الحلى والمجوهرات فى مصر القديمة
وجدت الحلي في كل الحضارات القديمة والحديثة وكان الغرض الأساسي منها هو:-
1- التزين و الزخرفة , و كان يرتديها الرجال والنساء على سواء لتدل على ثراء صاحبها وتجميل وتزيين صورته هو نفسه حيث نعرف أن العناية بالجمال والتزين جاءا للإنسان في فطرته.
2- الغرض السحري أو الديني حيث اعتقد الإنسان أن بعض أنواع الحلي له قيمة سحرية تحفظه وتبعد عنه الشرور بل توقف تأثير السحر ضده مثل التمائم التي تعطي حاملها قوة وبركة وحسن طالع وحظا سعيدا حسب عقيدته التي يعتقدها ولذلك فان الحلي لها قوة التميمة السحرية.
وقد لبس الإنسان الحلي منذ عصور ما قبل التاريخ حيث عثر على (خرزات) أو (أساور) و(خواتم) أو (دلايات) ذات أشكال بسيطة مصنوعة من الحجر وملونة أو من عظم أو عاج أو حتى من الطين وذلك في مقابر العصر الحجري الحديث في الفيوم وفي (مرمدة بني سلامة) ، وترجع إلى الألف الخامس والرابع قبل الميلاد.
وفي حضارة (البداري) عثر على أكاليل للرأس أو أحزمة للوسط مصنوعة من الجلد وفي العمرة ظهر القيشاني واستعمل الذهب والنحاس في صناعة الحلي كما عثر على تمثال لسيدة تلبس خلخالا حول قدمها وكانت تماثيل الآلهة في المعابد لبس الحلي أيضا وذلك أثناء عمل الطقوس ونعرف ذلك من مظاهر الحلي التي تنقش على جدران المعابد والمقابر والتوابيت وكان للحلي أسماء وقوائم ، وكان هناك تقليد لإهداء كبار الموظفين الحلي في الأعياد والمناسبات ويحدث ذلك من شرفة التجليات بالقصر الملكي أو بالمعبد كما كان هناك حلي تهدى مثل الأوسمة والنياشين لقواد الجيش وكبار الموظفين وهناك أيضا حلي توضع على الحيوانات لتزيينها وحراستها من النظرة الشريرة والحسد، أو من فقدها ولتباركها مثل الكلاب والقطط والبهائم والقرود.
وتطور لبس الحلي بعد ذلك حتى أصبحت تلبس كتميمة ودخلت فيها العناصر الزخرفية التي تظهر جمال من يرتديها واستمدت الحلي موادها و أشكالها من البيئة المصرية , فكان هناك حلي للتزيين في الحياة اليومية وكتميمة للحراسة والحماية وكانت تصنع من الذهب وترصع بأحجار شبه كريمة وتزود بمشابك أو محابس أو بسلك ذهب أو خيوط رفيعة.
كما كان هناك أيضا حلي للتزيين و الحماية في العالم الآخر ولها أغراض سحرية لحماية من يلبسها في العالم الآخر وحماية جسده من كل الشرور وكانت تصنع من مواد غير ثمينة نوعا مثل الخشب المذهب والجص المذهب أو الحجر والقيشاني أو من العظم والعاج وحتى من الطين ومن الواضح انه لم يكن من المستطاع لبس هذه الحلي في الحياة الدنيا لثقلها وسهولة كسرها ولعدم تناسبها وملائمتها للحياة اليومية.
وكانت هذه الحلي توضع أو تثبت بخيط على الجثة وليس لها مشابك وفي بعض الأحيان يصعب تحديد نوع الحلي إن كان للأحياء أو للحياة الأخرى ولذلك فانه يستعان بالرسوم الموجودة للحلي على توابيت عصر الدولة الوسطى حيث نجد أن ما رسم عليها كان بديلا عن الحلي الجنائزي الحقيقي والذي كان يرسم ليبقى أبدا ما دام التابوت باقيا أو كان يرسم خوفا من سرقة الحلي الحقيقية إن كانت موجودة بالفعل.
2- أنواع الحلي ووظائفها
القلائد العريضة : وكانت تصنع من صفوف متعددة من الخرز أو القيشاني، ولها نهاية على شكل نصف دائرة وكانت تغطي أعلى الصدر، وهناك نوع ثان يصنع من خرزات تصف في صفوف ، وفي مجموعات منفصلة كل مجموعة عن الأخرى ويفصلها عن بعضها البعض شرائط مختلفة ألوان ثم هناك نوع ثالث تنتهي من الجانبين بحلية على هيئة رأس الصقر بدلا من النهاية نصف الدائرية من المعدن أو القيشاني.
