبس عضلات الأكتاف. وسنجد الحصان مقوسا ظهره للأسفل للبعد عن راكبه.
وتقويسة الظهر هذه تؤدي بالحصان في النهاية، إذا استمر على هذا الحال، سيؤدي به ذلك إلى استهلاكه وقلة عمره العملي المفيد. لأن الظهر سيعتاد على ذلك فيصبح مقوسا. فتصبح الرقبة ضعيفة والرأس عالية مرتفعة لا تقبل اللجام ويصعب التحكم بها، وتقل قدرة الحصان على حمل راكبه.
كل هذا بسبب عدم الحصول على مرونة في الحصان تجعل عضلاته مرنة ومن ثم تجعل أعصابه هادئة مما يزيد في استجابة الحصان وقبوله للراكب وحمله. وقبوله للجام وبالتالي اتصاله مع الفارس وبالتالي بقية درجات جدول التدريب.
فالمرونة إذن، هي ثاني درجة ينبغي الحصول عليها بعد انتظام الخطوة.
وبإذن الله عز وجل سنرى لاحقا تمارين للحصول على هذه المرونة في الحصان في دروس لاحقة بإذن الله عز وجل.
وعند البدء في تمارين المرونة، سنجد أن هذه التمارين قد تفقد الحصان انتظام خطوته، ففي هذه الحالة يجب التوقف عن التمرين، ثم الحصول على خطوة منتظمة أولا مرة أخرى، وبعد ذلك مواصلة تمرين المرونة.
وهكذا في جميع درجات الجدول، عند العمل في الدرجة الأعلى، قد تفقد الدرجة الأدنى، فيجب عندها التوقف عن العمل على هذه الدرجة والعودة للدرجة السابقة فيحصل عليها أولا مرة أخرى ثم يكمل التمرين.
ولذلك قلنا أن درجات الجدول منظمة الواحدة فوق الأخرى، ولا ينبغي التفكير في الدرجة العليا قبل الحصول على ما قبلها أولا بدرجة مقبولة.
وليس معنى ذلك أننا لا نقوم بتمارين الدرجات العليا قبل الحصول على اتقان الدرجات السفلى، لا بل قد نبدأ في تمارين الدرجات العليا إذا ما حصلنا على تقدم مقبول في الدرجات السفلى من الجدول.
فالخيول المتقدمة في التمرين، يتم العمل فيها أيضا على الدرجات السفلى ولكن للحصول على اتقان أعلى لهذه الدرجة.
فمثلا، قد يكون الحصان خبيرا في الدريساج، ولكن يدرب على انتظام أدق في الخطوات مثلا، رغم أنها أول درجة من درجات جدول الدريساج، وهكذا.
فالخيول المبتدئة تدرب على الحصول على مستويات مقبولة من كل درجة، والخيول الخبيرة تدرب على الحصول على مستويات عالية الدقة في كل درجة من درجات جدول تدريب الدريساج.
ونعود مرة أخرى للمرونة.
فالمرونة إذن تعبر عن استرخاء في عضلات الحصان واسترخاء في أعصابه، وهذا يعني كفاءة أكبر للحركات المختلفة، واستجابة أعلى للفارس، وتركيز أكبر من الحصان، وعمر عملي أطول للحصان بسبب الكفاءة الأعلى لعضلات الحصان التي تستجيب بسهولة ويسر وبكفائة وقدرة أكبر على حمل راكبها والاستجابة لأوامره.
فينظر إلى الحصان المرن على أنه مثل الرياضي المرن الذي يستطيع أداء الحركات الصعبة بسهولة ومرونة فائقتين.
وبإذن الله في دروس لاحقة سنتعرف أكثر وأكثر على المرونة وماهيتها بالضبط وكيف يمكن الحصول عليها بإذن الله من خلال التمارين المختلفة.
بعد الحصول على المرونة، يتم الانتقال للدرجة التالية من درجات جدول تدريب الدريساج وهي الاتصال، فما هو وماذا يعني وما هي أهميته؟
3- الاتصال
مفهوم الاتصال هذا من أهم المفاهيم التي يجب التركيز عليها لأنها هي الأساس في إطالة العمر العملي للحصان بإذن الله.
