السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيه طيبة وبعد
إبتسامة الرسول صلى الله عليه وسلم حقائق وٍأسرار
حينما يقلب المسلم سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - لا
ينقضي عجبه من جوانب العظمة والكمال في شخصيته
عليه الصلاة والسلام
ومن أكبر تلك الوسائل التي استعملها - صلى الله عليه وسلم -
في دعوته، هي تلكم الحركة التي لا تكلف شيئا، ولا تستغرق
أكثر من لمحة بصر، تنطلق من الشفتين، لتصل إلى القلوب،
عبر بوابة العين، فلا تسل عن أثرها في سلب العقول، وذهاب
الأحزان، وتصفية النفوس، وكسر الحواجز مع بني الإنسان!
تلكم هي الصدقة التي كانت تجري على شفتيه الطاهرتين، إنها الابتسامة!
إنها الابتسامة التي لم تكن تفارق محيا رسولنا - صلى الله عليه وسلم - في جميع أحواله،
فلقد كان يتبسم حينما يلاقي أصحابه، ويتبسم في مقامٍ إن كتم الإنسان فيه غيظه فهو ممدوح فكيف به إذا تبسم؟!
فهذا جرير - رضي الله عنه - يقول - كما في الصحيحين -: ما
حَجَبني رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - منذُ أسملتُ، ولا رآني إلا تَبَسَّم في وجهي.
ويأتي إليه الأعرابي بكل جفاء وغلظة، ويجذبه جذبة أثرت في
صفحة عنقه،
ويقول: يَا مُحَمَّدُ مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي عِنْدَكَ! فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.
ومع شدة عتابه - صلى الله عليه وسلم - للذين تخلفوا عن غزوة تبوك،
لم تغب هذه الابتسامة عنه وهو يسمع منهم، يقول كعب - رضي الله عنه -
بعد أن ذكر اعتذار المنافقين وحلفهم الكاذب: فَجِئْتُهُ فَلَمَّا سَلَّمْتُ عَلَيْهِ تَبَسَّمَ تَبَسُّمَ الْمُغْضَبِ، ثُمَّ قَالَ «تَعَالَ» . فَجِئْتُ أَمْشِي حَتَّى جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ.
ويسمع أصحابه يتحدثون في أمور الجاهلية -وهم في المسجد- فيمر بهم ويبتسم!
حتى في آخر لحظات حياته، وهو يودع الدنيا - صلى الله عليه وسلم -
يقول أنس - كما في الصحيحين - : بينما الْمُسْلِمُونَ في صَلاَةِ
الْفَجْرِ مِنْ يَوْمِ الإِثْنَيْنِ وَأَبُو بَكْرٍ يُصَلِّي بَهُمْ لَمْ يَفْجَأْهُمْ إِلاَّ رَسُولُ
اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَدْ كَشَفَ سِتْرَ حُجْرَةِ عَائِشَةَ، فَنَظَرَ إِلَيْهِمْ وَهُمْ فِي صُفُوفِ الصَّلاَةِ.
ثُمَّ تَبَسَّمَ يَضْحَكُ ! ولهذا لم يكن عجيبا أن يملك قلوب أصحابه، وزوجاته، ومن لقيه من الناس!.
الطريق إلى القلوب !
لقد شقّ النبي - صلى الله عليه وسلم - طريقه إلى القلوب بالابتسامة،
فأذاب جليدها، وبث الأمل فيها، وأزال الوحشة منها، بل سنّ
لأمته وشرع لها هذا الخلق الجميل، وجعله من ميادين التنافس في الخير،
فقال: (وتبسمك في وجه أخيك صدقة) رواه الترمذي وصححه ابن حبان.
ومع وضوح هذا الهدي النبوي ، إلا أنك ترى بعض
الناس يجلب إلى نفسه وإلى أهل بيته ومن حوله الشقاء بحبس هذه الابتسامة في فمه ونفسه.
لقد أدرك العقلاء من الكفار والمسلمين أهمية هذه الابتسامة،
وعظيم أثرها في الحياة ! يقول ديل كارنيجي في كتابه المشهور
(كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس): "إن قسمات الوجه خير معبر عن مشاعر صاحبه،
فالوجه الصبوح ذو الابتسامة الطبيعية الصادقة خير وسيلة لكسب الصداقة والتعاون مع الآخرين،
كم نحتاج إلى إشاعة هذا الهدي النبوي ، والتعبد لله به في ذواتنا، وبيوتنا، مع أزواجنا، وأولادنا، وزملائنا في العمل، فلن نخسر شيئا !
منقوووول
دمتم بحفظ الله ورعايته
بالتوفيق
تحياتي