وكانت هناك قلائد جنائزية تنقش على جدران المقابر أو على أوراق البردي وكانت التعويذة الخاصة بالقلائد تتلى بواسطة الكاهن أثناء وضع القلادة على الجثة وهنا يطلب الكاهن من ايزيس حماية المتوفى منذ يوم دفنه.
وهناك قلائد صنعت من ذهب رقيق مثل قلائد (توت عنخ آمون) ، التي كانت على هيئة الصقر (حور) ، أو على هيئة النسر (نخبت) ، أو على هيئة الاثنين معا لحماية الملك ، كما كان هناك قلائد من الذهب قابلة للانثناء مصنوعة من قطع صغيرة منظومة في خيوط أو أسلاك من الذهب وكانت ترصع بأحجار شبه كريمة وبالزجاج الملون كما ظهرت أنواع أخرى للقلائد في مقابر (تانيس) لملوك الأسرتين 22،21.
الصدريات: وهي عبارة عن حلي تلبس على الصدر مربعة أو مستطيلة الشكل أو على هيئة شبه منحرف ، وكانت تعلق بواسطة خيط أو خيط منظوم به خرزات.
ومن أهم الصدريات تلك المعروفة من عصر الدولة الوسطى حوالي (1900 ق.م.) والمصنوعة من الذهب والمرصعة بأحجار شبه كريمة مثل حجر(الجشمت) و (العقيق البني) و (الفلسبار) و (اللازورد) و (الفيروز) و (البللور الصخري) و (الاوبسيديان) , وكانت الصدريات تزخرف برموز مقدسة و أسماء الملوك وتستعمل كحلي، ولذلك فإنها كانت تضمن الرخاء أو الحياة أو الدوام حسب ما يدل عليه الشكل المنقوش عليها.
ومنذ عصر الدولة الحديثة بدأنا نرى صدريات تعطى للمتوفى كتمائم تزخرف بصور الحياة الأخرى إلى جانب الآله التي يعبدها المتوفى ويطلب حمايتها مثل : (ايزيس) و (اوزوريس) و (انوبيس) و (وبواوت) , وعقدة (ايزيس) للسحر و (مركب الشمس وعليها الجعران) , و هنا كانت وظيفة الصدرية تأمين إعادة الحياة للمتوفى و تأمين مصاحبته لرب الشمس في رحلته في العالم الآخر.
أ- الأساور والخلاخيل:
لبست لأساور والخلاخيل لما فيها من قوة سحرية ، فالأسورة تحيط بالمعصم، أو تلبس على الذراع لتصنع دائرة سحرية وكذلك الخلخال الذي يلبس عند القدم , وهذه الأساور والخلاخيل معروفة في مصر منذ عصور ما قبل التاريخ، وكانت تصنع من العظم والقرن والحجر والخشب والجلد والشعر ثم عملت خرزات في خيوط منظومة , وكانت هذه الخرزات تصنع من الأحجار أو العظم أو المعدن أو العاج , و صنعت تلك الأساور و الخلاخيل بعد ذلك من المعدن و كانت ترصع بأحجار شبه كريمه أو بالزجاج , و كانت تستعمل في الحياة اليومية كحلي للتزين أو للحماية , أو توضع مع المتوفى في حجرة الدفن أو كانت تصور علي الجدران أو علي أسطح التوابيت أو تظهر في المناظر و قد تقلدها الشخص نفسه.
و من أقدم الأساور التي عثر عليها في مصر في العصور التاريخية أساور عثر عليها في مقبرة (جر) في (ابيدوس) من عصر الأسرة الأولي.
ب- حلي الرأس:
بدأت حلي الرأس كأكاليل من أغصان الشجر و أعواد الزهور و كان هناك شرائط من القماش لربط الشعر حتى لا يتدلي الشعر علي الوجه أثناء العمل و كذلك للزينة , ثم صنعت بعد ذلك من معدن الذهب أو النحاس , كما صُنعت (باروكات) من شعر مستعار من جدائل الكتان أو الصوف أو الشعر و زوخرفت بورود من الذهب مطعمة بأحجار شبه كريمه أو بزجاج ملون مثل الاكاليل التي لبستها (نفرت) زوجة (رع حتب) أو بنات (خنوب حتب) أو أكاليل ملكيات عصر الدولة الوسطي.