فما معنى الاتصال وما هو المقصود به؟
يقال للحصان أنه متصل إذا كان يقبل الاتصال الناعم المرن مع يد الفارس عن طريق العنان وذلك باحناء ظهره للأعلى وثني رقبته بالتالي وقضمه للشكيمة بخفة وقبول تامين.
فما معنى هذا الكلام؟
دعونا أولا نفهم ما معنى كلمة الاتصال الناعم المرن مع يد الفارس عن طريق العنان.
يد الفارس تمسك بالعنان، والعنان متصل بالشكيمة في فم الحصان.
عندما يتحرك الحصان، يجب أن تكون يد الفارس مرنة مع حركة الحصان في الخطوات المختلفة، وهو ما سنتحدث عنه بالتفصيل بإذن الله عز وجل في دروس أخرى، ولكن مبدئيا يجب أن يبقي الفارس اتصالا مرنا ناعما بفم الحصان.
هذا الاتصال المرن الناعم بين يد الفارس وفم الحصان يمكن تخيله بحيث لو أن العنان عبارة عن خيط رقيق من الحرير، فلا ينبغي لهذا الخيط أن يرتخي ولا أن ينقطع مع حركة الحصان أبدا.
فلو تخيلنا هذا الأمر، سنجد أن العنان متصل دائما بفم الحصان اتصالا ناعما مرنا لا يضايق الحصان أبدا في فمه.
يقابل الحصان هذا الاتصال الناعم المرن بقبوله للشكيمة وقضمها عن طيب خاطر ويثني حولها ظهره إلى الأعلى ويثني رقبته أيضا بحيث تكون جبهة الحصان عمودية على الأرض تماما.
عندما لا يقبل الحصان الشكيمة، وذلك نتيجة مضايقة يد الفارس له في فمه، فإذن الحصان يرفع رأسه للأعلى للهروب من هذه المضايقة، وبالتالي يقوس ظهره للأسفل أيضا ويبعد عن الفارس.
يقال للحصان في هذه الحالة أنه يهرب من الاتصال ويكون فوق الشكيمة. ويمكن أن يهرب الحصان بطريقة أخرى من الاتصال هذا بزيادة ثني رقبته وضمها إلى صدره. ويقال للحصان وقتها أنه خلف الشكيمة.
وفي كلتا الحالتين، سواء كان خلف الشكيمة أو فوقها، فإنه لا يكون متصلا مع الفارس.
وإذا كان الحصان متصلا بقبوله للشكيمة فإنه يسمى في هذه الحالة بأنه على الشكيمة.
فالاتصال إذن هو أن يكون الحصان دائما على الشكيمة قابلا لها بتقويس ظهره للأعلى وثني رقبته لقضم الشكيمة برضا وقناعة تامتين.
ولا يمكن للحصان أن يقبل الشكيمة ويكون متصلا إلا إذا كان مرنا مسترخي الأعصاب مسترخي العضلات.
ولذلك يأتي الاتصال دائما في الدرجة الثالثة بينما تأتي المرونة في الدرجة الثانية من درجات جدول تدريب الدريساج.
أيضا لا يمكن الحصول على اتصال مع الحصان وخطواته غير منتظمة، ولا يمكن الحصول على مرونة والخطوات أيضا غير منتظمة.
وأيضا، عند محاولة الحصول على المرونة قد نجد مقاومة من الحصان وشدة أعصاب وتيبس، فيعاد العمل مرة أخرى على المرونة قبل طلب الاتصال من الحصان.
وهذا يعودنا دائما أننا إذا أردنا الحصول على شيء في درجة أعلى وفقدنا الأدنى، فيجب الرجوع مرة أخرى للأدنى للحصول عليها مرة أخرى ثم العمل على الدرحة الأعلى من درجات جدول تدريب الدريساج.
إذن الاتصال هو قبول الحصان للشكيمة نتيجة اتصالا مرنا ناعما مع الفارس.
وبإذن الله أيضا سنشرح في دروس منفصلة كيفية طلب الاتصال من الحصان وكيفية الحصول عليه بإذن الله.
ونلاحظ هنا أن الدرجات الثلاثة الأولى مرتبطة ارتباطا وثيقا، وهي ما يتم العمل عليه في الخيول التي تبدأ التدريب على الدريساج. ويتم العمل على هؤلاء الثلاثة مدة طويلة حتى يبدأ الحصان في اتقانها والتعود عليها.
ويتم أيضا العمل على هؤلاء الثلاثة بدقة أكبر مع الخيول المتقدمة في التدريب.
أما الدرجات الثلاثة التالية فهي تعد من الدرجات المتقدمة نسبيا، ولا يبدأ العمل فيها إلا بعد الحصول على نتيجة معقولة من الدرجات الثلاث الأولى.
وهذا ما سيلاحظه من يعمل في الدريساج بإذن الله. سيجد نفسه يعمل لمدة طويلة على هذه الثلاثة حتى يحصل على درجة مقبولة تؤهله للانتقال إلى الدرجات الثلاث التالية بإذن الله.
وترجع أهمية الاتصال كما قلنا إلى أنها تزيد العمر العملي المفيد للحصان، لأن الحصان يقوس ظهره إلى أعلى فيحمل راكبه بكفاءة أكبر، على عكس المنظر المقابل الذي يقوس فيه الحصان ظهره لأسفل بعيدا عن الراكب، مما يؤدي إلى عدم قدرة الحصان مع الوقت على حمل راكبه، فلا تصبح له فائدة مع مرور الوقت.
حسنا، بعد الحصول على الاتصال يطلب من الحصان الاندفاع بقوة أكبر وهو متصل. وهو ما يقودنا للحديث عن الاندفاع الذي هو الدرجة الرابعة من درجات جدول تدريب الدريساج.
4- الاندفاع
والاندفاع هنا يقصد به المزيد من الطاقة الدافعة للحصان من أرجله الخلفية. فليس المقصود بها مجرد التقدم للأمام بسرعة أعلى، لا وإنما المزيد من تحريك الأرجل الخلفية التي تدفع الحصان للأمام.
والاندفاع مرتبط بكل ما سبق في جدول التدريب. فيجب أن يكون هذا الاندفاع مبني على الاتصال، الذي هو مبني على المرونة، التي هي مبنية على الانتظام في الخطوة.
فإذا طلبت من الحصان المزيد من الاندفاع، فقد يخرج عن اتصاله فيرفع رأسه للأعلى ويحني ظهره للأسفل ويفقد أعصابه ويتوتر. هذا النوع من الاندفاع غير مرغوب فيه، لأنه اندفاع بصفات سيئة. اندفاع يؤدي إلى المزيد من هذه الصفات السيئة.
فطلب الاندفاع معناه طلب المزيد من الحصان. فالمزيد من الاتصال محبوب، أما المزيد من عدم الاتصال وعدم المرونة فهذا غير مرغوب فيه.
فإذا طلبت من الحصان الاندفاع بمزيد من الطاقة، وخرج عن اتصاله، فلابد من التوقف مباشرة عن تمرين الاندفاع والعودة مرة أخرى إلى تمرين الاتصال.
وهكذا نرى أن درجات الجدول مبني بعضها فوق بعض متصل بعضها ببعض.
بالطبع فإن طلب مزيد من الاندفاع معناه أن الأمر يتطلب أرجل خلفية قوية. فلابد من تقوية عضلات الأرجل الخلفية، التي بدأت بالفعل بالتدرب في تمارين الاتصال من الدرجة السابقة.
فلا يتم الاتصال إلا من الخلف أيضا. فهي التي تحني الظهر للأعلى.
فالحصان قد بدأ بتدريب أرجله الخلفية في تمارين الاتصال، فهو مؤهل إذن لأن يطلب منه المزيد من الطاقة الدافعة من الخلف للاندفاع الأكبر.
فالاندفاع مبني على تقوية عضلات الأرجل الخلفية التي ستعطي المزيد من طاقة الدفع من الخلف للأمام.
وقوة الأرجل الخلفية هذه هي التي ستمكن الحصان فيما بعد في الدرجة التالية، ستمكنه من المشي بطريقة مستقيمة كما سنشرح في الدرجة التالية
5- الاستقامة
وتعرف الاستقامة بأن يسير الحصان بشكل مستقيم، وذلك بأن يمر خط سير الحصان بعموده الفقري.
وعليه يكون الحصان سائرا بشكل مستقيم في الخط المستقيم بأن يكون جسمه مستقيما، ويسير بشكل مستقيم في الدوائر والأقواس بأن يكون جسمه منحنيا بحيث يمر مسار الحصان بعموده الفقري تماما.