ج- حلي الأذن:
لبس المصري القديم الأقراط منذ عصر الانتقال الثاني أي حوالي عام 1650قبل الميلاد , و ربما كان أول من لبس الأقراط من الملوك هو (تحتمس الرابع) عام 1410قبل الميلاد , حيث ظهر ذلك من حلمة أذن موميائه المثقوبة , و كانت هذه الأقراط من الذهب أو من الذهب المُطعم , و من أجمل ما عثر عليه من اقراط ملكية تلك الخاصة بالملك (توت عنخ آمون) أو تلك التي تحلت بها الملكة (نفرتاري) في مناظر مقبرتها بوادي الملكيات أو أقراط الملك (سيتي الثاني) أو مقابر (تانيس) لملوك الأسرتين 22,21.
د- حلي الأصابع:
استعملت حلي الأصابع منذ عصور ما قبل التاريخ أيضا تطورت تطورا كبيرا في عصر الدولة الحديثة و من أجمل الأمثلة للخواتم هو ما عثر عليه في مقبرة (توت عنخ آمون) أو في مقابر (تانيس) لمقابر ملوك الأسرتين 22,21.
3- التمائم و رموزها و معانيها:
كانت التمائم ترتدي كحلي و بغرض الحماية و إبطال فعل الأذى و الأخطار غير المتوقعة وكانت تستخدم أيضا لدفع الشر و أعمال السحر كما كانت تمد حاملها و الحظ السعيد و البركة , فلذلك كانت التميمة تصنع علي هيئة أشكال الرموز المقدسة , و كانت تعرف في اللغة المصرية باسم (ويجا) التي تعني الشفاء أو (مكت حعو) بمعني حامية الجسد أو (سا) و تعني الحماية أو (نختو) و تعني تميمة و , يمكن أم تأخذ التميمة شكل (ثعبان الكبرى) لتمد الحماية لمن يحملها أو لمن يصنعها في قطعة من الحلي.
و كانت التميمة أيضا علي شكل (جعران) تضمن لحاملها بعثا و تساعده علي تجديد شبابه و تمده بالحظ السعيد خاصة إذا كانت مصنوعة من حجر أو قيشاني اخضر أو ازرق أو بني.
و لُبست التمائم أيضا لإيقاف الإصابات الجسدية أو الأخطار غير المتوقعة و كانت الحيوانات تزود بتمائم أيضا لحمايتها أو لزيادة خصوبتها مثل البقر وغيره , وكانت تميمة الإصبعين المصنوعة من حجر (الاوبسيديان) تساعد علي إيقاف فعل السحر الشرير.
أما تميمة مسند الرأس (ورس) فكان لها تعويذه خاصة من كتاب الموتى رقم 166و التي كانت تساعد علي حفظ وصل الرأس بالجسد , أما العين المقدسة (وجات) فكانت تضمن سلامة الجسد و تمده بالحماية ضد العين الشريرة و السحر (الفصل 167من كتاب الموتى).
و كان الخاتم (شن) يصنع دائرة سحرية حول الإصبع لحمايته من الكسر و يمد من يلبسه بالقوة , في حين يقوم صولجان (واس) لضمان رخاء من يحمله , و عقدة (ايزيس) (تيت) كانت تساعد علي حل المشاكل الخاصة بالحب , و تميمة (المنيت) و التي صنعت من الخرز أو تستعمل أحيانا كمعادل ثقل للقلائد و تمد حاملها بقوة التحمل و السكينة و كانت رمزا للخصوبة و المساعدة في الولادة و الرضاعة لارتباطها بالإله (حتحور).
4- المعادن و الأحجار المستخدمة في صناعة الحلي:-
النحاس: هو من أقدم المعادن التي استخدمت في مصر و كان يستخرج من الصحراء الشرقية و سيناء خاصة من مناطق (سرابيط الخادم و المغارة).
الذهب: و كان يستخرج من الصحراء الغربية خاصة من وادي الحمامات (الفواخير) الذي يربط بين قنا و منطقة القصير علي ساحل البحر الأحمر كما أن الذهب كان يُجلب فيما بعد من السودان و غرب آسيا.
الفضة: لم توجد بكميات كبيرة في مصر و كانت تستخلص من شوائب الذهب أو تجلب من بلاد غرب آسيا, و كانت الفضة تعتبر اغلي من الذهب.