ولكي يحدث ذلك، فلا بد أن يتحقق شرطان لاستقامة الحصان:
1- أن تتبع أرجل الحصان الخلفية آثار يديه الأمامية، وهذه سنشرحها بالتفصيل بإذن الله عز وجل فيما بعد.
2- وأن تكون أكتاف الحصان موازية لأكتاف الفارس وكفله موازي لمقعدة الفارس.
وعليه ففي الخطوط المستقيمة، عندما يجنح الحصان يمينا ويسارا فإنه لا يسير بشكل مستقيم.
وفي الدوائر والأقواس، عندما تكون رقبة الحصان أو أكتافه أو كفل الحصان داخل أو خارج القوس أو الدائرة فإنه أيضا لا يسير بشكل مستقيم عندها.
وكما نرى، فإن استقامة الحصان تعتمد على مدى مرونته كما تعتمد على قوة أرجله الخلفية.
فالمرونة هي التي تساعد الفارس على تحريك أكتاف الحصان بسهولة.
وقوة الأرجل الخلفية هي التي تساعد الحصان على ثني رجله الخلفية ووضعها تحته لكي تتبع آثار اليد الأمامية، وخاصة في الدوائر.
فسبب تجنيح الحصان يمينا وشمالا هو عدم قدرته على ثني رجله الخلفية بشكل كاف لتكون تحته فتتبع آثار يده. وبالتالي تخرج رجله الخلفية عن اتباع مسار يده الأمامية فيجنح الحصان.
وفي الدوائر يتطلب الأمر أرجلا خلفية أقوى لأن الثني سيكون أكثر في الرجل الخلفية الداخلية.
ولذلك تأتي الاستقامة في الدرجة الخامسة.
فالحصان حديث التدريب عادة لا يكون مستقيما، لأنه لا يمتلك الأرجل الخلفية القوية بعد والتي تؤهله لأن يسير بشكل مستقيم كما شرحنا. فهذا يتطلب ثنيا أكبر لأرجله التي لم تقو بعد.
والاتصال والاندفاع قد حققا قوة كافية للحصان تساعده على البدء بالمشي في خط مستقيم أو في دائرة مستقيمة.
وهكذا نرى أن الحصان لكي يسير بشكل مستقيم فلا بد أن تقوى أرجله الخلفية، وهذا لا يحدث بين ليلة وضحاها.
وكلما قويت الأرجل الخلفية كلما زاد الاتصال وأمكن الحصول على اندفاع أكبر وامكن الحصول على استقامة أفضل وخاصة في الدوائر الصغيرة القطر.
وهكذا نرى أن جدول تدريب الدريساج مهم جدا في فهم هذه المسألة. فقد يطلب الفارس من الحصان أن يسير بشكل مستقيم جدا في مراحل التدريب الأولى، مع أن الاستقامة تأتي في الدرجة الخامسة في جدول تدريب الدريساج.
فالفارس الفاهم لأصول الدريساج هنا سيعي جيدا أن الأمر لابد وأن يمر بمراحل، وأن الاستقامة ليست بالأمر الهين الذي يتعلمه الحصان بين ليلة وضحاهها. وخاصة إذا كان المطلوب هو عمل دائرة صغيرة.
وهنا نلاحظ مسألة مهمة، وهي أهمية تمارين الدوائر.
فتمارين الدوائر هي من الأمور المميزة للدريساج والتي تبعث الناظر إليها أو حتى الذي يمارسها، قد تبعثه على الملل أحيانا.
فقد ينظر المتفرج الذي ليست عنده خلفية عن ماهية الدريساج باستغراب شديد وهو ينظر إلى فارس يدرب حصانه، ويسير بحصانه في خطوة المسار وفي دوائر، تارة يمين وتارة يسار، مرة ومرة ومرات عديدة بشكل ممل. وقد يتساءل ما الهدف من هذا الملل، فالفروسية فيها الكثير من الإثارة أكثر من ذلك.
وهو لا يعلم أن الدوائر هي مهمة جدا في تدريب الحصان لأنها تضطر الحصان إلى ثني رجله الخلفية ووضعها تحت جسمه، وبالتالي تقويتها، لتقوى على كل ما هو مطلوب منها.
فمطلوب منها أن تعمل على اتصال الحصان، والحصول على اندفاع أكبر، والسير بشكل مستقيم. وهذه الأمور هي التي تؤدي إلى الإثارة التي نراها في الرياضات الأخرى.