الذهب الأبيض: عبارة عن خليط مكون من حوالي 75%ذهب و22%فضة و3%نحاس و كان يستخرج من مصر و تستورد منه كميات كبيرة من بلاد (بونط) , و هو أكثر صلابة من الذهب لذلك كان يستخدم في صناعة الحلي و تغطيه قطع الأثاث الخشبية و الأبواب و قمم المسلات.
خام الحديد: كان يستخدم في عمل الخرز و التمائم و قد لاحظ قدماء المصريين أن هذا المعدن يصدا بسرعة و لذلك لم يستعملوه كثيرا.
5- أحجار تطعيم الحلي:
وجدت معظم الأحجار شبه الكريمة في الصحراء المصرية و بعضها استورد من بلاد أخري.
الفيروز (ذو اللون الأزرق الفاتح): كان يستخرج من سيناء (سرابيط الخادم و وادي المغاره) إلا انه لم يستخدم علي نطاق واسع في الحلي المصرية القديمة.
اللازورد (ذو اللون الأزرق الغامق): علي الرغم من احتمال عدم وجوده في مصر إلا انه استخدم بكميات كبيره في الحلي المصرية منذ أقدم العصور و هو يوجد بكثرة في جبل بأفغانستان يسمي بـ (دخشان) و كان يُجلب إلي مصر عن طريق التجارة مع أقاليم آسيا الغربية.
العقيق (ذو اللون البني و الأحمر): يوجد بكميات كبيرة في صحاري مصر و بأنواع و ألوان متعددة.
الاماثيست (ذو اللون البنفسجي): و استخدم منذ عصر الأسرة الأولي في حلي الملك (جر) و وجد اغلبه في الصحراء الشرقية بالقرب من أسوان و في الصحراء الغربية بالقرب من (أبو سمبل).
اليشب (العقيق اليماني): وجد في مصر بكميات كبيرة خاصة في الصحراء الشرقية.
الفلسبار: و هو حجر ازرق فاتح كان يستخدم عادة في المجوهرات خاصة في عصر الدولة الوسطي إلي جانب الحلي التي عثر عليها في مقبرة (توت عنخ آمون) و كان يستخرج من الصحراء الشرقية.
البللور الصخري: كان يستخرج من محاجر (أبو سمبل) و اسوان في الصحراء الغربية و كان الزجاج الملون و القيشاني يقلد و يحل محل الأحجار في صناعة الخرز و التطعيم لـ (إنسان العين) في التماثيل.
6- أهمية وجود الألوان في الحلي
الأزرق: يرمز إلي الخصوبة و الحماية من العين الشريرة (الحسد).
الأخضر: كان يستخدم لضمان الخصوبة و الرفاهية و تجديد الشباب , و كانت (الجعارين) و التمائم علي شكل قلب تُصنع من الأحجار ذات اللون الأخضر أو الأزرق لتضمن الخصوبة إلي جانب الحظ السعيد و إعادة الرفاهية و الحماية.
الأسود: كان يرمز إلي لون الخصوبة و كان جسد (اوزير) رب البعث و العالم الآخر يُمثل باللون الأسود.
البني: كان لون الدم و الحياة.
7- الطرق المختلفة للتصنيع اليدوي
رسومات المقابر و المعبد و القطع المتحفية هي مصادرنا للحصول غلي معلومات عن كيفية صناعة المعادن و التطعيم.
التفريغ: كان هو الأسلوب المستخدم علي نطاق واسع في صناعة الصدريات و محابس الأحزمة و يتعجب الإنسان مما عثر عليه في مقبرة (توت عنخ آمون) المستخدم فيها هذا الأسلوب و طريقة صناعتها الدقيقة.
الطلاء بالمينا: و كان معروفا في مصر القديمة منذ عصر الدولة الحديثة.
التكفيت: و كان يستخدم في الصدريات و الدلايات و الأساور و غيرها و هو استخدام رقائق من الذهب يصاغ عليها أشكال دقيقة بواسطة تثبت أسلاك الذهب و تطعم بأحجار شبه كريمة أو كريمة أو بزجاج ملون.
التحبيب: و هذا الأسلوب مازال يطرح العديد من الأسئلة عن كيفية صناعة هذه الكرات الصغيرة جدا من الذهب و كيف يتم لحامها علي أسطح من الرقائق الذهبية لتكوين أشكالا إنسانية و حيوانية و زخارف مختلفة
-------------
atharmasr
إيمان عمار