كما أن تقوية الأرجل الخلفية تؤدي في النهاية إلى ثمرة الدريساج الأخيرة، وقمة هرم جدول تدريب الدريساج، والنتيجة المنتظرة من كل هذا التعب والعناء، ألا وهي التجميع.
فما هو التجميع وما أهميته؟
6- التجميع
وأخيرا، نستطيع الحصول على التجميع.
والتجميع هو الثمرة النهائية الأخيرة من الدريساج. ويعرف بأن يحمل الحصان النسبة الأكبر من وزنه على كفله، مما يمكنه من ازالة الحمل عن أكتافه ويديه الأمامية. فيتحرك بقوة أكبر وسهولة أكبر مندفعا من الخلف إلى الأمام.
ولن يمكننا الحصول على التجميع إلا بعد أن تصبح أرجل الحصان الخلفية في منتهى القوة، لكي تحمل الجزء الأكبر من وزن الحصان ووزن الفارس، وتمكنه من عمل أمور في غاية الصعوبة. ويصبح وقتها الحصان بالفعل حصانا قويا قادرا على استخدام كفله وأرجله الخلفية بكفاءة عالية.
ونرى التمارين الصعبة التي يمكن للحصان أن يفعلها عندما يكون مجمعا، وهذه التمارين مثل ما يلي.
1- التروت في المكان، والذي يعرف في عالم الدريساج باسم البياف.
2- الدوران على الكفل سواء في المسار أو في الكانتر، وهو ما يعرف في الدريساج بالبيرويت.
3- الوقوف على الأرجل الخلفية، وهو ما يعرف بالليفيد.
وكلها حركات قوية عنيفة تحتاج إلى قوة أرجل خلفية غير هينة. والأمثلة السابقة لا نراها إلا في الدريساج والغرض منها استعراض قوة أرجل الحصان الخلفية، وقد يحتاج لها في بعض الأحوال في الحياة العملية.
ومن الأشياء العملية في قفز الحواجز والتي تحتاج للتجميع، عملية القفز نفسها. فالحصان يحتاج أرجل خلفية قوية جدا في الأمور التالية في القفز.
1- الوقوف على الأرجل الخلفية أمام السد والدفع بها للعبور إلى الناحية الأخرى من السد.
2- تقصير الخطوة بين السدود مع الاحتفاظ بالطاقة والخفة الكافية لعبور السد بعد ذلك.
فهذه الأمور تحتاج إلى أرجل خلفية قوية جدا، وخاصة في السدود العالية.
أرأيتم كيف أننا قد نظلم خيولنا بعدم تدريبهم التدريب الكافي، ونستعجل عليهم في القفز، ثم نستغرب لماذا حرن الحصان أمام السد. أو لماذا يروغ يمينا ويسارا، أو لماذا لا أستطيع تقصير خطوة الحصان بين السدود، ولماذا يفقد طاقته وأنا أقصر له الخطوة.
ثم يأتي اللوم على الخيل العربية، ويقال يا ليتني جئت بحصان انجليزي، وتدفع الأموال الطائلة. والسر كله في التدريب ثم التدريب ثم التدريب للحصول على التجميع.
ولا ننتظر من حصان لا يسير بشكل مستقيم أن يكون مجمعا. فالتجميع يأتي في الدرجة السادسة بينما الاستقامة تأتي في الدرجة الخامسة. فالتجميع يحتاج إلى قوة أكبر من الاستقامة. فكيف لحصاني الغير مستقيم أن أطلب منه التجميع؟ وأطلب منه القفز لسدود عالية. وإن قفز أستغرب حين لا يكمل باقي الموسم.
وبإذن الله في مواضيع أخرى سنتحدث عن تمارين التجميع، وتفاصيل أكثر عن التجميع وعن كل درجات جدول تدريب الدريساج بالتفصيل بإذن الله عز وجل.
وهذا الموضوع هو عبارة عن نظرة سريعة على جدول تدريب الدريساج، المهم جدا في عالم الخيل وتدريب الخيل، لأي رياضة من رياضات الفروسية.
ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــ ـــــ
[size=24][b][size=24]ارجو ان اكون وفيت في الشرح
ويكون استفاد الجميع
تحياتى لكم اخوكم الفارس
حسن العمري[/size][/size][/b]
[size=24][b][size=24]arabianhorseclub
[/size][/size][/b]